|
هل نحن على أعتاب عصر المماليك والصبيان في العراق ...؟
موسى فرج
الحوار المتمدن-العدد: 6602 - 2020 / 6 / 25 - 02:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اصطلح المؤرخون على تسمية الفترة التي أعقبت احتلال هولاكو لبغداد عام 1258 بالفترة المظلمة في تاريخ العراق، لكن منطق الأمور يقول إن الفترة المظلمة لم تبدأ في ذلك التاريخ إنما سبقته بزمن طويل لأن اجتياح بغداد من قبل هولاكو يمثل المئال الذي آلت إليه الأمور والمصير الذي أفضت إليه المرحلة الأولى من الفترة المظلمة لتستمر فصولها بعد ذلك ...أما قبل ذلك فيصفه أبن جبير الأندلسي كالآتي: في عام 1184 قبل احتلال التتر لبغداد بأكثر من 70 سنة وصل أبن جبير الأندلسي بغداد في خـلافـة الـنّـاصـر لـدّيـن الله وسكن منطقة المربعة في رصافة بغداد القريبة من دجلة "ما زالت لليوم معروفه وتسمى بنفس الاسم -المربعه"، ووصف خليفة بغداد وأهلها قائلاً: "أبـصـرنـا هـذا الـخـلـيـفـة أمـام مـنـظـرتـه وقـد انـحـدر عـنـهـا صـاعـداً في الـزّورق إلى قـصـره بـأعـلى الـجـانـب الـشّـرقي عـلى الـشّـط: وهـو في فـتـاء مـن سـنّـه. أشـقـر الـلـحـيـة صـغـيـرهـا، حـسـن الـشّـكـل جـمـيـل الـمـنـظـر. أبـيـض الـلـون مـعـتـدل الـقـامـة، رائـق الـرّواء، سـنّـه نـحـو الـخـمـس وعـشـريـن سـنـة، لابـسـاً ثـوبـاً أبـيـض شـبـه الـقَـبـاء بـرسـوم ذهـب فـيـه، وعـلى رأسـه قـلـنـسـوة مـذهّـبـة مـطـوّقـة بـوبـر أسـود مـن الأوبـار الـغـالـيـة الـقـيـمـة، مـعـتـمـداً بـذلـك زيّ الأتـراك تـعـمـيـة لـشـأنـه...". أما عن أهل بغداد فيصفهم قائلاً: "وأمّـا أهـل بـغـداد فـلا تـكـاد تـلـقى مـنـهـم إلّا مـن يـتـصـنّـع بـالـتّـواضـع ريـاء، ويـذهـب بـنـفـسـه عـجـبـاً وكـبـريـاء…يـزدرون الـغـربـاء، ويـظـهـرون لـمـن دونـهـم الأنـفـة والإبـاء، ويـسـتـصـغـرون عـمّـن سـواهـم الأحـاديـث والأنـبـاء… قـد تـصـوّر كـلّ مـنـهـم في مـعـتـقَـده وخـلـده أنّ الـوجـود كـلّـه يـصـغـر بـالإضـافـة إلى بـلـده، كـأنّـهـم لا يـعـتـقـدون أنّ لله بـلاداً أو عـبـاداً سـواهـم…". وعندما جد الجد واجتاح التتار بغداد دخل هولاكو المدينة فأمر بحبس الخليفة المستعصم بالله في برجه الذي يحفظ فيه كنوزه من ذهب وجواهر ومنع عنه الماء والطعام وخاطبه قائلاً: لو أنك لم تستأثر بهذا المال لك وحدك لاستطعت أن تسلم وتحتفظ بمدينتك فكل منه واشرب إن استطعت...وأمر بإذابة الذهب وصبه في حلقومه قائلاً: إن لـم يـكـن قـلـبـكَ قـد شـبـع مـن الـذّهـب فـإنه سـيتـشـبّـع بـه، وهـكـذا قـتـلـوا الـخـلـيـفـة، وعادوا يقتلون أهل بغداد لأربعين يوماً متواصلة ... نشأة المماليك وحكم الصبيان في العراق... إن أول من أتى بالمماليك إلى العراق هو الوالي العثماني حسن باشا فقد أراد هذا الوالي بعد أن فسد نظام الإنكشارية أن يجعل لنفسه جندا مختصين به يستعين بهم ويتعصبون له فأرسل إلى بلاد القفقاس من يأتي إليه بالصبيان. وكانت أسواق مدينة تفليس آنذاك زاخرة بالصبيان المعروضين للبيع، فأسس حسن باشا في بغداد دائرة خاصة مهمتها الإشراف على شراء المماليك من تلك البلاد وتدريبهم، وعندما تولى الحكم من بعده ابنه أحمد باشا أكثر من شراء الجنود المماليك وأعتنى بهم، حتى أصبحوا قوة لا يستهان بها، وبعد وفاة الوالي أحمد باشا كثر عددهم واستطاعوا فرض إرادتهم على الدولة العثمانية. وينصبوا أحدهم وهو سليمان باشا أبو ليلة واليا على العراق في سنة 1749... وصول المماليك والصبيان إلى الحكم... كان سليمان باشا أبو ليلة أول مملوك يتولى الولاية وذلك في سنة 1749م، إثر فتنة طاحنة قام بها الأنكشاريون في بغداد. وضربوا مبنى السراي العثماني بوابل من القنابل، واستمرت الفتنة ثلاثة أيام مما جعل الوالي العثماني يفر من بغداد، فاضطرت الدولة العثمانية آنذاك إلى تعيين سليمان باشا واليا مكانه. دام حكم سليمان باشا حوالي ثلاثة عشر عامًا وقد سمي سليمان باشا بأبو ليلة وذلك لتخفيه في الليل وخروجه.... نهاية حكم المماليك والصبيان في العراق... وفي ذات يوم دعا علي رضا باشا المماليك مع جماعة من أعيان بغداد وعلمائها إلى اجتماع بحجة الاستماع لفراءة الفرمان الذي وصل مؤخرا من الاستانة ما أن شرب جميع المدعوين القهوة ودخنوا الجبوق حتى انهال الجنود الألبانيين الذين احضرهم علي رضا باشا بقتل جميع من كان مدعوا لهذا الاجتماع... وهكذا انتهى حكم المماليك والصبيان في العراق.... اليوم وأنا أرى الحال في العراق، الخزينة فارغة من المال الذي تحول إلى حسابات وخروج الفسادين من الحكام، وحكامها لا يختلفون عن الناصر لدين الله والمستعصم بالله، لا يسعني إلا أن أقول: ما أشبه اليوم بالبارحة ...؟ وعندما أمعن النظر فيمن تولى الأمور منذ عام 2003 والكم الهائل من الصبية والمماليك والجواري يديرون الأمور تحت يافطة الإنابة عن الخلفاء والحكام في حين أنهم يعملون على وفق توجهاتهم هم ورغائبهم هم الواحد منهم مأخذ راحته يفصّل ويلبّس ويقسم العراقيين على وفق مسطرته هو أيقنت أننا على أعتاب حكم المماليك والصبيان من جديد وربما حكم الجواري وشجرة الدر...وقد يلزمنا رضا باشا....
#موسى_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حمى إسقاط التماثيل والنزعة الصفرية عند العراقيين...
-
ما اجتمع مسؤول كويتي بنظيره العراقي إلا والشيطان ثالثهما ...
...
-
شعارات الكاظمي مثل رضيع يلبس حذاء والده...
-
الفوضى المستدامة في العراق ...
-
رمضانيات...
-
قضية مكافحة الفساد في العراق...ثمة خطأ شائع
-
بين د. قاسم حسين صالح وسعدي الحلي...
-
ما قل ودل...
-
جابر...الذي لم ينصفه قومه...
-
إنهم يأكلون ما لله وما لقيصر وما لعلاوي...
-
علاوي من دون عمام ليس أقل سوءاً من غيره بعمام...
-
من يزرع الفساد يحصد العواقب ...
-
لو فعلناها لقاسمناهم المجد حقاً... دعوة للعراقيين وفي مقدمته
...
-
من يجرؤ ليقضي بين أشياخ القضاء العراقي...؟
-
العراق من محنة الى أخرى في وقت عزَّ فيه الناصر...
-
الاتفاق الصيني بين فقاء عبد المهدي وضجة رفيقات منال يونس...
-
. الاتفاق الصيني ورفيقات منال يونس... (2)
-
الاتفاق الصيني ورفيقات منال يونس...
-
قانون الانتخابات وضياع الرؤية في لجة التفاصيل ...
-
حال البرلماني الفائز وفق الدوائر المتعددة...
المزيد.....
-
-الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق
...
-
الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
-
لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في
...
-
وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر
...
-
هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
-
Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
-
ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
-
الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان
...
-
واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|