أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزان الحسيني - الثقافة وظاهرة الاستثقاف الشائعة














المزيد.....

الثقافة وظاهرة الاستثقاف الشائعة


رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.


الحوار المتمدن-العدد: 6608 - 2020 / 7 / 2 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


قرّرتُ أن أصير مثقّفًا، باكرًا في الصباح أجلس على شرفة المنزل المطلّة على مزرعة خضراء، فأجلس عند طاولةٍ منفردة عليها فنجانًا من القهوة و كأسًا من الماء البارد، وصحيفة يوميّة، ونظّارةً كبيرة العدسات، ومتكّة للسجائر الممتلئة، و يا حبّذا لو كانت " فيروز " حاضرة ..بهذه الكلمات للمدون خالد مطر افتتح مقالي الاسبوعي عن ظاهرة الاستثقاف التي تأخذ صداها الواسع في الوقت الحالي.
إن مصطلح الثقافة هو مصطلح ذو مفهوم مفتوح ولا يقتصر على معايير او صفات محددة لذلك فإن مفهومها في الوقت الحالي قد خضع لعمليات قولبة وتأطير لصفات معينة تحتكرُ داخلها من يجب ان يحمل صفة االمثقف ولا تشمل من يقع خارج ذلك الإطار, فالمثقف ليس من يحمل شهادة جامعية معينة او من يرتاد المنتديات الادبية ومن يقرأ عددا لا متناهيا من الكتب, يشمل مفهوم الثقافة تصرفات وطبيعة حياة محددة يعيش خلالها المثقف كطائر خرج عن السرب, ولا اعني بذلك ان يبطش برأيه وينتقد جميع الظواهر الاجتماعية سلبية كانت ام ايجابية فقط لجلب الإنتباه, بل لمحاولة تغيير المفاهيم الخاطئة والمطروقة الى درجة تستلزم نقدها وتصحيحها, بالتالي النهوض بالمجتمع والذوق والرأي العام وتعلم الاحترام والتعايش والحب.
مما لا غبار عليه ان الثقافة تستلزم قراءة الكتب في الواقع, اذ ان القراءة هي السبيل الاساسي لتجديد الافكار وتصحيحها, لكنه ليس الوحيد حيث يحتاج الباحث والساعي الى المعرفة ان يناقش ويسأل ويشعر بضئالة وجوده في هذا العالم الواسع وقلة خبرته بالتالي العطش الدائم لإن يقرأ اكثر ويتواضع وان يكون لين الخلق والمعشر,يتعلم اكثر, يسأل ويناقش اكثر لتكوين رأيه الخاص , اقول يناقش ولا اعني بذلك يجادل, فالمغالطات المنطقية اصبحت شائعة جدا.
ان حقائق السيرة الذاتية للاشخاص الاكثر نجاحا في جميع المجالات سواء في الادب ام في العلم, تؤكد إنهم كانوا لا يمتلكون الثقة في نتاجاتهم الأدبية او العلمية, وواجهوا الكثير من اللاثقة والصعوبة في ان يطرحوا اعمالهم الى العلن, إذ كانوا لا يزالون يشعرون بإنهم ناقصي خبرة وموهبة في هذا البحر الواسع من المعرفة, فانشغلوا بالدأب على تطوير انفسهم وايجاد ذواتهم في المجال المطلوب فانتجوا لنا اعمالا سُجلت بالتاريخ واحدثت تغييرا يُشاد به, في المجتمع والعالم.
لذا فأن الفرد كاتبا كان ام ناقدا ادبيا ام شاعرا ام عالما..الخ, حين يُحيط نفسه بهالة لا يستحقها من المدح والايشاد بكونه مثقف او متمرس بما يطرحه من محتوى من قبل محيطه او مجتمعه او نفسه حتى, غالبا ما تؤدي الى الركود العقلي الذي ينغلق على الرؤية السطحية للامور الناتجة عن التكبر والاحساس بالفوقية والافضلية, فلا نرى منهم دورهم المطلوب كأفراد في المجتمع او حتى ما يحملونه من لقب بالتالي ركود المجتمع اذا ما تفشت هذه الظاهرة.
حيث ان العديد من افراد المجتمع "وأعني بذلك المجتمع العراقي" ينظر الى المثقف هو ذلك الفرد الذي يقتني الكتب ويلتقط لها العديد من الصور الى جانب كوب قهوة سادة, وبغض النظر عن محتوى ذلك الكتاب اذا ما كان فاشلا ام ناجحا, هادفا ام سطحيا, ثم ينشر بعد ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي نقدا غالبا ما يكون نقدا هداما وليس بناءا انطلاقا من مبدأ "خالف تعرف" وتراه ينتقد السائد مجتمعيا بغض النظر ايضا عن صلاحية ذلك السائد ام لا, فالغرض مثبت علميا ما هو إلا لتعويض نقصا حاصلا في النفس والشخصية,إذ يلجئ المستثقف عادة الى القيام بالعديد من الامور المبتذلة ليُري الاخرين بأنه مثقف, هذا الى جانب الحديث المتكرر عن النفس وعدد الكتب الذي قرأها والتواجد المستمر في شارع المتنبي, وأن افضل انواع القهوة هي قهوة رضا علوان.
ان استخدامنا لمصطلحات مهمة كالدوغمائية والسفسطة والليبرالية والعلمانية توهم المقابل البسيط بأن المتحدث مثقف جدا ولا يقوى على النزال بالحديث معه, لكنها لا تجعل منا مثقفين حقا, وإن اقتنائنا لكتب مجوفة كبعض كتب التنمية البشرية وكتب "المجلات" والاقتباسات والاكثار منها تزيد من الغشاوة التي نغلف بها عقولنا فلا نقوى على إبصار الحقيقة مرة اخرى, على الرغم من إننا سنبدو مثقفين حينها, كما إننا حين نقوم بتقليد الاخرين او إتباع الذوق الشائع كاللوحة المعينة والرسام المعين والشاعر المعين لن نبدو سوى مغفلين,فهناك شعراء غير نزار قباني ومحمود درويش ورسامون غير فان كوخ, ومغنون غير فرانك سيناترا وكتب غير كتب التنمية البشرية والروايات العاطفية المنمقة والتجارية.
ظاهرة الاستثقاف وشيوع الامور السطحية والمظاهر الاستثقافية تستحق الوقوف عندها ومناقشتها للحد من مظاهرها وتحسين الرأي العام, اذ لا يوجد مجتمع قام ونمى على اساس ضعيف, الا اللهم ان يأتي جيل جديد يغير المفاهيم السائدة ويقف عندها بقوة, وهو ما يتطلب دهرا تقوم به أمم وتندحر به اخرى, هذا بالاضافة الى إن العديد من الامور تؤخذ على محمل المظهر الخارجي اكثر من المحتوى الداخلي ولا يقتصر الامر على هذه الظاهرة فحسب.
نحتاج مفاهيم جديدة توقظ بداخلنا الرغبة في التطور والتعلم وتقبل الرأي الاخر واحترامه وتزيل عن عقولنا وابصارنا غشاوة المظهر والسطحية, أن نفهم من خلالها بأن اقتنائنا لنوعية الكتب اهم من كميتها, وأن نتعلم خيرا من ان نبدو كالمثقفين لكننا بأول نزال تنهار هالتنا المحيطة بنا ويظهر جوفنا العاري من المفاهيم والمبادئ الصحيحة فنلجئ الى الانكار والتهجم, نحتاج ثقافة تؤدي بنا الى السلام والحرية والحب والتعايش.



#رزان_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزان الحسيني - الثقافة وظاهرة الاستثقاف الشائعة