أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الفلسفة المعادلاتية و تحليل العدالة















المزيد.....

الفلسفة المعادلاتية و تحليل العدالة


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6584 - 2020 / 6 / 5 - 05:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفلسفة المعادلاتية تعرِّف المفاهيم والظواهر على أنها معادلات رياضية فلسفية. مثل ذلك تعريف العدالة على أنها معادلة رياضية تربط بين السلام والحرية والمساواة والتطوّر بعلاقة فلسفية رياضية.

من الممكن تحليل العدالة على أنها معادلة رياضية على النحو التالي : العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر (أي العدالة تساوي السلام مضروباً رياضياً بالحرية المضروبة رياضياً بالمساواة المضروبة رياضياً بالتطوّر). تمتلك هذه النظرية الرياضية في العدالة فضائل معرفية عديدة تدعم صدقها منها أنها تنجح في التعبير عن المُكوِّنات الأساسية للعدالة ألا و هي الحرية و المساواة و السلام و التطوّر وذلك من خلال اعتبار العادلة معادلة رياضية بين تلك المُكوِّنات.

من دون حرية يفقد الإنسان إنسانيته. بلا حرية يتحوّل الإنسان إلى مجرّد آلة لأنَّ الآلة هي التي لا تتصف بالحرية ما يدلّ على أنَّ إنسانية الإنسان كامنة في حريته. لذلك الحرية لا تنفصل عن العدالة التي تهدف بطبيعتها إلى تحقيق إنسانية الإنسان. و من دون حرية يمسي الفرد غير مسؤول عما يفعل. لكن الفرد مسؤول بطبيعته الإنسانية عما يفعل. لذلك الحرية ضرورية ليصبح كل فرد مسؤولاً عن أفعاله و إلا انهار المجتمع وانهارت الحضارة. من هنا ، الحرية مبدأ أساسي من مبادىء وجود المجتمع و نشوء الحضارة ما يجعل الحرية مبدأ جوهرياً من مبادىء العدالة التي من دونها يزول المجتمع وتموت الحضارات. والمساواة أيضاً جزء لا يتجزأ من العدالة. فمن دون المساواة يُعامَل بعض الأفراد باختلاف عما يُعامَل أفراد آخرون ما يُقيِّد حرياتهم فيُحتِّم اغتيال إنسانيتهم. والمقصود بالمساواة هو المساواة بأنواعها كافة كالمساواة أمام القانون و المساواة في الفُرَص والمساواة الاقتصادية والاجتماعية التي تستلزم نوعاً من أنواع توزيع الثروة في المجتمع لإفادة الأقل حظاً اقتصادياً واجتماعياً.

كما أنَّ السلام ضروري لقيام العدالة فمن دون سلام تَسُود الحروب التي تعتدي بالضرورة على الحقوق الإنسانية كحق كل فرد في أن يحيا و في أن يكون حُرّاً. بلا سلام يستحيل احترام أية حرية أو أية مساواة لأنَّ الحروب اعتداء على حرية الآخرين وعلى المساواة بين الجميع. أما التطوّر فضروري لبناء العدالة الحقيقية فالفرد غير القابل للتطوّر سجين ما هو عليه وبذلك هو فاقد لحريته. على ضوء كل هذه الاعتبارات ، تُعرِّف الفلسفة المعادلاتية العدالة على أنها معادلة رياضية تربط بين الحرية والمساواة والسلام والتطوّر بعلاقة ريلضية فلسفية تضمن احترام مبادىء الحريات والمساواة و قِيَم السلام والتطوّر من أجل تحقيق العدالة الحقة.

من الفضائل المعرفية التي تمتلكها هذه المعادلة الفلسفية فضيلة نجاحها في التعبير عن أنَّ العدالة مسألة درجات. فبما أنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر ، إذن متى ازداد السلام و التطوّر و ازدادت الحرية و المساواة ازدادت العدالة ، و متى تناقص السلام و التطوّر و تناقصت الحرية و المساواة تناقصت العدالة. وبذلك العدالة مسألة درجات قد تزداد أو تتناقص. و من فضائل هذه المعادلة الفلسفية أيضاً فضيلة نجاحها في التعبير عن الأنواع المتعدّدة و المختلفة للعدالة. فبما أنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر، إذن السلام يساوي العدالة مقسومة رياضياً بالحرية والمساواة والتطوّر. وبذلك تتحقق العدالة و تزداد متى تحقق السلام و ازداد و إن تناقصت الحرية والمساواة و تناقص التطوّر. هذا نوع معيّن من العدالة ألا و هو العدالة كسلام فقط. و بما أنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر ، إذن الحرية تساوي العدالة مقسومة رياضياً بالسلام والمساواة والتطوّر. وبذلك توجد العدالة بوجود الحرية و إن تناقص السلام والتطوّر وتناقصت المساواة. هذا نوع ثان ٍ من العدالة ألا و هو العدالة كحرية فقط.

كما بما أنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر ، إذن المساواة تساوي العدالة مقسومة رياضياً بالحرية والتطوّر والسلام. و بهذا تتحقق العدالة بتحقق المساواة و إن تناقصت الحرية و تناقص التطوّر والسلام. و هذا نوع ثالث من العدالة ألا و هو العدالة كمساواة فقط. من المنطلق ذاته ، علماً بأنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر ، إذن التطوّر يساوي العدالة مقسومة رياضياً بالسلام والحرية والمساواة. وبذلك توجد العدالة بوجود التطوّر المستمر لكل فرد ومجتمع و إن تضاءلت الحرية والمساواة و تضاءل السلام. هذا نوع رابع من العدالة ألا و هو العدالة كتطوّر فقط. هكذا تنجح معادلة العدالة في التعبير عن أنواع مختلفة للعدالة ما يُعزِّز مقبوليتها و صدقها. لكن تكمن العدالة العليا في سيادة السلام والحرية والمساواة والتطوّر معاً وتحقيق الدرجة العليا من الحرية والمساواة والسلام والتطوّر لأنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر.

تنجح هذه المعادلة الفلسفية أيضاً في التعبير عن أنَّ العدالة قابلة للتطوّر. بما أنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر ، إذن لا عدالة بلا تطوّر و لذا لا بدّ من بناء الآليات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الممكنة كافة القادرة على تمكين كل فرد من أن يتطوّر اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً و إلا زالت العدالة. و بما أنَّ العدالة = السلام x الحرية x المساواة x السلام ، و علماً بأنه من الممكن تطوير مبادىء السلام والحرية والمساواة والتطوّر كما من الممكن تطوير الممارسات المبنية على ضوء تلك المبادىء ، إذن من الممكن دوماً تطوير العدالة. هكذا تتمكّن معادلة العدالة من التعبير عن حقيقة أنَّ العدالة قابلة للتطوّر وبذلك تكتسب هذه الفضيلة الجوهرية ما يدعم قبولها.

بالإضافة إلى ذلك ، تتضمن معادلة العدالة أنَّ العدالة قرارات إنسانوية معتمدة على القِيَم الإنسانوية العالمية كقِيَم السلام والحرية والمساواة والتطوّر ما يؤكِّد مجدّداً على نجاح هذه المعادلة وتفوّقها. فإن كانت العدالة = السلام x الحرية x المساواة x التطوّر ، و علماً بأنه لا يتحقق السلام والتطوّر و لا تتحقق الحرية والمساواة سوى من خلال قرارات إنسانوية تُبنَى على ضوء القِيَم الإنسانية العالمية المتمثلة بقِيَم السلام و التطوّر و الحرية و المساواة ، إذن العدالة أيضاً قرارات إنسانوية مبنية على أساس هذه القِيَم العالمية. من هنا ، تنجح معادلة العدالة في التعبير عن أنَّ العدالة قرارات إنسانوية متضمنة للقِيَم العالمية. ولكن القرارات الإنسانوية معتمدة على الإنسان وفاعليته في صياغتها فمن دون إنسان فعّال في عملية إنتاج القرارات الإنسانوية يستحيل وجود تلك القرارات فيستحيل وجود العدالة. هكذا تضمن معادلة العدالة الدور الأساسي والفعّال لكل إنسان في بناء العدالة فبلا فاعلية الإنسان و دوره في إنشاء القرارات الإنسانوية تزول تلك القرارات فتزول العدالة كقرارات إنسانوية مبنية على ضوء القِيَم العالمية. من هنا ، تنجح معادلة العدالة في التعبير عن الدور الفعّال للإنسان في صياغة العدالة ما يجعلها تكتسب هذه الفضيلة الجوهرية.

العدالة كمعادلة رياضية تتفوّق على أية نظرية أخرى في العدالة لأنها لا تسجن العدالة في مبدأ واحد مُحدَّد فتتحرّر من اعتبار العدالة مجرّد احترام الحرية أو مجرّد احترام المساواة أو مجرّد تحقيق السلام. و هذا لأنها تُعرِّف العدالة على أنها متكوِّنة من كافة المبادىء والقِيَم العالمية كقِيَم الحرية والمساواة والسلام والتطوّر و ذلك من خلال ربط هذه القِيَم والمبادىء بعلاقة رياضية مفادها أنَّ العدالة = الحرية x المساواة x السلام x التطوّر.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة المعادلاتية و تحليل الكون
- في مواجهة العقل الكوروني
- الدين قرار إنسانوي مستقبلي
- الله مفهوم إنسانوي
- كلّ عقيدة إرهاب
- الإنسان فن الثورة على المعاني
- الثورة الحقيقية هي الثورة العلمية
- ثورة السوبر حداثة في مواجهة ديكتاتورية السوبر تخلّف
- كل عام وأنتم بألف ثورة
- هل الكون مادي أم مثالي؟
- هل الله سوبر حداثوي؟
- ولاية المواطن سيادة الثورة
- بنية العقل وفشل الثورات وسُبُل نجاحها
- الثورة على الله
- الثورة على اليقينيات
- كلما ازداد اليقين قَلَّت المعرفة
- العِلم سبيل السلام و الحرية
- العدالة كسلام
- المعارف السوبر مستقبلية
- المعرفة قرار إنسانوي


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن عجمي - الفلسفة المعادلاتية و تحليل العدالة