أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - مقاربة نقدية في المجموعة القصصية - شتات في نفس المكان- للقاص طالب عمران عبود















المزيد.....

مقاربة نقدية في المجموعة القصصية - شتات في نفس المكان- للقاص طالب عمران عبود


غانم عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 6613 - 2020 / 7 / 8 - 19:48
المحور: الادب والفن
    


مقاربة نقدية في "شتات في نفس المكان"
قصص قصيرة جداً
للقاص طالب عمران عبود "

امتازت "شتات في نفس المكان" باعتبارها جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، فضلا عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب والنفس الجملي القصير الموسوم بالحركية والتوتر وتأزم المواقف والأحداث، بالإضافة إلى سمات الحذف والاختزال والإضمار. كما يتميز هذا الخطاب الفني الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر إلى ماهو بياني ومجازي ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي.كان الكاتب المعموري من دولة العراق- بابل موفقاً في اختيار هذا العنوان الراقي لما فيه من دلالات واضحة لنصوصه القصيرة جداً حيث جمع بدهاء ومعرفة بين نقيضين لايجتمعان وهو الشتات والمكان الواحد ، فالشتات في معجم المعاني الجامع تعني:
شَتَّ : (فعل)، شتَّ / شتَّ بـ شَتَتُّ ، يَشِتّ ، اشْتِتْ / شِتَّ ، شَتًّا وشَتاتًا ، فهو شَتِيت ، والمفعول مشتوت به ،شتَّتِ الأشياءُ: تفرّقت ،شَتَّتِ الأَشياءَ: فَرَّقَها، شَتَّ بقلبه الوجدُ: أَثاره وبَلْبَل تفكيرَه، شَتَّتِ الدِّيارُ بفلان: بَعُدَتْ به، تَشَتَّتَ: (فعل)، تشتَّتَ يَتشتَّت ، تشتُّتًا ، فهو مُتشتِّ، تَشَتَّتُوا : تَفَرَّقُوا، تشتَّت الذِّهنُ/ تشتَّت الانتباهُ: انشغل بموضوعاتٍ شتَّى؛ ففقد تركيزَه في موضوعٍ واحد

أما نفس المكان يعني الوحدة الموضوعية والفكرية الغير منفصلة عن بعضها وأراد الكاتب بذلك ان يصور لنا مدى المعاناة والألم للأنا مرة وللمجتمع الذي يعيش فيه مرة اخرى.وانطلاقاً من صورة الغلاف التي توصف لنا المعاناة والضياع والتشتت والتي تتناغم مع عنوان المجموعة القصصية والتي تعطي للمتلقي منذ الوهلة الأولى التأمل والتفكير في رمزيّة العنوان قبل الولوج في نصوص المجموعة التي تتكون من ست وثمانون صفحة من نوع متوسط الحجم بعناوين جميلة تبدأ من " توأم" وتنتهي ب" تنفيس" وترتكز نصوصها : توأم، قدر، صدمة، طمع، رفقة ، مفارقة، فزع، شجن، غفوة، حسرة، أماني، حُلد، مظاهر، توحد، دوامة، عهد، قبلة، خطوة، بعد آخر، انعكاس ...وإلى آخر النصوص على الإيحاء والتلميح والتكثيف مما يجعلها كتابة رامزة بامتياز تُسْعف صاحبها في التعبير عما يخالجه، فعالج من خلال نصوصه امور تتعلق بالأسرة بأعتبارها نواة المجتمع وذلك من خلال نص "قَدَرٌ" : مرارة طفولتها ويُتمها، قساوة زوج أمها، راودَها عن نفسها، روحها على كَفِّها، نظرتْ إلى السماء، انتظرته متلهفة، استطأتهُ، ذهبت إليه، طيراً يخفقُ بأجنحةٍ من نارٍ.
ونص "صدمة" : اعدت الطفلة ألوان الرسم ، تترقب الأم من النافذة مجيئه ..تأخر، نزغها قلبها .. رن جرس الهاتف، سقط من رسمتها الطرف الثالث!.
وكذلك نص طمع ، رفقة، مفارقة، وغيرها من القصص التي تسلط الضوء على القضايا العائلية .ومن خلال بعض النصوص يتبين لنا الحس الإنساني والوطني تجاه أمته كما في نص "قرابين" : خفافيش تنقض على .. ليلها، لعِقت ماتبقى من دم العصافير ، فضلات الصقور .. لما خاصمت الشمس غسقها حين ارعبها المشهد أقسمت لن تعود.
اراد الكاتب ان يبين لنا من خلال فن الترميّز واعطاء الدور للمتلقي في التأويل وتفكيك النص وفق اسلوب ادبي رائع والذي يقبل عدة مفاهيم متروكة إلى مستوى المتلقي في التفسير وهنا تبرز براعة الكاتب وخاصة بأنه قد وضع مفاتيح للقارئ يستطيع من خلالها ان يجد التأويل الصحيح.
أما نص " بُعد آخر" : جعل من تلك اليدين النحيلتين جناحين يحرك بهما إلى الأعلى وإلى الأسفل، تطلع إلى مكان الأرض والسماء بلون التراب، اقترب من أسدين كبيرين، حد الالتصاق سمع أنفاسهما، تحسس جسديهما دون خوف، تيقن انه من جنسهم أسدٌ ثالث.
إن البعد الرمزي الفلسفي واضح في هذا النص والذي يخلق عند المتلقي عدة تأويلات من العنوان الذي جاء نكرة وعند الغور في مضمون النص يبدو أن البطل قد سار في رحلة نورانية معرفية طويلة تجسدت له مفاهيم جديدة كما في رحلة كلكامش والتقائه بصديقه الروحي إنكيدو وتعانقهما جسدياً ونورانياً، مات أنكيدو ورفض جلجامش السماح بدفنه وقام برثائه والبكاء على جسده، حتى خرج الدود من جسد أنكيدو، عندها دفنه جلجامش بنفسه، وعزم على البحث عن الخلود وبعد اسفار ومشقات عرف ان الذي يطلبه عبثا لان الخلود من صفات الآلهة .
اما نص فرج: استيأس، غاص في لجة المسطور، نظر في السواد الأعظم، في الشامات، تطلع في عيون سكك المدينة، ترجى من اموات تضرب هامات الأحياء .
ونص استغفال : التيس الذي تسلق الشجرة كلاعب سيرك محترف، ترك بصمة حافره على ظهر ثور.
لجأ الكاتب إلى الرمزيّة الموغلة في الألغاز وانتقل من حالة إلى حالة اخرى لخاتمة بديعة مباغته تاركاً للمتلقي الغور في النص لفهمه وتأويله،
اما نص تضاد: جمع أعواده، صار عشاً كبيراً، بلغ رشده، تقاتل طائران على رأسه؛ تصدع.
ان مضمون هذا النص يتطابق مع صورة الغلاف للمجموعة القصصية التي تضمنت على متضادات رائعة واراد ان يبين لنا من خلال هذا النص برمزيّة مثيولوجية ثاقبة ومعتقدات دينية قد تبناها البطل وصارت منهاجه القويم بعد ان جمع عِصارة معلوماته وافكاره إلا إن تنازع وتصارع الأفكار التي شبهها بطائران يقتتلان على رأسه باعتبار الرأس هو يحوي عقل الإنسان ومصدر الأموار والنواهي لبقية انحاء الجسد وقد جسد لنا الكاتب من خلال النص إلى التناحر وتصارع الديانات والثقافات دون الوصول إلى الحل الأمثل الذي يرضيه والتي ذكرها في القفلة الرائعة ( تصدع).

اما نص " ازدواجية: هز يديه متذمراً، زفرة بقوة، يئن الشارع العربي ، أرامل وزيجات ... لا زلنا .. نعمر مساجد الله.
ان هذا النص يتضمن وخزّ ونقد وسخرية سوداء ، المنطقة العربية تعج بالموت ودم العربي صار أقل شأنا من الماء والمشكلة أن القاتل والمقتول من سلالة العرب ، لذا تحول العربي للاجترار الفارغ بزعم أن لديه حضارة زاخرة وعمقها كذا وكذا ... وهذا ما يتقاطع مع الواقع المعاش الامر الذي جعل ابناء الجيل العربي اليوم يشككون من أن للعرب حضارة أو دين ذلك أن الامور بمخرجاتها ولا مخرج بأيدينا من تلك الحضارة المزعومة وقد ابتلى العرب بالصراعات والحروب والتي كان ضحيتها الأرامل والاطفال والأيتام الذي بقوا دون معيل وهذا الحل تشترك به من مرت بالربيع العربي الدموي.
وهنا الكاتب انتقل من معاناة بلده إلى الأمه العربية وما تعصف به النزاعات الطائفية والعرقية.
" شتات في نفس المكان" مجموعة تتوفر فيها كل اركان القصة القصيرة جداً من حيث المعيار الفني والكمي وبكل خصائصها الأدبية وشروطها من التكثيف والتركيز والإبتعاد عن الحشو واللجوء إلى الإستعارات والكنايات والرموز والقفلة المناسبة المباغتة وما يُميز الكاتب من خلال نصوصه العارف بخفايا الادب وخباياه.

الكاتب
٥/٧/٢٠٢٠



#غانم_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثيولوجيا الأكيتو وتأثيراتها على العقل البشري
- قصة قصيرة / أكاماكو
- العنوان / الرمزيّة المثيولوجية وأثرها في القصة القصيرة جداً
- قصه قصيرة الياقوته بنت الؤلؤة


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غانم عمران المعموري - مقاربة نقدية في المجموعة القصصية - شتات في نفس المكان- للقاص طالب عمران عبود