أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - في ذكري رحيل الأديب والمحاضر الجامعي د. حبيب بولس















المزيد.....

في ذكري رحيل الأديب والمحاضر الجامعي د. حبيب بولس


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6610 - 2020 / 7 / 5 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


"قرويات" حبيب بولس بين الحنين والجذور
حتى لا تضيع ذاكرة شعبنا الجماعية
مدخل: تحل هذه الايام ذكرى رحيل الشخصية الثقافية الفلسطينية، الناقد الدكتور حبيب بولس الذي رحل عنا في (04-07-2012) وهو في قمة عطائه الثقافي. كان من الصعب التصديق ان حبيب قد رحل، رغم معرفتنا بمرضه العضال الذي لم يمهله طويلا. كنا نحلم ان نراه يعود الى كامل نشاطه الثقافي والنقدي في رصد حركتنا الثقافية ومتابعة الإبداعات الأدبية المحلية بقلمه الناصع والمسئول والجاد.
تنوعت الإصدارات الثقافية والتعليمية والسياسية للناقد والمحاضر الجامعي حبيب بولس، ومن أبرز مؤلفاته، "انطولوجيا القصة العربية الفلسطينية المحلية القصيرة" وعشرات الكتب النقدية حول الشعر والقصة والمسرح والكتب الثقافية والتعليمية والسياسية المختلفة التي أصدرها خلال مسيرة حياته، ومن بينها كتابه الرائع "قرويات" الذي يمكن تصنيفه بين الأعمال البارزة والهامة في ثقافتنا الفلسطينية بمضمونه المميز.
أصدر حبيب بولس كتباً نقدية تناولت مجمل النشاط الإبداعي للأدباء العرب في إسرائيل، الى جانب مراجعات ونقد للنشاط المسرحي، عدا كتب تعليمية مختلفة، ونشر كتابين عن قضايا اجتماعية وسياسية ملحة.
اعتنق حبيب الفكر الماركسي الذي أثر على اتجاهه النقدي ولكنه الى جانب الفكر الماركسي كان يتمتع بحس لغوي، ثقافي وذوقي مرتفع جدا، ولم يلتزم بالمفاهيم الدوغماتية للفكر الماركسي، كما برز ذلك بالجدانوفية (جدانوف كان قوميسارا للثقافة في فترة ستالين، وكانت رؤيته للثقافة لا ثقافية اطلاقا) بل كان لذوقه الشخصي دورا كبيرا ومتزايدا في تقييماته النقدية.
بعض مقالاته أثارت ضجيجا كبيرا، اذ طرح فيها ظواهر سلبية انتقدها بحدة وسخرية، ولم يشملها حبيب في كتبه. نُشرت تلك المقالات في جريدة الأهالي (2000 – 2005) التي كنت نائبا لرئيس تحريرها الكاتب والشاعر المرحوم سالم جبران، الذي قال عنه حبيب انه كان وراء تحوله الى النقد، اذ رصد قدرات حبيب النقدية وحثه على الانخراط في النقد. قال لي حبيب مرات عديدة انه ناقد بفضل "المعلم سالم جبران" كما كان يصفه حبيب.
*****
الكتاب : قرويات ( نوستالجيا / حنين )
المؤلف : الدكتور حبيب بولس *
*المفارقات بين واقعنا وبين ماضينا" هذا ما يتجلى للوهلة الاولى امام قارئ كتاب "قرويات" للدكتور حبيب بولس*
الابحار مع نص "قرويات" يكشف لنا نوسطالجيا غير عادية عايشها حبيب بولس في قروياته، مسجلاً تفاصيل بدأت تختفي من اجواء قرانا ومدننا العربية ، من علاقاتنا وممارساتنا اليومية ، من شوارعنا وبيوتنا ، من العابنا وتسالينا ، ومن وسائل تنقلنا ، من مدارسنا ، من معلمينا، من افراحنا واتراحنا ، من مفاهيمنا السياسية ووطنيتنا ، من مواسمنا وسهراتنا ، من أعيادنا وعقائدنا الدينية ، من ثقافتنا وفنوننا ونضالاتنا .
التغيير الذي يرصده حبيب كان اعمق من الشكل ، لدرجة انه شكل لنا مضامين جديدة ، افكاراً جديدة ، رؤية سياسية جديدة ، ثقافة جديدة ، اطعمة جديدة ، بل ولغة جديدة ايضاً في مفهوم معين . كأني به يرصد التاريخ والعوامل "التاريخية" والثقافية التي غيرت مسقط رأسة ، قريته الجليلية "كفرياسيف" بشكل خاص وغيرت واقع بلداتنا كلها بشكل عام وغيرتنا نحن ( الناس ) في الحساب الأخير .
الى حد ما تذكرني "قرويات " حبيب بولس بكتاب للروائي السعودي عبد الرحمن منيف عن مدينة "عمان" .. حيث يعود بذاكرته الى عمان في سنوات العشرين من القرن الماضي ليعيد تشكيلها . حبيب في قروياته يرسم "لوحة نثرية " ان صح هذا التعبير ، لقرية علم من قرانا ، كانت علماً سياسياً وعلماً ثقافياً ، وهو بذلك يضيف لها بعداً جديداً ، علماً تراثياً اصيلاً ، وربما يريد ان يقول لنا ان هذه الاصالة التي عرفتها كفر ياسيف ، هي اصالة دائمة لا تنتهي ، انما تتحول وتنطلق نحو اصالات جديدة دوماً . حبيب في قروياته يريد ان يقول لكل واحد منا ان في داخله اصالة حقيقية ، يجب ان يخرجها من داخله ويورثها لأبنائه . وهذا بالضبط ما يفعله حبيب بولس ، وهو بالطبع يختار ابنه ، ليورثه اصالة اجداده وأصالة قريته ، وأصالة شعبه .. يختار ابنه ليورثه أهم ما يملكه الانسان في حياته ، ذاكرته الخصبة .. وليملأه بالكرامة وعزة النفس ، مقدما نموذجاً شخصياً ،استفزازيا لكل واحد منا ، ولكنه استفزاز طيب وانساني ، يحثنا بسياقه على الكشف عن جذورنا الاصيلة ، عن نقاوتنا ، عن قيمنا المغروزة بأعماقنا الانسانية ، عنى جوهرنا الطيب الذي كان العنصر الحاسم في صيانة شخصيتنا الوطنية والانسانية امام ما يجري في مجتمعنا من ردة حضارية ، وتعصبات قبلية وسياسية ودينية حمقاء ، هذه هي المفارقة الاخرى التي يصدمنا بها حبيب في كشفه عن جوهر اللؤلؤة المكنونة كفر ياسيف ، بصفتها نموذجا وطريقا وتاريخا .
هذا النص الادبي يتجاوز الكتابة التسجيلية التاريخية ، ويقترب من النص الثقافي الحكائي ، البطل فيه هي قرية كفر ياسيف واهلها ، والهدف حفظ الذاكرة الجماعية لكفرياسيف ، ولعلها الخطوة الاولى لبدء حفظ ذاكرة شعبنا الجماعية في كل اماكن تواجده .
"البطل"الآخر في هذا النص هو الرواي نفسه ، وكأني به يعود الى الايام الخوالي ، ليتقمص شخصية الراوي التي عرفتها قرانا وسهراتنا ايام زمان ، وليجعل من هذه الشخصية ذاكرة للزمن ايضاً ، يستعين بها الراوي- الكاتب لينقل للأجيال الجديدة ، ابنه في المفهوم الضيق ، وابناء كفر ياسيف ، وكل ابناء شعبنا من الاجيال الناشئة في المفهوم الواسع ، اصالة الماضي واصالة الانسان ، واصالة الشعب وليس فقط الحنين الذاتي (النوسطالجيا ) . ربما هي نوستالجيا فعلا ، ولكنها نوستالجيا لابناء جيلنا الذي حان الوقت ليسجلوا ذاكرتهم حفظا من الضياع .
حبيب اختار اسلوباً جيداً ليروي لنا روعة الماضي ، عبر المقارنة الدائمة مع الواقع اليوم ، وذلك ليعمق، ليس روعة الماضي فحسب ، بل روعة الانسان الذي اجتاز المأساة الوطنية وصمد ، وواجه القمع القومي بأبشع أشكاله ، ولم يفقد بوصلته الانسانية .. وبدأ يبني نفسه من جديد وينطلق الى آفاق رحبة من العلوم والثقافة والتطور والصمود .
في قروياته نكتشف حبيب بولس الآخر ، حبيب الحالم ، نصاً ولغة ، فنراه يقترب من لغة القص في سرده ، ليتغلب على السرد التوثيقي والتاريخي ، ونراه يستطرد في اعطاء النماذج والحكايات ليجعل قروياته اكثر قرباً للرواية والدهشة الروائية وعناصر التشويق الحكائية ، وليس مجرد تسجيلا توثيقيا للذاكرة . واقول بلا وجل : هي حقاً رواية من نوعع جديد بطلتها قرية بناسها وأحداثها.
قد لا يوافقني بعض الزملاء على تصنيفي لقرويات حبيب بولس ضمن النصوص الروائية ، قد يكونوا صادقين شكليا ، وأقول شكليا ، اذا التزمنا المفاهيم المتعارف عليها في التعريفات الأدبية . ولكن من يملك الحق في جعل التعريفات قانونا ، وهل يعترف الابداع بقوننة جنونه ؟
والأمر الأساسي ، هل من قيمة للتصنيف الادبي ؟ وهل يضيف التصنيف لقيمة العمل ؟ الا يكفي الكاتب ، انه اعطى للقارىء نصاً لا يفارقه بعد طي الصفحة الاخيرة ؟
حبيب في قروياته ، اعطانا عملاً توفرت فيه العديد من المركبات الناجحة ، اللغة اولاً ، الفكرة ثانياً ، والاسلوب . كتاب "قرويات" يسد فراغاً كبيراً بمضمونه المميز ، وهو ليس مجرد نوسطالجيا (حنين) بل كشف عن ثراء شعبنا واصالته وعمق جذوره في هذه الارض الطيبة . ولعل قرويات يكون فاتحة لتسجيل التاريخ الشفهي ، والتراث الشعبي المتوارث شفهيا ، وسجل نضالنا الأسطوري الذي يملأ صفحات ، اذا ما سجلت ستشكل ثروة اجتماعية سياسية ثقافية ، عن بقايا شعب ، لم يفقد ثقته بنفسه ، واجه المستحيل وانتصر .. واجه الضياع وبنى ذاته من جديد ، ليقف اليوم في مرتبة متقدمة بين الشعوب ، فخورا معتزا متفائلا ..
الدكتور حبيب بولس – ناقد أدبي بارز في الثقافة العربية في اسرائيل ، اصدر العديد من المؤلفات النقدية ، من أبرزها انطولوجيا " القصة العربية الفلسطينية المحلية القصيرة "



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سر البيت السعيد
- يوميات نصراوي: المعلم جمال قعوار والطالب نبيل عودة
- *بيني موريس في كتابه -من دير ياسين الى كامب ديفيد- يصبح أكثر ...
- -الخمس العجاف السمان- للكاتب عفيف سالم
- من اين تجيء السعادة؟
- عن -المبدعون والثرثارون- للأديب د. جميل الدويهي من كتابه الف ...
- السخرية المغلّفة في قصة راوية بربارة -محاولة إقناع-
- ملاحظات ثقافية: مفاهيمنا للنقد بعيدة عن جوهر الثقافة
- جانيت لم تعد مجنونة
- ازمة اليسار هي ازمة استيعاب التحولات العميقة بعالمنا المعاصر
- نبذة عن كتابي -عرب جيدون- و-جنود الظلال- تاليف: هيلل كوهن
- فلسفة مبسطة: فكر الشعب المميز جلب الكوارث لنفسه وللإنسانية
- فلسفة مبسطة: راتسيوناليزم
- جولة شعرية مع الشاعر د.فهد أبو خضرة
- مسرحية: -الملح الفاسد-
- الدخان بلا نار سياسة إسرائيلية بامتياز
- صفات الشعوب
- 8 آذار يوم المرأة العالمي: رؤية متشائمة لمكانة المرأة العربي ...
- ملاحظات: فكر الحداثة وتسخيره لثقافة ماضوية
- البتول...!! (قصص من الأدب الساخر)


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - في ذكري رحيل الأديب والمحاضر الجامعي د. حبيب بولس