أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - قصة فصيرة














المزيد.....

قصة فصيرة


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 6601 - 2020 / 6 / 24 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
امرأة الاهوار
قالت لي : " لا تستطيع إي أمرأة أن تحتويك " ، راقبت خصلة من شعرها الحني على جانب عينها اليمنى . ومن دون أن تنتظر رّداً مني أكملت " هل تعرف لماذا ؟ " .سأقول لك. " لأنك مجنون " !! .. ثم ضحكت تلك الضحكة ، كان دائما ثمة " تلك الضحكة " . نفترق في المساء ، بعد أن ذوبنا لوعاتنا وخوفنا من " المارة الدبقين " الذين تلاحقنا نظراتهم كما يفعل عسس الليل ، يراقبون الناس اذا ما أكتشفوا إنهم يتحدثون " خارج النص " . آوي الى فراشي محاولا إزاحة صور اشخاص التقيت بهم في النهار ، وأبقيها شاخصة ، هي وحدها الصافية كالماء العذب ، تنبثق لي من اعماق روحي ، تطاردني بنظراتها الحنونة . قالت لي ذات يوم " لم لا تطلعني على عالمك السري التي ( خبصتني ) به " وقتها كنت أقلب في صفحات رواية " الساعة الخامسة والعشرون " ، توقفت عن تقليب الرواية ونظرت الى عينيها العسليتين ، ماذا تقولين ؟ أعيدي عبارتك . كنت أعلم إنها لن تكررها ، فانشغلت هي بترديد مقطع من أغاني فيروز " راجعين يا هوا ، على نار الهوا ، راجعين " .. فقلت مستفهما " انا خبصتك ؟ " .. كانت ما تزال تردد المقطع نفسه وهي تراقب مويجات دجلة في خريف ذلك النهار ، قلت لها حتى لو افترضنا صرت مجنونا مثلك ثم قررت أن نذهب الى هناك ، الى الاهوار ، ماذا سأقول لاعمامي وابناءهم عن صفتك ( الرسمية ) ، او الجانب الشرعي من علاقتنا ( اللاشرعية ) ؟ .
كنت اراقب تلك العينين فيما تتطاير في الفضاء " تلك الضحكة" .. فاكملتُ " سيسخرون مني اذا وصفتك امامهم بانك حبيبتي ! كتمت انفعالاتها المتفجرة وعفويتها المقلقة ، قالت بصوت صاف رقراق : أخبرهم بأني زوجتك ! ثم راقبتني من خلف تلك الخصلة المتدلية على عينها وهي تحني رأسها الى الارض " هل تستثقل علي صفة " الزوجة " وانت ما انت بالنسبة لي " ! حاصرتني من كل الجهات ، تلفت كالعصفور المذعور الى اليمين واليسار ، ثم باغتها بقبلة سريعة من خدها الايسر ، فشهقت ضاحكة ، ومازحة " يا عيبة العيبة .. تبوس بنات الناس كدام الناس " .. قلت لها بعد فاصل من الضحك " لقد جرفوا غابات القصب والبردي وعملوا على تجفيف كل الاهوار بانشاء " النهر الثالث " ، هدفهم القضاء على المعارضين من أبناء الجنوب . قالت مازحة " لم لا تكون معهم ، الا يستحق بلدك أن تكون ضمن الشرفاء الذين يريدون حياة كريمة بدلا عن هؤلاء الاوباش وقد تمكنوا من رقابنا وحكمونا بالحديد والنار " قلت أش " الا تخافين من إي عابر سبيل قد يبلّغ عنا ان سمع كلاما محظورا فنضيع في الدهاليز الى الابد .. مضت فترة صمت بيننا ، ثم عادت تغني مقطعا لفيروز " الله يا هوانا يا مفارقنا .. حكم الهوا يا هوانا واتفارقنا " .. كان مقطعا حزينا كأنها تتنبأ بما سيحصل لنا . لا أتذكر ما الذي قلته لها حينذاك . فاغتمت وحزنت وصمتت صمتها الحديدي.
ثم ذهب كل واحد منا الى بيته ، وثمة خوف اعتصر قلبي من نبوءة " الله معك يا هوانا " .. تأخذني الساعة الخامسة والعشرون إليها من تلابيبي ، نسيت الطعام والشراب والحاجات الاخرى ، هل من المعقول إنني الهث مع الاحداث بهذا الشكل الجنوني ، حتى وجدتني أنتهي منها من دون نوم ولا طعام . أرخى الليل سدوله ونمت ، ولما أفقت في منتصفه ، وجدتني وحيدا ، تمنيت أن يطوي الليل ستاره بسرعة كي اصافح النهار لاذهب أليها ، أشتعل الشوق والخوف والقلق ، ثم جاء الصباح وذهبت الى دائرتها ، فلم أجدها ، أخبرتني صديقتها بانها لم تأت ، أنتظرت العصر لألتقي بها في معهد الوثائقيين الذي ندرس فيه ، كذلك لم تأت ، ذهبت الى منطقتهم ودرت حول بيتهم . كان الباب مغلقا ، ها انذا عدت لسذاجتي ، وشرودي ، غير إنها بعد يومين بزغت مثل الشمس ، رأيتها مع زميلة في اروقة المعهد صامتة تنظر الى الارض ، فتواريت عنها خلف الاشجار ، وانا اتقرب منها ، كي أفاجئها ، وفعلا ما أن رأتني ، حتى كادت تسقط الى الارض لولا انها توكأت على ساعد صديقتها .. وقالت لي بحزن وهي تبكي "أنت اهواري " .. غير أن الاهوار جفت ، وذهب كل ذلك الحب الى النسيان .



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقص حنان
- الاميرة
- الصياد
- أمرأة الباص
- المجنون
- قصة قصيرة - علاقة خطرة
- رواية ( سرير الاستاذ )
- رواية الغرق - الفصل الثاني
- رواية ( الغرق )
- بحر ايجه
- ليست قصيدة
- قصة قصيرة جدا
- الجارة
- قراءة في رواية شاكر نوري ..- جحيم الراهب - .. التجديف خارج ا ...
- اعتراف بالحب
- المفوهون العرب
- دولة الاحزاب ام دولة المؤسسات
- قصة قصيرة
- الثقافة العراقية والتسييس المهمش
- رد على نقد


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - قصة فصيرة