أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جاسم محمد دايش - التوجهات الديمقراطية للفلسفة التربوية في العراق بعد 2003















المزيد.....

التوجهات الديمقراطية للفلسفة التربوية في العراق بعد 2003


جاسم محمد دايش
كاتب وباحث

(Jasem Mohammed Dayish)


الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 11 - 01:08
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


إذا كان التعليم "كمفهوم" يعني عملية تشكيل للشخصية الإنسانية لأفراد المجتمع واكتسابهم الصفات الاجتماعية والنفسية التي تجعلهم مواطنين صالحين في حدود الإطار الإيديولوجي للمجتمع , فأن تشكيل الصفات النفسية والاجتماعية التي يضمها الإطار الديمقراطي يقع في صلب اهتمامات وأهداف العملية التعليمية , وبذلك أضحى التعليم يمارس دوراً رئيسياً في إرساء دعائم الديمقراطية وإنضاج ثمارها الاجتماعية عبر توعية الشعب بمستحقاته وحقوقه السياسية وغير السياسية . وبهذا نقر بعدم إمكانية الفصل بين المجتمع وواقع النظام التعليمي وديمقراطيتهما , فهناك علاقة جدلية تبادلية بين التعليم وواقع المجتمع بشكل عام وبين ديمقراطية التعليم وديمقراطية المجتمع بشكل خاص , إذ لا يمكن الحديث عن تحقق مستوى ديمقراطية مقبول للتعليم في غياب الحريات الخاصة والعامة وانعدام الديمقراطية الحقيقية القائمة على المساواة وتكافؤ الفرص مبنية أيضاً على العدالة الاجتماعية والإيمان بالاختلاف وشرعية التعدد واحترام القانون والحق والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والاحتكام إلى مبادئ حقوق الإنسان , وبالمثل لا يمكن الحديث عن الديمقراطية في غياب تربية حقيقية وتعليم بَنّاء وهادف يتسم بالجودة والإبداع والابتكار وتكوين الكفاءات المنتجة ويحترم المواهب ويقدر الفاعلين التربويين والمتعلمين المتفانين في البحث والاستكشاف والتنقيب العلمي والمعرفي . فالتعليم أداة الديمقراطية في تطويرها وترسيخها من خلال تطور معناها وتنمية مبادئها وتعميق أخلاقياتها والتدريب على ممارستها والتعريف بمؤسساتها .
ولكن كيف يمكن تحقيق أهداف التوجهات الديمقراطية التربوية في العراق بعد 2003 من خلال ديمقراطية التعليم ؟ قبل الإجابة عن هذا التساؤل لابد من التعريف بمفهوم " ديمقراطية التعليم "والتي يمكن تعريفها ضمن الفهم المعاصر لها بكونها : " عملية لا تعني مجرد السماح للأفراد بالالتحاق بالتعليم , بل ضمان وجود فرص تعليمية متساوية أي ضمان فرص النجاح فيه كذلك , فضلاً عن وجود تعامل ديمقراطي من قبل المدرسين مع الطلاب وتنمية روح النقد والتسامح وحيال آراء الغير والسعي وراء التفوق واحترام قرار الأغلبية وتحمل مسؤولية القرار " . أن الديمقراطية سواء كانت بمفهومها الخاص السياسي أو المفهوم العام من حيث المساواة والحرية لا يمكنها أن تنمو بمعزل عن تربية صحيحة وتنمي توجهات الأفراد وتعمل على توحيد سلوكياتهم وتصحيح مفاهيمهم بما ينسجم مع المنظومة القيمية للمجتمع الذي يعيشون فيه وبما يحقق التكامل فيما بينهم , هذا فضلاً عن إيجاد الوعي الذي يزيد من فرص الديمقراطية ويحافظ على مقدرات الدول وعدم الاتجاه نحو الغوغائية أو العديد من الأمراض الاجتماعية كالواسطة والمحسوبية والطبقية التي تعد عامل هدم في بناء الديمقراطية , فضلاً عن أن الديمقراطية تحتاج إلى بنى مؤسسية ومجتمع مدني ووعي اجتماعي مهيأ حتى يتم ترسيخ هذه المفاهيم (1) .
يمكن القول أن الاستمرار في التربية والتعليم ليس دليلاً في حد ذاته على ديمقراطية التعليم , حيث يكون التعليم غير ديمقراطي إذا وجد هناك قيود على الموضوعات والمعرفة وعلاقات غير ديمقراطية بين الإدارة والمعلم والطالب الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب المتعلم بشكل غير مقصود قيم سلبية . ومن هنا تتبع الحاجة الماسة إلى تحرير المعرفة من أي شكل من أشكال السيطرة بمنظوريها البيروقراطي والإيديولوجي . وهناك معنى أخر لديمقراطية التعليم من حيث انسحاب قيم الديمقراطية على نظم التربية والتعليم حيث يتمتع النظام التعليمي بخبرات الديمقراطية الاجتماعية والسياسية فيكون التعليم ديمقراطياً طبقاً لهذا الوصف . أن تحقيق ديمقراطية التربية والتعليم يتم من خلال "دمقرطة" كل جانب من جوانبها , وكل أمر يتعلق بها , وبعبارة أخرى تحقيق ديمقراطية التعليم من خلال "دمقرطة" فلسفة التعليم و "دمقرطة" سياسة التعليم و"دمقرطة" عملية التعليم و"دمقرطة" الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعيشها الطالب .
إن الديمقراطية لن تصبح منهج وسلوك على مستوى المواطن والمجتمع ما لم تصبح بعداً رئيسياً من أبعاد التعليم سواءاً على المستوى الثانوي أو العالي (2) . ولكي تصبح بعداً رئيسياً من أبعاد التعليم لابد أن تكون الديمقراطية أساساً واضحاً وصريحاً من أسس فلسفة التعليم , ولا بد أن تكون هدفاً بارزاً من أهداف التعليم وداخله في جميع جوانبها الكمية والنوعية فليس توفير التعليم نوعي لكل المتعلمين وتمكنهم من التساوي في تحصيل التعليم واستيعابه وتمثله واستخدامه في واقع الحياة وتحقيق الحراك الاجتماعي لهم جميعاً من اجل تغيير اجتماعي حقيقي (3).
لقد ارتفعت أصوات المفكرين والعلماء العاملين في المجال التربوي لإجراء ثورة في أساليب التربية والتعليم وإعادة النظر في المناهج والكتب المدرسية والوسائل التي تمكن المدرسة من أداء عملها على الوجه الأكمل , وقد اتفق جميع علماء التربية التعليم على أهمية الديمقراطية كأساس من أسس التربية وبالتالي تعمل على إنجاح العملية التربوية , أن الديمقراطية تمثل ضرورة في جميع مناحي الحياة , إلا أنها في التربية والتعليم ذات أهمية قصوى فلا تعلّم حقيقي أن لم تمارس الديمقراطية في الصف خلال العملية التعليمية – التعلّمية فأولاً وقبل كل شيء يجب إتاحة فرص التعليم للجميع بغض النظر عن الجنس أو مكان السكن أو الطبقة الاجتماعية . والديمقراطية يجب أن تتوافر ثانياً في المنهاج المدرسي وفي غرفة الصف وفي أساليب التدريس والأنشطة والوسائل التعليمية إلى غير ذلك من الأمور التي تلبي حاجات جميع الطلبة على اختلاف إمكانياتهم وقدراتهم (4) .
فالمادة التي لا تتضمن مفاهيم ديمقراطية , لكي تعززها وتثريها وتتيح المجال أمام الطلبة للاقتداء بها تبتعد عن ممارسة الديمقراطية . وهذا يتطلب جهداً ووعياً عالياً من قبل المعلم لإنجاز ذلك , فالمطلوب من المعلم أن يكون قدوة لتلاميذه وطلبته جميعاً , وذلك بممارسة الديمقراطية في غرفة الصف والقاعة , وان يعامل جميع الطلبة بطريقة تعزز لديهم مفهوم العدالة والمساواة وإتاحة فرصة المشاركة لكل طالب منهم , إضفاء جو من المودة والاحترام بينه وبينهم وذلك بتدريبهم على حسن الإصغاء والنقاش الجاد , وحثهم على التعاون ليساعد في عملية التعلّم , فالطالب يتعلم من زملائه أكثر مما يتعلم من معلمه , كما وأن المعلم بهذا الشكل الديمقراطي يمهد أمام الطلبة الطريق للتعلم الذاتي المستقلّ الذي يستمر معهم مدى الحياة ويدربهم على حل المشكلات الخاصة والعامة وعلى الانتماء الحقيقي للجماعة .
إن علاقة التربية بالديمقراطية علاقة جدلية ووثيقة , إذ لا يمكن الحديث عن التربية والتعليم في غياب الحريات الخاصة والعامة وانعدام الديمقراطية الحقيقية القائمة على المساواة وتكافؤ الفرص والمبنية أيضاً على العدالة الاجتماعية والإيمان بالاختلاف وشرعية التعدد . ولا يمكن الحديث كذلك عن الديمقراطية في غياب تربية حقيقية وتعليم بناء وهادف يتسم بالجودة والإبداع والابتكار وتكوين الكفاءات المنتجة , ويحترم المواهب ويقدر الفاعلين التربويين والمتعلمين المتفانين في البحث والاستكشاف والتنقيب العلمي والمعرفي , من هنا فأن التربية والديمقراطية متلازمان كالعملة النقدية فلا تربية بلا ديمقراطية ولا ديمقراطية بلا تربية (5) . ويمكننا هنا الحديث عن أنواع عدة من الديمقراطية في مجال التربية والتعليم , ونحصرها في أنواع ثلاثة وهي (6) :-
1- ديمقراطية التعلم :- والمقصود بها أن يكون التعليم منصباً على المتعلم الذي ينبغي أن يستفيد من جميع العلوم على غرار أقرانه بشكل عادل ومتساوٍ في أطار تكافؤ الفرص , ومن هنا يستوجب الأمر القانوني والتشريعي على المربين أن يتعاملوا مع المتعلم على ضوء طرق التدريس الفوارق وطرق تدريس الدعم لكي ينال حقه من التربية والتعليم كباقي الدارسين الآخرين وخاصة الأغنياء منهم . ويطرح في هذا السياق موضوع " الزي المدرسي " الذي ينبغي أن يكون رسمياً وموحداً بين جميع تلاميذ المؤسسات التربوية والتعليمية . إضافة إلى ذلك انه من الضروري أن تقدم البرامج والمناهج والمقررات الدراسية مادة قانونية موسعة تؤهل التلميذ ليتعرف على حقوقه وواجباته لكي يكون ديمقراطياً في تصرفاته وسلوكياته مع ذاته وأقرانه .
2- ديمقراطية التعليم :- تسعى الدول المتقدمة إلى جعل التعليم ديمقراطياً من خلال تعميم البرامج وتوحيد المناهج والمقررات على الرغم من تنوعها في الأشكال والمضامين , بالإضافة إلى تأميم التعليم وإلزاميته وإجباريته لكي تحد الدولة الراعية لأبنائها من نسبة الأمية والفقر والتخلف . فالتعليم هو الذي يغير المجتمع ويحقق الديمقراطية الحقيقية . كما أن المتعلم يتعلم الديمقراطية داخل المدارس والمؤسسات التربوية ويتربى في أجوائها المفعمة بالحرية . ونعني بديمقراطية التعليم أيضاً بجعل التعليم ذا خاصية شعبية يستفيد منه الجميع بدون استثناء أو إقصاء فتصبح المدرسة مفتوحة للفقراء والأغنياء بطريقة عادلة ومتساوية تتكافأ فيها الفرص . فكل الدول تسعى جاهدة لتثبيت أجواء الديمقراطية في مؤسساتها التربوية عن طريق إصدار مجموعة من المذكرات الوزارية والقرارات الحكومية والقوانين المنظمة ليتبوأ التعليم مكانة زاهية في مجتمع ديمقراطي .
3- تعليم الديمقراطية :- لا يمكن لمجتمع ما أن يكون ديمقراطياً يؤمن بالحريات الخاصة والعامة وحقوق الإنسان ويتشبث بمنطق الاختلاف وشرعية الحوار والتسامح إلا إذا تربى على الديمقراطية الحقيقية سلوكاً وعملاً وتطبيقاً , ولا يتأتى له ذلك إلا في المدرسة التي تعلم النشىء مبادئ الديمقراطية السليمة وقوانين استعمالها ومعايير تمثلها وتطبيقها . بيد أن مدرسة الثكنة العسكرية والقمع والقهر لا يمكن أن ينتج سوى أساليب التعسف والتفكير ألإقصائي والتطرف الإرهابي والجنوح نحو الدكتاتورية والسلوك العدواني . فبالتربية نتعلم الديمقراطية ونتمثلها شعاراً وعقيدة ومبدأ وسلوكاً . ولم يعد يخفى على احد كون المؤسسة التعليمية تلعب دوراً رئيسياً , انطلاقاً من انفتاحها على الحياة السياسية للمجتمع في ترسيخ مجموعة من المبادئ والقيم الكفيلة بالنهوض بالمجتمع وبتحديثه سياسياً , فدور المدرسة لم يعد يقتصر على محيطها الداخلي بل تعداه إلى جوانب قد تبدوا للشخص العادي بعيدة عنها لكنها في الواقع هي تربتها الأصيلة لان مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية , كلها قيم تكتسب بفعل التربية ومناهجها , فتنشئة الأفراد على تلك القيم هو السبيل الصحيح للوصول إلى حد المشاركة الفعلية في تسيير شؤون السياسة للمجتمع , بنوع من العقلنة وبعيداً عن الارتجالية . إذاً فالتربية هي بمثابة السبيل الأوحد لتعليم الديمقراطية , وفرضها في ارض الواقع كي يجسد الإنسان آدميته وكرامته البشرية .
إن تحقيق النجاح لعملية التعليم والتربية الديمقراطية إذا كانت قائمة على التفاهم والتعامل , وستتميز في ظل الحوار بذهن مبدع وإرادة حرة , وروح محبة للبحث والاستقصاء والتساؤل . وتتجلى هذه الخصوصيات حينما تستتب بين المعلم والطالب حالة الثقة بالنفس , والاستقلال في الرأي , والأمن النفسي والاجتماعي . ويتحتم على المعلمين والمربين خلق مثل هذه الفرص البناءة للطلبة كي يتاح لهم إنماء وإنضاج قابلياتهم الفطرية والطبيعية من خلال التعامل مع البواعث المحيطية البناءة (7) .
إن المدارس الناجحة في هذا اليوم هي تلك المدارس التي تستطيع أن توسع أجواء الحوار والتفاهم والتعامل في عملية التعليم – التعلّم . ففي ظل مثل هذه الأجواء يتعالى الحماس والشوق والرغبة وحب الاستطلاع والإبداع والمعرفة والبصيرة بين الطلبة فتزدهر عملية التعليم والتربية وتتميز بالنشاط والفاعلية . وأيضاً , أن التعليم الفعال هو التعليم الذي يولي اهتماماً نحو البناء الثقافي والبناء السلوكي على أرضية الحوار وفي أجواء التلاقح الفكري . أن الشخص الذي يضع أفكاره ومعرفته بين يدي الآخرين , وينبري لإصلاح أفكاره ونشرها ويلجأ كذلك إلى معرفة الآخرين ويحترم تجاربهم وأفكارهم ينتبه إلى " هويته " ويدركها أكثر من أي وقت آخر . وهذا أمر لا يتحقق إلا في ظل التعامل مع الآخر والآخرين وعن طريق ثقافة الحوار , إذ لا يمكن للفرد أن يعرف هويته ما لم يعرف الآخر , فكلما اتسعت دائرة " معرفة الأخر " كلما اتسعت وتعمقت دائرة " معرفة النفس " , وكلما ازدادت معرفتنا بمن هم غيرنا ازدادت معرفتنا بأنفسنا (8) , ويمكن تلخيص أهــم ما يمكن أن ينعكس من آثار للتربية الديمقراطية في ما يلي (9) :-
1- تتفتح الأفكار في ثقافة الحوار .
2- يتبلور التعقل في أعمق المشاكل .
3- يبلغ الأفراد حالة التوازن الخلقي .
4- تتعمق معرفة الذات من خلال معرفة الآخرين .
5- تتحول الأنانية والاستبداد بالرأي إلى الآخرين والغيرية .
6- ترسيخ فنون الإصغاء والتفهم والاكتشاف .
7- تعاظم حالة التساؤل وحب الاستطلاع وطلب الحقيقة والكمال .
8- تعزز التفكير المشترك واللغة المشتركة مع وجود حالة الاستقلال في الرأي والفكر .

ختاماً يمكن القول شكلت التوجهات الديمقراطية للحركة التربوية في العراق أساس متجدد لبناء واقع تربوي قائم على التغيير والتبدل على مختلف فترات حكم العراق , وقد بقيت السياسات التربوية المعتمدة في العراق على طول فترة حكمه محاولات مقهورة للحفاظ على الوضع القائم بأبعاده السياسية والاجتماعية والأيديولوجية ومع هذا فأن المحافظة على الوضع القائم أشبه ما يكون بالجمود الحضاري وتلك هي الحقيقة التي يجب أن يدركها المخططون التربويون في العراق .
واجهت الحركة التربوية أنماط مختلفة من التحديات الداخلية والخارجية فالداخلية منها تمثلت في تحجيم قدراتها على التجديد والتطور فبقيت تعمل بأسلوب الممارسات التقليدية , والخارجية منها وخاصة على المستوى العلمي كظهور التطور نحو اقتصاد المعرفة وخصخصة التعليم وظهور مجتمع المعرفة الجديد .ان الحركة التربوية في العراق تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إمكانيات جديدة تتمثل في حركة تجديد تربوي شاملة تتجاوز حدود الإصلاح المبتور وتأخذ باعتبارها أوليات ورؤى جديدة تنطلق من الواقع في صورته كما يقدمها العلم وتبدأ برسم الأهداف الواضحة والسياسات الجريئة التي تحدد الموقف من الإنسان والزمن والحضارة بصورة علمية تكفل للإنسان إن يشارك في بناء الحضارة والصعود في مدارجها من خلال استجابة التعليم لمتطلبات المجتمع .
إن الحركة التربوية لابد أن تستمر وتتحرك في فلك المشاركة في سبق الحضارة والصعود في مدارجها من خلال الانطلاق من الإصلاح التربوي الجذري إلى وضعية التجديد والتنوير من خلال التوجهات الديمقراطية التربوية وتحقيق التحولات النوعية في مختلف مجالات الحياة ولا سيما التربية والتعليم .إن التوجه نحو الديمقراطية للحركة التربوية في العراق بعد 2003 ينبغي في المقام الأول تبني الأهداف والمنظومة القيمية القادرة على إعلاء المبادئ المحورية للديمقراطية في الحرية والعقلانية والمشاركة والمساواة ومن ثم تبني سياسة تعليمية رشيدة وعملية قادرة على ترويج وتكريس تلك القيم الديمقراطية في كل المفاصل الرئيسية للمنظومة التربوية " الإدارة , المعلم , الطالب " .
إن حل مشكلة الديمقراطية في التعليم لن يأتي إلا بتوفير ديمقراطية حقيقية في المجتمع العراقي , والديمقراطية المنشودة عملية تراكمية تكتسب من خلال الخبرة العلمية والعملية التي يتلقاها الجيل في المؤسسات التعليمية وبالتالي ليس هناك طريق لضمان ثباتها واستمرارها إلا بإصلاح التعليم أصلاحاً جذرياً حيث يتم استصلاح الأرض جيداً لزرع نبتة العقلية الحرة المستقلة للطالب العراقي .

ــــــــــــــــــــ
الهوامش
1- د. صلاح عبد المهدي , ديمقراطية التعليم ومعوقاتها في العراق , مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية .http://fcdrs.com
2- د. جاسر الديسي , ديمقراطية التعليم , دراسة منشورة على الموقع الالكتروني لوزارة التربية والتعليم السعودية , 24مارس 2009 . http:www.moeforum.net .
3- - د. صلاح عبد المهدي , المصدر السابق .
4- أمجد قاسم , الأساس الديمقراطي للتربية , أفاق علمية وتربوية , الأردن , 2012 .
5- جميل حمداوي , التربية والديمقراطية , ديوان العرب : منبر حر للثقافة والأدب , 2009 . http://www.diwanalarab.com
6- John Dewey , Democracy And Education, Paris , Armand , Colin , 1975 .
7- د . عبد العظيم كريمي , مرتكزات التربية والديمقراطية (العقلانية , والمدنية , والمعنوية ) دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع , الطبعة الأولى , 2007 , ص ص 171 – 172 .
8- - المصدر السابق , ص 172 .
9- - المصدر السابق .



#جاسم_محمد_دايش (هاشتاغ)       Jasem_Mohammed_Dayish#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاح والتجديد للحركة التربوية في العراق بعد 2003
- نظرة تاريخية لتطور الحركة التربوية في العراق
- الطبقة الوسطى في العراق من التشكيل الى الانحلال
- دور مؤسسات المجتمع المدني في الانتخابات
- الانحراف السياسي والاحتضار الديمقراطي
- الحكم الصالح وإدارة الدولة
- جان جاك روسو وفكرة - العقد الاجتماعي -
- المدركات السياسية بين العراق والأردن
- الثقافة السياسية وأثرها في السلوك السياسي
- قراءة في تاريخ العلاقات العراقية التركية
- ماهية السلوك السياسي
- فكرة الموازنة العامة للدولة
- الاقتصاد السياسي جذوره ومفهومه
- العوامل المؤثرة في الرأي العام
- طبيعة التعاقب على السلطة في الدول العربية
- الرأي العام المفهوم والنشأة
- الرأي العام وأثره في السياسة العامة
- التحديث السياسي مفهومه وتوجهاته
- اللاعنف في المجتمعات الديمقراطية
- -جان جاك روسو- حياة صنعت فكره السياسي


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جاسم محمد دايش - التوجهات الديمقراطية للفلسفة التربوية في العراق بعد 2003