أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احسان جواد كاظم - طيور السايلو وجلد الفاسدين فكاهياً














المزيد.....

طيور السايلو وجلد الفاسدين فكاهياً


احسان جواد كاظم
(Ihsan Jawad Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 10:11
المحور: كتابات ساخرة
    


أخذت حادثة سايلو النجف لحبوب الحنطة حيزاً واسعاً من اهتمامات وتعليقات المواطنين, اتسمت أغلبها بالسخرية من تعليل أحد المسؤولين على السايلو اسباب النقص : " اكلتها الطيور !".

فقد التهمت هذه الطيور الشرهة من قوت المواطنين والفقراء منهم بالخصوص, ما مقداره 752 طناً من الحنطة المودعة هناك. وقد قدرت لجنة تحري من هيئة النزاهة وكذلك دائرة الرقابة المالية والتجارية التابعة لوزارة التجارة, قيمة الحنطة المفقودة ب 420 مليون دينار عراقي, خسرتها الميزانية العامة ( ويُذكر ان سعر الطن رسمياً 560 ألف دينار عراقي, حسب ما أورده " موقع النجف مدينتي " على النت ).

لأول مرة في تاريخ العراق منذ 2003, لا تسجل حالة فساد او أختلاس في دائرة حكومية ضد مجهول, وهذا وحده انجاز يثلج قلوب العراقيين, فالفاعل, هذه المرة, موجود يتقافز بيننا وحوصلته تحتوي على قرينة ادانته, ومنقاره يواصل التقاطه لحنطتنا, عينك عينك...

وبقدر ماهو انجاز فأنه تعجيز, لأن مرتكبي الجريمة عددهم لايحصى ولا تستطيع اية قوة شُرطية القاء القبض عليهم, ,فالأمر يحتاج الى معجزة ! ... هذا فيما لو رغب أحد قضاة التحقيق اصدار مذكرة القاء قبض.

أحد أصحاب الشأن اشار الى : " حقيقة ان الحبوب تُستلم, عادة, من الفلاحين والتجار او المسوقين برطوبة الحصاد, اي رطوبة عالية... تُستلم بما لايزيد عن 12.5 نسبة رطوبة... وهي تبقى في المخازن لفترة غير محدودة, عندها تفقد جزء من رطوبتها, اي انها تفقد جزءاً من وزنها الأصلي, ويتناسب فقدان الوزن طردياً مع فترة الخزن... اضافة الى مفقودات التحميل والخزن ".

تفسير يبدو منطقياً ومقبولاً يدعو للتفهم لأول وهلة.
وما دام الأمر يتعلق بتحميل الطيور دون البشر مسؤولية الضياعات والنقص, أضيف من عندياتي متهميّن محتمليّن آخريّن من فصيلة اللا بشريات, لا أعرف سبب اسقاطهم من دائرة الشبهة, هل هو تواطؤ ام نسيان ؟ ألا وهي القوارض وما تلتهمه و أسراب النمل وما تحمله من حبوب الى جحورها.

لا نعرف من ألهم هذا المسؤول هذا التبرير, لكن تبرير نقص 752 طناً من الحنطة, يبقى غير مقنعاً, فهي كمية كبيرة حقاً...
فهل يا ترى خسائر الأعوام الماضية كانت بنفس هذا الحجم ؟ ولماذا لم يعلن عن حصول هدر بمثل هذا المقدار في سايلوات اخرى في البلاد ؟ وكيف تتعامل سايلوات العالم مع آفة أسراب الطيور الملتهمة ؟ ولماذا أوصت لجنة التحري بمسائلة القائمين على السايلو اذاً ؟ ويمكن للمرء تسطير الكثير من الأسئلة .

وحتى لو حاولنا تفهم بعض الحجج الفنية, فمن يستطيع ان يقنع ملايين العراقيين الذين عملت احزاب السلطة المتحاصصة طوال حقبة حكمها على غشهم واستغلالهم وسرقتهم ؟
فقد اثبتت هذه الطغمة انها لم تكن يوماً أهلاً للمسؤولية, بعدم أمانتها وسرقتها لثروات البلاد, واشاعتها لعدم الثقة لدى المواطن الذي أصبح يمقتها ولايصدق أي تصريح تطلقه في اي شأن من شؤون الحياة, لهذا رفضهم وانتفض.

ولنفس السبب, اكتسحت عاصفة التهكمات والسخرية, مواقع التواصل الأجتماعي, وانتعشت صناعة النكتة واطلاق الدعابات لجلد الفاسدين فكاهياً, ولتبرئة الطيور التي لا حول لها ولا قوة ولا حتى محامٍ لها ولا مُعين.

اعترض البعض على قدر السخرية من هذه التبريرات والضحك من حمق الحكام, والتشفي بسقطاتهم, واعتبرها مبالغة, ودعا الى العودة الى الجدية في متابعة ما يجري في واقعنا السياسي.

لا أتذكر من قال بأن " الفرح فعل مقاومة ", لكني متيقن من ان تكريسهما اصبح ضرورة في ظروف بلادنا المأساوية, وسلاح الفكاهة هو بالنهاية سلاح من لاسلاح له, فهو مقاومة ثقافية سلمية لجور الحاكمين وعسف السلطات وتغول الميليشيات, ومن خلال مواقع التواصل الأجتماعي, الملجأ الأخير, ليثأر بها المواطن لنفسه, ولو معنوياً.

والأدب والفن الساخر, بما يتضمناه من تهكم وتندر ودعابة وتنكيت ومُلح وهزء وقفشات ولمعات وهزل ورسوم ومشاهد كاريكاتورية, حاجة موضوعية مُلحة في ظرفنا الحالي, في ظل شيوع المظاهر الجنائزية والبكائيات وسوداوية الصورة العامة ومناخ الكآبة واعتلاء الوجوه القميئة الكالحة ناصيات الساحات واحتلالها لبرامج الفضائيات.

ولمواجهة كل هذه الفجائعية ووحشية القُبح, ولشفاء الروح المحتقنة للعراقيين جراء كل ما يحدث, لابد من تحفيز مضادات الأكتئاب لديهم مثل هرمون السعادة " السيروتونين ", واثارته بكل ما هو متاح من وسائل, لرفع معدلات الفرح والحبور والمرح والسرور والتفاؤل, والأقبال على الحياة وكل ما هو ايجابي يبعث على الثقة بالنفس, ليلاقي الأنسان مصاعبها بعزيمة وتصميم بعيداً عن روح الأنكسار والدونية والضعف والخنوع والسوداوية التي تريدها لهم قوى التخلف والظلام.

أسهل من تطبيق الحد على طيور السايلو, بنتف ريشها عالآخر بما فيها قوادم أجنحتها لجعلها مجرد دواب تدب في الأرض ولا تنطلق الى عنان السماء, اعتقال المتسببين بهذا الأهدار في الموارد, والكشف عن السرّاق الحقيقيين وتقديمهم للعدالة.

وقد قيل : " لكل ساقطة لاقطة " !
وهذا ينطبق على حنطة السايلوات المنثورة وطيورها كما على المال العام السائب وسرّاقه .



#احسان_جواد_كاظم (هاشتاغ)       Ihsan_Jawad_Kadhim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأهم من ادعاء الفضيلة, العمل بها !
- تدمير ابراج نقل الطاقة الكهربائية - المستفيدون كُثر والخاسر ...
- ما أحوجنا الى شخص كالأيطالي -جيوفاني فالكوني - !
- الأجماع على مصطفى الكاظمي... لغز !
- غرانيقنا العُلى*... لا تمرض !
- رئيس الجمهورية برهم صالح على المحك !
- في ذكرى 8 شباط الأسود - وميض النار تحت رماد انقلاب العار
- هوليودية حاكم الزاملي شيطنة للانتفاضة الشعبية
- شهداء القائم... دمائهم في رقابكم !
- هل من أحد يتمنى ان يكون بجلد عادل عبد المهدي ؟
- سلميتكم أفزعتهم !
- اليوم, الشعب يُملي شروطه عليهم !
- اختطاف النشطاء السلميين... سلاح الخائبين !
- كفوّا عنّا مندسيكم !
- عملها جيل ( السپونج بوب ) وانتفض !
- كل الرصاصات المنطلقة من الفوهات من مسؤولية الحكومة !
- عادل عبد المهدي - شيل حواجز... حط حواجز !
- ليس للقرعة ما تتباهى به, ولا حتى بشعر بنت أختها !*
- إنتشال إستشاري من فشل إنتخابي !
- مراجعة روتينية لدائرة حكومية


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احسان جواد كاظم - طيور السايلو وجلد الفاسدين فكاهياً