أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل من علاقة بين التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين المنهجية الديمقراطية ؟















المزيد.....



هل من علاقة بين التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين المنهجية الديمقراطية ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6609 - 2020 / 7 / 3 - 20:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أكيد انّ المغرب هو بلد الاستثناءات في كل شيء ، حتى في الإلتفاف على طريقة استعمال ، وتوظيف المصطلحات ذات المعنى الواحد في كل الدول الديمقراطية ، الاّ في المغرب فهي تأخذ لها معاني مختلفة عن المعاني الكونية ، حتى تستجيب كتبرير يدافع بتشويه معنى المصطلحات الحقيقي ، عن انخراطه الغير مشروط في الدولة المخزنية الفريدة من نوعها في العالم .
ان مناسبة التأكيد على هذه الحقيقية الملتصقة بطبيعة النظام السياسي المخزني ، هي ما درجت ( النخبة ) السياسية ، وتجار السياسة ، والباحثون عن الإثارة ، والمُهرولون ، يستعملونه من مصطلحات ، من جهة لنشر التحريف بطريقة تخلط الفهم في ذهن المخاطب والمتلقي ، خاصة من طينة المُصاب بحوْليْ العينين او القصير النظر في فهم المعنى المنطوق بين الاسطر ، ومن جهة لتأكيد الإخلاص والوفاء بطرق مفضوحة ، تنطق بقمة التواطؤ بين مروجي ومستعملي هذه المصطلحات ، وبين مبايعتهم للنظام بطرق لا علاقة لها بالهدف المتوخى من استعمال هذه المصطلحات ، التي لا يحقها الاّ من يزن المفردات ، والعبارات السياسية ، ويضعها في اطارها الصحيح الذي يجب ان تشغله في الحقل السياسي المغربي ، سواء من جانب المعرفة بحقيقة المصطلحات السياسية ، او من حيث الهدف الذي تتوخى تبريره للوصول اليه ، باسم شعارات تتناقض مع المشروع الذي دأبوا يروجون له كتنظيمات سياسية منغمسة في الطقوس المخزنية حتى النخاع ..
إن اول تساؤل يحق لكل مهتم بالشأن العام ان يطرحه ، خاصة بعد النهاية التي وصل اليها أصحاب ومستعملي هذه المصطلحات ، للتضبيب ، ولخلط الفهم ، وتشويه الإدراك ، وحتى الحسّ السياسي الناقص ، هو : هل هناك من علاقة جدلية تناقضية بين مصطلح التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين مصطلح المنهجية الديمقراطية ، او ان كل منهما هو مكمل للآخر ، ما دام ان هدف ومشروع مبتكري هاذان المصطلحين ، قد تعرى وافتضح بما وصلت اليه المكونات السياسية ، التي استعملت المصطلحين لعنونة مشروع ، لا علاقة له بالبعد الحقيقي ، لمدلول التناوب الديمقراطي ، ولمدلول المنهجية الديمقراطية ..
انّ منْ لم يدقق جيدا في طريقة وكيفية استعمال هذه المصطلحات السياسية ، سيفقد بوصلة فهم المغزى الحقيقي الذي يرمي شرعنته الواقفون وراء هذه العبارات . لان البعض قد يعتقد وعن سذاجة ، ان المقصود بالتناوب الديمقراطي ، هو نظام الملكية البرلمانية ، كما انّ هذا البعض و للأسف هم الأكثرية ، قد يعتقد ويفهم ان المقصود بالمنهجية الديمقراطية ، هو البرنامج الحزبي الذي يكون الحزب قد خاض من اجله غمار الحملة الانتخابية ، وإنّ فوز الحزب في الانتخابات ، يعني تطبيق برنامج الحزب ..
ان كل هذا الفهم المشوه ، والناقص لفهم حقيقة طبيعة الأشياء ، لا علاقة له أصلا بالهدف المتوخى من المصطلحين ، هذا في النظام المغربي المخزني ، فالقول بالتناوب الديمقراطي في الحالة المغربية ، لا علاقه له أصلا بالملكية البرلمانية ، لان القول بالتناوب الديمقراطي ، يفرض أولا وجود نظام ديمقراطي يبني كل مؤسسات الدولة على أساس الدستور الديمقراطي ، وهذا غير موجود اطلاقا في حالة النظام المخزنلوجي السلطوي الذي يحتكم الى الأعراف والاساطير ، ولا يحتكم الى القانون رغم انه قانونه ، ويفرض من جهة أخرى ، وعي الشعب بالقضية الأساسية التي يجب ان ينخرط فيها بكل قوة ، التي هي قضية الديمقراطية المفقودة ..
كما ان الحديث عن المنهجية الديمقراطية ، من المفروض ان يكون القصد منه ، هو البرنامج الحزبي الذي سيتبارى ، و يتنافس مع البرامج الحزبية الأخرى في الانتخابات التشريعية ، وطبعا فان الحزب الفائز ، او الكتلة التي فازت ، هي من سيطبق برنامجه الانتخابي الذي سوّق له في الحملة الانتخابية ..
لكن السؤال وليس التساؤل ، وفي الحالة المغربية : هل حقا انّ المقصود بالتناوب الديمقراطي ، هو تناوب البرامج الحزبية التي دخلت على أساسها الأحزاب الانتخابات ، وهل المقصود بالمنهجية الديمقراطية ، هو ان ينتقل الحكم مباشرة الى الحزب ، او الأحزاب المتقاربة في البرامج الانتخابية ، مع الاحتفاظ بحق الأقلية المشروع في ممارسة المعارضة الدستورية من خارج ، ومن دخل مؤسسات الدولة ..
ان هذه الفرضيات بالنسبة للحالة المغربية ، والتي تشكل القاعدة الرئيسية للديمقراطية في الدول الغربية ، لا علاقة لها بما يجري في الواقع ، ولا علاقة لها بالديمقراطية المخزنولوجية ، السلطوية ، المتعارضة كليا مع الديمقراطية الكونية .
فالقول بوصف النظام السياسي بدمقرطة المؤسسات السياسية ، ومنها التعايش في الدولة الديمقراطية ، فقط لمجرد استعمال مصطلح التناوب الديمقراطي ، هو تحريف مقصود لطبيعة النظام السياسي المغربي ، وهو محاولة / مؤامرة تضليلية لتجميل شيء ليس بجميل ، لأنه يفتقد محاسن واوصاف الجمال الديمقراطي المتعارف عليها دوليا ..
إذن فلنستفيض في الشرح علّ الفكرة تصل الى المعنيين بالخطاب ، وليس الى هُمَزةٍ لُمَزةٍ .
1 ) التناوب / الانتقال الديمقراطي : اسْتُعْمِل هذا المصطلح اول مرة ، واشتط كثيرا في استعماله خلال الفترة التي عيّن فيها الحسن الثاني ، عبدالرحمان اليوسفي وزيرا أولا ...
فهل كان الهدف المتوخى من تعيين عبدالرحمان اليوسفي ، من حزب الاتحاد الاشتراكي وزيرا أولا ، بداية التّأصيل لما اطلقوا عليه بالتناوب / الانتقال الديمقراطي بعد اعفاء اليوسفي من تشكيل الحكومة الثانية ؟ .
عندما عيّن الحسن الثاني عبدالرحمان اليوسفي وزيرا أولا ، وليس رئيسا للوزراء ، لم يكن الهدف من وراء التعيين ، التأصيل للتداول على السلطة ، فأحرى التداول على الحكم ، بل ان تعيين الحسن الثاني لليوسفي ، كان بهدف انجاز مهمة استراتيجية خطيرة ، هو وحده كان مؤهلا لها دون غيره ، هي ضمان تمرير انتقال المُلْكِ من ملك مهدد بتوديع الدنيا ، الى ملك آخر مقدراته ليست هي مقدرات والده السياسية والتجاربية ...
وطبعا ان ما يؤكد هذه الحقيقة ، انّ الحكومة التي كان اليوسفي وزيرها الأول ، وليس برئيس حكومتها ، تشكلت من أحزاب كان حزب اليوسفي الاتحاد الاشتراكي يصفها ، بأحزاب الإدارة التي انشأتها وزارة الداخلية في أوقات مختلفة ، كالاتحاد الدستوري مثلا ، وأحزاب انشأها القصر وليس وزارة الداخلية ، كالحركة الشعبية ، والتجمع الوطني للأحرار ، مثلما انشـأ جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية ( FDIC ) في ستينات القرن الماضي .
كما ضمت الحكومة وزير الدولة في الداخلية ادريس البصري ، الذي ظل يحتفظ بنفس السلطات التي كانت له قبل مجيء اليوسفي الى الحكومة ، وليس الى الحكم .
بل ان اليوسفي وفي تصريحات عديدة ، نوّه بالتعاون وبالتنسيق مع وزير الداخلية ، الذي سبق ان وصف منتفضي انتفاضة يونيو 1981 بشهداء " كُومِيرة " ، وهي الانتفاضة التي اندلعت على اثر الدعوة الى الاضراب ، الذي دعت اليه نقابة " الكنفدرالية الديمقراطية للشغل " ، وناصره حزب الاتحاد الاشتراكي بدون تردد ولا إحراج ...
لكن عندما استنفد اليوسفي المهمة التي انتدبه اليها الحسن الثاني ، وهي ضمان انتقال المُلك من ملك الى ملك ، ورغم ان الاتحاد الاشتراكي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية ، فان الملك لم يعينه وزيرا أولا ، وعين بدله ادريس جطو وزيرا أولا ..
ان هذا التعيين الصائب والمشروع ، لأنه يدخل في اختصاصات الملك ، اغضب عبدالرحمان اليوسفي واغضب حزبه ، الذي دعا الى التمسك بالتناوب الديمقراطي ، عوض العمل على اجهاضه .
فهل دعوة اليوسفي ، ودعوة حزبه ، للتمسك ولاحترام التناوب الديمقراطي ، هي دعوة صحيحة ، ودعوة مشروعة ، ودعوة دستورية ؟
بالرجوع الى الدستور الذي يُمفصل السلطات ، ويحدد دور الملك كمنفذ ، ومشرع ، وقاضي ..
وبالرجوع الى نظام امارة امير المؤمنين التي ترقى بالأمير وليس بالملك ، الى مصاف ودرجات عليا في النسق السياسي للنظام المغربي ، كنظام كمبرادوري / بتريركي / اثوقراطي / ثيوقراطي / بتريمونيالي / اقطاعي / ماضوي / تقليداني / استبدادي / طاغي / مفترس / ناهب / مهرب ثروة الشعب الى خارج المغرب / قروسطوي / حگارْ... ، وتعطيه سلطات استثنائية خارقة ، بحيث انه هو الدولة والدولة هي الملك ، فتصرف الملك بتعيين ادريس جطو بدل عبدالرحمان اليوسفي ، هو تصرف مشروع ، لأنه تَمّ ضمن القوانين الجاري بها العمل في الدولة ، وعلى راسها الدستور الذي يركز كل السلطان ، والقوة ، والجبر في يديه ، وعقد البيعة الذي يربط مباشرة الإمام والأمير بالرعية ، من دون وساطة الكنيسة ، او الأحزاب، كما هو الحال في الملكيات الاوربية ..
امّا احتجاج او غضبة اليوسفي من تعيين ادريس جطو اللاّمُنتمي ، ولم يخض المعركة الانتخابوية ، فهو احتجاج مردود عليه ، لان ما يسمى بالتناوب الديمقراطي ، غير موجود في الدستور الذي يعترف به اليوسفي كما حزبه ، ويشتغلان في ظله .
واذا كان الامر كذلك ، فاين المرجع او السند القانوني ، الذي يمكن اللجوء اليه للحكم على دعوة اليوسفي الملك ، باحترام تجربة التناوب الديمقراطي التي لم يحترمها في اعتقاده الملك ؟
ان استعمال عبدالرحمان اليوسفي لمصطلح التناوب الديمقراطي ، ليس المقصود منه احترام نتائج الانتخابات ، لتولي الاتحاد الاشتراكي الحكم ، وليس الحكومة ، لتطبيق برنامجه الانتخابي الذي على أساسه دخل غمار الانتخابات ، بل لو كان قصد اليوسفي من التناوب الحقيقي البرنامج الحزبي ، لكان عليه ان يتوجه مباشرة الى الملك ، ويدعوه الى احترام فلسفة التناوب التي أصّلها الحسن الثاني ، ولم يحترمها محمد السادس ، وهنا سأطرح ملاحظة في غاية الدقة .
هل فعلا ان تعيين الحسن الثاني لعبدالرحمان اليوسفي كوزير اول وليس رئيسا للوزراء ، يكون قد اصّل فعلا للتناوب الديمقراطي ، الغير منصوص عليه في دستور الملك ؟
وإذا كان الدستور لم يتطرق ابدا الى التناوب الديمقراطي ، او الانتقال الديمقراطي ، فكيف لعبدالرحمان اليوسفي ومنه حزبه الاتحاد الاشتراكي ، التمسك بشيء غير موجود في الدستور ، بحجة انه اضحى سابقة تحولت الى عرف ؟
واذا كان العرف كمصدر ثاني في التشريع ، لا يرقى الى درجة العرف ، اذا لم تكن تلك السابقة قد تكررت المئات من المرات ، واستأنس بها الناس ، وتوافقوا عليها ، وقبلوا بها ، حتى تصبح عرفا ، فكم مرة حصل تعيين الملك لأمثال اليوسفي كوزير اول وليس كرئيس للوزراء ، مع العلم ان التعيين حصل لمرة واحدة ، ولم يحصل لمرات عديدة ، بل الأخطر من هذا ان تعيين الحسن الثاني لعبدالرحمان اليوسفي ، لم يكن الغرض منه تنزيل برنامج حكومي آخر ، كبديل عن برنامج الملك ، لكن الحسن الثاني عندما عين اليوسفي ، فذلك لإنجاز مهمة انتقال الحكم من ملك الى ملك اخر ، واليوسفي الواعي بهذه المهمة قبلها بكل فخر واعتزاز ، لان ما يهمه هو المنصب كموظف سامي عند الملك ... إذن كيف لليوسفي ان يدعو الى الانتقال الديمقراطي ، وهو الذي جاء الى الحكومة بالتعيين وليس بالانتخاب ؟ .
لكن السؤال : هل النظام الملكي في المغرب ، هو ملكية مطلقة ، او هو ملكية برلمانية مغربية خالصة ، او هو ملكية برلمانية على النموذج الأوربي ؟
منذ اول حكومة تشكلت بعد الاستقلال ، وعلى اثر جميع الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب منذ استقلال " ايكس ليبان " ، فان جميع الحكومات المشكلة ، كانت ولا زالت حكومات الملك ، ولم تكن ابدا ولو حكومة واحدة تشكلت بحكومة رئيس الحكومة ، الذي هو عندنا في المغرب يبقى الملك الذي يتمتع لوحده بالسلطة التنفيذية .. فكيف لليوسفي ان يطلب بالانتقال الديمقراطي بعد الانتخابات ، وكيف يغضب من الملك ويحتج عليه ، والملك محمد السادس تصرف طبقا لمنطوق بنود الدستور ؟
وإذا كان المفروض من القصد الحقيقي ، والمعنى الدقيق لحمولة مصطلح حكومة التناوب الديمقراطي ، يعني الطرف الذي يحكم طبقا لمنطوق الدستور .
وإن نحن علمنا ان من يحكم في المغرب هو الملك ، ولوحده ، وكل ما عداه من برلمان ، وحكومة ، وأجهزة ، ومؤسسات ، هي في ملكه كأدوات ومعاول ، لتحقيق اغراضه ، ومن ثم فوضعهم القانوني انّهم موظفين سامين عند الملك ، يجعل منهم يُؤتمرون بأوامره ، وينفدون تعليماته المختلفة ، ويشتغلون على برنامجه اللاّانتخابي الذي لم يشارك في الانتخابات ..
وان نحن علمنا ان الملك الحسن الثاني عندما عيّن عبدالرحمان اليوسفي ، وعيّن الاتحاد الاشتراكي ، فهو عين الشخص لتنفيذ برنامج الملك ، وليس لتنفيذ برنامج الحزب الغير موجود ، أمام برنامج الملك وحده الموجود .
وعندما يكون عبدالرحمان اليوسفي راغبا ، ومتهيئا ، ومستعدا ، وهو عن بينة واختيار ، لتطبيق برنامج الملك ، وليس تطبيق برنامجه الغير موجود ، واستمراره في الاعراب عن استعداده ، ورغبته لمواصلة تطبيق برنامج الملك بعد الانتخابات التشريعية ، ورغم ذلك احترم الملك مقتضيات الدستور عندما عين مكانه ادريس جطو وزيرا أولا ...
فلماذا يغضب اليوسفي ، ويغضب حزبه عندما حرمه الملك من الوزارة الأولى لمرة ثانية ، وهو الذي دخل الحكومة في عهد الحسن الثاني بالتعيين ، وليس بالانتخاب لتطبيق برنامج الملك ، لا برنامجه الغير موجود ..
ان عبدالرحمان اليوسفي ، ومعه الاتحاد الاشتراكي حين دعا الى احترام التناوب الديمقراطي ، فالمقصود من ذلك ، ليس هو احقية تطبيق برنامج الحزب ، او برنامجه مع برامج الاحزاب التي تحالف معها ، بل ان ما يقصده عبدالرحمان اليوسفي من التناوب الديمقراطي ، هو ان يحصل له شرف تطبيق برنامج الملك كما جرى مع الحسن الثاني ، ومع محمد السادس ، وسيما وان اليوسفي المدرك بالدستور ، يعلم علم اليقين ، ان من يحكم هو الملك ، والملك وحده .. ، فسبب غضب اليوسفي ان الملك اقاله كوظف سامي من موظفي الملك الذين يشتغلون تحت إمرته ، لا استجابة لإمرة الحزب .
فغضبة اليوسفي واحتجاجه ، كان بسبب حرمانه من شرف تطبيق برنامج الملك ، وليس بسبب وضع العجلة في تطبيق برنامجه الذي سوّق له اثناء الحملة الانتخابوية ، وضرب به عرض الحائط عند الإعلان عن النتائج الانتخابوية ..
وإذا كان الانتقال الديمقراطي والتناوب الديمقراطي ، القصد منه برنامج الجهة ، او القوة التي تحكم ...
وإذا كان في المغرب شخص واحد هو من يحكم ، وبرنامجه اللاّإنتخابي الذي لم يشارك في الانتخابات هو الذي يطبق ، فهل يقصد اليوسفي بالانتقال الديمقراطي ، وبالتناوب الديمقراطي ، الحلول محل الملك الذي يحكم ، وبرنامجه الذي يطبق ، رغم ان الملك يشرف على تنظيم الانتخابات من خلال اجهزته المختلفة ، لكنه لا يشترك فيها ... فهل اليوسفي يريد الاحلال محل الملك الذي يحكم ؟ ثم كيف سيواجه برنامجه الحزبوي الانتخابوي ، برنامج آخر لم يصوت عليه احد .. ولم يشارك في الانتخابات ...
فهل عبدالرحمان اليوسفي ساذج الى هذه الدرجة ، حتى يدعو الى تحقيق ما فشل الحزب من الوصول اليه بعناوين مختلفة ، منذ ستينات القرن الماضي .. وبما فيها مشاركة الجنرال محمد افقير انقلاب الطائرة ..
ان الانتقال الديمقراطي ، يعني انتقال الحكم بالشكل الديمقراطي ، من طرف خسر الانتخابات ، الى طرف آخر ربحها . فهل ما يعنيه اليوسفي انّ فوزه في الانتخابات ، وتصدر حزبه نتائجها ولو بفرق جد بسيط ، هو دعوة الى الحلول محل الملك ، لممارسة الاختصاصات التي يعطيها الدستور الى الملك ...
وإذا كان هذا التصور بمثابة خطل العقل ، فالسؤال : هل يريد اليوسفي الوصول الى نظام الملكية البرلمانية ، من خلال توظيفه الانتخابات كحجة له لا عليه ، للوصول الى ما عجزوا من الوصول اليه منذ المؤتمر التأسيسي لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، مرورا بالمؤتمر الثاني ، وحتى حركة 3 مارس 1973 ... أي استعمال الانتخابات للسيطرة على الدولة من خلال تعديل الدستور بدستور يؤصل للدولة الجديدة ...
ان الدعوة الى الانتقال الديمقراطي الذي يفكر فيه اليوسفي ، لا علاقة له بتاتا بهذه الافتراضات والتساؤلات ، التي سيعتبرها الملك بمثابة انقلاب ابيض عليه ، يهدف الى سلبه وتجريده من سلطاته المنصوص عليها بمقتضى الدستور ... وكما قلت فالمقصود بالتناوب / الانتقال الديمقراطي ، يعني دمقرطة آليات تشكيل حكومة الملك للظفر بشرف تطبيق برنامج الملك ، لا تطبيق برنامج الأحزاب الذي يوارى التراب بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات ..
ان الحديث عن الانتقال الديمقراطي ، والتناوب الديمقراطي ، لا يصح الاّ في الدول الديمقراطية الحقيقية ، كالأنظمة الملكية البرلمانية خاصة الهولندية ، والبلجيكية ، وملكيات الدول الاسكندنافية ، وحتى الملكية الاسبانية ، والملكية البريطانية التي تحتفظ بهامش تصرف خطير للملك في مجال اعلان الحرب ، وفي مجال وحدة التراب الوطني ، وفي مجال بعض المعاهدات الاستراتيجية التي تهم كل الدولة ، وليس فقط مقاطعة من مقاطعاتها ..
اما القول بالمنهجية الديمقراطية ، وبالانتقال الديمقراطي في بلد خصوصياته خاصة ، وتختلف عن خصوصيات الأنظمة الاوربية ، ودستوره واضح حين يركز الحكم في يد الحاكم الأوحد والوحيد الذي هو الملك ، فانه لن يكون الاّ استثناء مغربيا ، من جهة يشوه عن قصد معاني المصطلحات حين يستعملها في غير المعنى الحقيقي لها ، ومن جهة لإيجاد تبرير يشرعن تناغم كل الأحزاب والمكونات السياسية ، مع الخصوصية التي تطبع الدولة المخزنية ، لأنها ولوحدها دولة فريدة في العالم ..
لذا سنجد ان منذ تشكيل اول حكومة كان وزيرها مبارك البكاي لهبيل ، الى الحكومة التي كان وزيرها عبدالله إبراهيم ، الى كل الحكومات التي تشكلت الى اليوم ، فان جميع الأحزاب التي شاركت فيها ، كانت تعلم علم اليقين ، ان دورها لن يتعدى تنفيد برنامج الملك ، والاشتغال ضمن فريقه كموظفين سامين ، وهي القناعة التي كانت راسخة عند اليوسفي ، حتى قبل ان يتفضل الحسن الثاني ويعينه موظف سامي اول / وزيرا أولا ، وليس رئيسا للجهاز التنفيذي الذي رئيسه الأول والمباشر يبقى الملك ...
2 ) المنهجية الديمقراطية : إذا كان مصطلح الانتقال الديمقراطي ، والتناوب الديمقراطي ، قد بزغ بالشكل المشوه مع اعفاء عبدالرحمان اليوسفي كموظف سامي / وزير اول ، من فريق الملك ، وعيّن بدله ادريس جطو الغير منتمي سياسيا ، ولم يشارك في الانتخابات ، وكانت إهانة لليوسفي ، وإهانة لحزبه ، فان مصطلح المنهجية الديمقراطية يعود الى فترة المؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في يناير 1975 .
ما يجهله العديد من المتتبعين للشأن الحزبي المغربي ، ان الدعوة الى عقد المؤتمر الاستثنائي ، لم تأتي بغتة ، او كانت دعوة صدفة ، بل ان انعقاد المؤتمر تحكمت فيه ظروف لم يكن يعلمها الاّ القلة القليلة التي كانت مرتبطة بالشأن العام .
فمن كان وراء انعقاد المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ، ومن كان وراء تسمية جناح الرباط لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ؟ ..
قبل المؤتمر ، كانت هناك قرارات يوليوز 1972 التي مهدت ليناير 1975 ، لكن كانت هناك ظروف استثنائية اثرت على الجو السياسي الذي خيم على المغرب منذ بداية السبعينات .
من جهة كان هناك انقلابان عسكريان ، انقلاب الصخيرات في سنة 1971 ، وانقلاب الطائرة التي شارك فيه الجناح الثوري للحزب مع الجنرال محمد افقير في سنة 1972 ، ومن جهة كانت هناك الاحداث المسلحة لحركة 3 مارس 1973 التي دخلت عناصر الكومندو من الجزائر ، التي كانوا يتمركزون فيها كمعارضة مسلحة ، ومن جهة اختطاف الضباط ، وضباط الصف ، والجنود الذين شاركوا في الانقلابين من السجن المركزي بالقنيطرة ، الى السجن الرهيب تزمامارت في سنة 1973 ، ومن جهة كانت هناك إضرابات التلاميذ والطلاب منذ 1970 ، والمؤتمر الخامس عشر للمنظمة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في غشت 1972 ، الذي سيطرت فيه على القيادة ، جبهة الطلبة التقدميين الماركسيين ، واعقب هذه الإضرابات منع نشاط المنظمة الطلابية في 24 يناير سنة 1973 ، ثم كانت هناك الاعتقالات والمحاكمات السياسية المختلفة لليساريين ، وحتى للإسلاميين ابتداء من سنة 1977 ... الخ
في خضم كل هذه الاحداث المتعاقبة التي حصلت في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي ، كان النظام يبحث له عن مخرج ينجيه من السقوط ، لان رأسه كان مطلوبا ، فكان ما اقدم عليه ، هو استعمال قضية الصحراء لخلق جبهة وطنية من وراءه ، وتبعد خطر اسقاطه .
في هذا المضمار سيقف الحسن الثاني وراء الدعوة للمؤتمر الوطني الاستثنائي في يناير 1975 ، كما يرجع له الفضل في اقتراح اسم الحزب الجديد لفرع الرباط ، الذي هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية .. حيث ان العديد من قيادته واطره موالين للملك ، وعلى راسهم عبدالرحيم بوعبيد ، وعبدالواحد الراضي ، وفتح الله ولعلو ، والحبيب الملكي .... وهنا نذكر بان الحسن الثاني هو من اقترح على عبدالرحيم بوعبيد ، تعيين كل من عبدالواحد الراضي ، وفتح الله ولعلو في المكتب السياسي في المؤتمر الخامس للحزب ، كما ان العديد من الكتاب الإقليميين بالمدن الكبرى ، عينتهم وزارة الداخلية .. فالحزب كان بامتياز حزب الملك بدون منازع ..
من المفارقات الغريبة للمؤتمر الاستثنائي ، انه سقط في تناقض عندما دعا الى الملكية البرلمانية ، وفي نفس الوقت تبنى الماركسية كمنهجية في التحليل ، وأعطى تفسيرا ناقصا ومشوها للماركسية ، سيقوم احمد بنجلون من بعد بانتقاده وبتصحيحه .
ان القيادة التي انبثقت عن المؤتمر الاستثنائي ، كانت موزعة بين مجموعة لها ارتباط مباشر بالقصر الملكي ، ومجموعة كان لها ارتباط بوزير الداخلية ادريس البصري ، ومجموعة ثالثة تتكون من المناضلين الذين ظلوا مخلصين لكل تاريخ الحزب ..
المؤتمر الاستثنائي كان تصفية حسابات سياسية مع جناح المقاومة المتورط في الاحداث المسلحة في 3 مارس 1973 ، وقبلها الاحداث المسلحة في 16 يوليوز 1963 ، والمتورط في انقلاب الطائرة مع الجنرال محمد افقير في سنة 1972 .. كما كان قطيعة مع تاريخ وماضي الاتحاد الراديكالي ، الذي عبر عنهما تاريخ المؤتمر التأسيسي الأول ، والمؤتمر الثاني ، وتصريحات وخطابات القيادة الثورية ، وعلى رأسها المهدي بن بركة ، والفقيه محمد البصري ، وعبدالفتاح سباطة ، مومن الديوري ، عبدالسلام الجبلي ... لخ
امام هذا التضارب والتناقض على مستوى المكتب السياسي ، وعلى مستوى الكتابات الإقليمية ، والكتابة الوطنية التي مثلت المعارضة ، سيضغط وسينجح الموالون للملك ، وبأمر الملك ، من اختزال مطلب الملكية البرلمانية ، في مطلب ما سيعرف من بعد ، بالمنهجية الديمقراطية ، تلك المنهجية التي ستكون سبب احداث 8 مايو 1983 ، التي انتهت بإبعاد المناضلين الحقيقيين للاتحاد ، الذين منهم من كان لا يزال يحمل هم الاختيار الثوري ، وعلى رأسهم المناضل فجري الهاشمي شفاه الله ، ومنهم من كان يدعو الى التقيد بالتقرير الأيديولوجي ، والبيان السياسي للمؤتمر الاستثنائي في حدوده الدنيا ، التي هي الملكية البرلمانية ...
إذن ماذا تعني المنهجية الديمقراطية ، في مخطط مبتكريها وصانعيها ، بالتوافق مع الملك الحسن الثاني الذي كان يراهن على دور الحزب ، باسم الاشتراكية المفترى عليها ، في لعب دور مُحنّط ، ومضبوط ، ومُتحكم فيه في ملف قضية الصحراء ؟
ان مصطلح المنهجية الديمقراطية التي ابتكرها الجناح اليميني للمكتب السياسي التابع للملك ، هو الالتفاف على مطلب الملكية البرلمانية التي دعا اليها المؤتمر الاستثنائي ، واختزال بشكل مشوه الملكية البرلمانية ، و بالخصوصية المغربية ، وليس الملكية البرلمانية الاوربية ، في مطلب مصطلح المنهجية الديمقراطية ..
فهل مصطلح المنهجية الديمقراطية هو نفسه معنى الملكية البرلمانية ؟
وهل من علاقة جدلية تربط بين المعنى الحقيقي للمصطلحين ؟ .
ان استبدال الملكية البرلمانية ذات الخصوصية المغربية ، بالمنهجية الديمقراطية ، كانت إرضاء للحسن الثاني الذي كان يرفض ، ويكره سماع شيء يسمى بالملكية البرلمانية ، ونتذكر هنا محاكمة نوبير الاموي ، ومن جهة كان نوعا من الديماغوجية المضبب للمفاهيم ، وتحريف المعنى الحقيقي للمصطلحات ، ومن جهة حتى يستمروا في لعب دورهم المدسوس المتماهي مع النظام ، ومع شخص الملك الذي كانت له عيون ثاقبة تراقب وبالثانية والدقيقة ، كل ما يجري بالاتحاد من أمور صغيرة او كبيرة ، فكان الحسن الثاني ومن خلال لوبِيَه المسيطر على قيادة الحزب ، ومن خلال الكتابات الوطنية العديدة بالمدن الكبرى المرتبطين بوزارة الداخلية ، هو الرئيس الفعلي للاتحاد الاشتراكي ، وهو زعيمه الأول الذي يسيره من خلال عملاءه ، كيفما أراد ، وكيفما رغب .. بل ان ميدان تخصص الحسن الثاني ، كان هو ميدان الأحزاب السياسية التي كان يوظفها التوظيف الحكيم ، لخدمة الديمقراطية الحسنية ، وخدمة مصالحه التي كانت لا تُعد ولا تُحصى .. ان الاجتماعات التي كان يعقدها المكتب السياسي للحزب بمقره بأگدال ، رغم انها كانت تنعقد في جلسة مغلقة ، وتستمر الى الثالثة صباحا ، فعند فض الاجتماع ، وقبل ان يصل المجتمعون الى مقرات سكناهم ، كان هناك تقرير مفصل عن الاجتماع ، يصل في الحين الى مصلحة المستندات بوزارة الداخلية لتحليله ودراسته ، وتبعث في الحين بتقرير مفصل للتقرير الوارد على المصلحة الى الملك شخصيا ، الذي كان بدوره ينتظر بشغف ما حصل ... والمعروف عن الحسن الثاني انه كان يشتغل حتى خمسة عشر ساعة ، خاصة بالليل يوميا ..
هكذا ستنتشر انتشار النار في الجحيم ، مصطلحات المنهجية الديمقراطية ، التي لم تكن تعني دورة التناوب على الحكم ، ولم تكن تعني البرنامج الانتخابي للحزب ، او للأحزاب التي فازت في الانتخابات ، لكنها كانت تعني ، أي المنهجية الديمقراطية ، احترام الآليات الانتخابية عند تشكيل الحكومة ، بإسنادها لأفراد واشخاص الأحزاب التي فازت في الانتخابات ، التي هي انتخابات الملك ، بمسؤولية تنفيذ برنامج الملك اللاّإنتخابي الغير مشارك في الانتخابات ، واقبار البرامج الانتخابوية الحزبوية للأحزاب التي سوقت لها اثناء خوضها الحملة الانتخابوية ...
فالمنهجية الديمقراطية هي دعوة صراع بين جميع الأحزاب ، على المناصب السامية ( وزراء ) ، كموظفين سامين عند الملك الذي هو الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي ، وهو رئيس المجلس الوزاري الذي يتخذ القرارات المختلفة ، ولا يرأس مجلس الحكومة الذي يراسه الوزير الأول ، الذي لا يملك سلطات تقريرية ، فهي بذلك لا تعني الانتقال الديمقراطي ، كما لا تعني التناوب الديمقراطي ، لأنه في حالة النظام السياسي المغربي الذي يتركز في شخص الملك ، لا يمكن الحديث عن انتقال ديمقراطي للسلطات ، او تناوب لهذه السلطات ، ما دام ان الملك الذي ينظم الانتخابات لا يشارك فيها ، وما دام ان برنامجه الذي يطبق لم يخضع لتصويت الناخبين عليه ، الذين صوتوا على برامج الأحزاب التي شاركت في الحملة الانتخابية ، وأصبحت تشتغل على برنامج الملك المُنزّل من فوق ..
ان مكمن هذه الإشكالية ، التي تجعل كل الأحزاب تتسابق للظفر بشرف تطبيق برنامج الملك ، الذي لم يشترك في الانتخابات ، هو السلاح الضارب الذي يعطي للملك المهابة ، والسلطان ، والقوة ، والجبر ، والجاه ، المستمد من الدين ، ومن امارة امير المؤمنين ، التي تعلو العلو الشاهق فوق الدستور، رغم انه دستور الملك ... فيكفي عند الدعوة الى الملكية البرلمانية ذات الخصوصية المغربية ، فأول شيء يطفو الى السطح ، هو الاعتراف للملك كأمير ، بالسلطة الدينية التي تعطيه سلطات استثنائية خارقة ، تسمو به فوق كل الدولة .. فالاعتراف للملك بالسلطة الدينية ، هو اعتراف مباشر بالملكية المطلقة التي لا علاقة لها بالملكية البرلمانية الاوربية ...
وكل الأحزاب المدركة بهذه الحقيقة والمقتنعة بها ، ورغم ذلك تواصل السبق للمشاركة في الحكومة ، فهي بذلك تقبل وعن بينة واختيار ، ان تشتغل تحت سلطة الملك المباشرة ، وان تؤدي دور المعول والآلة في تطبيق برنامج الملك ، الذي وحده يطبق منذ اول حكومة تشكلت في المغرب ...
إذن هل هناك من علاقة جدلية بين مصطلح الانتقال الديمقراطي ، والتناوب الديمقراطي ، الذي اشتط في تداوله منذ اعفاء اليوسفي كموظف سامي من فريق الموظفين السامين الذين يشتغلون على برنامج الملك المُنزّل من فوق ، وبين مصطلح ومعنى المنهجية الديمقراطية التي لا علاقة لها اطلاقا بالملكية البرلمانية ، ولا علاقة لها بالانتقال الديمقراطي ، والتناوب الديمقراطي ، كما يجري به العمل في الدول الديمقراطية الغربية ...
وإذا كانت الانتقال الديمقراطي ، والتناوب الديمقراطي ، يفرضان تبادل تربع الأحزاب على الحكم ، ويفرضان حلول البرامج الانتخابية للأحزاب التي فازت في الانتخابات ، محل البرامج الانتخابية للأحزاب التي خسرت الانتخابات ، فهل استعمال عبدالرحمان اليوسفي ومعه الحزب لمصطلح ، الانتقال الديمقراطي ، والتناوب الديمقراطي ، الغير موجودان في الدستور، والتي لا تعترف بهما سلطة الإمارة ، والإمامة ، الغرض منهما الحلول المباشر محل الملك في ممارسة السلطات التي يعطيها إياه دستوره الممنوح ، ويعطيها إياه عقد البيعة الذي يجعل العلاقة بين الأمير والامام مباشرة ، ولا تمر عن طريق وساطة كنيسة او وساطة أحزاب ...
ان استعمال اليوسفي ، ومعه الاتحاد الاشتراكي ، لمصطلح المنهجية الديمقراطية ، التي تعني التناوب كمِعْول ، وكآلية ، وأداة ، هو تبرير لفهم اليوسفي ومن معه ، لمفهوم مصطلح الانتقال الديمقراطي ، ومصطلح التناوب الديمقراطي ، والذي يعني تمكين الحزب الذي سيفوز بالانتخابات ، بان يحظى بشرف تطبيق برنامج الملك الذي لم يصوت عليه الناخبون ، رغم ان الملك لا يشارك في الانتخابات التي تسيرها وتوجهها اجهزته المختلفة ..
ومن هنا يأتي الاستثناء المغربي في كل شيء ، حتى في استعمال وفهم المصطلحات السياسية المختلفة والمتنوعة ، فهماً مغربيا سلطانيا ، لا علاقة له البتة بالمعنى الحقيقي لهذه المصطلحات في الدول الديمقراطية الحقيقية ..
ان هذا الفهم المغلوط للمصطلحات ، وهو فهم مقصود لتضبيب الوضع ، هو نفسه الفهم المشوه للسيدة نبيلة منيب ، ومعها أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي ، عندما يدعون الى المشاركة المكثفة في الانتخابات التي سيتحولون فيها بفضل الدستور ، وبفضل عقد البيعة ، الى مجرد معاول ، وأدوات ، وآلات ، ينفدون وعن بينة واختيار ، برنامج الملك الذي لم يشترك في الانتخابات ، ولم يصوت عليه الناخبون ولا الكتلة الناخبة . فهم بهذه الحماسة التي قل نظيرها ، يقبلون ومستعدين للاشتغال كموظفين سامين عند الملك من اجل تطبيق برنامجه الوطني ، واقبار البرنامج الانتخابوي الحزبوي الذي تقدموا على أساسه الى الانتخابات ...
ان مصطلح المنهجية الديمقراطية ، هو التعبير الصريح عن الانتقال والتناوب الديمقراطي ، لآليات وأدوات تنفيذ برنامج الملك ، ومن ثم يكون المعنى من مصطلح المنهجية الديمقراطية ، انْ يتكمن ديمقراطيا الحزب الذي فاز وتصدر قائمة الأصوات ، من الظفر بالوزارة الأولى ، ليحصل له شرف تنفيذ برنامج الملك .. فالصراع الحزبي هو من اجل المناصب السامية ، وليس من اجل البرامج الحزبية ..
فهل من تناقض وانبطاح اكبر من هذا ؟ وهل من كذب ونفاق اكبر من هذا ؟ وهل من مؤامرة مدبرة ومحبوكة ضد الشعب المغربي ، اكثر من هذا ؟
النظام الملكي انتصر انتصارا ساحقا على الجميع ... فربح رهان الممثل الحقيقي للرعايا في حدود 90 0/0 .
الجميع ومن دون استثناء ، وبما فيهم جميع الأحزاب يرفعون الشعار الخالد : عااااااااااااااش سيدنا ..



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواة سوق الوهِم ، سوق الانتخابات
- حملة مسعورة قريْشية ، سعودية ، إماراتية ، ضد شعوب شمال افريق ...
- الحلف الاطلسي - ( الناتو )
- تهديد مصر بالحرب
- الدعوة لإستقالة الوزير مصطفى الرميد
- دعوة الى مغادرة المغرب
- المغرب / فرنسا
- مصر تطرق ابواب مجلس الأن ، بعد فشل مفاوضات سد النهضة
- إنتخابات الملك ، لإنتاج برلمان الملك ، ومنه تشكل حكومة الملك ...
- قراءة سريعة لنتائج الاقتراع السري بالجمعية العامة للأمم المت ...
- جبهة البوليساريو تفتري على البرلمان الاوربي
- العقلية الانقلابية
- حكومة تكنوقراط ، حكومة وحدة وطنية
- من يحكم ؟
- هل يتدارك ملك المغرب ما تبقى من الوقت الضائع .....
- شكرا الوحش كورونا
- المحكمة العليا الاسبانية
- حصار قطر / حين يدعو المتورط في قتل الفلسطيني المبحوح ، ضاحي ...
- تنافس أم صراع بين الجهاز البوليسي الفاشي ، وبين الجهاز السلط ...
- صفات الملك الحميدة / الاستثناء


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل من علاقة بين التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين المنهجية الديمقراطية ؟