أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة 9














المزيد.....

ظل آخر للمدينة 9


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 10 - 17:07
المحور: الادب والفن
    


سأدخلها بعد انتهاء مراسم التهنئة.
سأعود إلى تفقد الأماكن التي غبت عنها زمناً، وسأرى كم تغيرت الأماكن وكم تغيرت أنا أيضاً!
أقف ذات صباح ربيعي أمام فندق الميريديان، أرنو إلى شرفاته المطلة على الشارع، ثمة نساء ورجال يشربون قهوة الصباح. أتذكر بعض الفنادق التي نزلت فيها. تومض في ذهني بعض أطياف المنفى: لحظات المتعة والصفاء حيناً ولحظات الإحساس بالغربة وعزلة الروح حيناً آخر (أتذكر صباحاً رائقاً حيث تطيب رياضة المشي في شارع الحبيب بورقيبة في تونس. أتذكر رحلة صباحية في الحافلة من الدار البيضاء إلى الرباط). أقترب من مبنى تفصل بابه العريض عن الرصيف، بضع درجات صقيلة. كان فيما مضى مقراً لجريدة "الجهاد" التي أصبح اسمها فيما بعد "القدس".
بدءاً من عام 1965 حتى عام 1967 ترددت على هذا المكان دون انقطاع، لأكتب في المساء كلاماً يظهر مذيلاً باسمي على صفحة الجريدة في الصباح، فيعمني فرح وسرور. كانت للكتابة بهجة طاغية آنذاك. وكنت أتلقى فيضاً من الكتابات الشابة، أنشرها لكاتبات وكتّاب أصبح لهم شأنهم في سنوات لاحقة.
سأبحث عن أي أثر يدل عليّ عند مدخل الجريدة، فلا أجد.
إذاً، ها هي ذي أولى الخسارات تطل برأسها.
أتهيّبُ من دخول المبنى، لأنني لست متيقناً مما إذا كان ثمة أحد من زملائي القدامى ما زالت له علاقة به (سأدخل هذا المبنى فيما بعد لنشر إعلان، ولن أجد أحداً يعرفني، أقول لموظف الإعلانات الشاب، لعله يخفف من تجهمه قليلاً: عملت هنا قبل ثلاثين عاماً، ثم أشرت إلى مكتب لا يبعد عن مكتبه سوى بضعة أمتار. فلا يرفع رأسه عن أوراقه، يتلفظ بكلمات باهتة: يا سيدي حيّاك الله. ثم يتلفع بصمت بارد كما لو أنه يرسل لي تحذيراً مبطناً للكفّ عن الكلام).
أمضي نحو شارع صلاح الدين.
أجيل الطرف في البنايات: مبنى المحكمة الذي ما زال يحتفظ ببعض رصانته. على مدخله يقف حرّاس مسلحون. مبنى المحافظة الذي لطالما دخلته في زمن مضى لزيارة بعض الأصدقاء من العاملين فيه. الآن، تحتله من أوله إلى آخره وزارة العدل الإسرائيلية. دار سينما الحمراء التي كانت تبهرني بواجهتها الزجاجية العريضة وبالملصقات الملونة التي تنم عن عوالم ذات سحر خاص (أول دار للسينما أدخلها عام 1954 لمشاهدة فيلم اسمه "سنوحي" المصري، وأنا في الثالثة عشرة من عمري)، الدار مهجورة الآن، تخيم على واجهتها الزجاجية قتامة من ورق قديم وغبار، وهي مغلقة منذ ابتدأت الانتفاضة، مثلها في ذلك مثل كل دور السينما في مختلف مدن البلاد (كأننا نعاقب أنفسنا!).
أذهب نحو المزيد من التفاصيل.
نحو اليمين، يتفرع شارع عمرو بن العاص، وفيه فندق السان جورج. وفيه أيضاً مقهى ومطعم مؤلف من طابقين، وتحته قبو فسيح استخدم لسنوات عدة مقراً لصحيفة الفجر التي نشرتُ فيها مقالات موقعة باسم مستعار. ولن أدخل المقهى، ولن أسأل صاحب المقهى، إن كان ما زال يذكر المدرّسين الأربعة الذين اعتادوا القدوم إلى مقهاه، بعد انتهاء دوامهم المسائي، في مدرسة دار الأيتام الإسلامية الثانوية. قد يتشكك في كلامي إذا قلت له إن أحد هؤلاء المدرسين، هو فتحي الشقاقي الذي هجر التدريس، وسافر إلى مصر لدراسة الطب، ثم عاد إلى القدس، وعمل طبيباً في مستشفى أوغستا فيكتوريا (المطّلع) حتى لحظة اعتقاله، ثم إبعاده إلى خارج الوطن، واظب على المجيء إلى هذا المكان، يتساءل ويحاور دون تعصب، ثم يسهم في تأسيس منظمة الجهاد الإسلامي، ويضطلع بدور المسؤول الأول فيها.كان لفتحي حضور مريح بين زملائه المدرسين، وقد دارت بيني وبينه طوال عام 1971 حوارات سياسية وفكرية متشعبة. اختلفنا حول كثير من القضايا، لكن علاقتنا الشخصية ظلت حسنة لا يزعزعها اختلاف المواقف والآراء. (سيغتاله عملاء الموساد الإسرائيلي أمام أحد الفنادق في مالطة عام 1995).
يتبع..



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظل آخر للمدينة8
- ظل آخر للمدينة7
- ظل آخر للمدينة6
- ظل آخر للمدينة5
- ظل آخر للمدينة4
- ظل آخر للمدينة3
- ظل آخر للمدينة2
- ظل آخر للمدينة1
- عن نجوم أريحا لليانة بدر
- مرغريت أوبانك صديقة الأدب العربي
- بحر الحب والرغبات/ نص
- عن رواية يحيى يخلف: نجران تحت الصفر
- من قديمي الجديد: عندما تشيخ الذئاب.
- من قديمي الجديد: معين بسيسو ما زال معنا
- عن رواية الخاصرة الرخوة
- عن رواية سرير المشتاق لفاروق وادي
- من قديمي الجديد عن المسرح الفلسطيني/ مقالة
- عن سيرة الكاتب جميل السلحوت
- الشخصية الإشكالية في رواية خسوف بدر الدين لباسم خندقجي
- غسان حرب مناضل ومثقف واسع الأفق


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - ظل آخر للمدينة 9