أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - لكم أحلامكم ولنا الواقع














المزيد.....

لكم أحلامكم ولنا الواقع


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6612 - 2020 / 7 / 7 - 13:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو جلياً أن ما منع شريعة الغاب التي انتهجها نظام الأسد، منذ تسع سنوات ونصف، من أن تحقق ذاتها على نحو كامل في سورية، فيتوج "الأسد" ملكاً للغابة، هي شريعة غاب أخرى أعلى شأناً ونفوذاً يتربع على عرشها قوة عظمى تسمى أميريكا، جعلت عرش الأسد، بعد كل "الانتصارات"، صفيحاً ساخناً.
ليس أدل على خروج السوريين من دائرة التأثير في تقرير مصير بلدهم، من الوجود المباشر للدولتين الأعظم عالمياً على أراضيها. هذا يقول إن بلدنا بات ساحة صراع عالمي مباشر، وإن مصيره بات مرهوناً بعملية مركبة من الصراع والتوافق بين أكبر قوتين عسكريتين في العالم. لا يمكننا أن نعلم ماذا يجري في الخفاء من ترتيبات أو توافقات بين هاتين القوتين، غير أن ما يظهره المشهد على نحو متسق يشير إلى الجهة التي يسير نحوها "الحل السياسي" في سورية، والتي يمكن صوغها بعبارة واحدة هي صيانة الاستبداد وترسيم تفكك البلد.
إذا كان السوريون قد خرجوا في مطلع 2011 بهدف تفكيك الاستبداد، فإن التفكك السوري الذي يتحقق بصورة متسارعة اليوم لا يطال الاستبداد بل البلاد. المفارقة السورية تقول إن الاستبداد الذي كان السبب العميق لثورة السوريين، والذي كان الدريئة الأساسية المستهدفة ومحط الرفض الأول في اللغة السياسية، بقي على طول الخط العنصر الأكثر ثباتاً في اللوحة السورية. لا يخفى على المراقب أن من ثبت في ساحة الصراع السوري المديد والمعقد، هم المستبدون في أي طرف كانوا، حتى تحول الصراع في الواقع إلى صراع مستبدين استأثر كل منهم، بعد سنوات صراع مريرة، بقطعة من البلد. وقد قامت الهدنة العسكرية النسبية بين المستبدين على هذا الاقتطاع، أو على هذا التفاصل الجغرافي الذي من المتوقع أن يعطيه الحل السياسي الذي يجري إعداده، شكلاً رسمياً. بجملة مكثفة يمكننا القول إننا نشهد اليوم في سورية تفكيكاً للبلاد وتوزيعاً للاستبداد.
الوجود الأميريكي في سورية طاغ، على خلاف وجود القوى الفاعلة الأخرى بما فيها روسيا. أميريكا حاضرة بالوجود العسكري المباشر، وبات لها حضور مباشر آخر عبر قانون قيصر، وهي لذلك فاعلة بصورة مباشرة ليس في مناطق تواجدها العسكري فقط، بل وفي مناطق تواجد الروس أيضاً. هذا يعطي وزناً كبيراً للرسالة الأميريكية التي لم تتغير بتغير فصول الصراع السوري ولا بتغير الإدارات الأميريكية الحاكمة، والتي يكررها قانون قيصر بكل وضوح، الرسالة الأميريكية تقول للاسد لا نرفضك ولا نرضاك. وفي الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى حل هذا اللغز الأميريكي السهل الممتنع، بعد أن توهمت، مع محميها السوري، أنها أدركت النصر، تجري عملية بلورة للوضع السياسي والعسكري المستجد في شمال سورية شرقاً وغرباً. كما يبدو أن الجنوب السوري يبحث أيضاً، وبرعاية روسية لا يستبعد أن يكون لإسرائيل يد فيها، عن كيانية سياسية أكثر استقلالاً عن دمشق.
نشهد اليوم في سورية المستعمرة سير حثيث باتجاه تبلور هياكل سلطوية صلبة تحكم كل منها بقعة من البلد بحماية مستعمر ما. هذا الواقع نقل محور الصراع، كما لو من وراء ظهر الديموقراطيين السوريين، من كونه صراعاً بين خيار الاستبداد وخيار الديموقراطية إلى كونه صراعاً بين استبدادات. واكب هذا التحول الخطير تبريرٌ ديموقراطي مبتذل يقول إن انتصار هذا الاستبداد على ذاك (يتضمن الأمر بطبيعة الحال قبول استبداد معين وقبول المستعمر الذي يسانده) إنما يحسن شروط النضال الديموقراطي.
لا يستبعد أن تقوم بين هذه الهياكل الاستبدادية الصلبة علاقة ديموقراطية تفرضها محدودية قدرة كل منها على الآخر، سواء بفعل قواها الذاتية أو بفعل الحمايات الخارجية. الأمر الذي يعطي صيغة شبيهة بالصيغة الديموقراطية اللبنانية مع فارق، ليس بالضرورة في صالح الصيغة السورية، وهو أنها تنطوي على تفاصل جغرافي بين الاستبدادات المحمية.
في المحصلة سوف نجد أن علاقة الفرد بالسلطة الحاكمة لم تتغير، وأنها واحدة في كل مناطق الاستبداد، الجديد منها والقديم، وأن مبدأ قيام نظام ديموقراطي يجعل من الأفراد مواطنين ويحول إرادتهم إلى سلطة سياسية تقود الدولة، لا وجود له في المشهد السوري الذي يعج بالنشاطات الهادفة إلى تصليب الاستبدادات المستجدة، قبل ترسيمها، مع محاولات إعادة تأهيل الاستبداد الأم (نظام الأسد) بعملية شكلية قد تتضمن تغيير الرأس. وليس بعيداً ذلك اليوم الذي يقف فيه أرباب "الصيغة السورية" معاً كي يقولوا للسوريين الذين حلموا بكنس الاستبداد وقدموا كل شيء في سبيل حلمهم: لكم أحلامكم ولنا الواقع.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فرادة العقود الثلاثة الأخيرة
- -إعلان الوطنية السورية- بين الوطنية والقومية
- الكراهية بين السياسي والنفسي
- ماذا عن المظاهرات الأخيرة في السويداء؟
- حقوق الإنسان وحقوق السود
- بين الفيروس والفكرة
- في وصف حالنا
- نعومة مخلوف وبسطار الأسد
- هل يتراجع الدور الكردي في الجزيرة السورية؟
- تاريخنا وتاريخ الفيروس
- هل تؤسس الجائحة لدين جديد؟
- الحرب كفعل مستقبلي
- عن ذبح غير الابرياء
- عن المعارضين اليساريين لنظام حافظ الأسد
- انتصار الثورة المحطمة
- في الذكرى التاسعة للثورة السورية
- ادلب، هل يكون الشفاءمن جنس المرض
- اللقاء السوري الديموقراطي: ولادة جديد؟
- حين نتأمل في -صفقة القرن-
- حدود الاحتجاجات في مناطق سيطرة نظام الأسد


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - لكم أحلامكم ولنا الواقع