أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - يونس العياشي - المحاماة والعولمة















المزيد.....


المحاماة والعولمة


يونس العياشي

الحوار المتمدن-العدد: 6607 - 2020 / 7 / 1 - 13:57
المحور: الصحافة والاعلام
    


مقدمة عامة:
عرف العالم في نهاية القرن الماضي تحولات مهمة في مراكز القوى أبرزها على الإطلاق الانتقال من الثنائية القطبية {الولايات المتحدة الأمريكية- الاتحاد السوفياتي} إلى أحادية قطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية رائدة النظام الليبرالي.

وأصبحت قوة الدولة تقاس ليس بما لديها من قوة عسكرية ولوجيستيكية، وإنما بما لها من نظام اقتصادي قوي وفاعل في خلق الثروات وتحقيق الرفاه لشعوبها.

ومؤدى هذا أن الولايات المتحدة الأمريكية ومن يدور في فكلها قد أطلت علينا بمفاهيم اقتصادية جديدة لم تكن مألوفة من قبيل الخوصصة اقتصاد السوق، العولمة...

وقد كان من نتائج الليبرالية الاقتصادية التي أصبح يعيشها العالم اليوم أن تم تجاوز السيادة الوطنية للدولة لاسيما مع الضغط الاقتصادي للدول القوية بحيث أصبحت الدول النامية مرغمة على أن تكون شريكة وأن تركب قطار العولمة وإلا أصبحت متجاوزة.

وقد غذى هذا الشعور المصادقة على اتفاقية الكات بمراكش والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية من قبل العديد من الدول وفتح الأسواق في وجه السلع والبضائع والخدمات والرساميل كل ذلك من أجل خلق اقتصاد حر لا يؤمن إلا بالجودة وقلة التكلفة كمعيارين أصيلين في تحقيق التنافسية الاقتصادية بين المقاولات الوطنية والدولية. (للمزيد : محامي الكويت : https://www.lawyerq8.com/

ومن الطبيعي أن يلهت القانون وراء الاقتصاد، ذلك أن العولمة الاقتصادية أدت إلى عولمة الفكر القانوني بحيث أصبحت الدول تلجأ إلى مؤسسة الاتفاقيات الدولية من أجل تقريب المسافة بين القوانين الوضعية عبر العالم فضلاً عن الدور الذي تلعبه بعض المنظمات والمعاهد الدولية من قبيل لجنة الأمم المتحدة لتوحيد قانون التجارة الدولية UNISTRAL- CNUDCCI ([1]) والتابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وكذا المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص UNI-DROIT دون أن ننسى غرفة التجارة بباريس CCI.

وهكذا بدأ يظهر نوع من التقارب بين العائلات القانونية خاصة بين العائلة اللاثينية الجرمانية والعائلة الأنكلوسكسونية فيما العائلة الاشتراكية قد دخلت متحف التاريخ القانوني بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

ومثلما تأثر القانون بالعولمة. فإن المهن القضائية والقانونية لم تنجو من تأثير العولمة الاقتصادية، ذلك أن الاستثمارات الأجنبية المتدفقة على الأسواق العذراء بالدول النامية تحتاج لا محالة إلى موثقين ومحامين ملمين بأحكام عقود التجارة الدولية وعقود الاستثمار، عارفين بقواعد القانون الدولي الخاص وبقواعد التحكيم التجاري الدولي وغيره من بدائل حل المنازعات خارج مؤسسة القضاء، مطلعين على اللغات الحية وعلى أهم ما وصلت إليه تقنيات الاتصال والتواصل. ومن هنا جاءت الإشكالية المحورية التي يعالجها الموضوع والمتمثلة في مدى تثير العولمة الاقتصادية على المهن القضائية والقانونية عموماً ومهنة المحاماة على وجه الخصوص على اعتبار أن مهنة المحاماة هي خدمة قانونية يقدمها المحامي للغير سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً [شركة] وطنياً أو أجنبياً [مستثمر].

إن الضرورة المنهجية لمقاربة هذا الموضوع تقتضي إخضاعه للتصميم التالي:

المطلب الأول: العولمة الاقتصادية وأثرها في عولمة القانون

سنتناول هذا المطلب من خلال فقرتين نتناول في أولهما وبإيجاز تحديد مفهوم العولمة وبعض مظاهرها {فقرة 1} ثم أثرها في عولمة الفكر القانوني {فقرة 2}.

الفقرة الأولى: ماهية العولمة وبعض مظاهرها

العولمة([2]) MONDIALISATIN – GLOBALIZATION ومعناه جعل العالم يتكلم لغة واحدة في مختلف مناحي الحياة، وهو نتاج فكري خالص للفكر الليبرالي الرأسمالي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية التي سطع نجمها عقب انهيار الاتحاد السوفياتي رائدة النظام الاشتراكي البائد.

وتقوم العولمة على مبدأين اثنين:

جعل العالم قرية صغيرة مفتوحة أمام الجميع بحيث تصير العزلة عن باقي العالم أمراً شبه مستحيل؛
حرية تنقل السلع والبضائع والخدمات والرساميل والأشخاص بكل انسياب وحرية([3]).
وتحقيق هذين المبدأين يستلزم بداهة توفير آليات قانونية كفيلة بالتأقلم مع هذا المفهوم الاقتصادي الجديد وهو ما أقدمت عليه العديد من الدول خاصة النامية منها والتي قد تعاني من آثار العولمة بسبب تواضع اقتصادياتها وعدم قدرتها على التنافسية كأهم أثر من آثار العولمة الاقتصادية.

الفقرة الثانية: أثر العولمة الاقتصادية على عولمة القانون

يعرف عالم الأعمال حالياً تدخلاً متزايداً للقانون وإقبالاً مضطرداً على القضاء. بحيث أصبحت الحياة الاقتصادية مطبوعة بهذه السمة وما ذلك إلا نتيجة للعلاقة الجدلية بين الاقتصاد والقانون بارتباط مع الجهاز القضائي المعهود إليه الحسم فيما قد يطرأ من نزاعات بين الفاعلين الاقتصاديين([4]).

وأثر العولمة الاقتصادية على القانون ظاهرة لا تحتاج إلى بيان، ذلك أن الدول النامية ومن بينها المغرب عمدت إلى إدخال تعديلات على ترسانتها القانونية التي لها علاقة بقانون الأعمال وذلك بهدف تأهيل اقتصادياتها وجعلها قادرة على التنافسية في ظل عولمة متوحشة لا مكان فيها إلا للأقوى.

والعولمة القانونية كإحدى نتائج العولمة الاقتصادية تتم بطرقتين إما المصادقة على الاتفاقيات الدولية وترجيحها على القانون الداخلي في حالة تعارضهما، أو إدخال تعديل على النص القانوني رأساً.

والمغرب قد عمل بالطريقتين معا، فضلاً على المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية وترجيحها على القانون الداخلي في حالة التعارض. نجده قد أدخل تعديلات على ترسانته القانونية المرتبطة بعالم الأعمال وذلك انطلاقاً من العقد الثامن من القرن الماضي أي مباشرة بعد نهجه سياسة التقويم الهيكلي التي فرضت عليه من قبل المؤسسات المالية الدولية من قبيل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والتي أنجزت تقارير- أنذرت وقتها بالسكتة القلبية على حد قول جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه- تفيد أن المغرب لئن كان يعاني من صعوبات بشأن تدفق الاستثمار باعتباره المعول عليه الأول لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن ذلك يرجع بالأساس للانعدام الأمن القانوني والقضائي الناتج عن شيخوخة الترسانة القانونية وانعدام التخصص على مستوى الممارسة القضائية.

وهكذا أدخلت تعديلات على مجموعة من القوانين كقانون الشركات، مدونة التجارة، قانون حرية الأسعار والمنافسة قانون مؤسسات الائتمان، مدونة التأمينات، ميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة، مدونة الشغل، قانون الاستثمار أو ما يعرف بالقانون الإطار، التحكيم التجاري الدولي والوساطة الاتفاقية، قانون إحداث المحاكم التجارية، قانون إحداث المحاكم الإدارية ومحاكم الاستيناف الإدارية، قانون المحاماة، قانون المفوضين القضائيين، خطة العدالة إلخ....

وتجدر الإشارة أن هذه التعديلات كان القصد منها تأهيل الاقتصاد الوطني وجعله قادراً على التنافسية خاصة على المستوى الدولي كأهم أثر من آثار العولمة الاقتصادية.

والمغرب وهو بصدد إدخال تعديلات على ترسانته القانونية المرتبطة بميدان الأعمال أخد بعين الاعتبار التقارب الذي أصبح بين العائلات القانونية خاصة بين العائلة اللاثينية الجرمانية والعائلة الأنكلوسكسونية، ولا أدل على ذلك من تبني نظام صعوبة المقاولة وهو نظام أنكلوسكسوني خالص، فيما العائلة الاشتراكية قد أفل نجمها بانهيار الاتحاد السوفياتي.

وقد يعتقد البعض عن خطأ أن العائلة الاشتراكية لازالت قائمة مجسدة في الصين الشعبية، إلا أن هذه القوة الاقتصادية العملاقة تشكل استثناء من القاعدة وهي ماضية في الزوال بحكم انخراط الصين في اقتصاد السوق.

وعولمة القانون كنتيجة حتمية للعولمة الاقتصادية تساهم فيه كما سبق بيانه بعض المنظمات والمعاهد الدولية التي تعني بتقريب العائلات القانونية فيما بينها من قبيل لجنة الأمم المتحدة لتوحيد قانون التجارة الدولية Cunidcci- Unistral التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص Uni- Droit الذي يوجد مقره بإيطاليا، وكذا غرفة التجارة الدولية بباريس CCI.

المطلب الثاني: آثار العولمة الاقتصادية على المهن القضائية والقانونية "المحاماة نموذجا".

يقصد بالمهن القانونية والقضائية بكل إيجاز كل مهنة نظمها القانون ومساعدة للقضاء؛ والمهن القانونية والقضائية بهذا المعنى كثيرة في الواقع العملي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: مهمة المحاماة، مهنة التوثيق العصري، خطة العدالة أو ما يعرف بالتوثيق الشرعي أو العدلي، مهنة النساخة، مهنة المفوضين القضائيين، مهنة الترجمة، مهنة المفوضيين القضائيين إلخ....

وآثار العولمة لا تقتصر على القانون بل امتدت للقضاء وكذا المهن القانونية والقضائية التي تعتبر مساعدة له، وسنتناول آثار العولمة على المهن القانونية والقضائية عموما وعلى مهنة المحاماة على وجه الخصوص من خلال إبراز إيجابيات العولمة على هذا النوع من الخدمات القانونية متسائلين حول ما أعده المحامي المغربي للوقوف أمام تيار العولمة الجارف- فقرة1- على أن نخصص- الفقرة 2- لبيان جانب من السلبيات التي قد تفرزها العولمة في الواقع العلمي مع اقتراح بعض الحلول الكفيلة للتخفيف من آثار هذا المولود الجديد.

الفقرة الأولى: الآثار الإيجابية للعولمة على مهنة المحاماة

إن العولمة الاقتصادية كان لها كبير الأثر على التطورات التي عرفها القضاء المغربي وباقي المهن القضائية والقانونية المرتبطة به، ففضلاً على إحداث محاكم تجارية ابتدائية ومحاكم استئناف تجارية كخطوة إبجابية من أجل جلب الاستثمار واستقطابه، فإن مهنة المحاماة وفي إطار مواكبة التحولات الاقتصادية التي يعرفها العالم قام المشرفون عليها بالمطالبة بإدخال تعديلات على قانونها الأساسي وذلك بجعله في مستوى قانون الدول المتقدمة.

وفعلاً صدر قانون جديد للمحاماة كان من أهم مستجداته الأخذ بنظام الشركات المدنية المهنية للمحاماة- المادة 26- على غرار ما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، واحتفظ بإمكانية الترشح لمزاولة مهنة المحاماة من طرف مواطن كل دولة تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطن كل من الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى بشرط التعامل بالمثل مع هذه الدول- المادة 5-([5])، علما أنه بإمكان أي محام يمارس في بلد أجنبي أن ينتصب أمام المحاكم المغربية متى كانت اتفاقية مماثلة تربط ذلك البلد بالمغرب شريطة تعيين محل للمخابرة عند محام مسجل في جدول إحدى الهيئات المغربية وكذا الحصول على إذن خاص بالنسبة لكل قضية يمنحه وزير العدل. وفي هذا الإطار يجب التذكير بمجموعة من الاتفاقيات تم إبرامها مع كل:

الجزائر: اتفاقية 15 مارس 1963، والبروتوكول التعديلي المحق به المؤرخ في 15 يناير 1969؛
تونس: اتفاقية 9 دجنبر 1964؛
فرنسا: اتفاقية بتاريخ 11 يونيو وأخرى بتاريخ 5 أكتوبر 1957 المعدلة بمقتضى البروتوكول المؤرخ في 20 ماي 1965 تبعاً لقانون 26 يناير 1965 المتعلق بقانون التوحيد والمغربة والتعريب؛
إسبانيا: اتفاقية بتاريخ 11 فبراير 1957 المعدلة بمقتضى ملحق اتفاق بتاريخ 6 فبراير 1965 تبعاً لنفس القانون([6]).
وإذا كانت هذه الاتفاقيات تشكل التزامات بين الدول فإن هناك اتفاقيات بين الهيئات المهنية نذكر منها:

الاتفاقية بين هيئتي الدار البيضاء وبوردو الموقعة بتاريخ 23 دجنبر 1983؛
الاتفاقية بين هيئة آكادير ونانت الموقعة بتاريخ 6 أبريل 1996؛
الاتفاقية بين جمعية هيئات المحامين بالمغرب وهيئة المحامين لدى محكمة الاستئناف بباريس المبرمة بتاريخ 20 دجنبر 1986؛
الاتفاقية بين هيئتي المحامين لدى محكمتي الاستئناف بمكناس وباريس الموقعة بتاريخ 209 نوفمبر 1993.
وقد أصبح اليوم بإمكان تصور شركات مدنية أجنبية للمحاماة تستقر بالمغرب وذلك للدفاع عن مصالح وحقوق المستثمرين الأجانب، بل وحتى المستثمر الوطني طالما أن القانون المغربي لا يمنع هذا الأخير كما سبق بيانه من أن يكون مؤازرا من طرف دفاع أجنبي سواء كان هذا الدفاع شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً على اعتبار أن الحق في الدفاع هو حق عالمي وإحدى ضمانات المحاكمة العادلة.

والأكيد أن هذا الوضع الجديد سيخلق فرص شغل جديدة بهذه الشركات سواء في ميدان المحاماة نفسه أو في المقاولات التي ستعمل بالمغرب وهي جد مطمئنة لوجود مكتب أو شركة محاماة أجنبية في بلدان الاستقطاب وهذا ما سيخلق نوعا من التنافسية في ميدان الخدمة القانونية من شأنه أن يرفع من مستوى الدفاع ببلادنا بأن يصبح دفاعا أكثر مهنية واحترافية، وبأن تكون مذكراته ومرافعاته أكثر جودة من نظيره المحامي الأجنبي على اعتبار أن التنافس والاحتكاك وسيلة لخلق الجودة.

ولعل هذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا أطلع المحامي الوطني سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً على القوانين المقارنة والاعتماد على أحدث ما وصلت إليه وسائل الاتصال من انترنيت وانترانيت مع إلمامه قدر المستطاع باللغات الحية كالفرنسية والإنجليزية والأسبانية، فهل واقع المحاماة ببلادنا مؤهل لدخول هذا التحدي؟.

الفقرة الثانية: الآثار السلبية للعولمة على مهنة المحاماة

إن واقع المحاماة ببلادنا كان موضوع مناقشات عديدة من طرف الفاعلين في الميدان بحيث تم رصد جوانب الخلل مع اقتراح الحلول نذكر منها مناظرة مكناس لسنة 1987 حول أوضاع مهنة المحاماة وآفاقها، ومناظرة فاس لسنة 1990 في موضوع "المحاماة الأزمة والبديل"، ومناظرة الدار البيضاء لسنة 1995 حول "العدالة بالمغرب واقع ومعالجة" ومناظرة الرباط سنة 1998 حول "العبء المالي والحق في التقاضي"([7]).

وقد شكك كثير من رجال القانون في قدرة المحامي المغربي بالنظر لواقعه الحالي- سواء كان شخصاً طبيعياً أو اعتباريا- على الصمود أمام تيار العولمة الجارف، ويرجعون ذلك لعدة عوامل نذكر منها:

أولا: ضعف مركز المحامي المغربي

إن حرية تنقل الخدمات- المحاماة خدمة قانونية- سيستفيد منها لا محالة المحامون الأجانب دون المغاربة، بحيث يكون من العسير على المحامي المغربي أن ينتقل لمزاولة المهمة بالخارج والعلة في ذلك كما هو الحال بالنسبة للمنتجات الاقتصادية المغربية هو عجز المحامي المغربي على منافسة المحامي الأجنبي لعدة أسباب منها:

كون المحامي المغربي ألف التعامل مع النظام القانوني المغربي أكثر من غيره؛
نقصان التكوين والصعوبة في الوصول للمعلومة القانونية في المغرب فبالأحرى خارج المغرب؛
عدم التوفر على الإمكانيات المادية الكافية التي تسمح له بفتح مكتب بالخارج؛
عدم توفر المحامي المغربي على الكفاءة اللازمة لقبوله بالمكاتب الأجنبية؛
عائق اللغة التي يعاني منها المحامي المغربي باستثناء القلة القليلة التي درست بالأقسام الفرنسية مما تجعل المحامين المغاربة المعربون لا يجرؤون عل التفكير في الممارسة في البلدان التي تعتمد غير اللغة العربية لغة رسمية قانونية، ذلك أن الاشتغال باللغة القانونية المتخصصة يفترض إتقانها وليس مجرد استعمالها عرضا.
ثانيا: امتياز المحامين الأجانب

لقد أصبحت الشركات الأجنبية المستثمرة في المغرب تشترط اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي([8])، وتحدد سلفا الاختصاص القانوني والقضائي حالة وجود منازعة بدل اللجوء إلى القضاء المغربي والبحث عن محامي قد لا يرقى إلى مستوى طموحاتها في الدفاع عن مصالحها، بل إن المقاولات الأجنبية المستقرة في المغرب لها مستشارين قانونيين من بينهم محامون أجانب لا يجدون عناء في التعرف على القانون المغربي طالما أن هذا القانون في غالبيته منسوخ عن القوانين تنتمي للعائلة اللاتينية الجرمانية كالقانون الفرنسي الذي يعتبر مرجعاً للقانون المغربي بفضل العلاقة التاريخية بين البلدين.

ومعنى هذا أن نطاق ممارسة المهني المغربي ستتقلص، فشرط التحكيم يمنع عرض النزاع على القضاء ويجعله أمام هيئات لا يحتكر المحامون حق الدفاع عن حقوق المتقاضين أمامها، علماً أن ليس هناك ما يمنع المحامي من أن يكون محكماً على غرار ما يقوم به بعض كبار المحامون بمدينة الدار البيضاء.

ثالثا: الطبقية المهنية

من الآثار السلبية للعولمة كذلك تكريس نوع من الطبقية المهنية، فقليلون هم المحامون المتخصصون في قانون الأعمال وأغلبيتهم متمركز بالدار البيضاء وهؤلاء هم من يحضون بالتعامل مع المستثمر الأجنبي بل ويعلمون كمحكمين في بعض الأحيان وهذا من شأنه أن يثير موضوع المحامي والعولمة والربح المادي.


خاتمة:

لا غرابة في أن تكون للعولمة آثارها الإيجابية والسلبية على اقتصاديات الدول النامية، ولا غرابة في أن تتأثر المهن القانونية والقضائية لهذه الدول بهذا التيار الجارف، لذلك كان لزاما على الدول أن تحصن نفسها قدر الإمكان خاصة على المستوى القانوني.

فالمحامي الأجنبي أصبح يهدد المحامي المغربي في رزقه، بحيث من السهل عليه العمل بالمغرب وبالمقابل يجد المحامي المغربي صعوبة في الانخراط في سلك المحاماة بالخارج حتى بالنسبة للدول التي تربطها بالمغرب اتفاقية ثنائية أي أن مبدأ التعامل بالمثل كان مغيبا.

وحسن المشرع المغربي صنعا عندما أكد على هذا المبدأ في المادة 5 من القانون الجديد للمحاماة.

ونعتقد أنه يتعين على من يرغب في الانضمام لهيئة من هيئات المحامين بالمغرب أن يخضع لاختبار في المعلومات في القانون المغربي وباللغة العربية على اعتبار أن قانون المغربة والتوحيد والتعريب لسنة 1965 قد جعل من اللغة العربية اللغة الرسمية أمام القضاء المغربي مع الاستعانة بترجمان عند الاقتضاء.

كما أن السماح للمحامي الأجنبي بالعمل في المغرب كأثر من آثار العولمة يستلزم بالضرورة أن يتخلى عن مكتبه بالخارج أو عدم اعتبار المكتب الموجود بالمغرب مجرد مكتب ثانوي.

إنها مجرد متمنيات نعلم مسبقاً عدم القدرة على تحقيقها فمركز المحامي الوطني في مواجهة سيل العولمة الجارف مركز ضعيف لسبب بسيط هو خضوع التشريع المغربي لمنطق القوة المفروض عليه من قبل سلطات الدولة الأجنبية أثاء الأعمال التحضيرية للاتفاقيات الثنائية، هذه الأخيرة التي قد تلغي ما أقره التشريع على اعتبار أن الاتفاقيات الدولية المصادق عليها ترجح على القانون الداخلي حالة تعارضهما.

نخلص إلى القول أن التكيف مع العولمة مع الحفاظ على الهوية الوطنية هو أمر ضروري لا محيد عنه، فالعولمة تيار جارف لا مفر للمحامين المغاربة من ركوبه والسير معه لأنه سيقتحم مجال عملهم عاجلاً أم آجلا، لذلك أصبح التضامن بين المحامين المغاربة وتكتلهم في مجموعات أمراً ملحاً وذلك للتصدي لزحف المحامين الأجانب فهم أكثر تنظيماً وأحسن تكويناً من نظرائهم المغاربة وهذا واقع يجب الاعتراف به بكل موضوعية.

وأملنا في التكوين فهو الكفيل بجعل محاميينا قادرين على منافسة نظرائهم الغربيون، فصحيح أن المحاماة لئن كانت مهنة حرة إلا أنها كذلك خدمة قانونية يجب القيام بها بالجودة اللازمة كأهم معيار في التنافسية التي تعتبر أهم مظهر من مظاهر العولمة الاقتصادية الحديثة.



#يونس_العياشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاماة والعولمة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - يونس العياشي - المحاماة والعولمة