أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - بنية القصيدة في -فوضى وضياع-/ -خرابيش- وجيه مسعود















المزيد.....

بنية القصيدة في -فوضى وضياع-/ -خرابيش- وجيه مسعود


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6608 - 2020 / 7 / 2 - 00:10
المحور: الادب والفن
    


بنية القصيدة في
"فوضى وضياع"/ "خرابيش"
وجيه مسعود
يضع وجيه مسعود في "خرابيش" لنفسه خط أدبي خاص به، فهو في كل مرة من "خرابيش" يقدم ما هو جديد وجميل وممتع، فهو يضع في كل قصيدة شيء من ذاته، وكأنه يحيي ذاكرته بحملها الثقيل، فمن خلال ما يكتبه من قصائد نعرف طبيعة الحياة التي عاشها، والتي نجد فيها ألم وقسوة، وهذا يظهر بأكثر من صورة، منها المباشر ومنها غير المباشر، في "فوضى وضياع" يقدم لنا الشاعر قسوة الحياة من خلال طريقة تقديم القصيدة، والتي تتشكل من ثمانية مقاطع، في اربع مقاطع يتلاعب بالألفاظ، ويعبث بالكلمات، وكأنه يعبر عما فيه من ألم من خلال هذه لعبة الكلمات والعبث بها:
"جح جحا وجحى
وعلق مثل الحلاج لما قيل : ذا حجا
--------"



دون شك يرى القارئ كلمات مبعثرة لا يعرف لها معنى ولا يجد جامع بينها، لكنه يعرف أن هناك دافع/سبب وراء هذا الشكل من الكلمات، فتكرار حروف الحاء والجيم والألف يتكرر في الكلمات وهو الجامع لها، فهلل أراد به ان يشير إلى "جحا، جحش"؟، أي الهبل الواعي، أم الغباء، أم كلاهما؟، وهذا يدفعنا إلى الغوص أكثر في هذا العبث لنعرف ما هيته:
"هل هلال البهلول, قيل اهتدى
لهله , نهنه , هناك , هنا
نهاك انهاك
هناك قضى قاضي القضاة
صارت هباء
وانتهى
--------"
تستمر لعبة الكلمات والعبث بها من خلال تركيزه على حرف الهاء، والقاف، وكأنه بحرف الهاء يخرج من فيه من ألم، وبحرف القاف يريد لهذا الألم أن يصل بصورة واضحة وقاطعة.
--------
فرزت فيروز فرزا
زفرت خلف الحائط - صرنا وزرا -
------
المقطع الثالث جاء قصير مقارنه بسابقه، لكنه أيضا يأخذنا إلى الضياع والتيه، فلعبة الكلمات هذا تجعلنا (نتيه)، فهل أريد الشاعر وصولنا إلى هذا الأمر/التيه، وأن نكون مثله تائهين؟.
يبدو أن الشاعر (عرف أننا بتنا نضيق بلعبته، فيقدم مقطع موسيقي ممتع وناعم:
"العرق البغدادي وما تيسر
رسائل جبران
رغيف خبز وزيت وزعتر
و(كارمينا بورانا) تشعل الفضاء
وقد تسر ما تيسر
--------"

فالإيقاع السلس لكلمات "تيسر، خبز، وزيت، وزعتر، تسر، تيسر" تزيل تلك (التعب) الذي جاء في فاتحة القصيدة، فرغم تبعثر الفقرات، وعدم وجود رابط بينها، إلا أن كل فقرة تُوصل/تعطي فكرة بعينها، كما أن سلاستها أضفت جمالية لغوية، أسهمت في ازالة الغمة التي رافقت المقاطع الثلاث الأولى.
واللافت في هذا المقطع أنه جاء (شكل) الإيقاع فيه متماثل مع بعض إيقاع الآيات القرآنية، وهذا يعد انعكاس الثقافة التي يحملها الشاعر، فالنفس القرآني حاضرا في إيقاع القصيدة، وهذا يأخذنا إلى فواتح القصيدة التي جاءت بكلمات تحمل حروف بعينها، فهل هذا الأمر ناتج عن حالة اللاوعي، وما تختزنه من ثقافة قرآنية؟.
الشاعر يقربنا أكثر من المعرفة، ويبدأ في (التوضيح) والابتعاد عن التجريد:
"ليلى والزرقاء وشوارع لم تعبد"
فالوضوح نجده في تحديد المكان، "الزرقاء"، والتعريف بشخص "ليلى" وتفاصيل المكان "غير معبدة"، من هنا يمكننا الدخول إلى ما يريده الشاعر، إلى ما فيه نفسه، وبما أنه تحدث عن أنثى/امرأة، وبما أن الاسم له دلالة الحب، فأنه هذا يجذب القارئ إلى معرفة المزيد، وبهذا يكون الشاعر قد أعادة نسق المعرفة للقصيدة، وازال الغموض والعبث الذي لازم فواتحها، ومن هنا ندخل إلى لب الفكرة، إلى ذاكرة "وجيه مسعود"، معتمدين على الألفاظ ، فالمعنى تبقى سهلة والوصول إليه ميسر.
نداهة’’ ما بين دفتر,, وكتاب
نافذة , باب وراء باب ورائه باب
والقفل صدى والمفتاح ضاع
نجد في فاتحة المقطع "دفتر وكتاب" وهذا يأخذنا إلى فعل القراءة والكتابة، فالشاعر في "الزرقاء" كان يقرأ ويكتب، وكانت الآفاق محدودة أمامه، لهذا استخدم لفظ "نافذة" مرة واحدة، بينما ذكر "باب" ثلاث مرات، ولازمه بلفظ "وراء" كناية عن احكام الإغلاق وشدته، وهذا ما نجد في ضياع المفتاح والقفل الصدئ.
"ليلى: التراب للتراب
وليلى بهاء البذرة في جفن الضياع
واحة
غابة لؤلؤ وماس
ليلى ظمأ الماء للماء
قوافل الغيم تسحب الندى
تسافر , تحط زهرا
اغاني
احلام عصافير وحنين ناي
تمطر في حواره
تدق الربيع دقا
تسيج ما تبقى
هل اراك ولم يبقى في العمر مبقى ؟
--------"
العلاقة الحميمة التي جمعته بليلى نجدها في حرفي "اللم"/"للتراب"، وفي" وفي "بهاء/ البذرة، واحة، لؤلؤ، ماس" إذن الذكريات تدغدغ مشاعر الشاعر تمتعه، لهذا يستخدم الفاظ بيضاء وجميلة، وما استخدمه للفظ "ضياع" إلا اشارة إلى تألمه لفقدان ليلى حسرته عليها.
الماء مصدر ورمز الحياة، وعندما يكرر استخدامه فإنه يشير إلى الحاجة للحياة، فالشاعر يربط الحياة "البذرة/الضائعة" بحاجتها للماء، لكنه يغوص في الحاجة ويوحد بين صاحب الحاجة والحاجة ويحلا معا في جسد/حاجة واحدة "ليلى ظمأ الماء للماء"، فجمالية الصورة وما تحدثه من متعه وهيام، كافية لجعل القارئ يشعر بأنه امام شاعر يتقن فن الشعر، فالشعر هنا ليس كلمات فحسب، بل مشاعر يحس بها القاري وصور ممتعة.
وإذا ما تتبعنا بقية الألفاظ نجد الطبيعة بحضورها البهي: "غابة، ماء، الغيم، ندى، زهرا، عصافير، تمطر، الربيع" فالخضر الخلابة جاءت بفضل "ليلى"، وهذا انعكس ايجابا على مشاعر الشاعر فستخدم الجمالي البصري والسمعي والنفسي معا: "لؤلؤ، ماس، أغاني، ناي، تدق، دقا، حنين" وكأنه من خلال هذا الألفاظ يقول أن المرأة/ليلى، تستطيع أن تخرجه من التيه ومن الضياع، إلى البهاء والجمال والحب، هذا ما أحدثته "ليلى" في الشاعر، واعتقد أن السؤال الأخير يحمل شئيا من التمني بأمل اللقاء.
"جلجميش لم يلتقي انكيدو, ابي
تاه وضل
اعيش في غيمة الخمر,
لا الوركاء تعرفني
لا حوارة
ولا....... ما تبقى
بذرة’’ هامت وسراب’’ تجلى
وحدك وسقف القبو وهذي الاباريق خاسرة’’ ونائحة’
---’"
الشاعر يقرن ضياع ليلى بضياع جلجامش لانكيدو، والذي اصابه الحزن واليأس، حتى أنه بكاه كما بكت اللبؤة اشبالها، ونزع لباسه الملكي وهام يبحث عن الخلود، عن طريقة/عشبه/أبوبشتليم ليوقف الموت ويخلد الحياة، فيشير إلى ضياعه عن "الوركاء" مدينة جلجامش، ـ وهذه اشارة إلى تماثل حالته بحالة جلجامش" وعن "حوارة" بلدته التي ولد ونشأ فيها، فالتيه هنا متعلق بالمكان، وكما أنه متعلق بالأشخاص "ليلى"، والفقرة الأخيرة (يسلم) الشاعر بالحال/بالضياع والتيه.
والشاعر بدا في المقطع الأخير وكأنه يعلم أنه (يؤذي) القارئ بفكرة (الاستسلام) القاسية، لهذا استخدم صورة شعرية رائعة، تخفف شيئا من قسوة الفكرة، من خلال مشاركة الأباريق الخاسرة والنائحة، فبدت وكأنها تتضامن معه وتشاركه الحزن والألم، وهذا ما اعطاه شيء من المواساة.
يقدمنا الشاعر من يسوع الناصري واعماله:
"---

يقف الناصري على قبره
يتمتم يبحث عن عود,, ليخط شيئا
تذكر العرس في قانا
تذكر الفلسطينيات الجميلات
تذكر امه بثوبها المطرز وقلادة الصدف
تذكر (يا ظريف الطول)
تذكر يوحنا الصغير
تذكر هيكل المرابين
رمى العود رمى الدواة رمى الحجر
وصار مثلي يبحث عن زق نبيذ او عرق
-------"
تركيز الشاعر على يسوع الناصري أراد به ربط نفسه بالمكان، بفلسطين، كما ربط يساوع بالناصرة، وعندما تحدث عن اعماله، والعود الذي سبق اطلاق المرأة الزانية وهروب من اتهموها، ويركز على تحويل الماء إلى خمر في قانا الجليل، وهذا أراد به الشاعر أن (يبرر) لنفسه الحديث عن "زق نبيذ او عرق" فهو يقدم على عمل فعله يسوع، واعتقد أن هناك علاقة بين تكرار "تذكر" وبين "زق النبيذ" فكل ما أراد تذكره كان جميلا، "العرس، أمه، الفلسطينيات، يا ظريف الطول، يوحنا" إذا ما استثنينا "هروب المرابين" من الهيكل بعد أن دخل عليهم يسوع وخاطبهم " يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ." تكون الذكريات ناعمة وجميلة، وهذا يعكس ما يريده الشاعر من فرح وهناء وحاجته للحياة الهانئة.
يختم الشاعر القصيدة بتساؤل
"تكتب
لمن تكتب
2020 / 6 / 23"
وكأنه أراد بهذا السؤال الاشارة إلى طريقته في خلط الكلمات وتبعثرها، والذي استخدمه في أول ثلاثة مقاطع في القصيدة، وهذا السؤال يحمل بين ثناياه (عبث) الكتاب، وأيضا أهميتها ودورها في التخفيف عنه وعليه، فرحلته ما زالت طويلة وعليه أن ينجز ما فاته من كتابة.
القصيدة منشورة على الحوار المتمدن على هذا الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=682213



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما زن دويكات وحجم السواد
- كميل ابو حنيش -البرزخ-
- أثر المكان في ديوان -لحن في حنجرة الريح- للشاعر سميح محسن *
- الثقافة والكتابة وجيه مسعود -خرابيش, عن توفيق زياد, شعر-
- التقديم الناعم في - دار شهله- وجيه مسعود
- منهل مالك الكتابة والأنثى
- الاتحاد والتماهي في نصّ -كل ذاك السِّوى- ل -فراس حج محمد-
- السلاسة في -جلد على وهن- وجيه مسعود
- المعرفة والروح في قصيدة -دلني يا حلم- كميل أبو حنيش
- محمد مشية وعالم الومضة
- وجيه مسعود الصعود والهبوط في -كم وددت-
- الفلسطيني في رواية كلام على مصطبة ميت خالد أبو عجمي
- التغييرات الفلسطينية في رواية -اغتراب- أسامة المغربي
- اخناتون ونيفرتيتي الكنعانية صبحي فحماوي
- خرابيش وجيه مسعود
- الاغتراب في مجموعة الحاجة إلى البحر أمين دراوشة
- المرأة المضطربة في رواية -الغربان والمسوح البيض- منى جبور
- عظمة التاريخ في كتاب -فخر الدين إن حكى- عزيز الأحدب
- ماياكوفسكي الليلة الأخيرة
- المرأة في رواية -هناك في شيكاغو- هناء عبيد


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - بنية القصيدة في -فوضى وضياع-/ -خرابيش- وجيه مسعود