أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - قراءة متأنية في قانون قيصر الأمريكي بخصوص سورية















المزيد.....


قراءة متأنية في قانون قيصر الأمريكي بخصوص سورية


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 20:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهاية العام 2019 أقر الكونغرس الأمريكي قانون "سيزر" أو "قيصر" تيمنا باسم ضابط سوري منشق زعم ان لديه نحو خمسين ألف صورة لمتوفين تحت التعذيب في السجون السورية. وبغض النظر عن مصداقية ما زعم به الضابط المنشق على الأقل من ناحية عدد الصور التي نجح بتهريبها إلى الخارج (من يعلم كيف تعمل أجهزة الأمن السورية لا بد ان يشكك بمدى مصداقية الرواية) فإن قانون "قيصر" قد صدر أخيرا بعد تأخر امتد لخمس سنوات في لجان الكونغرس (بالمناسبة كانت توجد معارضة قوية له في الكونغرس) بتمريره كجزء من قانون ميزانية وزارة الدفاع، في المواد101 و102 و201 و301و 302 و303 و304 و305. تنوعت كثيرا المسائل التي نص عليها القانون، والتي تستوجب تطبيق العقوبات المنصوص عليها فيه على مرتكبيها. ونظرا لكثرة الإحالات في مواد القانون الخاصة بسورية إلى قوانين أخرى مطبقة في أمريكا، وعدم القدرة على معرفتها إلا من قبل المعنيين فسوف نتجاهلها في هذه القراءة، وعموما فهي لا تقلل من أهمية القراءة ذاتها.
ففي المادة 101 من قانون ميزانية وزارة الدفاع التي خصصت للبنك المركزي السوري تم النص على انه " في موعد لا يتجاوز 180 يوماً من تاريخ سن هذا القانون، يحدد وزير الخزانة، ما إذا كانت هناك أسباب منطقية للاستنتاج بأن البنك المركزي السوري هو مؤسسة مالية تعنى أساساً بغسل الأموال". وإذا قرر "وزير الخزانة أن هناك أسباباً منطقية لاستنتاج أن البنك المركزي السوري هو مؤسسة مالية لغسيل الأموال، يقوم السكرتير بالتشاور مع الهيئات التنظيمية الفيدرالية (كما هو محدد في البند 509). قانون غرام-ليتش -بليلي (15 6809 USC)، بفرض واحد أو أكثر من التدابير الخاصة الموصوفة في القسم 5318A (b) من العنوان 31 من قانون الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالبنك المركزي السوري".
ماهي هذه "التدابير الخاصة الموصوفة" يصعب معرفتها إلا من قبل المعنيين في أمريكا، لكن مع ذلك يمكن افتراض أنها تشمل منع التعامل مع البنك المركزي السوري من قبل أية جهة أجنبية. إن منع التعامل مع البنك المركزي السوري سوف يكون له انعكاسات سلبية على مجمل التعاملات المالية مع الخارج. لقد أمهل القانون الجهات الفدرالية المعنية مدة 90 يوما من تاريخ قرار وزير الخزانة الأمريكي الذي يعد فيه البنك المركزي السوري "مؤسسة مالية لغسل الأموال" لكي يتم فرض العقوبات (الخاصة الموصوفة) عليه، وعلى ما يبدو لم يصدر الوزير قراره بعد، وهذا ما سوف يؤخر تطبيق القانون على البنك المركزي السوري.
وعلى افتراض أن الإدارة الأمريكية قد اتخذت الإجراءات اللازمة لتنفيذ المادة 101 الخاصة بالبنك المركزي السوري فلن يكون لها التأثير المتوقع منها إلا إذا كان هناك التزام دولي بها وهذا مستبعد حصوله على الأقل من قبل روسا والصين، وغيرها من الدول التي لا توافق أساسا على سياسة العقوبات الأمريكية. أضف إلى ذلك فإن حجم التبادلات التجارية بين سورية وأمريكا والدول الغربية يكاد يكون معدوما من جراء العقوبات المفروضة على سورية منذ سنوات، وهذا ما سوف يقلل من تأثير العقوبات الأمريكية على البنك المركزي السوري بموجب المادة 101.
وإذا كان من المشكوك به أن يكون تأثير تطبيق المادة 101 كبيرا على البنك المركزي السوري، فإن تطبيق المادة 102 المتعلقة بالعقوبات على الأشخاص الأجانب المنخرطين في معاملات معينة مع الدولة السورية سوف يكون كبيرا. والشخص الأجنبي المقصود في القانون هو كل شخص طبيعي او اعتباري.
لقد نصت المادة 102 في باب العقوبات على أن " يفرض الرئيس (بعد 180 يوماً من تاريخ سن هذا القانون) العقوبات المنصوص عليها في الفقرة الفرعية (ب) فيما يتعلق بشخص أجنبي إذا قرر الرئيس أن الشخص الأجنبي، في أو بعد هذا التاريخ من التشريع، انخرط عن علم في نشاط موصوف في الفقرة (2)".
الأنشطة الموصوفة في الفقرة 2 الخاصة بالشخص الأجنبي هي:
أ– أن "يوفر، عن علم، دعماً مالياً أو مادياً أو تقنياً مهماً، أو ينخرط، عن علم، في صفقة كبيرة " مع:
1-الحكومة السورية (بما في ذلك أي كيان تملكه أو تسيطر عليه الحكومة السورية) أو شخصية سياسية رفيعة في الحكومة السورية؛
(2) شخص أجنبي، مقاول عسكري، أو مرتزق، أو قوة شبه عسكرية يعمل عن عمد، بصفة عسكرية داخل سوريا لصالح حكومة سوريا أو باسمها، أو حكومة الاتحاد الروسي، أو حكومة إيران؛
3-شخص أجنبي خاضع للعقوبات بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولي (50 1701 U.S.C. وما يليها) فيما يتعلق بسوريا أو أي حكم قانوني آخر يفرض عقوبات على سوريا.
4-يبيع أو يقدم سلعاً أو خدمات أو تكنولوجيا أو معلومات أو دعمًا مهمًا أو أي دعم آخر يسهل بشكل كبير صيانة أو توسيع الإنتاج المحلي للحكومة السورية للغاز الطبيعي أو البترول أو المنتجات البترولية؛
5-يبيع أو يقدم عن عمد قطع غيار للطائرات أو قطع الغيار التي تستخدم لأغراض عسكرية في سوريا لصالح أو نيابة عن الحكومة السورية لأي شخص أجنبي يعمل في منطقة تخضع لسيطرة مباشرة أو غير مباشرة من قبل الحكومة السورية أو القوات الأجنبية المرتبطة مع الحكومة السورية.
6-يوفر، عن علم، سلعاً أو خدمات هامة مرتبطة بتشغيل الطائرات التي تستخدم لأغراض عسكرية في سوريا لصالح أو نيابة عن الحكومة السورية لأي شخص أجنبي يعمل في منطقة موصوفة في الفقرة الفرعية، أو يقدم، عن علم، بشكل مباشر أو غير مباشر، خدمات بناء أو هندسية مهمة إلى الحكومة السورية كما نصت الفقرة(هـ).
لم تترك الفقرات الست السابقة الذكر أي شيء عسكري او مدني لم تشمله العقوبات. وقد وجه الكونغرس بانه ينبغي على الرئيس عند تنفيذ هذا القسم أن ينظر في الدعم المالي بموجب الفقرة
(2) (أ) ليشمل "توفير القروض أو الائتمانات أو ائتمانات التصدير".
أما بخصوص العقوبات التي يمكن فرضها على من يقوم بالنشاطات الموصوفة في البنود الست السابقة فهي تشمل:
أ-حجب الملكية بما يعني منع وحظر جميع المعاملات في الممتلكات والمصالح في ممتلكات الشخص الأجنبي إذا كانت هذه الممتلكات والمصالح موجودة في الولايات المتحدة، أو تكون في حوزة أو سيطرة شخص من الولايات المتحدة.
ب-إلغاء ومنع منح التأشيرات لدخول الولايات المتحدة لكل شخص:
1-غير مقبول في الولايات المتحدة
2-غير مؤهل للحصول على تأشيرة أو وثائق أخرى لدخول الولايات المتحدة.
3-غير مؤهل لقبوله أو إعادته إلى الولايات المتحدة أو الحصول على أي منفعة أخرى بموجب قانون الهجرة والجنسية 8 U.S.C. 1101 وما يليها.
4-إلغاء أي تأشيرة أو غيرها من وثائق الدخول الصادرة للأجنبي الموصوف في البند (i) بغض النظر عن تاريخ إصدار التأشيرة أو وثائق الدخول الأخرى. وقد استثنى القانون الهيئات الدبلوماسية والعاملين الدبلوماسيين العاملين في الولايات المتحدة بموجب اتفاقية مقر الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى السارية المفعول التي وقعت عليها الولايات المتحدة
وتحت عنوان "مساعدة شعب سوريا" نصت المادة 201 على استثناء المنظمات غير الحكومية من العقوبات التي نص عليها القانون. فيما يتعلق ببعض "الخدمات لدعم أنشطة المنظمات غير الحكومية المعتمدة، كما هو معمول به في اليوم السابق لتاريخ سن هذا القانون" يجب أن: "تظل سارية المفعول في تاريخ التشريع وبعده". وقد شمل الاستثناء أي منظمة غير حكومية" مفوضة بتصدير أو إعادة تصدير الخدمات إلى سوريا" ما عدى تلك المصنفة كمنظمة "إرهابية اجنبية"
وقد ألزمت المادة 202 الرئيس خلال موعد لا يتجاوز 180 يوماَ من تاريخ سن هذا القانون، باطلاع الكونغرس على "استراتيجية الرئيس للمساعدة في تسهيل قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى الخدمات المالية للمساعدة في تسهيل توصيل المساعدات بشكل آمن وفي الوقت المناسب للمجتمعات المحتاجة في سوريا"، على ان تشمل هذه الاستراتيجية " النظر في البيانات من بلدان أخرى ومنظمات غير حكومية " للتأكد من موثوقيتها، بما في ذلك تلك العاملة في سورية. من الواضح أن الاستثناءات التي نصت عليها المادة 202 يمكن تفسيرها بأكثر من معنى ولذلك على الأرجح سوف تستخدم كوسيلة للتدخل كما جرت عادة الولايات المتحدة وكذلك لكسب الموالين لسياساتها.
وتبقى المادة 301 المتعلقة بـ" تعليق العقوبات" على "الشخص الأجنبي" او الحكومة السورية هي الأهم لأنها تحدد الهدف من إصدار هذا القانون. فقد نصت الفقرة (أ) منها على أنه يجوز للرئيس " أن يعلق كليا او جزئيا فرض العقوبات التي يطلبها هذا القانون لفترات لا تتجاوز 180 يوماً إذا قرر الرئيس أن "الحكومة السورية أو حكومة الاتحاد الروسي" لم يعودا "يستخدمان المجال الجوي فوق سوريا لاستهداف السكان المدنيين من خلال استخدام الأجهزة الحارقة، بما في ذلك البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية والأسلحة التقليدية، بما في ذلك الصواريخ والمتفجرات". من الواضح انه في ظروف وقف حالة القتال الجارية اليوم في سورية فإن أحد مبررات إصدار القانون قد انتفت. لكن وكما عودتنا أمريكا فإن اجتهاداتها في تفسير قوانينها لا تقف عند حد، وليس موضوع المدنيين سوى غطاء لحماية حتى المنظمات المصنفة إرهابية في ادلب من قبل الأمم المتحدة، ومن قبل الإدارة الأمريكية ذاتها كنوع من الاستثمار السياسي.
ويمكن للرئيس تعليق العقوبات كليا او جزئيا في حال " لم تعد المناطق المحاصرة من قبل حكومة سوريا أو حكومة الاتحاد الروسي أو حكومة إيران أو شخص أجنبي الوارد وصفه في المادة 102 (أ) (2) (أ) (2) معزولة عن المساعدات الدولية وإمكانية الوصول بانتظام إلى المساعدات الإنسانية، وحرية السفر، والرعاية الطبية". من الناحية الواقعية لم تعد توجد مناطق محاصرة من قبل الحكومة السورية، بل هناك مناطق خارج سيطرتها ترزح تحت النفوذ الأمريكي أو التركي.
كذلك يمكنه تعليق العقوبات كليا أو جزئيا في حال " قيام الحكومة السورية بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الذين يتم احتجازهم قسراً في نظام السجون في نظام بشار الأسد، وسماح الحكومة السورية بالوصول الكامل إلى نفس التسهيلات لإجراء التحقيقات من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية المناسبة".
ويمكنه تعليقها أيضا" في حال لم تعد قوات الحكومة السورية وحكومة الاتحاد الروسي وحكومة إيران وأي شخص أجنبي موصوف في القسم 102 (أ) (2) (أ) (2) متورطة في استهداف متعمد للمرافق الطبية والمدارس والمناطق السكنية وأماكن التجمع المدني بما في ذلك الأسواق، في انتهاك للمعايير الدولية". أيضا انتفى مبرر هذه المادة في ظل وقف العمليات الحربية في سورية.
ويجب على الحكومة السورية أن: " تتخذ خطوات للتحقق من وفائها بالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيماوية وتدميرها"، وإحراز تقدم ملموس نحو أن " تصبح من الدول الموقعة على اتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية والسامة وتدمير تلك الأسلحة"، وان تسمح الحكومة السورية " بالعودة الآمنة والطوعية والكريمة للسوريين الذين شردهم النزاع"، وأن تتخذ خطوات " يمكن التحقق منها لإقامة مساءلة ذات معنى لمرتكبي جرائم الحرب في سوريا، والعدالة لضحايا جرائم الحرب التي يرتكبها نظام الأسد، بما في ذلك المشاركة في عملية حقيقية وموثوقة للحقيقة والمصالحة". وقد اعطى القانون الحق للرئيس بإعادة فرض العقوبات التي تم تعليقها كليا او جزئيا إذا قرر "أن المعايير الموصوفة لم تعد مستوفاة".
من الواضح ان تنفيذ الالتزامات التي نص عليها القانون لكي يقوم الرئيس بتعليق العقوبات كليا او جزئيا على من فرضت عليه، بعضها منفذ فعليا بموجب قرارات دولية مثل حظر الأسلحة الكيماوية، ومنه ما هو منفذ واقعيا نتيجة تعليق العمليات العسكرية، أما البعض الأخر الذي ينطوي على وجه حق مثل "إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومساءلة مرتكبي الجرائم في سورية"، فهي بتقديرنا ليست أكثر من أوراق ضغط للعودة للمسار السياسي. أما بخصوص "عودة اللاجئين الذين غادرو من جراء الصراع المسلح" فقد دعاهم النظام أكثر من مرة للعودة لكن الذي يحول دون عودتهم هو الولايات المتحدة والدول الغربية وبعض الدول الإقليمية لاستخدامهم كورقة ضغط لإجبار النظام على تقديم تنازلات سياسية. اللافت غياب أية إشارة إلى المجموعات المسلحة المصنفة إرهابية فهي أيضا تحتجز لديها سوريين، ولم يشر القانون أيضا إلى الدور التركي في سورية الذي ينتهك يوميا حقوق كثير من السوريين في المناطق التي يحتلها في شمال سورية، وفي ادلب.
وفي فقرة "التنازلات والإعفاءات" من المادة 302 فقد خول القانون الرئيس الحق بالتنازل عن" تطبيق أي حكم من أحكام هذا القانون بالنسبة لشخص أجنبي إذا كان الرئيس يقر بأن هذا التنازل في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة" لفترة لا تزيد عن 180 يوماً. وبحسب بعض المصادر الإعلامية فسوف يتم استثناء المناطق الخاضعة للنفوذ الأمريكي والتركي من تطبيق هذا القانون. بصفة عامة، يجوز للرئيس أن يتنازل عن تطبيق أي حكم من أحكام هذا القانون على " المنظمات غير الحكومية التي تقدم المساعدة الإنسانية التي لا يغطيها التفويض الموصوف في القسم 201 إذا أقر الرئيس بأن هذا التنازل مهم لتلبية الحاجة الإنسانية ويتسق مع مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة".
وفي ترجمة أخرى للقانون ورد ان من حق الرئيس التعليق المبدئي للعقوبات كليا أو جزئيا إذا قرر أن " المباحثات المعترف بها دوليا لحل مشكلة العنف في سوريا انتهت بالتوصل لاتفاق أو من المرجح أن تنتهي بالتوصل لاتفاق"، أو في حال كان تعليقها "ضروريا لتقدم مثل هذه المباحثات"؛ وكذلك في حال "انخراط الحكومة السورية، ولجنة المباحثات العليا السورية أو ما يخلفها، والأطراف الدولية المناسبة في مباحثات مباشرة وجها لوجه"؛ وأثبتت الحكومة السورية "التزامها بخفض كبير وأساسي للهجمات والعنف ضد المواطنين السوريين". ويحق للرئيس تجديد تعليق العقوبات لفترات إضافية لا تتجاوز 120 يوما إذا استمر "الالتزام بالشروط الموصوفة " المذكورة أعلاه (البنود (i) و (ii) من الفقرة الفرعية (أ) من نص القانون)؛ إذا كان تجديد تعليق العقوبات "ضروريا لتنفيذ اتفاق موصوف في الفقرة الفرعية (أ) أو حدث تقدم باتجاه التوصل لاتفاق موصوف في الفقرة الفرعية (أ)؛ وإذا أوقفت الحكومة السورية والقوات المرتبطة بها الهجمات ضد المدنيين السوريين"؛ وإذا التزمت علنا بمباحثات حول حكومة انتقالية في سوريا واستمرت في إثبات هذا الالتزام عبر انخراط مستدام في محادثات وتقدم كبير ومؤكد باتجاه تنفيذ مثل هذا الاتفاق". ويمكن إعادة فرض العقوبات في حال لم تبعد الحكومة السورية كبار مسؤولي الحكومة السورية السابقة المشاركين في تخطيط، تنفيذ أو إخفاء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أو انتهاك حقوق الإنسان من المناصب الحكومية وأي شخص خاضع للعقوبات بموجب أي نص قانوني"؛ وإذا لم "تنخرط في عملية لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة لإقامة حكومة جديدة تُنفذ تحت إشراف مراقبين معترف بهم دوليا"؛ وتقوم بخطوات ملموسة باتجاه إقامة " سلطة قضائية مستقلة"، وتثبت احترامها والتزامها "بحقوق الإنسان المعترف بها دوليا والحريات الأساسية المحددة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". وقد منح القانون في مادته 304 الرئيس صلاحيات واسعة لتطبيقه خلال فترة سريانه التي حددتها المادة 305 بخمس سنوات من تاريخ صدوره. (في بعض الترجمات حددت الفترة من تاريخ تقديمه للكونغرس في عام 2016، بحيث ينتهي مفعوله في 31/12/2021)،
نخلص في ختام هذه القراءة لقانون "قيصر" إلى ما يأتي:
أ-نظرا لتعقيدات تنفيذ هذا القانون، وللمعارضة القوية له في الإدارة الأمريكية، وفي الكونغرس التي حالت دون إصداره لمدة خمس سنوات، وربما ما كان صدر لولا انه الحق بقانون ميزانية وزارة الدفاع، وعدم إصدار اللوائح التنفيذية له، لن يطبق بحذافيره، بل بصورة انتقائية وتحديدا فيما يتعلق بسورية وإيران فقط اللتان يرزحان أصلا تحت عقوبات أمريكية مشددة.
ب-ترك القانون مجالا للاجتهاد فيما يخص" الدعم الهام" و " الصفقات الكبيرة" التي تستوجب العقوبات التي وردت في الفقرة (أ).
ت-إن عقوبة " حجب الملكية " للشخصية الأجنبية سوف تقتصر على الملكية الموجودة في الولايات المتحدة، او تحت سلطة أمريكي، وبالتالي تظل كل التعاملات الأخرى مع الطرف الأمريكي لملكيات موجودة خارج أمريكا معفية من العقوبات المنصوص عنها في القانون.
ث-لم يشترط القانون تنفيذ كل الالتزامات التي نص عليها القانون لكي يقوم الرئيس بتعليقه كليا او جزئيا، فتنفيذ اي التزام منها يعطي للرئيس الحق بتعليق العقوبات. ومن المعلوم ان بعض هذه الالتزامات منفذ واقعيا.
ج-من غير المفهوم تجاهل النظام السوري لخطورة هذا القانون وعدم اتخاذ أي خطوة يمكن أن تسحب بعض الذرائع الأمريكية من قبيل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين لديه، خصوصا وانه أقدم على مصالحات مع حملت السلاح، وكذلك الانخراط الجدي في العملية السياسية.
ح-في حال كانت الإدارة الأمريكية جادة في تطبيق هذا القانون سوف تضاف معاناة جديدة لأغلب السوريين تحت سلطة الحكومة السورية إلى معاناتهم من غلاء الأسعار واستشراء الفساد في الدولة والمجتمع.
خ-ما يتعلق بالحل السياسي كما ورد في القانون يهم جميع السوريين، وهو شأن داخلي سوري، سوف تستخدمه بلا شك أمريكا وسيلة للتدخل، والعمل على توجيه أية مباحثات بين السوريين لإيجاد حل للأزمة التي عصفت بالشعب والبلد، بما يخدم مصالحها، وبصورة خاصة لضمان خروج إيران من سورية، وعدم تصنيع سورية لأية أسلحة يمكن أن تشكل خطرا على امن إسرائيل كما ورد في كثير من فقرات القانون.
د-في بعض القراءات للقانون أشير إلى نصوص فيه تخص تطبيع العلاقات بين الدولة السورية ودول الجوار بما في ذلك "إسرائيل"، لم اجدها في النصين الذين لدي، مع ذلك أي عقوبة تفرض على الدولة السورية سوف تخدم في المحصلة "إسرائيل"، خصوصا تلك التي تطال بعض المسائل الدفاعية والأمنية.
نخلص في الختام إلى القول إن تطبيق القانون بحذافيره خطير جدا على الدولة السورية، وعلى الشعب السوري، وأقل خطورة بكثير على النظام، ولذلك فإن العودة إلى المسار السياسي عبر اللجنة الدستورية لإعداد دستور جديد وانتخابات مراقبة دوليا كما ينص القرار2254 ، وهذا ما تطالب به روسيا، هو المخرج الوحيد من نفق الأزمة التي عصفت بالشعب والبلد، وتطبيع علاقات سورية الدولية، وتأمين خرود جميع القوات الأجنبية من سوريا وخصوصا القوات الأمريكية والتركية، وكذلك قوات ايران وروسيا في نهاية المطاف، والشروع في إعادة بناء الدولة ديمقراطية علمانية لا مركزية.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة متانية في - اعلان سورية اتحادية-
- كورونا وتغيير النظام العالمي
- محافظة اللاذقية تغيرات سكانية ومجالية خلال الزمة
- المأساة السورية في عامها العاشر
- مصر تبحث عن دور لها في حل الأزمة السورية
- ما ينبغي التفكير به
- بانوراما سياسية
- الحلقة الثانية والثلاثون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيي ...
- الحلقة الواحدة والثلاثون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيي ...
- الحلقة الثلاثون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير إلى الك ...
- الحلقة التاسعة والعشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة الثامنة والعشرين: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة السابعة والعشرين: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة السادسة والعشرين: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة الخامسة والعشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة الرابعة والعشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة الثالثة والعشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة الثانية والعشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة الواحد والعشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير ...
- الحلقة العشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير إلى الكا ...


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - قراءة متأنية في قانون قيصر الأمريكي بخصوص سورية