أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - لطيفة الشعلان - حريم الفضائيات














المزيد.....

حريم الفضائيات


لطيفة الشعلان

الحوار المتمدن-العدد: 1591 - 2006 / 6 / 24 - 11:52
المحور: الصحافة والاعلام
    


إذا التقت أموال بعض السعوديين مع عقول بعض اللبنانيين كان النتاج صناعة إعلامية ترفيهية ذات مواصفات خاصة، فيها الكثير من التسطيح والتسليع، والقليل من الفن والإبداع. فبين من يرى في الجمال اللبناني أفضل منتج يمكن تصديره فضائيا للعالم العربي، وبين من يرى في الجمهور الخليجي والسعودي تحديدا فحول أضناهم الكبت والشبق ونساءهم الأجلاف، يتم التواطؤ الضمني على تغييب جميع أوجه المرأة اللبنانية مقابل اظهار وجه ترفيهي بمقاييس استثانية، يختزل هذه المرأة في نموذج بالغ الجمال وبالغ التسطيح في آن. ولولا شذرات فلتت من ربقة التواطؤ الضمني، كجيزيل خوري مثلا، أو المبدعة ديانا مقلد، لحسب المرء أن مهارة وثقافة الاعلامية اللبنانية تتوقف عند توزيع الابتسامات البلهاء وتلبية طلبات المتصلين، في نوعية من البرامج التي تساهم بوعي أو بدونه، في تنميط صورة المرأة وتشيؤها والإستهانة بعقلها وتسفيه قضاياها الجوهرية.
بل إن صورة المرأة اللبنانية التسليعية، التي تحكمها شروط الاستثمار وقوانين السوق، أدت إلى تراجع مكانة وحضور عشرات النماذج لإعلاميات وأديبات وفنانات وأكاديميات وسياسيات لبنانيات، أثبتن ريادة وجدارة وتفوقا، لكنهن غائبات أو مغيبات من تلفزيونات لبنان الفضائية، ومن الفضائيات الخليجية التي تشغّلها العقول اللبنانية، وذلك أمام طغيان سرب من حريم روتانا، وعشرات من أمثالهن اللواتي يتم ضخهن بلا انقطاع لملئ ساعات البث العربي ببرامج تافهة شكلا ومضمونا.
يحدث هذا بإلحاح يجعل المرء أحيانا يسأل نفسه إلى أي حد يزوّر الإعلام الواقع والوقائع؟ هل اللبنانية المائعة التي يسوقون اليوم صورتها الذهنية على نطاق العالم العربي، تمت بصلة للمرأة التي صمدت بعنفوان طوال سنوات الحرب اللبنانية الضارية؟ أو للمرأة العاملة بهمة للتوفيق بين أدوارها الإجتماعية؟ أو للمرأة الكادحة للوفاء بأدنى متطلبات العيش؟ أو للمرأة للجنوبية التي كانت أروع مثال للصبر والجلد ؟ ألا يوجد في لبنان سوى فنانتين ملتزمتين مثقفتين: جوليا بطرس وماجدة الرومي المحاصرتين بالتجاهل الفضائي أمام عشرات من المتعجرمات بل أمام واحدة مثل مروة صاحبة (شيل إيدك) ؟ الأيوجد في لبنان فسيفساء رائعة وتنوع على كل صعيد كاف لإظهار نساء متنوعات، لا إمرأة واحدة يراد تعميمها واختصار كل ألوان الطيف النسوي فيها ؟
مالذي رآه المشاهد العادي في مظاهرات المعارضة والموالاة التي عمت لبنان قبل وقت قصير ؟
رأى نموذج الشابة اللبنانية التي تضع مكياجا بسيطا، ولا تظهر سرتها بالضرورة، وتعبر عن رأي سياسي بوعي يثير الاحترام.
وستبقى المفارقة بالنسبة للمرأة العربية عموما، أن الفضائيات الحديثة لم تختلف في جوهرها عن الإعلام الرسمي أو التقليدي، من حيث اختزال المرأة وتحديد أدوارها، ناهيك عن عدم التصدي لأي دور تنويري فيما يتعلق بشؤونها وبقضية تحررها الحقيقي لا الشكلي. القولبة في صميمها ستكون واحدة، سواء وضعت المرأة في بؤرة خطاب تحريمي وسواسي كما يحدث في بعض التلفزيونات، أو في النقطة المتطرفة المقابلة: في البؤرة من خطاب جسدي بحت كما تفعل تلفزيونات أخرى. في الحالتين تفقد المرأة ذاتها وتتصدع العلاقة بين روحها وجسدها. حتى الفضائية التي تسوق نفسها على أنها (قناة المرأة العربية) لاتكاد تبارح أكثر المضامين تنميطا في موضوع المرأة، بتركيزها على الجسدي والعابر والهامشي والسطحي.
لافارق في نظري بين قنوات مصر الرسمية وتلفزيوناتها الفضائية، ولا بين قناة الامارات الرسمية وقنواتها الفضائية، ولا بين التلفزيون السعودي وتلفزيون الإم بي سي .. الخ فيما يتعلق بتنميط المرأة، إلّا في شكل أو اتجاه هذا التنميط. ففي حين تؤكد واحدة على برامج الطبخ ورعاية الأولاد واستضافة طبيبات الأطفال والنساء والولادة، تؤكد الثانية بشكل أكبر على برامج التجميل وعروض الأزياء العالمية واستضافة المغنيات. يبدو شكل التنميط وكأنه متوقف على درجة المحافظة أو الإنفتاح، وعلى حجم الميزانية التي تسمح بانتاج ماذا، أو استضافة من.
لاجدال في أن هذه الموضوعات وما شابهها تحتل حيزا من تفكير واهتمامات كثير من النساء، أيا كانت درجة تعليمهن أو ثقافتهن، لكن المشكلة تأتي في هذا الاختزال الفج للمرأة، أو في تغليب جانب واحد وبشكل طاغ على كل ماعداه. لا أحد يكره الجمال، وامرأة لاتهتم بجمالها ليست أنثى كاملة، ولا أحد يطالب بتلفزيون مثالي في تعاطيه مع قضايا المرأة، بل إن ذلك يستحيل عمليا مع مؤسسات تحتاج إلى الأرباح لكي تؤمن استمرارها. الممكن والمطلوب ليس أكثر من التمثيل المعقول لتنوع النماذج النسائية، وشيء من التوازن في طرح قضاياها بحيث يعاد ترتيب الأولويات. مقولة (الجمهور عايز كده) تحتاج لبعض التمحيص، فربما كانت السياسة الإعلامية بإلحاحها وتكرارها وإعادة انتاجها لنموذج واحد هي التي خلقت الذائقة وعززتها.
التأكيد على الفضاء اللبناني أو الفضاء الذي يديره اللبنانيون أكثر من غيره، لايأتي بشكل انتقائي، وإنما من الدور التنويري المفترض بأناس لهم باعهم في مجالات الثقافة والنشر والاعلام. أتصور أن هذا يفهمه كثر من المثقفين والإعلاميين ولكنهم قد لايحبذون التشديد عليه، مخافة أن يوصموا بالرجعية، وما أدراك ما سيف الرجعية اللعين، مع ان لاعلاقة مطلقا بين تسليع المرأة وتسطيحها وتسفيه عقلها وبين التقدمية، بل على العكس أكثر المناهضين في العالم بأسره لتلفزيونات العري ومسابقات الجمال هم من المناصرين والناشطين في مجال حقوق المرأة.



#لطيفة_الشعلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك مؤامرة لتحجيب الفن المصري ؟
- بين هند الحناوي ومنى حلمي
- المبتعث السعودي والشرنقة
- منهل السراج بين حماة والسعودية
- الهوية الحجازية
- - لما جت الحزينة تفرح ملقتشي لها مطرح
- بثينة شعبان والبوطي و .. سعوديات
- سيرة أصولي مصري
- المشي في حقل الأشواك
- ردا على الشاعر الليبي صالح قادربوه: - .. وانهم يقولون مالا ي ...
- تزمامارت وأبو غريب
- الرمز بين ابن العلقمي والبرامكة
- طل الصبح ولك ميليس
- شجون الجسد
- عفاف البطاينة: رواية الشرق والغرب
- تجنيد الأصوليين للنساء: تلك الأحجية
- قاموس يمشي على قدمين
- نساء ضد النساء
- جراح الروح والجسد
- يا بطلة الراليات السعودية: السكوت من ذهب !


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - لطيفة الشعلان - حريم الفضائيات