أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمزة معروف - تشكل المجتمع المدني بعد الاستقلال: طريق الوحدة أنموذجا.















المزيد.....


تشكل المجتمع المدني بعد الاستقلال: طريق الوحدة أنموذجا.


حمزة معروف

الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 10 - 14:00
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ما من شك أن العمل الجمعوي التطوعي بالمغرب قد اكسب أهمية قصوى في التاريخ الراهن من ثلاثينيات القرن العشرين إلى الآن، حيث فرض على نفسه- ومنذ انبثاقه الالتصاق بمختلف قضايا المجتمع، و كذلك بانشغالاته و بالانغماس في شتى المعارك اللحظية و المصيرية، منتصرا للأهداف و الطموحات، مع عدم التخلف عن اللحظات الأساسية، بما يبلوره من أفكار و تصورات، و ما يحمله من إنجازات بصورة جعلت منه رافدا حداثيا ديمقراطيا و تنمويا لا ينضب إلا ليبتكر مجددا أدوات مسايرته للتطور الذي يشهده المجتمع.
في هذ المقال نعيد استحضار مشروع طريق الوحدة باعتبارها تجربة رائدة في العمل التطوعي مع فجر الاستقلال.
لم يكن الهدف من هذا المشروع، هو قيام 11 ألف شاب من مختلف مناطق المغرب، سنة 1957 ولمدة ثلاثة أشهر، بشق طريق طولها 60 كلم، وهي العملية التي كان بمستطاع إدارة الاشغال العمومية والتجهيز ان تتولاه، بل كان الهدف يتمثل آنذاك، هي بناء الانسان من أجل تشييد دعائم المغرب الجديد، كما كان يردد دوما على مسامع مربي الأجيال المرحوم محمد الحيحي أحد أعضاء لجنة الاشراف على وضع مخطط تنفيذ هذا المشروع الذي لم يكن مشروعا رسميا وحكوميا، وانما كان مشروعا وطنيا رائدا، من بنات أفكار الشهيد المهدي بن بركة، الذي كان يخاطب الشباب المتطوع في بداية الاستقلال بالقول ” نحن نبنى الطريق والطريق تبنينا”.
فالهدف كان أكبر وأعمق من عملية البناء، وهو ما يمكن الوقوف عليه في مضامين رسالة المهدي بن بركة الى المغفور محمد الخامس خلال تلك الفترة، حينها، بالرغبة في أن يحتل طريق الوحدة مكانته ضمن حملة وطنية لتعبئة القوى الحية في البلاد من أجل بناء استقلال المغرب الجديد، واقترح المهدي بن بركة، في هذا الصدد، ان يتم تنفيذ مشروع طريق الوحدة عبر العمل التطوعي للشباب، وان يكتسي طابعا رمزيا في ترسيخ وحدة المغرب الذي مزقته القوى الاستعمارية وتكالبت عليه، ويجسد بذلك التحاما ملموسا بين منطقتي الشمال والجنوب اللتين كانتا تربطهما سوى بعض المسالك الموجودة على طرفي الريف، وبالتالي فك العزلة عن مناطق الشمال التي فرضها الاستعمار الاسباني.
و كضرورة منهجية لابد من طرح بعض الاشكاليات المتعلقة بالموضوع.
ما هي أهم مميزات المجتمع المدني في ظل الحماية؟.
و ما هي الظروف العامة لمشروع طريق الوحدة؟.
و أين تتمثل خصوصية مشروع طريق الوحدة؟.

المبحث الأول: المجتمع المدني في ظل الحماية.
بعد أن تمكن الاحتلال من القضاء على جيوب المقاومة في الريف الأوسط وبسط نفوده على مجموع التراب الوطني في أواخر العشرينات من القرن الماضي، بدأ البحث عن أسلوب جديد للدفاع عن المقومات الوطنية بشكل منتظم، فتأسست بالرباط سنة 1926 جمعية الرابطة المغربية و اتخذت اسما مستعارا هو أنصار الحقيقة تأسس فرع لها بتطوان و آخر بطنجة، عملت هذه الجمعية على نشر التعليم و تأسيس الفرق الرياضية و المسرحية و مناهضة الخرافات و انحلال الأخلاق و مقاومة الاستعمار و كانت هذه الجمعية من الروافد الأولى للحركة الوطنية الاستقلالية ، و في سنة 1932 سمحت إدارة الحماية الفرنسية بتأسيس "جمعية الإتحاد الرياضي للرباط وسلا".
و مع قيام النظام الجمهوري بإسبانيا و عملا بإشارة و توجيه الأمير شكيب أرسلان قام الوطنيون بإعداد وثيقة بأهم مطالبهم الوطنية ذيلوها بتوقيع عدد من نخب المنطقة و هي وثيقة اشتهرت باسم" عريضة مطالب الأمة" عينوا على رأسها وفدا برئاسة الطيب بنونة لتقديمها لرئيس الجمهورية الذي استقبل يوم 8 يونيو 1931، عرف بوفد مطالب الأمة .
و بعد صدور الظهير البربري 16 مي 1930 حين أحس الوطنيون بخطورة أهدافه على وحدة البلاد قاموا من جانبهم بالتنديد، ونظموا عدة تجمعات أهمها التجمع الذي انعقد بالمسجد الكبير بتطوان يوم 30يونيو 1930 كامتداد لحركة اللطيف التي عمت سائر المدن المغربية و عكست الوعي بضرورة توحيد الصفوف و توخي اليقظة من أجل مواجهة المناورات الاستعمارية .
فالفارق الزمني بين صدور الظهير البربري 16 يونيو 1930 و انطلاق حركة اللطيف الأسبوع الأول من يوليوز يوشي بوجود تأطير للحركة .
و ثم تأسيس الجمعية الخيرية الإسلامية بتطوان بعد ستة أيام من صدور هذا الظهير، كما تأسست جمعية الطالب المغربية بتطوان كذلك برئاسة عبد الخالق الطريس سنة 1932، و أسس الحاج عبد السلام بنونة بنفس المدينة سنة 1933 عصبة حقوق الإنسان، وكان عبد الخالق الطريس من بين أعضائها و هي الأولى من نوعها في المغرب و العالم العربي، و ربما في كل العالم، و توالى تأسيس الجمعيات في شتى المدن المغربية و التي بدأت تشتغل في ميادين مختلفة مع الحضور القوي الوطني و شكلت في كثير من الاحيان ذراعا للحركة الوطنية في نضالها .
و إذا كان المؤرخون بصفة عامة يعتبرون أن وثيقة 11 يناير كانت حدثا بارزا في تاريخ المغرب المعاصر، فإن هذه الأهمية البالغة التي حضي بها حدث سياسي دون أحداث أخرى كثيرة يعود في تقديرنا لعاملين جوهريين.
أولا: أن هذه الوثيقة نتج عنها منذ دلك التاريخ احتكار الحركة الوطنية المغربية لساحة القول و الفعل السياسيين و أصبحت هي المخاطب السياسي الوحيد سواء مع السلطان /الملك أو مع إدارة الحماية.
ثانيا: أن هذه الوثيقة تعبر ضمنيا عن ميلاد الدولة الأمة من خلال ارتكازها على مفهوم التعاقد أو على الأقل السعي نحو تشييد الدولة الحديثة المستقلة بناءا على مفهوم الأمة المغربية الموحدة لدلك ومما لا شك فيه أن هذه الوثيقة استطاعت أن ترقى إلى مرتبة "دستور المغرب المعاصر" .
و مع تطور الأحداث العالمية و تأثيرها على المجتمع المغربي بقوة الأفكار و التصورات التحررية البارزة عقب الحرب العالمية الثانية عموما و ما تلاها من تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال بصفة خاصة استطاعت إشراك الشباب في الدفاع عن المشروع الديمقراطي التحرري المناهض للاستعمار .
المبحث الثاني: الإطار التاريخي لمشروع طريق الوحدة بالمغرب.
المبحث الاول: الإطار الدولي الذي جاءت فيه فكرة طريق الوحدة.
إن عظمة أية بلاد من البلدان و ازدهارها ودرجة استقلالها كل دلك متوقف على عمل مواطني تلك البلاد ففي أكثر الاقطار شعر الشباب أنه من المحال أن يبقى بعيدا عن مهام البلاد و مشاكلها و رأى أنه من واجبه أن شاطر في بناء وطنه، لقد اتخذ شبابنا الكثير من البلدان ليشاركوا إخوانهم الكبار في بناء الوطن العزيز، فكلما تحررت بلاد من مخالب الاستعمار نادت شبابها ليثبت استقلالها على أسس وطيدة حصينة.
تجربة يوغوسلافيا النهضوية .
يعد استقلال يوغوسلافيا كانت تفتقد للوسائل حيث لم تكن تتوفر لا على أموال و لا تمويلات كافية لكنها كانت غنية من حيث الرأسمال البشري، غير أنهم شقوا الطرق و شيدوا الجسور و السدود و معظم ما يمكن أن تنجزه الآلات الحديدية الضخمة كان ينفذه البشر حيث كانت روح التطوع في ظل الرئيس جوزيب بروز تيتو الذي كان مقاوما و رجل قيادة شعبية أثناء الحرب العالمية كما كان صانعا للوحدة اليوغوسلافية.
تجربة الصين .
تمتاز الصين بأنهار عظيمة كنهر هونش و يانج و تسيكاج و غيرها التي تصب في المحيط الهادي ، هذه الأنهار كانت تشكل خطرا على الحياة الزراعية في الصين بسبب الفيضانات الجارفة و تسبب كوارث مثل الكارثة التي عرفتها سنة 1954 التي تسببت في هلاك خمسين ألف من الحيوانات الداجنة و إفساد عشرات الآلاف من الهكتارات المزروعة مما أدى إلى أزمة شديدة ظهرت بوادرها في الصفوف الطويلة التي كانت تنظم أمام الدكاكين للخصوص على مقدار من الحبوب.
هذا الأمر الشباب إلى التطوع لإقامة مجموعة من الجسور و القناطر أهمها القنطرة التي بنيت على النهر الأصفر و التي تتألف من طبقتين علوية خاصة بالسيارات و طبقة سفلية خاصة بالقطارات ، حيث تظافرت عزائم و جهود المهندسين و الشغالين و السباب عن إنجازها من أجل أقل من الأجل لها بشهرين.
و لفت انتباه عبد الكريم الفلوس عند زياراته للصين ارتساماته لهذا البلد، حيث أثار دهشته و إعجابه من الطرق التي نهجها قادة هذه الشعب العملاقي للنهوض السريع بميادينه اقتصاديا و اجتماعيا لبناء نظام قار و قوي المفعول، عبد الكريم الفلوس نشر ارتساماته التي لفتت نضرته بصفة عامة و رأى من المفيد أن ينقلها ليطلع عليها جمهور الشعب المغربي الذي يجتاز مرحلة هامة في تاريخه .
اليابان
حينما أدى الاحتياج أثناء الحرب إلى المواد الأولية نظم الشباب جمعية لإحياء الغابات و تلافي ما أحدثته الأمطار من تأثير بالأراضي الفلاحية و سميت تلك الجمعية بالنادي الخضراء حيث انظم الشباب من البوادي إلى شبان المدن و بنو بالجبال سدودا و غرسوا الأشجار ، و غيرها من البلدان التي عرفت الكفاءات الحية الجديدة و المشاركة الايجابية للسكان.

المبحث الثاني: الإطار الإقليمي لنشوء فكرة طريق الوحدة.
مصر
استطاعت مصر بعد نجاح الثورة الشعبية التي قام بها مجموعة الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952 من تحقيق عدة انتصارات عديدة سريعة في عدة أهداف خططت لها وهي:
_ القضاء على الاستعمار .
_القضاء على الإقطاع .
_ القضاء على الاحتكار و سيطرة رأس المال على الحكم.
_ إقامة جيش وطني قوي.
_ إقامة عدالة انتقالية.
و التجربة الرائدة التي عرفته مصر هي بناء السد العالي، بدأت دراسة إنشاء السد العالي في أكتوبر 1952 بعدما اتفق المهندس أدريان دانينوس المصري اليوناني الأصل إلى قيادة الثورة 1952 بمشروع لبناء سد ضخم عند سوان لحجز فضيان النيل و تخزين مياهه و توليد طاقة كهربائية منه، و في أوائل 1954 تقدمت شركتان ألمانيتان هندسيتان تصميما للمشروع و أقرت لجنة دولية هذا التصميم في دجنبر 1954 بعد مراجعته حيث سعى خلالها الرئيس جمال عبد الناصر إلى تحويل فكرة إنشاء السد إلى حلم قومي سيتحقق بفضل تجنيد كل الطاقات و الخبرات لوضعه موضع تنفيذ.
إن إنشاء السد العالي هو حلم قومي، تمنى المصريون تحقيقه لتقويض عنفوان تلك المياه التي تغرق أراضيهم لتوليد الكهرباء و التوسع في الرقعة الزراعية و استخدام شريان الحياة ليكون مصدر للرخاء، و على الرغم من الصعوبة التي لقاها جمال عبد الناصر في تمويل السد إلا أنه استطاع إنشاءه بمساعدة المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي و بفضل كفاح المصريين للسير على دروب التنمية و الازدهار.
نيجيريا.
حينما سعت الحكومة الوطنية في الحصول على استقلال البلد رجع المواطنون إلى نوع من العمل الجماعي، الذي كان معروفا بالقرن منذ أمد مديد مثلا قبائل"إيوا "بشرق نيجيريا استطاعت في ظرف عامين إنجاز مشاريع عجيبة و دلك بفضل ما أظهره بعض شبانها من نشاط وحماس، عبدو مئات الكيلومترات من الطرق و المسالك، و شيدوا القناطر و جففوا مساحات واسعة من المستنقعات و أسسوا مدارس و مستشفيات و دور التوليد و إنشاء شركات تعاونية و نظموا حملات لمحاربة الأمية و وفروا الأموال الكافية ليعطوا المنح لجميع الطلبة النجباء الدين كانوا يرغبون في متابعة دروسهم بالجماعات الوطنية و بالجامعات الأجنبية .
المبحث الثالث: الوضع الداخلي.
كان الوضع العام في البلد بعد الاستقلال يتميز بمجموعة من الحقائق و من أبرزها: - وجود حالة من النهوض الجماهيري العارم المتمثل أساسا حالة الحماس الشديد التي تملكت المواطنين على اختلاف أعمارهم و انتماءاتهم و استعدادهم اللامحدود للبدل و التضحية و نكران الذات من أجل الوطن و الاعتزاز به، وجود عشرات الآلاف من الجنود الفرنسيين و الإسبان و الأمريكيين على اتساع الخريطة الوطنية في شكل ثكنات هنا و هناك في شكل احتلال سافر لأجزاء من التراب الوطني.
_ اشتداد الحصار على الثورة الجزائرية في كافة الحدود بالموازاة مع اشتداد الضغوط الفرنسية والاسبانية على المغرب لوقف العمليات المسلحة لجيش التحرير في الجنوب ووقف دعمه لوحدات الجيش الشعبي الجزائري لجهة الشرق والجنوب.
_ الشعور الحاد بواقع التخلف و الفقر و البطالة كنتاج طبيعي لأربعة عقود من الاحتلال و الذي ولد لدى الجماهير الشعبية خاصة عنصر الشباب الرغبة في حرق المراحل من أجل بناء كيان اقتصادي و اجتماعي يوطن مكتسب السيادة و الاستقلال للوطنيين.
_ شروع بعض الرموز "الإقطاعية" في الداخل و في مناطق الوسط الشرقي بتحضير نفسها لخلق فتن إقليمية بهدف إرباك الحكومة و إضعافها و صولا إلى إخراج رموز الحركة الوطنية منها و عرقلة المسلسل التحرري العام الذي تسعى إليه هذه الرمز، و دلك في موازاة مع أنشطة أخرى تستهدف تصفية منظمات المقاومة و افتعال مواجهات مسلحة بين وحدات جيش التحرير و صلت إلى حد تصفية بعض القادة.
ضمن هذه الملابسات تقدم المناضل المهدي بن بركة إلى الملك محمد الخامس بمشروع طريق الوحدة، و دلك يوم 5 يونيو 1957 و كان هدفه المادي تحقيق الربط بين منطقتين الاحتلالين الشمالية والوسطى ما بين تاونات كتامة.
حيث جاءت فكرة طريق الوحدة نتيجة الزيارات المتكررة التي كان يقوم بها إلى العديد من الدول المتقدة كالصين و يوغوسلافيا و استخلص فكرة أن الدولة الحديثة العهد بالاستقلال لا يمكن الاعتماد في بنائها على أجهزة الدولة و مؤسساتها الرسمية بل يجب تعبئة كل طاقات الشعب و بالأخص الشباب و الشابات و الدفع بالعنصر النسوي للمساهمة في عملية التشييد باعتباره نصف المجتمع لهذا طرح مشروع طريق الوحدة في صيف 1957.
و في معرض حديثة عن هذا المشروع يقول المهدي ابن بركة: "إن هذا المشروع بطبيعة الحال يندرج في إطار الجمعية الوطنية لمجموع القوى الحية في بلادنا لتوطيد الاستقلال الوطني، و يتلق الأمر ببناء طريق بطول 60 كيلومتر بين تاونات و كتامة اعتمادا على المساهمة التطوعية لشبابنا المغربي، وتضيف المذكرة كدلك سيشكل هذا المشروع اختبارا عمليا سيؤدي النجاح فيه إلى فتح الطريق نحو مشاريع أخرى لخدمة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية في بلادنا بالاعتماد على الامكانيات المحلية الوطنية التي ينتظر منا تعبئتها".
كان المهدي بن بركة واعيا بمدى التخلف الذي يعانيه المغرب و خاصة في العالم القروي و كان مدركا تماما أنه لن يتكرر تجاوز التخلف إلا ببدل مجهود يشارك فيه كل مواطن في كل مكان في حياته الخاصة و العائلي في مكان عمله في القرى كما في المدن و لكي تكون هذه المشاركة الشعبية مفيدة و مثمرة يجب أن تكون في إطار ديمقراطي جماهيري بهذا النوع من المشاريع يمكن في نظر المهدي تحويل البطالة التي هي فائض في اليد العاملة إلى مصدر قوة للمجتمع، فالعمل التعاوني وسيلة فعالة للعمل في مجال التطوير الاقتصادي و التقدم التقني فضلا على أنه وسيلة لمقاومة الجهود و الجهل و الفقر و القضاء على الثالوث شرط ضروري لقيام ديمقراطية حقيقية إذ لا معني للديمقراطية دون تحسين مستوى المعيشة" الديمقراطية عملية غزو و يجب القيام بها كل يوم و هذا ما يتطلب وعيا وطنيا مستمرا و يقظة دائمة و توازنا بين الحقوق و الواجبات الشيء الذي يوفر الشروط الاساسية للاستقرار في المجتمع .
1-رمزية الطريق
يجيب المهدي بن بركة عن هذا السؤال أمام المتطوعين:
_ لأن هذه الطريق تربط بين الشمال و الجنوب و توحيد البلاد.
_ لأننا نريدها مدرسة يجتمع فيها شباب المغرب لفتح أدمغتهم على الأفكار الجديدة التي سينقلونها إلى مناطق سكناهم و محل عملهم عير مختلف أنحاء البلاد.
كان إنجاز طريق الوحدة أو طريق التوحيد حدثا وطنيا على جانب كثير من الأهمية حيث أسرع خمسون ألفا من الشباب إلى التسجيل للتطوع في هذا العمل الجبار، وطريق الوحدة هي تلك التي تنطلق جنوبا من تاونات نحو كتامة شمالا و تبلغ مسافة هذا الطريق ستين كيلومترا، في عهد الاستعمار كان الربط بين المنطقتين السلطانية في الجنوب و المنطقة الخليفية في الشمال لا يتم إلا من خلال طرق محدودة في شرق البلاد و غربها لأسباب اتفقت عليها سلطات الحماية الإسبانية في الشمال و سلطات الحماية الفرنسية في الجنوب، ولخلفيات ترتبط بإدارة الحمايتين في مواصلة مراقبة المواصلات بين السكان ، و عزلهم في المنطقتين فرغم تناقضات الحمايتين الفرنسية و الاسبانية فإن تجربة حرب الريف بقيادة البطل محمد ابن عبد الكريم الخطابي استخلص فيها المستعمر عدة دروس أهمها ضرورة منع المواصلات و التواصل بين شمال و جبال الريف، لهذا اتجه اهتمامه إلى بناء طريق تربط الشمال بالجنوب فياد و عبر جبال الريف الصعبة المسالك .
فمشروع طريق الوحدة كان المهدي يريد منه أن يكون مثالا للتعبئة العامة للقوى الحية في البلاد لبناء الاستقلال و يكون منطلقا لعدد من المشاريع التي تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية بالاعتماد على الامكانيات المحلية و الوطنية فالمشروع يدخل في إطار بناء مغرب الغد بسواعد أبناءه .
يمكن القول أن مشروع طريق الوحدة هي قبل كل شيء مدرسة ستخرج الطلائع من صفوف جماهير الشباب المتطوع لبناء الاستقلال واعتبار هذه الخطة لتعبئة الحماس الشعبي في سبيل بناء الاستقلال وتحصينه، خير وسيلة لكسب الاصدقاء من الأمم التي نحن في حاجة الى مؤازرتها والتي يتعين تمتين الروابط معها، وخاصة منها الامم الشقيقة التي تجمعنا وإياها روابط الكفاح في سبيل التحرير والتقدم، فتلك هي الغاية الرئيسية من مشروع طريق توحيد المغرب، وإذا كان شباب مغرب بداية الاستقلال قد توحد حول طريق الوحدة، فأي مشروع في ظل السياقات الجديدة والمتغيرات الراهنة يمكن ان يجمع ويوحد شباب القرن الواحد والعشرين؟.
الاحالات المرجعية :
، غلاب عبد الكريم، تاريخ الحركة الوطنية ج 1، مطبعة الرسالة، الرباط، 1987، ص 38.
، بويقران محمد، المغرب و الجمهورية الثانية في اسبانيا 1936-1931، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين و جيش التحرير، دار أبي رقراق، ط 1، 2013،ص74.
،القبلي محمد (إشراف)، تاريخ المغرب تحيين و تركيب ،منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، الرباط، 2011،ص 591.
، إن متابعة مسار الأحداث في فاس يشي بوجود تأطير لحركة اللطيف:
_ 4 يوليوز: بداية التجمعات في مسجد فاس .
_ 18 يوليوز: إلقاء الخطب على الجماهير في مسجد القرويين، و مولاي إدريس ثم بعد دلك التوجه إلى مق باشا المدينة، للتفصيل أكثر انظر غلاب عبد الكريم :تاريخ الحركة الوطنية...، ص 61.
،منير عبد القادر العلمي، المجتمع المدني متحصل عليه يوم 10/06/2019، على الساعة 21:00 http://www.elalami.net/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A/
، فريد المريني، التحديث في التاريخ السياسي و الاجتماعي المغربي ، دراسة سوسيولوجية تاريخية، إفريقيا الشرق،2015، ص 111.
، حسن أميلي، العمل الجمعوي بالمغرب التاريخ و الهوية ندوة مهداة إلى روح فقيدي الجمعية والحركة التطوعية السي محمد الحيحي و السي محمد السملالي، منشورات الجمعية المغربية لتربية الشبيبة ،مطبعة كوثر ط 1، الرباط، 2004، ص 13.
، الراضي عبد الواحد، المغرب الذي عشته، حررها حسن نجمي، المركز الثقافي للكتاب، منشورات عكاظ، الدار البيضاء، ط 1،2017، ص 178.
، الفلوس عبد الكريم، ارتسامات عن الصين 2،جريدة العلم، السنة 12،العدد 2625،شتنبر 1957.
، قنطرة في الصين، جريدة العلم، السنة 12،العدد 2625،شتنبر 1957.
، عبد الكريم الفلوس، ارتسامات عن الصين الشعبية 3، جريدة العلم، السنة 12، العدد، 16 يونيو 1957.
، حسن أميلي و آخرون، طريق الوحدة صيف 1957 تجربة رائدة في العمل التطوعي ،استعادة لخطب ووثائق المرحلة ،2006، ص 15.
، عيد مصر القومي، جريدة العلم ،السنة 12 العدد 2581، يونيو سنة 1957.
، أحمد سليم ، السد العالي حكاية شعب واجه طغيان الاستعمار لتحقيق أحلام ثورة يوليو القومية.http://gate.ahram.org.eg/News/1992720.aspx
، حسن أميلي و آخرون ،طريق الوحدة....، ص 75.
،حسن أميلي، العمل الجمعوي بالمغرب....، ص ص45-46.
Daoud Zakya, Ben baraka: son rôle dans L évolution du Maroc Recherches internationales n° 77,3-2006,pp 133-146,p134
، اليوسفي عبد الرحمان، أحاديث فيما جرى شذرات من سيرتي كما رويتها لبودرقة، دار النشر المغربية، عين السبع الدار البيضاء، ط 1 فبراير 2018، ص114.
، حسن أميلي ،العمل الجمعوي بالمغرب، ص ص 46.
،الجابري محمد عابد، في غمار السياسة فكرا و ممارسة الجزء 2، الشبكة العربية للأبحاث و النشر، بيروت ،ط 1، 2009 ،ص 134.
، جبرو عبد اللطيف ، المهدي بن بركة 2:بناء الوطن ،معركة أقوياء النفوس،1986،ص 146.
، جبرو عبد اللطيف ، المهدي بن بركة2 ..، م س،ص 147.
، بنسعيد أيت إيدر محمد ، هكذا تكلم محمد بنسعيد...، منشورات مركز محمد بنسعيد آيت إيدر للأبحاث و الدراسات ،الدار البيضاء ،ط أكتوبر، 2018،ص 181.



#حمزة_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشكل المجتمع المدني بعد الاستقلال: طريق الوحدة أنموذجا.


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمزة معروف - تشكل المجتمع المدني بعد الاستقلال: طريق الوحدة أنموذجا.