أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - همجية الذباب وهمجية الإنسان ، معارك طاحنة على من هو أكثر همجي ...















المزيد.....

همجية الذباب وهمجية الإنسان ، معارك طاحنة على من هو أكثر همجي ...


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 14:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


/ حدث في التاريخ مراراً أن يشارك الذباب في عمليات تنكيدية وإفسادية لحياة الطغاة ، وفي واقعة تخص ابو جعفر المنصور وعلى نحو غير مباشر وهذه فضيلة خاصة تُسجلّ لجليس مجلس الأول ، تحديداً بعد بنائه مدينة بغداد ، تسلطت ذبابة على خليفة المسلمين آنذاك في مجلسه ، لدرجة عجز في تدبر أمره معها أو الخلاص منها ، وبلحظة غضب سأل الخليفة من قال الله عز وجل فيهم ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) ، ابو عبدالله ، جعفر بن محمد الصادق ) العالم والفلكي والكيميائي وفيلسوف والطبيب والفيزيائي ، لماذا خلق الله الذباب ، فما كان لجعفر سوى أن يجيبه على هذا النحو ، ( لكي يذل جبابرة الأرض ) ، لكن في مراجعة دقيقة ، سيكتشف المراجع بأن حالة الاضطراب التى تعتبر صفة أساسية في سلوك الذباب ، ليست بالعبثية أبداً ، بل البعوض بصفة عامةً يستمر في الحياة طالما معدته فارغة ، وبالتالي يعيش بشكل فوضوي وفي حالة من الاضطراب الدائم ، الذي يجعله يصنع بيده طريق موته ، لأن بالمفيد المختصر ، الدماء التى يمتصها البعوض على جوع كفيلة في إنهاء حياته ، إذن ، الطنين الذي يصدره ، هي محاولة أخيرة غير مفهومة للمظنون على أذنيه ، ربما تقول له إمنعني عن قاتلي وبالتالي جميع الضربات التى تأتي أغلبها في الهواء أو على جسد الضارب ، هي في جوهرها لصالح الذباب ، لأن الاضطراب النتاتج عن الجوع ، يجعله في حالة غضب شديد ويفقده التحكم بالسيطرة على إرادته ، وبالتالي الجوع يخلق اضطرابات عالية الذي بدورها تمنع هذه الكائنات من تنظيم ذاتهم في نظام كما هو الحال مع النحل ، وهذا أيضاً ينطبق تماماً على الفئات أو الشعوب التى صنفت بالتاريخ بالهمجية أو تلك التى يشار لها بمجموعة تتصرف بهمجية .

إذن ، هناك ارتباط همجي بين الذباب الصغير والإنسان ناقص العقل ، لأن باختصار الطرفين يفتقدا القدرة على التنظيم ، والهمجية تعني في اللغة العربية ( الانحطاط ) ، الفئات الشريرة والمتخلفة والتى يصدر منها كل شيء سيء ، ابتدأ من إزعاج الآخر ومروراً بالقتل ولا ينتهي الأمر بالكلمات النابية ، وطالما الذباب يمضي حياته بين الجوع والاضطراب ، فإن من المؤكد ، لا يتمتع لأي قدرات ذهنية التى تجعله يميز بين إسكات الجوع والشبع حتى الموت ، بل ما هو أخطر من ذلك ، هذه الحشرات الصغيرة ، تعتبر مسؤولة عن قتل ما يقارب المليون إنسان سنوياً ، لأنها تحمل طفيليات ناتجة عن سلوك بيئي همجي وليس لها علاج في كثير من الأحيان ، كملاريا والحمى ، بل تطور الذباب في الآونة الأخيرة ، وأصبح لديه فئة جديدة يطلق عليه ( التسي تسي ) يحمل طفيل يسمى بمرض النوم ، فالملدوغ يصاب بالكسل والنوم لفترات طويلة .

الأغنى في يقيني ، ففي المجتمعات التى يتنوع فيها الفقر ، يوجد أنماط شريرة متعددة ، وهي مفاجأة حقاً ، إذ ما نظر المرء إلى أصل كلمات النابية التى تستخدمها هذه الفئات ، سيكتشف كيف تُبنى الهمجية الشريرة ، ابتداءً من الكلمة حتى المنطق والسلوك ، فالأغلبية تعتمد هذه الأيام على شتائم محصورة بين الجنس والفضلات ، على سبيل المثال وليس الحصر ابداً ، ( إذهب يا ابن الوسخة أو يا ابن العاهرة ، وقائمة المسبات طويلة لا يتسع هذا العمود بصراحة لاستيعاب جميعها ، رغم في الماضي كانت المسبات لها علاقة في الدين ، كالجحيم والنار وغيرهما ، فقد استبدال الناس مفردات شتائمهم مع مرور الوقت ، وهذا التغير له علاقة بالتغيرات التى حصلت مع الثورة الصناعية وفقدان الكنيسة حكم السلطة في أوروبا ، لكنها في النهاية الهدف واحد ، هو إثارة مشاعر الآخر ، وبالتالي تكشف الشتائم الجنسية ، على سبيل المثال عن تناقض عميق ، لأن من المفترض للشتائم الجنسية بين البالغين سناً ، أن تكون شيء ممتع ، لكن ايضاً إذا نظر المراقب إلى الجنس بشكل أوسع ، سيجد بأنه في كثير من الأوقات لا يكون ممتعاً ، لأنه يحمل أحداث مخزية ، مثل الاغتصاب والتحرش والإنجاب غير شرعي وسفاح المحارم والتحرش بالأطفال ، وطالما الجنس ليس دائماً ممتعاً ، إذن ، ليس غريباً أن يُبتكر منه شتائم ثقيلة تثير الحساسيات.

أيضاً ليس غريباً ، والتالي يتعبر أكثر تعقيداً ، لأنه مغلف بقوة المال ويصنف باللذة الحسية ، وهذا يكشف عن أمر أخر ، بأن الهمجية ايضاً طبقية بما تعنيه الطبقية من معنى ، تماماً كطبقية اللغة ، فهناك من هو همجي بالكلمات وآخر في التربية وكثير في الأكل أو الملابس أو طريقة اقتنائه للمقتنيات أو إختياره للكلمات النابية من قاموس غارق في المصطلحات الجنسية والقُمامية وبالتالي ، قد يكون الإنسان متعلم ، لكنه همجي في الجنس أو لا يرى في المرأة سوى الجسد ، بل الأفراح ايضاً طبقية ، ففي العصور البدائية ، كان الناس يقرعون الطبول في الأفراح بشكل همجي ، انطلاقاً من اعتقاد خاطئ ، هو تعظيم الفرح على حساب إزعاج الآخرين ، ومع حداثة المجتمعات انتقلت همجية الماضي إلى الحاضر لكنها تطورت من الشوارع إلى القاعات ، فأغلب الأفراح تحمل في تركيبتها مبالغات فظة حتى الكيد الأخير ، أو هناك ايضاً ، طبقة تنفق على صورة واحدة ملايين الدولارات من أجل اقتنائها ، في حين تستطيع بقيمتها إنشاء مشاريع تشغيلية للفقراء ، فيصبح لهم دخل شهري من خلال حياة إنتاجية والتى تسمح لهم بالانخراط في المجتمع بطريقة سليمة ، بل هذه الطبقة يتعاملون مع المال بطريقة عشوائية كدلالة عن همجية دفينة ، لأن كيف يمكن للمرء تفسير إصرارهم على تزويد طائراتهم الخاصة بوقود زيت الذُرة لمجرد أنه يصنف بالأنقى ، في المقابل ، إرتفعت كلفة غذاء الفقراء أضعاف عما كانت عليه سابقاً وذلك بسبب المكارم التى لا ترحل كما قال الحُطيئة ، الشاعر العربي عندما هجا أحد وجهاء بني تميم ، فالبيت الشعري إياه ، كما هو معروف ، يعتبر أعلى هجاء عرفته العرب ، قال ( دع المكارم لا ترحل لبُغيتها / وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي ) إذن ، جوهر الهجاء يشير بأن الحكاية لا تقتصر على الأكل والملبس ، وهذا كله ، لا يمكن له أن يلد نظاماً متحضراً ، وبالتالي الهمجية في خاتمة المطاف ، نابعة من عجز الفرد أو الجماعة على تنظيم أنفسهم في نظام عادل . والسلام



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو العاقل وروهان المجنون ...
- إنتاجات حداثة الماضي تتشابه مع إنتاجاتها اليوم ، الفردية وال ...
- مفهوم الفردانية المطلقة والفرد في الأمة ...
- مروان صباح / سويسرا الشريك الفعلي لكل هارب من الضربية وسارق ...
- محمد رمضان يعيد المشاهد العربي إلى الشاشة المصرية ...
- الديمقراطية والرأسمالية ، عقد قابل لذوبان ...
- الهندي الأحمر والفلسطيني الأبيض ، مشروع واحد ...
- جدار أثيوبيا المائي ، تبادل لعبة السدود
- جدار أثيوبيا المائي ...
- علاقة الحريات بالحداثة ومعادلة المراحل في تاريخ البشري ...
- العدالة لا يمكن أن تصنع من الظلم ...
- من علامات الخالق أن يمرر للمخلوق بصائر إدراكية ...
- لبنان بين حكومات الطبقة الفاسدة وحكومة التجويع ...
- كيم يونغ فتى الظل الجديد في لعبة التراشق ...
- عظمة الخيال جاء بكل هذه التكنولوجيا الافتراضية ...
- محمد عمارة من صفوف البناء التحتي للمادة إلى صفوف المدافعين ع ...
- كانط المتخبط والعرب المتخبطون بكانط ...
- ابو محمود الصباح من غرفة عملية صيدا يرد على تصريح مردخاي غور ...
- خلطة الحرية والفلسفة والتحوّل ، تمهد للانتحار ...
- فقط أبن الحرة من يُدير الأزمات بنجاح ...


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - همجية الذباب وهمجية الإنسان ، معارك طاحنة على من هو أكثر همجي ...