أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زاهر رفاعية - خطورة أن يصبح .....رئيساً للدولة















المزيد.....

خطورة أن يصبح .....رئيساً للدولة


زاهر رفاعية
كاتب وناقد

(Zaher Refai)


الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 16:22
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


اعتمد “دونالد ترمب” منذ عشرات السنين في تسويق اسمه واسم عائلته على الأوساط الماليّة بدلاً من الأوساط السياسية, وعلى أفلام هوليوود بدلاً من مراكز الدّراسات, ونذكر من هذه الأفلام: 2000 --- American Psycho ...و.. Borat 2006 .

إنّ استثمار دونالد ترمب في الترويج لاسمه في هذين الفيلمين له دلالات كبيرة, فالفيلم الأوّل يجسّد شخصيّة ترمب ذاته, أي الإنسان الارستقراطي المتفوّق الذي يتنمّر على الفقراء والمستضعفين كالمشرّدين والبغايا ويستعبدهم ويسحقهم نفسيّاً وجسديّاً بقوّة المال من أجل توكيد سطوته وتفوّقه واعتداده بحنكته وقوّة ماله وإرضاء غروره وعقد نقصه, في الوقت ذاته الذي يقوم البطل بقتل منافسيه الأثرياء بدم بارد لمجرّد حيازتهم ربطة عنق أجمل من تلك التي عنده, ولا يفتأ البطل يسرد مبادئ العدالة وحقوق الإنسان على مسامع الزملاء الأثرياء من باب التندّر في أكثر من مناسبة! لذلك فلا عجب أن يستثمر مدير الكازينو آنذاك “دونالد ترمب” في هذا الفيلم للترويج لاسمه واسم ابنته “ايفانا” في أكثر من مشهد تصويري!
الفيلم الثاني هو واحد من أكثر الأفلام عنصريّة يمكن أن تشاهدها في حياتك, لدرجة أن جمهوريّة كازاخستان اعترضت آنذاك رسميّاً على الفيلم, فالفيلم يبرز بكل قباحة وفجاجة تفوّق الإنسان الأميركي الأبيض فوق شعوب آسيا, عن طريق تصوير الآسيوي الملوّن على انّه همجيّ أرعن, وعلى الأميركي الأبيض تقع المهمّة المستحيلة في العمل على أنسنته ودمجه في الحضارة.
ليس صدفة البتّة أن يدفع دونالد ترمب -الذي كان يدير آنذاك ملهى ليلي- من ميزانيّته لأجل التسويق لنفسه بين جمهور هذين الفيلمين, فمجموع الرسائل المبطّنة في السيناريو والتصوير تشكّل بمجموعها “العقليّة النخبويّة الترامبيّة”.
ولا عجب حين يصل مثل هذا المؤلّه لذاته إلى سلطة مثل رئاسة دولة تمتلك السلاح النووي, أن يتعامل من منصبه بعقليّة القوّاد التي اكتسبها من خلال إدارته للملهى الليلي على مدار عقود هو وأبيه, وأن يكون أوّل قراراته منع مسلمي بعض الدول من دخول الولايات المتّحدة بقرار رسمي تعسّفي, وبناء جدار اسمنتي للاحتماء من تسلل الفقراء الملوّنين , وزيارة زعيم دولة القمع في كوريا الشماليّة ليتعلّم منه أصول الاضطهاد, و أن يقوم المذكور بزرع الفتن في المنطقة العربيّة, ولعق أحذية الصهاينة والتبرّع لهم بأرض ليست ملكه, وفتح جبهات اقتصاديّة بوجه الأتراك والروس والصينيين والأوروبيين على حدّ سواء! واستعداء الصحافة الحرّة والتضييق على مراسليها, والسخرية من المجتمع والشعب والصحفيين بتصريحات مضحكة حول فايروس كورونا وعلاجه السحري!
ويا ليت حروبه هذه تصبّ في صالح شعبه وأمّته, لأنّه وكما نرى اليوم فحين ثار الشعب في وجه سياساته الأنانيّة الفرديّة راح يضرب المجتمع في بعضه, ويروّج لنظريات المؤامرة, ويوعز للجيش والشرطة بقمع الشعب والصحافة لصالحه الخاص هو وأباطرة المال, إذ انّه يعتبر نفسه ممثلاً لمصالح النّخبة من موقعه كرئيس للجمهورية وليس ممثلاً للشعب والوطن! كل ذلك لأنّه لم يستسغ من نفسه بشكل شخصي محض أن يحتوي الموقف بحكمة وحنكة, وأن يعترف للعلن ببساطة أنّ قتل رجل أسود على يد رجل أبيض هو خطيئة سيحاسب فاعلها وستعمل الدولة على عدم تكرار تلك الحادثة!!!!

اليوم هو اليوم التاسع على التوالي من اندلاع الاحتجاجات المناهضة للفاشيّة النخبويّة التي يقودها دونالد ترمب في أميركا, وإلى الآن لم يتوجّه المذكور بكلمة مباشرة للشعب يطمئن بها المواطن أو يحاول على الأقلّ أن يمتصّ جزء من غضب الشارع. في الوقت الذي خرج فيه رئيسين سابقين للولايات المتحدّة الأميركية عن الصمت هما “جورج بوش الابن” و”باراك أوباما” مع أنّهما ليسا مضطرين أساساً للإدلاء بأي تصريح.
بل وبدلاً من أن يمارس المدعو “دونالد ترمب” عمله كسياسي وكرئيس لدولة بحجم الولايات المتّحدة الأميركيّة, راح صاحبنا يتعامل بقوانين المافيا والملاهي الليلية وشركات البورصة, وراح يكيل الاتّهامات الأخلاقيّة للمتظاهرين ويدخل في معارك طفوليّة مع مواقع التواصل الاجتماعي, ويتّهم اليسار وخاصّة مناهضي الفاشيّة -دون دليل- بتأجيج الشارع, وذلك عبر”تغريدات” أطلقها من قبو البيت الأبيض, الذي تحوّل بوصول دونالد ترمب إلى "بيت الجرذ الأبيض". وراح سليل النّازيّة من مخبأه يصف شعبه بالمخرّبين ويهدد ويتوعّد ويمسك الانجيل ويرفعه على طريقة “هتلر”, ويلتقط الصور الاستفزازيّة ويفرّق الاعتصامات, ويشيد بكثرة الاعتقالات, ويشق لنفسه طريقاً بالقوّة وسط الحشود ويذهب كي يزور الكنيسة دون أن يصلّي بها ثم يختم الموضوع بالإيعاز للجيش والشرطة بالنزول للشارع وقمع الاحتجاجات بقوّة السلاح!!! كل تلك الهمجيّة مبعثها عند هذا “المخملي” هو عدم قدرة هذا النّازي الثري على النزول من فوق البرج العالي وتقديم اعتذار للشعب عن إساءة استخدام القوّة من طرف فرد في الدّولة, والوعد بالعمل على عدم تكرار مثل تلك الحادثة. لأنّه وكما قلنا فالمذكور المخملي “ترمب” لا يميّز بين إدارة دولة وإدارة ملهى ليلي فــ(معاذ الله أن يعتذر القوّاد من البغايا)

هذا التخبّط وعدم الاتّزان السياسي لمهووس السلطة “دونالد ترمب” نابع من بدهيّة أنّ المذكور ينحدر من الارستقراطيا البيضاء المغتني بالوراثة, وليس من خلفيّة سياسيّة أو ثقافيّة ولا حتى استخباراتيّة أو عسكريّة, ولا يمكن بأيّة حال التعويل على من كان يدير الكازينوهات والشركات العقاريّة أن يتمكّن من إدارة “دولة”.
وعليه فلا عجب حين نرى المذكور ينظر للشعب الأميركي على أنّهم “موظّفين” أو “بغايا” ولأصحاب المليارات على أنّهم “زبائن” ولقوّات الجيش والأمن على أنّهم “شركة سيكيوريتي” لشخصه وعائلته وطبقته الاجتماعيّة, ولشعوب الأرض على أنّهم “منافسين” , ولأميركا على أنّها اكبر شركة عقارات في العالم, و لنفسه على انّه رئيس “الشركات المتّحدة الأميركيّة”, ولحقوق الإنسان والأديان على أنّها “إعلانات” ولمؤسسات الصحافة على أنّهم "أعداء".
لذلك فمن المستبعد من مدير كازينو يرأس دولة أن يفطن لضرورة الحديث المباشر مع الشعب حول مسائل العدالة والقانون واحترام آدميّة المواطنين كافّة. تماماً كما فعلت رئيسة وزراء نيوزيلاندا حين امتصّت بالحكمة السياسيّة غضب الشارع المسلم عقب الجريمة العنصريّة التي قام بها مواطن غربي أبيض على تراب الدولة التي ترأس هي حكومتها 15مارس2019. مع العلم أنّ نسبة المسلمين في نيوزيلاندا لا تصل إلى واحد بالمائة, بينما نسبة الأميركيين من أصول أفريقيّة في الولايات المتحدّةتجاوز ال13 بالمائة, بالإضافة إلى حقيقة ارتفاع نسبة التسلّح في صفوف الشعب الأمركي بسبب قانون حريّة حيازة الأسلحة في الولايات المتحدّة, وبالرّغم من كل ما سبق فقد آثر السيد “ترمب” المواجهة مع الشعب بدلاً من احتواء الشارع بالحكمة والدبلوماسيّة!!

الخلاصة: أميركا تعاني مثلها مثل أي دولة أخرى من مشاكل تتعلّق بالعنصريّة والتفاوت الطبقي وغيرها, لذلك فإنّ مهمّة رجل السياسة هي العمل على حفظ التّوازن وضمان الأمن والحريّة في المجتمع والدولة التي يعمل لأجلها. ولكن حين يكون هذا الحاكم بالأصل هو إنسان لا علاقة له بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد, وحين يكون هذا السياسي بالأصل هو إنسان قادم من الملاهي الليليّة ومن “وول ستريت” فإنّه سيستخفّ بالشعب وحقوقه ويعتمد على القوّة والقهر وزرع الفتن وإعمال البسطار العسكري من اجل إرضاخ الجماهير لإرادة الفرد أو النخبة, وهذا بالضبط ما يحصل في أميركا الآن, وما هي سوى البداية. (مع التأكيد بتمنّياتنا بالسلامة والأمان لكل شعوب الأرض)

قبل الختام: بالنسبة لليمينيين العرب المصابين بعقدة استوكهولم, والذين فاقت عنصريتهم ضدّ أنفسهم عنصريّة “آدولف آيخمان” بذاته, والذين يتّهموننا بالتّخلّف والغوغائيّة نحن وكل من يصدح بكلمة حول وجوب مكافحة عنف السلطة ورأس المال على حدّ سواء. لهؤلاء أقول ليس لنا مسمّى, فلسنا شيوعيين ولا يساريين ولا ذوي رايات حمر ولا عابدي كارل ماركس ولا سوفييت ولا ارهابيين ولا ممجدين لديكتاتوية الصين وروسيا ولا شامتين لا بأميركا ولا بشعبها ولا منادين بزوالها!!!!... بل نحن مجرّد أناس عاديّون من الذين يؤمنون بأنّ صاحب السلطة أو المال هو أيضاً بشري عادي لا يجوز أن يؤلّه نفسه ولا أن يستعبد البشر. لذلك فلا عجب أن نتلقّ من عندكم تهم التخريب وزعزعة الأمن, لأنّ الأمن عندكم ما هو إلّا أمن حيتان المال في جمع المزيد منه من أجل التألّه واستعباد المزيد من البشر. وما الحريّة إلّا حريّة السلطة في قهر الشعب وإذلاله لصالح النّخبة. وكما يقول أفلاطون (لو أمطرت حريّة لحمل العبيد المظلّات)



#زاهر_رفاعية (هاشتاغ)       Zaher_Refai#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم السيادة الجنسانيّة للدولة
- مزدرون ونفتخر. (ح2)
- (عائشة رومانو) والإعلام المصاب بـ(متلازمة الدّوحة)
- مجلس سفهاء الفيسبوك
- مزدرون ونفتخر. (ح1)
- كيف باع دونالد ترامب لدولة قطر طبل إماراتي مستعمل؟
- برسم أجهزة المخابرات البريطانيّة
- كهنوت العلم وبسطار التنوير
- شهر التنمّر الفضيل
- الجماعات الإسلاميّة, خصم سياسي أم عدوّ قومي؟
- مسؤولية الدّين في انتشار الأوبئة والجهل
- إنّما للطبل حدود
- هل ستنتقل إيطاليا لمعسكر الشرق
- تهمة حيازة وترويج الكاريكاتيرات
- رسالة من كتّاب الدرجة العاشرة
- لماذا ينتقد الملحد العربي دين الإسلام أكثر من بقيّة الأديان؟
- مشكلة حامد عبد الصمد مع اليسار الأوروبي
- دعاة أم قوّادون
- فلسفة لا ديالكتيك فيها, ميتافيزيق لا معرفة موضوعيّة فيه.
- لماذا لا ينكح الملحدون أمّهاتهم؟ السؤال الذي أرّق المسلمين


المزيد.....




- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زاهر رفاعية - خطورة أن يصبح .....رئيساً للدولة