أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الناصر عبداللاوي - وظيفةالعلم بين الحقيقة من جهة الوضعية والنمذجة كنسق مفتوح















المزيد.....



وظيفةالعلم بين الحقيقة من جهة الوضعية والنمذجة كنسق مفتوح


الناصر عبداللاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6585 - 2020 / 6 / 6 - 10:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1- مدخل إشكالي:
* في راهنية المسألة:
لقد انتهى الأمر بالعلم في ظلّ التطوّرات التي شهدها انطلاقا من بداية القرن العشرين، بالإضافة إلى ظهور مباحث علمية جديدة (الألسنية، علوم التربية، علوم الاتّصال، المعلوماتية، السيبارنيطيقا) إلى الانثناء على ذاته ومراجعة أسسه ومبادئه ومعتقداته، حيث لم يعد بإمكان منظومة المفاهيم السائدة استيعاب ما تطرحه التطوّرات العلمية من إشكاليات.
ظهور مصطلح النمذجة التي تعبر عن وصف لمسار اشتغال العلم وكيفية بناءه أو إنتاجه، وإنشاء النماذج يسمح لنا ببيان كيف؟ ولماذا؟ ومن أجل من؟ تبنى وتتصور وترسم أو تكتب النماذج العلمية ؟
فإذا سلّمنا مع بول فاليري بأننا "لا نفكر إلا على أساس النماذج" ، وجب أن نفهم كيف تبنى النماذج، وأي منزلة إبستيمولوجية للنمذجة في الحقل العلمي وأي قيمة فلسفية لها اليوم؟ أو ما الذي تقتضيه من مهام في علاقة برجل المنطق والإبستيمولوجي والفيلسوف؟ إن اهتمام الثقافة العلمية بالنموذج معاصر، و مستحدثا بحيث لا نعثر في المعاجم المتداولة على تعريف للنموذج وفق ما يفهم في معالجة الظواهر . هو ما يؤكد راهنية مسألة النمذجة وما يضفي مشروعية على تناولها بغاية بيان منزلة النموذج والنمذجة في الفكر العلمي المعاصر من جهة إبستيمولوجية وفلسفية.
في علاقة النمذجة بالبرنامج:
تناول مسألة النمذجة في مطلب الكوني ، استنادا إلى كونية العقل العلمي ذاته، فإنّ مقاربة العلم من جهة النمذجة باعتبارها السمة المميزة للخطاب العلمي اليوم .وهو ما يثير بعض الصعوبات في بيان صلة النمذجة بالكوني، فهل يتوافق مطلب الكوني والكلي مع معالجة مسألة النمذجة ضمن برنامج اتخذ من الكوني مطلبا ؟
مسألة النمذجة في تناغم مع روح البرنامج ومطلبه:
* فالنمذجة لا تخص علما من العلوم أو قطاعا معينا من قطاعات المعرفة بل تشمل كل العلوم دون استثناء.
* ترتبط النمذجة ببنية كلية تضم التركيبي والدلالي والتداولي أي أن النمذجة بنية كلية تستجيب لكل انتظاراتنا من العلم، إذ تفضي إلى تجاوز القول بأن "العلم لا يفكر" مادام لا يهتم فقط بالإجابة عن سؤال كيف؟ وإنما أيضا عن سؤال لماذا؟ أو من أجل ماذا؟، اعتبارا للطابع التليولوجي للعلم. فالنمذجة تهتم بالنظر كما بالفعل وكأن النمذجة تستعيد العلم بما هو حكمة نظرية وعملية ومطلبها الكلي.
* إنّ من بين مبررات التجاء العلم إلى النمذجة بما هي مسار أو تمشي أن العلم يهتم بالتفكير في المركب ، هو ما أفضى إلى القول بالنمذجة، وهو ما يعني أن النمذجة تسمح بالربط بين الاختصاصات المختلفة.
* تعد النمذجة تأكيدا على الطابع المفتوح للعقلانية العلمية، طالما لا معنى لنموذج مطلق ونهائي ، وهو ما يؤكد نسبية النماذج، دون أن تفهم هذه النسبية على معنى التشريع لنزعة ريبية في العلم، وإنما تحمل على معنى تأكيد طموح العلم نحو فتح أفق البحث على ما استغلق على العقل العلمي زمن سيادة البراديغم الميكانيكي أو التوجه الوضعي، أي طموح العلم في طلب الكلي، فضلا على أن النمذجة هي تجاوز للمعطى والاكتفاء بالظاهر نحو المنشأ والمبني والمبتكر . وإنتاج معرفة كلية سواء تعلق الأمر بالعالم الميكروفيزيائي أو الماكروفيزيائي، الطبيعي أو الإنساني، المتناهي في الصغر أو المتناهي في الكبر أو المتناهي في التعقيد أو التركيب، وهو ما يمكن أن يبرز علاقة النمذجة بمطلب الكلي،وما يسمح لنا بالتأكيد على علاقة التناغم بين النمذجة ومطلب الكلي.
إنّ النظر إلى النمذجة في وجهة علاقتة بالكلي:
* تخلي النمذجة في العلم المعاصر عن صورة العقل العلمي كما رسمه "لابلاص"، وانهيار اليقين العلمي نتاج ما عرف بأزمة الأسس في الرياضيات وأزمة الحتمية في الفيزياء، انطلاقا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، التي انتهت إلى الإقرار بمحدودية النموذج الهندسي الإقليدي والنموذج الفيزيائي النيوتني وعدم إمكانية سحبهما على كلّ الظواهر الكونية . وقد ترتّب عن ذلك تجاوز الاعتقاد في إمكانية بناء نسق واحد من المبادئ والقوانين الشاملة لكلّية الواقع، بالتحوّل من عقلانية منغلقة دغمائية تدّعي الكلّية إلى عقلانية قطاعية منفتحة والتخلّي عن فكرة النموذج الواحد (النموذج الفيزيائي الرياضي) الصالح في كلّ المجالات (النزعة الوضعية).
* والنمذجة من ناحية أخرى هي تمثيل اختزالي للواقع مرتبط بسياق ما، و يراهن على التحكم والفعل أكثر من مراهنته على الحقيقة والتفسير، فضلا على أنّ النموذج هو إنتاج أو بناء يرتبط بمجموعة علمية أو تقنية .إذ لم نعد نتحدث عن العالم بوصفه ملاحظا موضوعيا بل بوصفه ملاحظا مبتكرا، كما لم نعد نتحدث عن العلم بوصفه يحيل على ثنائية معرفة/موضوع بل يحيل على ثنائية معرفة/مشروع، فهو ليس في علاقة بالقطاع المعرفي فحسب وإنما في علاقة بالسياق الاجتماعي والاقتصادي والحضاري الذي يحكم إنتاج النماذج، يفرض علينا من زاوية النظر الإبستيمولوجية البحث عن الأبعاد الجديدة للعقلانية العلمية بما هي عقلانية حسابية لا تهتم بحساب الأبعاد والتعبير عنها في لغة رياضية كمية فحسب، وإنما بحساب المصالح والغايات أو الأهداف. البحث عن أصل النمذجة وليد التطورات التقنية الهائلة بمعنى الثورة الإعلامية وما أفرزته من نشأة اختصاصات مثل علم التحكم أو القرار أو التواصل أو الذكاء الرامز أو الهندسة وغيرها وحاجتها إلى اكتساب منزلة علمية .
*الإشكالات النظرية التي تثيرها مسألة النمذجة:
فما المقصود بالنمذجة النموذج وأي منزلة لهما في الفكر العلمي؟ هل يعد مجرد واقع معطى أم أنّه إنشاء ؟ هل تمثل النمذجة مجرد مسار أو منهج أو طريقة يتبعها العلماء في بحثهم أم أنّه مجرد إجراء لتجسيد المعرفة في صور أو رسوم أو بيانات ؟ وإذا سلمنا بأن النمذجة هي السمة المميزة للعلم اليوم فأي علاقة لها بالمنهج التجريبي في دلالته الوضعية ؟ هل يمكن اعتبار النمذجة امتداد للعقلانية الكلاسيكية أم هي إعلان عن براديغم جديد مغاير في مبادئه ومعاييره ونتائجه؟ وأي علاقة بين النموذج والنظرية؟ هل يعد النموذج مجرد تجسيد للنظرية العلمية أم أن النموذج يتماهى مع النظرية؟ أم أن النموذج نظرية ذات بعد عملي؟ أم ينبغي النظر إلى هذه العلاقة جدليا بحيث لا ينتج العالم نموذجه إلا وفق تصور نظري ما قبلي وأنّ النموذج من شأنه أن يعدل النظرية أو يدفعها إلى مراجعة مبادئها ومسلماتها ومفاهيمها؟ ثم هل من معنى للموضوعية في النمذجة والحال أنّ علاقة الذات بالموضوع لم تعد "محايدة" على معنى الموضوعية الأنطولوجية، في مقابل الحديث عن علاقة تفاعلية بين الملاحظ وموضوعه، هي من جنس العلاقة الفينومونولوجية حيث لا يدعي المنمذج أنه يصف الواقع كما هو وإنما يصف الواقع كما يتمثله؟ هل أن مثل هذا التحول يهدف إلى تحقيق ضرب من المصالحة بين الواقع العلمي والواقع الإنساني تجاوزا للطابع الجاف والمجرد للعلم أم أنّه إعلان عن علاقة عضوية بين العلم ورأس المال تجعل من النجاعة بدل الحقيقة ومن التحكم بدل التفسير القيمة الأسمى للعلم؟ ألا ينبغي النظر إلى النمذجة لا من جهة أنها مسار علمي حتمه التطور العلمي وطبيعة الظواهر المركبة وإنما من جهة أنها تدعي العلمية لتخفي طابعها الإيديولوجي وتضفي مشروعية على أفعالها؟
2 - دلالة النموذج والنمذجة:
يعرّف النموذج حسب فاليزار" بما هو كل تمثل لنسق واقعي سواء كان ذهنيا أو ماديا، يتم التعبير عنه بلغة أدبية أو في شكل رسوم بيانية أو رموز رياضية" كما يعرّفه دوران بقوله" يشمل معنى النموذج في دلالته الأكثر اتساعا كل تمثل لنسق واقعي مهما كان شكل هذا التمثل". والنمذجة وفق هذا التحديد هي التمشي المنهجي الذي يفضي إلى إنتاج النموذج وتفترض النمذجة أنّ كلّ كائن هو بمثابة منظومة تشتغل على نحو ما، ليكون النموذج منزلا ضمن حقل الفكر النسقي وهو ما يعبر عنه فاليزار بقوله " لا ينفصل مفهوم النسق في الحقيقة عن مفهوم النموذج منظورا إليه كنسق تصوّري لنسق واقعي. وكل نسق واقعي لا يعرّف إلا بالعودة إلى نماذج تصورية (التصورات الذهنية أو التصورات الصورية) وعلى العكس من ذلك فإن كل نموذج يمكن اعتباره نسقا خصوصيا أيا كانت طبيعته فيزيائية (maquette) أو مجردة(ensemble de signes ) "
يجد النموذج أصوله في التقنية، و يفيد الرسم الهندسي أو الموضوع المختزل في مثال مصغر أو في شكل تبسيطي والذي ينتج المشروع (الموضوع) ويعبر عنه ، إذ يمكن أن يخص بعمليات حسابية أو اختبارات فيزيائية لا يمكن تطبيقها على الموضوع ذاته، لذلك اتخذ النموذج طابعا منهجيا، إذ يشير إلى كل الصور أو الإنتاجات التي تخدم أهداف المعرفة.
النموذج والبراديغم:
يفيد البراديغم بحسب توماس كوهن معنى تمثل العالم وطريقة في النظر إلى الأشياء أو نموذجا إرشاديا متناسقا في رؤية العالم يستند على جملة قيم ومبادئ ومعايير وقواعد تتبناها مجموعة علمية معينة وتتواضع بشأنها أو تتفق عليها لقراءة الواقع أو للحكم على الأحداث في فترة زمنية معينة وهو ما يجعل البراديغم قريبا في دلالته من منظومة الأفكار أو البنية المفهومية التي تعتمدها جماعة علمية في البحث والنظر والحكم، وعلى هذا الأساس يختلف النموذج عن البراديغم اختلافا يمكن توضيحه على أساس أن النموذج أو النمذجة إنما يتحرك داخل براديغم معين إذ ترتبط النمذجة ببراديغم الكون المبني في مقابل براديغم الكون المنحوت أو براديغم الإنشاء في مقابل براديغم الاكتشاف، وهو ما يعني أنّ النمذجة لا تعكس امتدادا للعقلانية الكلاسيكية وإنما تعبر عن ثورة علمية التي يفترض قيامها انقلابا على باراديغم سائد والانتقال إلى براديغم جديد.
• النموذج والمثل الأفلاطونية:
لا ينبغي أن يفهم النموذج في معنى المثال الأفلاطوني حيث يمثل النموذج الصورة المثالية التي تتحدد على ضوئها الموجودات وتنتظم، بل على العكس إذ أن النموذج العلمي التقني يقلب صورة النموذج الأفلاطوني بما أنه تمثل عرفاني أو عقلاني لأجسام واقعية متعينة.
• النموذج والمثل الأعلى العلمي:
كما لا ينبغي أن يفهم النموذج على معنى المثل الأعلى العلمي الذي تتخذه بقية العلوم نموذجا تحاكيه وتنحو نحوه على غرار النظر إلى الفيزياء النيوتنية بما هي نموذج لبقية العلوم في المقاربة الوضعية أو النظر إلى الرياضيات بما هي نموذج ينبغي محاكاته واعتباره نموذج لكل خطاب يطلب استيفاء شروط العلومية، إذ لا وجود لنموذج النماذج ولا معنى لنموذج مكتمل حيث تكون خصائص النموذج مطابقة أو ملائمة لخصائص النسق.
*ينبغي أن يفهم إذن من كلمة نموذج وحدة معرفية أو إدراكية مستقلة تعبّر عن نفسها في شكل علاقات صورية بين مقادير.وهوما يسمح النموذج من استخلاص أو اشتقاق جملة من النتائج أو الاستتباعات في صورة نسقية (البعد التركيبي). إنّه ينشئ أيضا حقلا من المفاهيم (البعد الدلالي ). ومن الزاوية الإجرائية فإنّ للنموذج منزلة عملية أو تطبيقية أصيلة بما أنّه يضم عناصر وصفية وأخرى معيارية، تسمح له أن يكون فاعلا وناجعا وقادرا على تحقيق الغايات التي حكمت إنتاجه ( البعد التداولي ).
كيف ننمذج؟ .
يمكن تعريف النمذجة العلمية بما هي قدرة على إنتاج نماذج قوامها وعي الفكر العلمي بطبيعة نشاطه بما هو صانع نماذج مرتبطة بسياق اجتماعي محدّد.كما تفيد جملة المراحل التي يمر بها الباحث لبناء نموذج ما انطلاقا من المنظومة الملاحظة والتي يمكن اختزالها في :
ـ رسم الحدود الدقيقة للنسق المزمع نمذجته.
ـ التعرف بدقة على عناصر النسق وتصنيفها بحسب خصائصها.
ـ اختيار لغة ما لتمثل هذه العناصر وكيفية تفاعلها(لغة أدبية، أو منطقية/ رياضية).
ـ اختبار النموذج بتشغيله افتراضيا لتعديله عند الاقتضاء.
ـ ضبط الأهداف التي يرجى تحقيقها من إنشاء النموذج في علاقة بسياق ما.
ـ يمكن للباحث في الأخير إمّا تعميم هذا النموذج على أكثر من منظومة أو أن يبني منظومة أكثر تجريدا بواسطة الاستقراء وهو ما يعني أنّ النمذجة مشروع مفتوح.
3- أبعاد النمذجة:
أ- البعد التركيبي:
إن النمذجة كممارسة علمية تتقدم كحل لمجموعة من الصعوبات التي اعترضت العلماء في تفسيرهم للظواهر، صعوبات تتعلق بأزمة أسس الرياضيات، أزمة الحتمية في الفيزياء، فهذه الصعوبات أدّت إلى انهيار اليقين العلمي وتفكيك العقل العلمي، بالإضافة إلى الوعي بالطابع المركب للظواهر والذي رافق ظهور علوم جديدة، علوم تطبيقية كالسيبارنيتيقا وعلوم الهندسة والإعلامية.
تقوم النمذجة على الدراسة النسقية للتوافق بين أبعاد ثلاثة :
البعد التركيبي: يشمل كل ما يتعلق بالعناصر الأولية كالأرقام والرموز وقواعد تنظيم هذه الرموز في علاقات بالإضافة إلى الصيغ والقضايا.
البعد الدلالي: يشمل كل مضامين القواعد وما يعطي معنى للنسق وبالتالي مختلف التأويلات.
البعد التداولي: يتحرّك ضمن مسار إدماجي للمعرفة والممارسة ويتعلق بالتعديلات التي تجرى على النسق ووظائف النماذج المختلفة بالإضافة إلى التمثيلات التي ينتجها النموذج.
ويجب أن نلاحظ أن هذا الفصل بين هذه الأبعاد الثلاث ليس إلا فصلا إجرائيا يرتبط بمنهجية تعلمية، ذلك أن هذه الأبعاد الثلاثة تتداخل في ما بينها وتمثل بنية على المنظّم أن يأخذها في كلّيتها بما هي تعبير على نموذج واحد يتحدد هو ذاته كبنية.
ومن هذا المنطلق يحدد "بياجي" J.Piaget البنية باعتبارها الشكل المُلاحَظ والقابل للتحليل الذي تتخذه عناصر موضوع مادي، فهي الطريقة التي يتقدم وفقها مجموع محسوس في الفضاء. يتعلق الأمر إذن بالأجزاء وتنظيم هذه الأجزاء، فالبنية هي كلّ يتكون من عناصر ومن شبكة علائقية بين هذه العناصر تتعلق بالتكوّن أو البناء و السياق و تموضع العناصر وشكلها. لذلك ينسب "بياجي" للبنية ثلاث خصائص، الخاصية الأولى تتعلق بالكلية من جهة كون البنية كلّ، و الخاصية الثانية تتمثل في التحول من جهة كون البنية لها طابع ديناميكي، والخاصية الثالثة هي الانتظام الذاتي من جهة كون البنية تشتغل بطريقة مستقلة عن المنظر. وهذا يعني أن المنظر لا يتدخل فعليا في البنية. و لكن رغم كون البنية مستقلة على عمل المنظر فإنها تساعده على الصورنة كلحظة أساسية في انتاج النموذج. ذلك أن الصورنة هي العملية المعرفية التي تحوّل بمقتضاها فعل أيّ نسق عيني إلى صورة أي نسق مجرّد والعملية المعاكسة أي التحوّل من النسق المجرّد إلى النسق العيني تتمثل في التأويل.
ويلاحظ "لادريار" J.Ladriere أن الأنساق العينية والأنساق المجرّدة تمثل نظما رمزية بما هي اصطناع عقلاني يشتمل على أشكال يمكن أن تـُستخدم في صياغة تمثلات لأيّ وسطٍ يسعى نظام الرموز إلى التلاؤم معه، إذ يسمح له بنمذجة هذا الوسط وعقلنته. والصورية هي نظام رمزي من القواعد التي تمكّن من التحول من التجارب إلى المعارف، وهو ما يعني أن الصورية هي كل نظام علامات ناتج عن الصورنة. وإما باستخدام المنهج الرياضي ذاته أي المنهج الفرضي الاستنتاجي، و هو ما يعني أن العلم الحديث هو ابن الرياضيات كما بين ذلك هنري برقسون H.Bergson و أيضا ألكسندر الكويري A.Koyréعندما حلل الثورة العلمية الحديثة وأعلن أن ولادة العلم الحديث حصلت عبر القطع مع التفسير النوعي الأرسطي و تعويضه بتفسير كمي، أي أن النشاط العلمي يتمثل في مجهود تعويض المعرفة النوعية بالحواس و الإحساس بمعرفة كمية قابلة للقياس.
ويبدو أن إقصاء الجانب النوعي من العلم ضيق مجال المعرفة العلمية و مثل أحد الصعوبات التي أظهرت نقائص العلم الحديث أو ما يسمّيه "لوموانيو" بالنمذجة التحليلية، وهذا يعني أن مزية النمذجة النسقية تتمثل في تجاوز التضييق الكبير لمجال امتداد العلم باسم الترييض والتكميم كشرط ضروري للمعرفة العلمية ويكون ذلك عبر توسيع دائرة العلم لتشمل مالا يمكن الحديث عنه في لغة كمية رياضية صرفة.
فإن النمذجة النسقية تمكننا من صورنة ما كان غير قابل للصورنة في النمذجة التحليلية وذلك في شكل توثيقي لمعارف رمزية تتعلق بتجارب مدركة أو قابلة للإدراك بإنتاج علاقات عقلية محدّدة من قبل فاعل منمذج لفعله الخاص. وهذا النوع من التمثل للظواهر لا يدّعي أنه يقدّم الوصف التام للظاهرة المدروسة إذ أنه تمثل اصطناعي وتليلوجي Téliologique قابل للتعقل مما يعني أن التمثل الذي تقدمه النمذجة النسقية لا يدّعي فصل الصورنة على التأويل، ذلك أن النموذج ينشأ بفعل عملية تبسيط متعمّد، وهو تبسيط لأنه يختار بعض مظاهر الواقع المدروس ويهمل أخرى، ومتعمّد لأن المنمذج يعلم مسبقا أن النموذج الذي ينتجه لا يدّعي مطابقة الواقع المدروس في كلّ الظروف وفي كلّ جوانبه، إذ لا يجب أن ننسى أن النموذج هو قبل كل شيء إنشاء فكري فالنموذج هو نظام علامات
ومن هذا المنطلق فإن النمذجة تفتح مجالات واسعة أمام البحوث العلمية دون أن تلزم التمثل بلغة مغلقة إذ يمكن التعبير عن النموذج كتمثل لظاهرة ما في لغة خطابية أدبية أو في تصاميم أو في رسوم بيانية بالإضافة إلى اللغة الرياضية ومن هذا المنطلق يمكن أن نميّز بين نوعين من النماذج:
نماذج مادية: تترجم نسقا معينا من الظواهر العينية التي يغلب عليها الطابع النوعي بما أنّ بعض الخصائص المادية كالأشكال والألوان والروائح... يصعب التعبير عنها في صورة مجرّدة.
نماذج رمزية: تترجم النسق في لغة مجرّدةن ويجب أن نلاحظ أن هناك أيضا بعض الخصائص المجرّدة التي يصعب تجسيدها في مقابل مادي يماثلها.
ولكن هذا التصنيف لا يعني القطيعة بين نوعيْ النماذج إذ يجري المرور تدريجيا من النموذج الرمزي إلى التصميم ومن التصميم إلى النموذج الرمزي فكلّ نموذج رمزي يحافظ على سند مادّي، وكل تصميم لا يخلو من قدر من التجريد برغم غياب التوافق الكلي بين النموذج المادي والنموذج الرمزي بما أنّ بعض الخصائص المادية يصعب التعبير عنها في أشكال مجرّدة وبعض الخصائص المجرّد يصعب تجسيدها في مقابل مادي يماثلها. والمرور من المادي إلى الرمزي أو إن شأنا من المحسوس إلى المعقول ومن الرمزي إلى المادي، أو من المعقول إلى المحسوس هو ما يعبّر عنه "سيمون" بقوله: "لقد نقلت الحواسيب نـُظـُمَ الرموز من الجنة الأفلاطونية للمثُل إلى عالم خبري للسيرورات الواقعية المتحققة عن طريق آلات و عن طريق هذه الأدمغة أو بالاثنين يعملان معا"، ذلك أن الذكاء الاصطناعي يمثل آلية تسهل على المنمذج المرور من الصورية المجرّدة للتمثل الذهني إلى تحسيس و تلميس هذا التمثل افتراضيا بواسطة الحاسوب الذي يسمح بإيجاد مقابل مادي يماثل الخصائص المجرّدة التي يصعب تجسيدها في الواقع الفعلي.
الأكسيومية، كضرب من العرض للعلوم الصحيحة مبني على قضايا افتراضية يسلّم بها تسليما دون برهان وهي القضايا التي تُسمّى الأوّليات التي تكون مصاغة بدقة وتؤدي إلى استدلالات صارمة، ، ذلك أنّ الأكسيومية تبدأ بجرد كامل الأوليات أي كلّ القضايا التي نسلّم بها دون برهان.
والنمذجة كممارسة علمية موحّدة للنشاط العلمي بما تسمح به من تعاون بين مختلف الاختصاصات العلمية وباستخدامها للعلوم الإعلامية مكنت العلم من إطار جديد للتجريب الافتراضي Experimentation Virtuelle كما مكنته من استخدام لغة اصطناعية مفتوحة تخضع عناصرها للظواهر المنطقية .وهكذا يمكن القول أن مقاربة البعد التركيبي للنمذجة توضّح لنا الشروط الابستيمولوجية يمكن أن نلخصها في النقاط التالية:
عدم التناقض: بمعنى أن يكون النموذج خال من كلّ تناقض وهو شرط تجعله الأكسمة ممكنا.
التمامُ Complétude: بمعنى أن لا يتضمّن النموذج قضايا لا تقبل البرهنة أو الدحض.
الثبات : بمعنى أن تكون قضاياه ملائمة لكل المتغيرات الممكنة.
الاشباع Saturation: بمعنى أن لا يحتاج النموذج إلى استخدام مصادرات إضافية من خارج النسق.
القطعية Décidabilité: بمعنى تضمّن النموذج لإجراءات تسمح بالحكم على قضية ما بكونها صحيحة أو خاطئة.
الاستقلالية Indépendance: بمعنى ألاّ يتضمّن النموذج أوّلية يمكن استنباطها من بقية الأوّليات.
ب- البعد الدلالي:
يقول برونو جاروسون في كتاب "دعوة إلى فلسفة العلوم" : «إن الواقع لا دلالة له في ذاته. وفي مقابل ذلك من المهم أن نتبين أن الواقع له دلالة وله معنى أيضا». البعد الدلالي للنمذجة النسقية يتعلق بهذه الدلالة التي تبدعها النمذجة للعالم: إذ يتعلق الأمر بعلاقات العلامات الرمزية مع الواقع، ذلك أن تمثل الواقع ينتشر من خلال منطق الفكر، وإنشاء نسق صوري لنمذجة واقع ما ليس مجرّد لعبة مجانية نكتفي فيها بإنشاء رموز دون اعتبار ما يمكن أن تعبر عنه هذه الرموز والعلاقات القائمة بينها من مضامين ذات صلة بالواقع.
هذا يعني أن الصياغة الصورية لا تكتسب قيمة علمية إلا بفعل تطبيقها في وضعيات تجريبية بواسطة تأويل الرموز المجردة وترجمتها في حدود فيزيائية. إذ أن النسق الصوري يعبر عن بنية واقعية، ولذلك لا بدّ من تحقيق ضرب من التلاؤم بين المعطيات الصورية للنسق المدروس وبين المعطيات الخبرية التي تنتظم وفقها الموضوعات العلمية المعتبرة. وهذا التلاؤم يقوم على مجموعة من القواعد وكلّ ما يتعلق بهذه القواعد يشكل البعد الدلالي أي النموذج بما هو تأويل. يتعلق الأمر إذن بلحظة التجريب التي تقتضي تأويلا عينيا وبالتالي فإن البعد الدلالي للنموذج يتحدّد بعلاقته التفاعلية بالنسق الذي يمثله بهدف جعل النموذج أكثر ملاءمة.
ذلك أن النمذجة في العلوم الفيزيائية الكلاسيكية التي تعتبر علوما طبيعية، هي إعادة إنتاج مبسط ومماثل لخصائص الأشياء. فإن الميكانيكا الكلاسيكية، استخدمت الرياضيات لتستجيب لهذا الاقتضاء العلمي.
أما في النمذجة النسقية فإن وظائف التحويل الرمزية تتأسس في ذات الوقت تركيبيا و دلاليا. فنحن مثلا لا نستطيع التنبؤ بمسار الصاروخ الذي يتتبع آلة طائرة في الفضاء إلا بواسطة وظيفته التحويلية التي تتضمن مُعَدِّلات قادرة على المحافظة على ثباتية.
وهذا يعني أن ما وراء اختلاف النماذج هناك خاصية مشتركة: إن كل النماذج حاملة لمعلومات، حاملة لمعرفة، إنها تعبيرا في لغة ما يقول لوموانيو J.L.Le Moigne :«نماذج ننشؤها ونمارس من خلالها البرهنة وتبادل الأفكار و نتمكن من جعل المغامرة المبهرة التي انخرطت فيها الإنسانية منذ نشأتها قابلة للفهم».
النموذج من هذا المنطلق الدلالي يجب أن يكون عاما، والتعميم كخاصية دلالية يقتضي توسيع مجال صلاحية النموذج، حتى نتحول من نموذج ذي صلاحية تتعلق بعدد محدود من الوضعيات الملاحظة إلى نموذج يشمل عددا لامحدود من الوضعيات الممكنة التي تؤكد صلاحية النموذج بما في ذلك الوضعيات التي لم يجر اختبار النموذج فيها. إذ لا يجب أن ننسى أن النظرية العلمية هي نموذج لطريقة التفاعل بين مجموعة من الظواهر الطبيعية، قادرة على التوقع بالأحداث المستقبلية . وما تشترك فيه النظريات العلمية هو مجهود أمثلة الواقع Idéalisation du réel، أمثلة تتحقق في صورنة أكسيومية بالنسبة للنمذجة النسقية، لذلك يمكن القول مع فاليزار B.Walisser:«يمكن اعتبار كل نموذج في وجه من وجوهه، وسيطا بين حقل نظري يمثل تأويلا له و حقل تجريبي يمثل تأليفا له.» و بما أن كل بناء نظري ينتج قوانين يمكن القول أيضا مع بول غريكو P.Gréco بأن «النموذج هو وسيط ضروري بين صياغة القانون وفهم معنى القانون» خاصة و أن القانون هو صياغة لعلاقة كونية بين الظواهر.
ثم إن النمذجة النسقية يمكن أن تكون في خدمة غايات متعدّدة، مثل معرفة المشاكل المركبة والمعقدة، فهم الظواهر، أو اصطناع استراتيجيا للفعل، إنها تحمل في ذاتها مشروع جعل الواقع قابلا للتعقل عبر نمذجته. ففي النمذجة ينطلق الباحث من المشروع الذي حدده ليجمعه بفرضيات
لذلك فإن النمذجة تقارب الواقع بطريقة معقدة (مركبة) لا يمكن اختزالها في نموذج نهائي ومغلق، بل لا يوجد واقع وإنما وقائع متعددة، فليس هناك حقيقة واحدة بل عدة حقائق.
فعلى المنمذج أن يعبر عن مقاصده وأن يعرضها قبل أن يقدم النموذج الذي تخيله بكل حرية. وحق الخيال، هذه الحرية التي للمنمذج ليست خاضعة لأي قاعدة بل لا يمكن أن نخضعها لأي قاعدة أو قانون وهذا يعني أن الذاتية علنية في النمذجة النسقية، والواقع يتم استنتاجه من مقدمات توضع قبليا بالتجارب والمعارف. فإن النمذجة تفتح المجال للإسقاط والإبداع والمنمذج ينغمس في الوسط ويتخيل مشاريع الظواهر التي يدرسها.
النموذج لا يعكس، إذن، الواقع في كليته و إنما يعكس الواقع كما تمثله، فالمعطيات الخبرية أو الافتراضية تعطي للنموذج دلالته أو تقتضي تعديله، فعلاقة النموذج بالواقع ليست علاقة تطابق و إنما هي علاقة تفاعلية تتحدد بالملاءمة، لذلك يُشترط أن يكون النموذج مرنا قابلا للتعديل، و ثريا قابلا للتحول من كونه نموذجا خاصا إلى كونه نموذجا شاملا لأكثر من نسق و تتحدد صلاحيته التجريبية إما بتجارب قياسية عبر التمثل الاصطناعي في الواقع الافتراضي و إما بتجربته في الواقع الفعلي.
ج- البعد التداولي:
يرى نوال مولود Noël Mouloud أن استخدام النماذج هو مساعدة إضافية لخدمة غايات معرفية، و أن كل المختصين في مناهج العلم المختلفة يتحدثون عن النماذج باعتبارها تمكن من تحقيقات امثل، فالنمذجة تجعل التبسيط. يجب أن تكون النماذج مرنة وقابلة للتعديل لتستجيب لمقتضيات الاختراع والاكتشاف. وهكذا فإن النمذجة لا تخلط بين الحقيقة المدلول عليها والمحتوى الضيق للتشكيل، وبالتالي تتجنب النمذجة النسقية الدوغمائية التي تنتج عن الخلط بين الموضوع ونموذجه، فالنموذج هو "تخيّل مراقب" Fiction controlée على حدّ عبارة "نوال مولود"، مراقب بنجاح أو فشل التجربة بما أنّ النموذج يخضع لشرط التماسك كأحد معايير البعد التركيبي. ومن هذا المنطلق فإن غائية النمذجة النسقية تتمثل في بناء استراتيجيات وتمكن من إيجاد ومن تنظيم نوايا الفعل الممكنة ونتائجها التي لم تكن تخطر على البال وبالتالي تحديد قواعد الفعل. ذلك أن النمذجة تنظر في مشروعها من جهة كونه مسار له فعل وتاريخ. لذلك فإن المقاربة التليلوجية Téléologique تمكن من اكتشاف حلول في المدى القريب ولكن خاصة في المدى البعيد.
ويجب أن نلاحظ أن الخصائص التداولية للنموذج والمتمثلة في قابلية التوظيف والاستعمال والتعديل والمرونة والثبات والايجابية في الأداء تجعل النموذج قادرا على القيام بوظائف مختلفة نذكر منها ثلاث أساسية:
- وظيفة معرفية: إذ يمكّن النموذج من تفسير النسق المدروس عبر إبراز بعض خصائصه وضبط علاقات بين مداخل النسق ومخارجه، فالفهم يمثل الوسيط بين الهدف القصدي وقوانين بنية المحيط الفيزيائي (طبيعيا كان أو تجريبيا) أو المحيط الاصطناعي (أي المنطقي-رياضي المطبق) أو حتى المحيط الإنساني وهذا الوصف يربط مقاصد المنمذج بالهدف المراد تحقيقه وبقوانين ضغوطات المحيط. وهي قوانين يمكن أن تكون طبيعية أو اصطناعية أو حتى سيكوسوسيولوجية.
- وظيفة توقعية: إذ يمكن النموذج من التنبأ بتصرّف النسق المدروس وبردوده في وضعيات لم تجر ملاحظتها انطلاقا من المعرفة الحاصلة حول النسق في وضعية معينة، ذلك أن التفسير مثلما بين ذلك "ستراوس" ينطوي على ضرب من التوقع.
- وظيفة اتخاذ القرار: يوفر النموذج لصاحب القرار المعطيات الضرورية التي تسمح له بإنارة قرار يهدف إلى الفعل في النسق فيكون القرار ملائما للمشكل المطروح وما يتصل به من ضغوطات، إذ لا يجب أن ننسى أن كلّ نموذج هو تمثل يسمح بمعرفة أو فهم أو تفسير كيفية اشتغال النسق المدروس بغاية التحكم فيه أو الفعل فيه. وإن هذه الغاية تضع النموذج في علاقة لا فقط بالمنمذج ولكن أيضا بمن يستعمل النموذج والفاعلين في النسق المنمذج.
يتعلق الأمر إذن، في المستوى التداولي، بالنظر إلى النماذج على أنها وسائل سيطرة وتحكم وهو ما يعني ارتباط النشاط العلمي بالتقني مثلما بين ذلك "لادريار"، فالنمذجة تفتح على التقنية إذ «تضيف للأنساق الطبيعية أنساقا اصطناعية أو تهب الأنساق الطبيعية خاصيات جديدة و طابعا مصطنعا». والنماذج التقنية ليست محايدة وإنما هي متداخلة مع الجيهات العملية وحتى السياسية التي تحيط بالممارسة العلمية و توجهها. والبعد التداولي للنمذجة النسقية يؤكّد لنا التحالف بين العلم والمصلحة، التحالف "بين السعي إلى فهم العالم والرغبة في قولبته" على حدّ عبارة "ايليا بريقوجين" و"ايليزابات ستنجرس"، و يعلن نهائيا براغماتية المعرفة العلمية في البراديغم البنائي.
4- حدود النمذجة:
أ- الحدود الفلسفية:
يبدو أن العلم والتقنية يعطياننا اليوم معرفة حقيقية وسلطة واقعية ففي الصراع ضد البؤس يمكناننا من استغلال عقلاني للموارد الاقتصادية، وفي الصراع ضد المرض كثيرا ما ينجح الطب والجراحة في إنقاذ أرواح بشرية من موت يكاد يكون حتميا : إن العلم والتقنية يقدّمان للإنسان سلطة حقيقة وتبدو النمذجة كممارسة علمية موجهة أساسا للفعل قد رسخت هذا التوجه المعرفي الذي يرمي إلى سيادة الإنسان على الطبيعة بل أكثر من ذلك، إن النمذجة في بعدها الدلالي وفي خاصيتها التليولوجية قد ردّت الاعتبار للذات في إنتاج المعرفة العلمية، إذ تؤكد على الطابع الإنساني للحقيقة، فالحقيقة تنزّل في التاريخ ولم تعد واقعا انطولوجيا بل بناءا رمزيا وتمثلا ملائما في ظروف معينة وفي أزمنة معينة.
ردّ الاعتبار للذات في النمذجة يتزامن معه ردّ الاعتبار للمعنى والتأويل في المعرفة العلمية ذلك أنّ البراديغم الوضعي بإقراره للموضوعية كشرط أساسي في المعرفة العلمية لم يستبعد فقط الذات باسم الحياد والكونية بل أقصى أيضا المعنى من خطابه وحصره في الفلسفة، والقانون العلمي يمثل في البراديغم الوضعي قانونا للطبيعة في ذات الوقت إذ تقتصر مهمة الباحث الموضوعي على اكتشاف هذا القانون الذي يوحّد المعرفة ويوحّد الذوات، يوحّد المعرفة من جهة كون الظواهر المتعددة تُرد إلى نفس القانون، ويوحّد الذوات من جهة كون كلّ الذوات ترى نفس القانون في نفس الظواهر المتعددة، وهذا يعني أن فكرة القانون في البراديغم الوضعي تعبر عما اسماه "ألان باديو" Alain Badiou بثنائية الواقعية ـ القانون، وهذه الثنائية تعبر عن الابستيمية التماثلية التي تحدّد الحقيقة أنطولوجيا، أمّا في النمذجة فإن اعتبار النشاط المعرفي اختراعا يبني تصوّرا للظواهر بطريقة حرّة من قبل الباحث يضع الذات مرة أخرى في محور العملية المعرفية وبالتالي يغيّر ثنائية الواقعية القانون بثنائية الواقع النموذج وفي هذه الثنائية لا نتحدّث عن تطابق بين النموذج والواقع وإنما نتحدّث عن ملائمة، ملائمة تجعل النموذج المقبول ليس النموذج الوحيد الممكن بل إن هو إلا معنى ممكن ينتجه المنمذج كذات متدخلة باختياراتها وأهدافها وغاياتها في إنتاج المعرفة باعتبارها معنى ممكن للواقع، بهذه الكيفية لن يكون بإمكان "هوسّرل" E. Husserl اتهام البراديغم البنائي بإقصاء مسائل المعنى مثلما كان الحال مع البراديغم الوضعي.
غير أن النمذجة باعتبارها المعرفة التي نتجت عن كيفية التفكير وضرب الفعل الذي يناسبها بحيث تتمثل الحقيقة في المطابقة بين نماذج تجربتنا للعالم وهذه التجربة، وحيث يكون النموذج تمثلا غائيا موجّها لمشاريع الفعل بحيث ينظم العقل ذات بتنظيمه للعالم وتكون تفعيلا للممكن باعتبار التفاعل المؤسس للمعرفة بين الذات والموضوع، النمذجة التي تجعل من رجل العلم المعاصر متصوّر ملاحظ ومنمذج لفعل ذكيّ يصف بناء استراتيجيا الفعل، تقترح علاقة تطابق بين وضعية مدركة ومشروع متصوّر، لا تمثل في منظور "بولو" Nicolas Bouleau، علما بقدر ما هي طريقة تستخدم العلم، فهي قول وفعل غير محايد وعلى صلة وثيقة بالايدولوجيا، وذلك ما يتمظهر حسب "ألان باديو" في ارتباط النمذجة بمعياري الاستقصاء والبساطة كمقولات ارتبطت "بالعقل التصنيفي للعصر الكلاسيكي" في مقاربته النقدية للفن، وهذا ليس بغريب على عقلانية النمذجة بما أنها تقوم على إنشاء خيالي لصورة مقبولة للواقع تمثلها النماذج من جهة كونها تيسر سبل الفعل الممكن في الواقع، ذلك أن النمذجة تخلق واقعا افتراضيا لتأويج الفعل، فعل صاحب القرار وهو ما يكشف عن انغراس النمذجة في رهانات مخصوصة تابعة لجهات غير علمية. وكما يمكن أن نغالط باللغة الطبيعية نستطيع أن نغالط باستعمال النماذج حيث "يتحول الإخضاع التقني لشروط الإنتاج إلى ضرورة لا زمنية لنمط اقتصادي يكون النموذج فيه مثالا على الاكراهات المفيدة" مثلما عبر عن ذلك "ألان باديو"، وتساعد الرياضيات بطبيعة الحال على تأكيد هذه المغالطة وتمريرها بشكل أفضل إذ يقول "بولو" "وليس للرياضيات بهذا الخصوص أية وظيفة تطهيرية، على خلاف ذلك تكون الرياضيات الصحيحة في ظاهرها لياقة وأدبا يمكن أن يخفي الغايات الأقل نبلا"، ذلك أنّ النجاعة وسخة، خاصة وأن ارتباط النمذجة بالسيبارنيطيقيا ييسّر تجاوز حدود الهيمنة على الطبيعة إلى الهيمنة على الإنسان و"الان باديو" يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يعلن أن النمذجة لا تعبر عن السمة المميزة للعلم وإنما "عن الصورة البرجوازية للعلم"، صورة العلم المعولم الذي لا يخفي ولا يتحرّج من ارتباطه العضوي برأس المال، إذ تكشف النمذجة في مستوى طرائقها كما في مستوى غاياتها عن افتقارها للاستقلالية، وأنّى لها أن تكون مستقلة وهي التي تنتج تمثلا في مكاتب الدراسات وفي مكاتب رجال الاعمال والشركات العالمية والمؤسسات العسكرية تحت الطلب، وكصورة للعلم المعولم تتقدم النمذجة في صورة الكوني الذي يخوّل لأمريكا بالتمظهر بعدم احتكار العلم والتقنية فنمذجوا ولكن لا تطالبوا بالمعرفة الذرية و بالتكنولوجيا النووية.
مطلب النمذجة ليس إذن، مطلب الحقيقة وإنما هو مطلب الهيمنة كمقولة من مقولات السلطة بالشكل الذي جعل المعرفة مسالة حكومة وصراع بين الحكومات، مطلب النمذجة كممارسة متواطئة مع السلطة يجانب إذن مطلب الكلي بما هو مطلب إنساني ولا يتعلق الامر سواء بالنسبة لـ: "بولو" أو لـ:"باديو" برفض النمذجة في ذاتها كممارسة علمية قد تفيد الإنسانية إذا ما أحسن توظيفها وإنما برفض مبادئها والغايات التي تتحكم في إنتاجها وهو ما يحمّل العلماء والعلماء الجدد والفلاسفة ورجال السياسة وكلّ كيان ايتيقي مسؤولية إخراج العلم من البوتقة الضيقة للهيمنة وجنون الهيمنة السائد في وقتنا الراهن. يتعلق الأمر إذن بمصالحة الإنسان مع الإنسان، مصالحة الإنسان اليوم مع الكلّي الذي نظّرت له الحداثة الغربية مع "كانط" حتى لا تكون التقنية توجيها وتحكما وحتى يضمن العلم استقلاليته، و على الإنسانية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة إزاء خيارتها عساها تختار إنقاذ الكوكب.
ب- الحدود الإبستيمولوجية:
تتقدم النمذجة باعتبارها تمشي علمي يأتي لتجاوز ثغرات البراديغم الوضعي الذي بدأ يلفظ أنفاسه عندما وضعت إشكالية أسس الرياضيات حدا لادّعاء الفكر الصوري الحقيقة المطلقة والكونية وعندما ضربت الفيزياء الذرية الأساس الأنطولوجي للواقع العلمي لمّا أقرّ هايزنمبورغ بأن الباحث يتدخل في الظاهرة عبر أدوات ألقيس ويفرض تغيرات كمية على موضوع دراسته، وغدت الحتمية مبدأ خصوصيا جهويا لا كونيا مثلما ادعى ذلك "لابلاص" منذ القرن الثامن عشر حيث اكتشف العلماء لا حتمية الظواهر الذرية.
غير أن الإقرار بأن النمذجة تعني التخلي عن النظر إلى العلم وفق البراديغم الوضعي بما هو اكتشاف وكشف لحقائق كلية وموضوعية والنظر إلى العلم "باعتباره اختراعا أين يتم تصور الظاهرة مبنية اصطناعيا وبطريقة حرة من قبل الباحث" على حدّ قول "لوموانيو" J.L. Le Moigne، يضعنا أمام إشكالات عديدة، فأوّلا إلى أيّ مدى يمكن القول بأننا نقطع في النمذجة بالمعنى البشلاردي مع العلم الوضعي بالصفة التي تخوّل للوموانيو الحديث عن "انشقاق شبه معلن بين هذين الثقافتين"؟ وثانيا ما مشروعية القول بتساوي النماذج في الصلاحية طالما تشترط النمذجة تعالي النموذج على الأحكام التي تصدّق قولا وتُسفـّه آخر؟ هل أن غياب هذه الأحكام يعني أن كلّ النماذج مقبولة؟ و فيم تتمثل عندها مهمة رجل العلم مادام كلّ شيء مقبول مثلما تدعو إلى ذلك فوضوية "فيروباند" P. Feyerabend؟ ثم كيف ستكون ايتيقا علم لا يهتم بالواقع إلا من جهة الفعل فيه؟
يجدر بنا أن نبدأ بمشكل الحقيقة كما يتجسد في مستوى النمذجة النسقية، خاصة وأن الحقيقة كمطلب هو ما ضحت به النمذجة لصالح التاريخية Historicité. وكلمة تاريخية تـُستعمل لتفيد أوّلا أنّ حدثـًا ما وقع فعلا وبالتالي تـُؤخذ التاريخية في مقابل الأسطورة. لكن خلف هذا المعنى البسيط يوجد معنى فلسفي يفيد كون العقل البشري ليس مجرّد ذكاء يتناول ما هو موجود من نظرة واحدة ولكن ذكاء يعي بوضعه التاريخي. وهذا المعنى للتاريخية يقحم في الفلسفة مبحثا يتعلق بالنقد الذاتي يجعل الفلسفةتعترض على تصورها الميتافيزيقي للحقيقة، وهذه السيرورة التي تتظنن على مفهوم الحقيقة تـُعرف في الفلسفة بإشكالية التاريخية، أي إشكالية النسبية التاريخية، إذ يتعلق الأمر بالنزوع إلى اعتبار التجربة التاريخية الطريق الإنساني لمعرفة الحقيقة. ومن هذا المنطلق يرى "ديلتاي" Dilthey أن كلّ مجموع بُنيوي هو مجموع مُعاش وهذا يعني أن النموذج المحبّذ للتاريخ عند "ديلتاي" هو السيرة الذاتية، ويبدو أن تمثل النمذجة لموضوعها بما هو صيرورة صائرة يتموضع في هذا المعنى للتاريخية وهو ما يعني تضحية النمذجة بمفهوم الحقيقة لفائدة التاريخية، فـ"النموذج الذي تمّ إثبات صلاحيته ليس أبدا إلاّ مقاربة من بين مقاربات أخرى" مثلما أقرّ ذلك "نيكولا بولو" Nicolas Boulau.
ذلك أن الملائمة والصلاحية أو عدمها حلت محلّ الصواب والخطأ، والصالح الملائم هو النافع. وبما أنّ النمذجة بُنيت أساسا على التحكم في المصاريف وتأويج الفعالية وقابلية الاشتغال فإن المنمذج لا ينتج إلا نماذج صالحة بالضرورة، ومن هذا المنطلق يرى "بولو" أن الصلاحية لا تؤسس مشروعية النموذج وإنما تمثل مبدأ قبوله إذ أن الصلاحية تتحدّد بالمواجهة بين النموذج وما يمثله هذا النموذج وهذه المواجهة تعبّر عما يسمح به النموذج من فعل ولذلك نقبله. و"بولو" يذهب إلى حدّ القول بوجود تناقض في صلب النمذجة، تناقض بين النماذج الوصفية أو التفسيرية والنماذج الكمية أو النوعية، فنحن في النموذج الوصفي ننمذج مثلا حريقا في الغابة عبر تمثل انتشار الحريق انطلاقا من قانون يتوقف على سرعة الريح، قانون يعدّل انطلاقا من الإحصائيات التي تمّ إقرارها من ملاحظة الحرائق السابقة، أما في النموذج التفسيري فيتعلق الأمر باعتبار طاقة الاحتراق بالنسبة إلى المساحة الخضراء مما يقتضي اعتبار قانون يحدّد دور الريح في كمية الأكسجين. و جلي أن هذا النوع من النماذج يستعمل المعارف العلمية والقوانين التي تم التوصل عبر النمذجة التحليلية و لا مجال عندها عن الحديث عن قطيعة بين العلمين بما أن قوانين النمذجة التحليلية هي الأساس النظري لهذه النماذج.
شأن آخر تماما، هو شأن النماذج الكمية أو النوعية فهذه النماذج تغطّي فشلها التفسيري النظري بالتحاليل الرقمية الافتراضية التي تستخدم الرسوم الكيفية الخالصة ويبدو أن المنمذج في هذا النوع من النماذج "لا يملك في الغالب نظرية مرجعية تكون إطارا لفعله أو نشاطه" على حدّ قول "بولو"، وهو ما يطرح مشكلا ثانيا لا يتعلق هذه المرة بطبيعة الحقيقة التي تقدمها النمذجة، و إنما مشكلا يرتبط بطبيعة العلاقة بين النموذج والنظرية في النمذجة النسقية. فالنمذجة في مستوى النماذج الكمية أو النوعية لا ترتبط دائما بنظرية في حين أنها تقدّم في مستوى النماذج الوصفية أو التفسيرية تفسيرا للنظرية بما أنها تأتي بعد النظرية لتوضح البناء النظري. مشكل علاقة النظرية بالنموذج كما يطرحه "بولو" يجعله يستخلص أن النمذجة بما هي لغة المهندسين والشركات الاقتصادية والمؤسسات العسكرية ليست لغة للعلم بقدر ما هي لغة خارج النظرية العلمية.
كما يجدر بنا أن نذكر أن منظّرو النمذجة النسقية كثيرا ما يفتخروا بأن هذا البراديغم العلمي يمثل حلا لاختزالية النمذجة التحليلية، ذلك أن العلم في شكله الوضعي يقوم على اختزال الكثرة والاختلاف إما في وحدة المبدأ أو في وحدة القانون وهو ما يؤدي إلى اختزال الظواهر المدروسة في بعدها الكمي القابل للقياس. والفكر الاختزالي حسب "إدغار موران" Edgar Morin يعتبر واقعا حقيقيا "لا الكليات ولكن العناصر، لا الكيفيات ولكن القياسات، لا الكائنات الموجودات ولكن المعطيات القابلة للصورنة والقابلة للترييض". وهو ما يعني أن الاختزالية تقوم على إرجاع المعقد إلى البسيط إذ هي منهج لبناء وصف للأنساق دون اعتبار الأنساق الفرعية التي تكونها وبالتالي دون اعتبار العلاقات بينها، والنمذجة النسقية من جهة كونها تسعى إلى دراسة المركب باعتباره كذلك تبدو قد تجاوزت اختزالية العلم الوضعي، لكن هل أن العلم المنمذج ينتج فعلا معرفة بشأن الواقع في كليته؟ ألم يبيّن لنا "باسكال نوفال" Pascal Nouvel أن استراتيجيا الفهم في النمذجة بما هي تبسيط هي استراتيجيا إهمال؟ ألم يحدّد "لادريار" Ladriere النموذج باعتباره تمثلا وتمثلا يعكس غائية المنمذج كما يدقق "لوموانيو" وبالتالي رؤية المنمذج للواقع؟
وهذا يعني أن خاصية التبسيط بالإضافة إلى الخاصية التليولوجية Téléologique التي تميّز العلم المنمذج تجعل منه بالضرورة علما اختزاليا. أمّا إذا أضفنا إلى ذلك أنّ كلّ نموذج يتم إنتاجه يتعلق بسياق معين فإن الاختزالية تتأكد كبعد هام من أبعاد النمذجة النسقية، وكأن قدر المعرفة العلمية هو أن تبقى كونية بالحق لا بالحدث، خاصة وأن النمذجة كممارسة علمية تهدف إلى الفعل أساسا. ومن هذا المنطلق فإن النمذجة النسقية هي حليفة التقنية، و باعتبارها كذلك فإنها ليست غريبة على ما يـُسمى بالنظام التقني أي مجموع التقنيات المتفاعلة التي تحيل الواحدة منها على الأخرى بالكيفية التي تجعل كلّ تقنية تكتسب قيمة هامة في المنظومة التي تنتمي إليها، قيمة قد لا تحظى بها خارج علاقات تفاعلها مع النظام التقني الذي تنتمي إليه. وإذا كانت نظرية النماذج تبدو اليوم رؤية ضرورية لا غنى عنها فليس ذلك لأنها نجحت في اختراق الواقع وتفسيره بل لأنها منظومة تحكم متواطئة مع السلطة في مختلف أشكالها، مما جعل "كارل بوبار" K. Popper يعبر عن قلقه إزاء هذا التوجه قائلا: "أخشى أن فكرة السيادة على الطبيعة تتضمن في الغالب عنصرا آخر، إنه إرادة القوة في حدّ ذاتها، إرادة الهيمنة"، والهيمنة على الطبيعة لا يمكن إلا أن تؤدي إلى الهيمنة على الإنسان فالإنسان من الطبيعة، لذلك يرى "فرونسوا ليوتار" F. Lyotard: "إنّ مسألة المعرفة في عصر الإعلامية هي مسألة حكومة أكثر من أيّ وقت"، فالمنمذج ينمذج لرجل الاقتصاد، ينمذج لرجل الحرب، ينمذج لرجل السياسة، لأولئك الذين يتخذون القرار خاصة وأن النموذج يضطلع بوظيفة اتخاذ القرار، إذ يوفر لصاحب القرار المعطيات الضرورية التي تسمح له بإنارة قرار يهدف إلى الفعل. لذلك لا يتوانى "جون روستان" J. Rostin عن التعبير عن قلقه المتزايد من الممارسة العلمية الهمجية والهجينة، فلا هي علم ولا هي تقنية، ممارسة علمية جعلت الإنسان يسيطر على الطبيعة ويتحول إلى إله دون أن يكون جديرا بإنسانيته، يقول "روستان":"لقد جعل العلم منا آلهة قبل أن نكون جديرين بإنسانيتنا".



#الناصر_عبداللاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة والحدث ومشكل الهويات والعيش المشترك
- علاقة الانا بالاخر وتحفيز مشكلة الانساني
- الهوية البديلة الضامنة للتواصل والحوار في ظل عالمنا السياسي ...
- مقاربة فلسفية من الخصوصية الى الكونية
- النموذج من المفهوم الى المشكل
- علاقة السيادة بالمواطن داخل الدولة
- علاقة الخير بالسعادة من زاوية اخلاقية
- رهانات تقنيات الوسائط بين الإيتيقي والمعنى
- من الخطاب السيميائي إلى الخطاب التداولي:حوافز اللغة في ظل خط ...
- الحبيبة والكلمة
- تونس و سر الحياة
- تودد المشتاق للدروب الحالمة
- الود والعشق والسفر
- وجع فلسطين
- الامل والحب
- في الرد على مشروع هابرماس أو في كشف حدود العقل التواصلي
- سؤال -مستقبل العقل العربي-
- الفيلسوف الفنان
- حدسية في سقوط صنامية مارد الكونية الغربية المزعومة
- قصيدة لكل ابناء العالم


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الناصر عبداللاوي - وظيفةالعلم بين الحقيقة من جهة الوضعية والنمذجة كنسق مفتوح