أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير /8















المزيد.....

سهد التهجير /8


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 21:10
المحور: الادب والفن
    


ترافقه على طول الخط الفاصل بين الطبقتين رائحة لأكوام بشرية متفحمه مهمله دون دفن او معرفه أهلها
لا أحد يلمس الجسد الحر
الجسد المتحرر لعنه بل سبب رئيسي للنكبات و الفيضانات و الأمراض
تتشكل المساوئ على شكل جسد
ليس كأي جسد
يشابههم بالشكل الخارجي لكنه تحرر من الإطار العام
تمادى ليصل إلى مرتبة عليا في محرك الثورة
لا يخاف من غضب الطبيعة التي تقتلع الخيام او نيران السلطة التي تحرق الأجساد .

حيرة الاب ليس لرؤيته النزاع الدامي بل حيرة لإيجاد مخرج سريع للأزمة
هذا المخرج ما هو إلا قوة عسكرية أو يد حمراء تقضم اللحم المشوي لتوقع على قرار النزاعات و نزع الاسلحة
لا قوة مع الأب إذن يجب علية إن يحرق القهر النفسي بدخان السجائر والمشروبات الروحية
تدغدغ الروح و تنعش الخيال المكبوت لإلقاء الشعر على حروف الورق
لا أحد يسمع صدى قصائده الا الأم و قط هارب من بيت محروق بعد القصف الجوي أطلقت الأسرة علية اسم ( هارومي مياو )
يتنازع القط ( هارومي مياو ) لأجل المكان في سلطة الأسرة
يتشارك معهم الطعام و سرير المنام .
لا حروب جندريه لدى الحيوانات او بالأحرى لا يدرك الانسان حروب الجندر عند الحيوانات
تبقى خافية الا عندما تتطور السلوكيات مع مراقبه مستمرة لها .
قط هذا البيت يتطور بسرعة للتعود على الأسرة الجديدة و قيم التعايش و مواعيد الطعام
يحددها بالثانية و يستمر بالتحديق نحو الباب قبل أن يدخل الاب
و بعد التحديق يدخل الاب مباشرة
يتفاجأ الجميع كيف يدرك الوقت و يحفظ المواعيد ؟!!!
لكن الحيوانات تخفي أسرارها المعيشية عن الإنسان
الا ان الانسان يتدخل في حياتها لكشف الاسرار و لا زال يتابع سلوكها و يكشف أسرارها و يقيم تجاربه عليها دون احترام لخصوصية
لا خصوصية سوى للقوي و المالك المباشر لإدارة السلطة .

يستمع القط ( هارومي مياو ) لقصائد الأب بصمت مثير يحثه على الاستمرار بإلقاء القصيدة مسترسلا كلماتها و قضايا الهموم الوطنية :
( رائحة عود الثقاب
ترجعني إلى أعوام الحب
الى ساحة الخبز المقلي
و طائرات الورق
عند ظهيرة تموز
نفور فيسعفنا التنور
و ابي المتعب يقرصني من اذني
يصرخ : لا تلعب ( بالشمس )
ما احلى الشمس .. و ما احلى الشمس
اشرب مائي البارد في الشمس
حتى الشاي الحار .....
و ابي ما زال يوصيني لا تلعب ( بالشمس )
فمتى العب فمتى اشرب ؟
فمتى أبكي او اضحك ؟
يا شمس و ما غابت عينك
لكن طريقي غاب
اعصر عناقيد عيوني خمراً
كي اسكر .. احلم بالشمس
و هناك على فخذ المقهى
يجلس شاعر
يحلم ... يكتب ... يبكي
او سقط من كثر السكر
و أنا احمل فوق الرأس ( باروكة شمس )
مسكين يا ذاك المخلص
إنك مثلي
باعونا ببطاقة تموين ) .

تقوم أغلبية الأسر في الطبقة المتوسطة بهدر دم القط و منعه من دخول المنزل الا بعض اصحاء التفكير و التعقل يعلمون بعدم وجود دليل على وجود الشيطان و ان وجد فلماذا يختار القطط ليسكن داخلها ؟
حيث ظهر هذا المعتقد بشكل رسمي في حوادث الكتاب المقدس للطبقة المتوسطة المسمى( بقايوقات )
كتاب شامل لأمور العامة لا تغادره صغيره و لا كبيرة
و يختلف تفسير حكم القط داخل المنزل بين المفسرين بعضهم يسرد الحكم اعتمادا على نص ثابت في كتاب ( البقايوقات ) الذي يسرد كره القط دون ذكر سبب صريح واحد و يعتبرونه حكم قطعي لا رجعه فيه .
اما بعض المفسرين المتقدمين بالفهم العميق لجوهر ( البقايوقات ) يرون بأن سبب المنع هو القصة المقدسة المروية عن ( قحطبه بن حيزوم ) جاء فيها :
( منذ قرون عديده كانت منطقة الطبقة المتوسطة قليلة السكان عاشت فيها امرأة عجوز وحيده على ضفة النهر اليسرى
كانت تمضي كل يوم لتملأ جرتها بماء سائغ عذب من ينبوع عثرت علية عند الضفة اليمنى .
في ذات مساء من أماسي الخريف هبت عاصفة هوجاء فانهمر المطر غزيراً مما جعل مياه النهر تعلو على غرّه فتجتث اشجاراً ضخمة ماضيه بها شطر الشاطئ ، ثم أضحى توازن النهر اقل جيشاناً و ما لبث في اليوم التالي ان استعاد النهر جريانه المعتاد الا ان الجسر لم يكن موجوداً .
حين خرجت العجوز من بيتها تحمل جرتها
اخذت تنوح و تنتحب و قالت : يا إلهي تعلم بأني لن اقوى على العيش بلا ماء .
سمعها الشيطان هو يمر من هناك عائداً إلى بيته لذا فقد هتف ببساطة متناهية دون ان يبدو لها :
أتبتغين جسراً آخر؟ فليكن ، ففي وسعي ان أبنية لكِ خلال ساعات معدودات غير اني اشترط عليكِ شرطاً .

قالت العجوز : استمر في كلامك !

قال الشيطان : ان روح اول من سيجتاز هذا الجسر هي لي !

حكّمت العجوز جديلتها بأظفارها الطويلة المتسخة و فكرت و إذ ان الشمس علت الساعة فأججت ظمأها
انتهت إلى القول : استمر في بناء الجسر و سنرى جيداً ما يحدث !

قال الشيطان : كلا ، كلا عليك ان ترضي بشرطي و توافقي علية .

قالت العجوز : حَسنَ اني موافقة !

ما أن تناهى إلى سمعة جوابها حتى فرقع الشيطان أصابعه اليابسة كالصنّاجات فنجعت عندئذٍ من كل حدب و صوب شياطين صغيرة ذات قرون و راحت تشرع في بناء الجسر !
كانت جمه العدد حاذقة كل الحذق فشيدت الجسر في اقل من ساعة ! .
لقد كان جسراً من حجر غاية في الجمال شُيّد ليدرأ عنه كل ما يجيش به نهر .
قال الشيطان : ان لدي امكاناتي و إني أفي بوعدي .
عادت الشياطين الصغيرة من حيث أتوا و جلس الشيطان على مقربة من العجوز مترقباً
كانت الشمس تمعن في حرارتها و كانت العجوز تزداد ظمأ شيئاً فشيئاً و رغم ذلك لم تبرح مكانها فوق الدكة الصخرية و لاحت تتنهد فترات طويلة .

قالت العجوز : حسنٌ اني لأرى جسراً غاية في الجمال و ليس عليّ الا ان اترقب رؤية البادئ باجتيازه !

اما الشيطان الذي أدرك انها تقوى على احتمال الظمأ فلم يعل صبرة او ينفذ بل راح يسارق العجوز النظر بطرف عينه متسلياً بمشاهدة قطرات عرق ضخمة تنضح منها .

بعد ما يربو على ثلاث ساعات و الشيطان ينتظر نهضت العجوز على غرّة فسرت في الشيطان المسرّة لأن العجوز دلفت إلى الجسر فراح يتبعها بعينه بيد انها ما أن بلغت الضفة حتى توقفت ثم ركعت و اخذت تردد بينها و بين نفسها في همس ناعم عذب غاية في العذوبة : مياو ، مياو ، مياو ، .... الا عجل بالمجيء يا صغيري .
فأبصر الشيطان عندئذ قطاً هرماً كان يصطاد على امتداد الضفة الثانية ، يلج الجسر فيندفع قبل فوات الأوان .
لقد اجتاز القط الجسر الآن في وثبات قليلة و مضى يحتك بساقي العجوز التي أخذت تضحك قائلةً : إذن ها انت ذا قد عُوّضْت أوليس هذا يلائمك.....روح قط ؟

اما الشيطان الذي لم يأخذ حذرة حين حدد الشرط الذي اشترطه إذ كان ينشد روح انسان لا روح قط
فقد مضى مرخي الأذنين ذاهباً بروح القط الذي لم يكن مبتهجاً بحمل الشيطان لروحه ) .

و على هذه الرواية قامت عمليات العداء الشديد للقطط خوفاً منها لاقترانها مع الشيطان و خوفاً من انتقامها من الإنسان الذي خدعها لعبور الجسر لتصبح روحها لدى الشيطان .
بعض الشيوخ يقولون بأنها تحالفت مع الشيطان بعد الحادثة للانتقام من الإنسان .
الا ان المفسرين الجدد يعرفون بأن القط كائن حي لا يضر الا أنهم يخافون من مواجهه المفسرين الآخرين الرافضين لتغيير نص ثابت في كتاب البقايوقات المقدس .

تنعدم الخصوصية بين افراد الطبقة المهمشة بل يصبح التكافل الاجتماعي وحده واحده بينهم كما في منطقة ( التهميش و العدم ) حيث تتراصف بيوت الطين و الحديد مع بعضها البعض و تفصل بينها ستائر الاقمشة القديمة .
اما عند الطبقة المتوسطة فالخصوصية تكون معدومة داخل الاسرة الواحدة
تتشارك الأسرة بالمنهج الاجتماعي السائد بين أفرادها
حيث تجتمع تحت سلطة أبوية واحدة الا في حالات شاذة يتم القضاء عليها و التنكيل بها و بشرفها و سمعتها الاجتماعية و تنشر الإشاعات المغرضة الكاذبة لقتل روح المساواة و التقدم الإنساني فيها .و تتضح الخصوصية فقط في الشارع فكل أسرة تتخذ خصوصية من الأسر الأخرى داخل المنطقة .



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهد التهجير /7
- سهد التهجير /6
- سهد التهجير /5
- سهد التهجير /4
- أغلق الباب بقوة !!!!
- التجرد من الحواس
- سهد التهجير /3
- سهد التهجير /2
- سهد التهجير /1
- سعادة الخيال المعاصر
- الإنتاج الوطني و مقاومة الاستعمار
- باعدت بين ساقيها !!!
- أنه الفستان (عن قصة حقيقية بتصرف ادبي )
- على هامش انتفاضة تشرين الاصيله/1
- أسئلة الأطفال البديهية و سياسة القتل / 2
- أسئلة الأطفال البديهية و سياسة القتل
- طقطقة الكعب العالي
- الممتلكات العامه ليست عامه
- الإبداع بين تشوية السمعة و الدعوات الأصولية/5
- النقاب و الهوية الانسانية


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير /8