أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قراءة في نصّ قصّصيّ ((الاتجاه المعاكس)) للقاص محمد البنا














المزيد.....

قراءة في نصّ قصّصيّ ((الاتجاه المعاكس)) للقاص محمد البنا


عماد نوير

الحوار المتمدن-العدد: 6607 - 2020 / 7 / 1 - 11:31
المحور: الادب والفن
    


قراءة في نصّ قصّصيّ ((الاتجاه المعاكس)) للقاص محمد البنا.

رحلة ميتافيزيقية
القصص ذات الفكرة فوق الطّبيعية لها جاذبية لعقل المتلقّي، يقف أزاء الغرابة معها وجها لوجه، تبدو و المألوف على نقيض، هكذا يصنفها العقل الواعي، لكنها ذات مقبولية بشعور داخلي خفي، فهي تحاكي أعماقه و تحرّر لديه الرؤى التي يشعر بها دون أن تكون لديه القدرة لتجسدها على أرض الوجود.
ربما مبعث ذلك لعجز المفردة داخل بناء النص من توصيل الفكرة بالشّكل المطلوب.
و هنا يأتي دور الأسلوب الذي يلعبه الكاتب، لإعطاء مدى أبعد للنصّ، و التّحليق فوق سطوره و محاولة إدراك الفكرة الفلسفية العميقة بين الكلمات و ترابطها من جانب، و بين انطلاقها إلى عالم الإيحاء البعيد من جانب آخر، عن طريق توظيف المفردة لأكثر من معنى، أو معنى أكبر مما ألفه القارئ في مكان تقليدي آخر .
إذا ما الفكرة التي تحدّث عنها النّص؟
هي رحلة في قطار، و الرّحلة غالبا ما ترمز إلى العمر و مسيرته في حياة لابد أن تصل إلى آخرة.
هي رحلة وهمية المراد منها تشويق قصّصيّ للحظات أخيرة مع عالم كان صاخبا و ضاجّا يرويه لنا الموت الذي يحاول أن يكون جادّا في نقل الصورة التي لا يمكن أن نراها و نحن في عالم الحياة.
الاتجاه المعاكس
العكس يفي أن يكون مصداقا لأي من الطّرفين، فلو كانت الحياة الطرف الرئيس، فالموت هو اتجاهها المعاكس، و العكس صحيح، و قد يُشكل قائل أن الموت ليس حالة مألوفة ليكون طرفا رئيسا، فيأتي الرّد بأن الموت في النّص جاء على هذه الصّيغة!
و هي الغاية و المغزى، و لماذا تكون مألوفية الموت غاية و مغزى؟
ربما هو إشارة لتعريف الحياة و تشبيهها بالموت، و الهروب من الموت و التّشبث بالحياة هو بمثابة انتحار و عيش في موت على شكل حياة! ((الهروب من الموت إلى الموت)).
العنوان إذا حالة تدويرية تقبل الاتجاهين، و لا فرق بين أحدهما للآخر، موت يتقمص شكل حياة، و حياة ليست سوى موتا متكلما متحركا.
الجسد
الاستهلال يرسم صورة نهاية العمر، كل شيء فيه يوحي بذلك، المحطة الأخيرة و تباطئ العجلات، و عدم قدرة التّمييز ما بين إن كانت تسرع أَمْ تبطئ، فالشّيخوخة مرتبكة دائما في تحديد الأشياء.
ثم يشرع الكاتب في رسم صور مشهدية تخللت سرعة القطار، وصفها بجمل قصيرة لا تثقل كاهل القارئ في استيعاب كينونتها بشكل سريع و واضح.
و رغم قصر النص إلّا أن الحوار كان حاضرا و المشهد كان حقيقيا يمكن تصوره بشكل لا يوحي بالغرابة لأول وهلة!
شخصان لا نعلم إلى أي عالم يعودان، يتحدثان عن عالم آخر بصيغة مشهد الرّاوي، السحب السّوداء، أحدهما يعتقد بشحّتها و عدم نيّتها بالجود علينا بمطر و خير مرتجى، و الثّاني يتوقع أكثر من ذلك و كونها نذير سيّء.
كلاهما لا يحملان روح التّفاؤل، يهمهمان بما يُنذر بشؤم.

((ترتد همهماتهم إليهم، فأذني صمّاء، أخيط شفاههم بصمتي، يستسلمان في هدوء، فعيون الموتى غير مؤهلةٍ أن تراني))
لغة التّناقض تنبثق منها إيحاءات شتّى، و دلالات مختلفة.
الجمل الثلاث الأَولى من الفقرة توحي لنا أن الرّاوي ميتا، فأذنه صماء لا تسمع من همهمتهم شيئا، فترتدّ إليهم مع إخراسهم لعدم الفائدة من قول شيء أمام مَنْ لا يحيب!
لكن الجملة الأخيرة تقلب الموازين، و تعكس الاتجاه، و هذا الذي يرافق الفحوى الكاملة للنّصّ، فهم أيضا أموات يتهامسون دون جدوى، فأزاء صمّ أذنيه كانت عيونهم مغلقة عن رؤيته.
و أمام متحاورين يعيشون في عالم متعاكس لعالمنا نكون قد عرفنا بأن الرّحلة إلى الآخرة، لن تختلف كثيرا عن الحياة الأُولى.

تناقض الأشياء مرة أخرى، و الإقرار بمصداقيتها، و اعتماد نظريتها، فالشّيء و اللاشيء واحد، و سيان عنده عرف أم لم يعرف، إذ يكفي أنه يجلس فوق هذه العدمية، ليرى النّهاية هادئة بعد ضجيج صاخب في عالم ليس غريبا كما كان متوقعا.

يتوقّف العمر في لحظة مباغتة ليحترق معه كل شيء مثل زيوت القطار التي ولّدت دخانا في جهة معاكسة، أو هكذا يبدو للعيان.!
أمنياتي للقاص محمد البنا بالتّوفيق
مودّتي و التّحيّات... عماد نوير
————————————
قصّة قصيرة جدا
الاتجاه المعاكس......
يقترب القطار من محطته الأخيرة، لا أدري أيبطئ من سرعته أم يزيدها.
عجلاته الحديدية تئن، والقضبان تستغيث..الدخان يفر مبتعدًا في الاتجاه الآخر، يهرب من الموت إلى الموت..الصمت ينتحر يأسًا من الضجيج، الأشجار تتراقص على جانبي الطريق كطائرٍ ذبيح، السماء تراقب المشهد في صمتٍ مريب، الشمس تتوارى خلف سحبٍ سوداء، يهمهم أحدهم
- لا تحمل مطرا
يهمهم آخر
- ربما نذير سوء
ترتد همهماتهم إليهم، فأذني صمّاء، أخيط شفاههم بصمتي، يستسلمان في هدوء، فعيون الموتى غير مؤهلةٍ أن تراني، أنا الجالس فوق اللاشيء، وربما فوق الأشياء كلها.. لا أدري!
لحظاتٌ مضت وتوقف القطار، أدركت حينها أنني دخانٌ يفر في الاتجاه المعاكس.
محمد البنا



#عماد_نوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاصّ من بلادي// قراءة في نصّ قصّصيّ للكاتبة زينب الأسدي ((قش ...
- المؤمن و العيد و النّكبات
- قاصٌّ من بلادي/ قراءة نقدية في نص خط سالب
- عيدٌ مميّز
- الثّامن من آذار
- حلم سرمدي
- قصّة قصيرة بعنوان ((غفوة))
- التّمادي الأمريكي و الهيبة المصادرة
- قصة قصيرة// الحكمة القبيحة
- الغدير
- قصة قصيرة// تقمّص
- قصة قصيرة بعنوان/ ملائكة و (هاكرز)
- قصة قصيرة// تهنئة
- عراك
- قصة قصيرة جدا// علاقة
- قصة قصيرة جدا// متابعة
- قاص من بلادي... قراءة في نص قصّصيّ (ملاذ)
- قرار// قصة قصيرة جدا
- القصُّ و الأسلوب الجماعي/ قراءة في نصّ قصّصيّ
- قصة قصيرة جدا// قدر


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قراءة في نصّ قصّصيّ ((الاتجاه المعاكس)) للقاص محمد البنا