|
أسرلّت الضفة الغربية ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6598 - 2020 / 6 / 20 - 15:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ إنما الذين يراهنون على الدولة الواحدة سوف ينتظرنهم كميات غير قليلة من خيبة الأمل ، لأن ببساطة ، ضم المناطق الحيوية من الضفة الغربية إلى سيادة الكيان الإسرائيلي تعتبر إعلان حرب على وجود الفلسطيني ، بل الضم في مقاصده العميقة لا يشبه ابداً ذلك الضم الذي صنعه الاتحاد الروسي لجزيرة القرم ، وبالتالي الفارق كبير ، فجزيرة القرم خلال المائة وخمسون عام السابقة ، اشتغلوا الروس والإكرانيين على تغيرات ديمغرافية ، فاليوم أكثرية السكان من الروس والأكران ، وصلت نسبة الروس إلى58% أما الأوكرانيين يبلغ أعدادهم في الجزيرة 26% ، بالطبع هناك قلة قليلة من تتار واليهود ، فتتار القرم خضعوا إلى عمليات تهجيرية بحقبة جوزيف ستالين الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي إلى كازخستان واسيا الوسطى .
إذن هناك من يطور ما هو أبعد من الاحتلال ويحشد في كل مرة الفوارق الزمنية ، وبالتالي المحتل يبلور في مسألة الضم إلى استقطاب تلك الفئات الشعبية والتى تفضل هذا النمط من الاستقطاب الصراعي ، والحق يقال ، بأن الإسرائيلي لم يُبقي للضفاوي سوى الانتفاضة عليه ، وهذا يعود بالطبع لوقوفه إلى جانب الخاطئ من التاريخ ، أما المنطق وراء هذا ، إذن ما هو الفرق بالنسبة للإسرائيلي بين قرار الضم أو الاستمرار بالاحتلال ، فالفلسطيني بكيلا الحالتين متضرر ، لكن الصهيونية ولأنها مشروع عقائدي ، عملت في السابق وتعمل حالياً في منطقة لديها عقيدتين طاغيتين على المناخ الفكري والوجداني ، فالعرب منذ تأسيس دولتهم الإسلامية في المدينة شهدوا احتلالات وخضعوا للاستعمارات مختلفة ، لكن القعيدة كانت على الدوم قادرة على إعادة رص صفوف ابناءها وهذا يعود إلى العائلة الصغيرة التى تعتبر أساس الفكرة الإسلامية ، وبالتالي الإسرائيلي يعي هذه المسألة ، بل منذ تسلله إلى أرض الميعاد اشتغل على جبهات متعددة ومن بينها الجبهة الداخلية ، الضفة الغربية تحديداً ، لأنها المنطقة الجاذبة ليست لليهود فحسب ، بل لأصحاب الثقافة الواحدة في أوروبا ، فالمسيحي بالفطرة يعتبر نفسه يهودياً واليهودي بالفطرة يعتبر نفسه مسيحياً ، كالمسيحيو العرب ، هناك ثقافة واحدة بينهم وبين المسلمين العرب ، وبالتالي الهدف من ضم هو استكمال ثعلبة المجتمع الفلسطيني الذي تحول إلى مجتمعات في جغرافيات متفرقة وبالتالي تتم عمليات التجفيف بدقة وتدرج إلى أن يكتمل الجفاف .
الجميع يراهن على المتغيرات المستقبلية ، وبالتالي لا يوجد في الوقت الراهن حسم كلي في فلسطين ، وهذا يشير بأن المستقبل سيكون لمن يمتلك أسباب الصمود والوجود والمواجهة ، وإلى أن يأتي وقت الحسم لصالح طرف من الأطراف ، يحتاج الفلسطيني أن يعيد تموضعه من جديد ويفرز قواعد شعبية شبابية تقارع المحتل في جميع أراضي الفلسطينية كافة ، دون استثناء ، لأن اليوم لم تعد مسألة التفاوض مطروحة ، بل الإسرائيلي إنتقال إلى موقع فرض إرادته الكاملة على الجانب الفلسطيني بعد ما جرده كل أسباب المقاومة والحياة معاً ، أو بالأحرى لم يعد بإمكانه ترجمة كلمة ( أرفض ) قولاً إلى فعلاً على الأرض ، وهذا بالطبع يعود ليقين المحتل ، بأن الكيانات المختلفة النافذة في الضفة الغربية تحت سيطرته ، لأن كيف يفسر المراقب أن يصل حال السلطة إلى هذا الحال ، عندما تربط حكومة الاحتلال عائداتها من المقاصة بقيام الأخيرة بحماية المستوطنات وايضاً توفير المعلومات التى تضمن حماية داخل الخط الأخضر ، لم تكن البداية بهذه الصورة ، كان إتفاق اسلوا في البداية قد أغرق السلطة بالأموال لمجرد قبول الفلسطيني عملية السلام ، إلى أن وصل به الحال اليوم ، يحمي إسرائيل ومستوطناتها بأموال التى تُفرض كضريبة وجمارك على الموطنين الفلسطينيين ، وبالتالي لقد وصل حال الفلسطيني إلى حد الخيال ، بل لو في المستقبل البعيد ، شخص ما قرأ تاريخ السلطة ، بالطبع لن يصدق بما آلت أحوالها من الهوان والإذلال .
هنا ايضاً أكثر وضوحاً ، خطوة الضم الجزئي من الضفة الغربية بمثابة الخطوة ما قبل أسرِّلتها بالكامل ، فإذا كانت أعداد المستوطنين اليوم قاربت النصف مليون في الضفة ، وأعدادهم في القدس وصلت ال 400 الف ، فإن المستوطنون يراهنوا في المستقبل القريب إلى رفع هذا العدد إلى المليون ، وبالتالي اللجوء لاستفتاء على مصير الضفة الغربية غير وارد لأن أعداد الفلسطينيون أكثر من ذلك ، وطالما الحكومة الإسرائيلية تتحدث فقط عن ضم جزئي الآن ، إذن لديها خيارات مبيتة في المستقبل ، قد تكون تتشابهمع التى أعتمدها جوزيف ستالين مع أهل القرم من تتار المسلمين عندما طردهم واستقدم الروس من أنحاء البلاد . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموت مرتين / ما فائدة الرأس فوق الماء ...
-
أبراج المعرفة وأبراج المعلومة ...
-
الليرتان شتشهدان مزيد من الإنهيار / ترقبوا ...
-
نجاحهما سيرسم لنجاحات مستقبلية والعكس صحيح ...
-
إذا كان قذف المؤمنات حرام / فكيف إذا كانت المقذوفة أم المؤمن
...
-
تحالف المصالح / لبنان نموذج لأرض لم تشهد استقلالاً حقيقياً .
-
كيف تحول الأقصى من قيمة إلى ثمن ، يقدر ب 50 مليار دولار ...
-
همجية الذباب وهمجية الإنسان ، معارك طاحنة على من هو أكثر همج
...
-
نتنياهو العاقل وروهان المجنون ...
-
إنتاجات حداثة الماضي تتشابه مع إنتاجاتها اليوم ، الفردية وال
...
-
مفهوم الفردانية المطلقة والفرد في الأمة ...
-
مروان صباح / سويسرا الشريك الفعلي لكل هارب من الضربية وسارق
...
-
محمد رمضان يعيد المشاهد العربي إلى الشاشة المصرية ...
-
الديمقراطية والرأسمالية ، عقد قابل لذوبان ...
-
الهندي الأحمر والفلسطيني الأبيض ، مشروع واحد ...
-
جدار أثيوبيا المائي ، تبادل لعبة السدود
-
جدار أثيوبيا المائي ...
-
علاقة الحريات بالحداثة ومعادلة المراحل في تاريخ البشري ...
-
العدالة لا يمكن أن تصنع من الظلم ...
-
من علامات الخالق أن يمرر للمخلوق بصائر إدراكية ...
المزيد.....
-
قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا
...
-
أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق
...
-
الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي
...
-
موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق
...
-
الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC
...
-
بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى
...
-
كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول
...
-
واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ
...
-
البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|