|
أحلام السلاطين ، و أطماعٌ بلا حدودٍ .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 6601 - 2020 / 6 / 24 - 13:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الترويج للدين تجارةٌ مربحةٌ منذ فجر التاريخ ، و دغدغة العواطف الطائفية تدر منافع جمةً ، و في العزف على وتر المذهبية جنيٌ للأرباح الطائلة . هذا الترويج منه تتدفق الأطماع التركية و الأيرانية ، و دغدغةٌ تتنامى فيها التطلعات العثمانية و الفارسية ، و عزفٌ به تنضج ثمار الإخوانية الأردوغانية ، و منه تختمر فكرة العقيدة الشيعية الصفوية . المصالح الاقتصادية لها الأسبقية العظمى مثلما للأهداف السياسية الأولوية الفضلى . و حينما تمتزج العقائد بالمنافع و الأيديولوجيات بالمصالح ، تغدو الأطماع جشعةً و المطالب متهالكةً على النهم ، و المعدة تبتلع الأخضر و اليابس بلا امتلاءٍ .
المنطقة صيدٌ ثمينٌ لا لهاتين الدولتين فحسب ، بل كل مواردها طريدٌ دسمٌ لأمريكا و روسيا و للعالم أجمع . أيران عزفت على هذا اللحن منذ عقودٍ ، و رقصت على أنغام المذهبية حتى ابتلعت أربع عواصم عربيةً و بأيدٍ عربيةٍ ، عبر ركوبها مطية الميليشيات المشحنة بالطائفية و المشبعة بعقيدة المذهب .
خيبة أردوغان و عجزه عن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبيِّ من جهةٍ ، و الوضع الناشئ في المنطقة - بتخطيطٍ أمريكيٍّ - من جهةٍ أخرى ، أيقظ حلمه للبحث عن مجدٍ بائدٍ . إنه حلم السلاطين بهمسٍ استعماريٍّ ، و نفسٍ شهوانيٍّ طامعٍ بالامتلاك ، و بعاطفةٍ إسلامويةٍ بنكهةٍ إخوانيةٍ و طعمٍ عثمانيٍّ . لتهيئة جماعةٍ مذهبيةٍ على مقاسه ، تحارب معه ، تتبنى مشاريعه برعاية أمير قطر و تمويلٍ سخيٍّ منه ، بعد أن وجد أردوغان ضالته المنشودة بإنشاء قاعدةٍ عسكريةٍ على أرض إمارته ، و في عقر دول الخليج . و ناهيك عن إغرائه بمنح الجنسية لمن يقاتل بسيفه و تحت لوائه .
أردوغان الذي يرى نفسه سلطاناً ، يزعم أن المنطقة كلها أمانةٌ موروثةٌ في عنقه ، فيخرج على الناس بوجهٍ ودودٍ و قلبٍ وديعٍ ، للمتاجرة بالقضية الفلسطينية ، و الاتجار بالمسألة الدينية بشقها السنيِّ الإخوانيِّ ، سعياً منه لإحياء العثمانية الزائلة .
حلمٌ لتحقيقه كان لا بد له من وأد الديموقراطية داخل بلاده ، بافتعال انقلابٍ فاشلٍ ، للانقضاض على مناوئيه ، و رفع الحصانة عن بعضهم لإيداعهم في السجون بلا محاكمةٍ ، و وضع الآخرين قيد الإقامة الجبرية ، و تنحية رهطٍ من كبار مساعديه ، و تسريح الكثير من كبار الضباط ، و طرد معظم الموظفين ، و ملء السجون من كل الأصناف ، و خنق الإعلام الحر ، لهيمنة فكره الإخوانيِّ على وسائل إعلامه . فجعل بلاده ممراً آمناً للإرهابيين إلى كل بقعةٍ يريد إيصالهم إليها .
صفقةٌ أمريكيةٌ تركيةٌ روسيةٌ منحت أردوغان دوراً رائداً للعب على الحدود السورية و التوغل فيها لمسافاتٍ طويلةٍ ، ثم احتلال حلب و إدلب و عفرين ، و مؤخراً كوباني و تل أبيض بذريعة محاربة الإرهاب و إبعاد الخطر من حدوده - مرتكباً أفظع الكوارث التي ترقى إلى جرائم حربٍ - مروجاً أنه يواجه محاولات أمريكا لتأسيس دولةٍ كرديةٍ - و بتحريضه من الروس - بهدف ضم المناطق الكردية إلى بلاده ، لإبقاء الكرد تحت أنظاره بعد العبث و التغيير الديموغرافيِّ لتلك المناطق و إفراغها من سكانها الأصليين . لم يعد يخفي الخليفة المزعوم تطلعاته النفطية و الاقتصادية ، و الاستحواذ على البحر المتوسط و الدول العربية و المنطقة برمتها . فبدأ بإرسال بوارجه الحربية و طائراته و مرتزقته إلى ليبيا ، و التوغل في أراضي إقليم كردستان ، و القصف الوحشي بالتوازي مع القصف الإيراني البغيض لقضم الموصل و كركوك و ضم كل إرث الإمبراطورية العثمانية .
عنجهيةٌ يمارسها أردوغان ضد الدول الغربية حتى بلغت ذروتها مع فرنسا مؤخراً ، و عنصرية يقوم بها إزاء الدول العربية ، و استخفافٌ بالعالم أجمع . ناسياً أن اللعب مع الكبار له باهظ الثمن ، و في تحدي المجتمع الدوليِّ هلاكٌ محتمٌ ، ظناً منه ليس بمقدور أحدٍ كبح جماح أطماعه . أو متناسياً أن السماح لأحدٍ بغزو البلدان و التغاضي عن جرائمه ، بمثابة فخٍ ينصب له للإيقاع به و جره إلى فناءٍ مؤكدٍ .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واصلوا لقاءاتكم بعجالةٍ ، و لو كرهت الأبواق المستأجرة .
-
محنة العقل في ظل الأيديولوجيات .
-
الحياة بدونه مرةٌ بطعم العلقم .
-
الأنوثة مفتاحٌ لفك ألغاز فحولته .
-
حينما يبلغ العقل ذروة انقباضه .
-
أغلب المستقلين شرفاءٌ مخلصون .
-
حلمٌ ليس كغيره من الأحلام .
-
بريق الجمال يشعشع آفاق الخيال .
-
الأول من أيار عرفانٌ بجميل الكادحين .
-
لا شيء يداوي غير جذوة الإبداع .
-
دعوا العلوم و السياسة و التخصص لأهلها .
-
الأخبار الملفقة تغزو العقول .
-
فلتكن عزلتك حصاداً مثمراً .
-
إعصار الكورونا يشل حركة الحياة .
-
غلاء المهور عنفٌ موجعٌ بحق الفتاة .
-
نداء الفاسد لا يحظى القبول بالمطلق .
-
للمرأة في كل أيامها .
-
و ماذا في صالات العزاء غير المفاخرة و الرياء ؟!
-
الاحتفاء بالحب ليومٍ واحدٍ تقزيمٌ لقدره .
-
هل حقاً : عصا الجنة وسيلة ردعٍ و امتثالٍ ؟
المزيد.....
-
مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه
...
-
-أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟
...
-
يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات
...
-
سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
-
سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
-
أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
-
البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
-
قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو
...
-
ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
-
رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|