أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الملا والملاية والملائية في المجتمع العراقي.















المزيد.....

الملا والملاية والملائية في المجتمع العراقي.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6579 - 2020 / 5 / 31 - 14:48
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في مجتمع عماد الأحترام والتقدير الشخصي فيه يبنى على أسس دينية وأجتماعية يقدم فيه صاحب الدين أو حتى مدعي التدين، على صاحب العلم والفضيلة المعرفية والأخلاقية لا بد أن تظهر فيه وتبرز طبقة أجتماعية تتميز بهذا الأعتبار والتقييم، غير طبقة الأرستقراطية الدينية المتمثلة في قمم ورؤساء المؤسسة الدينية والتي تتحكم من خلال نسغ نازل منه في الكثير من جوانب الحياة اليومية للمجتمع بأعتبارها سلطة الله في هذا المجتمع والذي يؤمن بها ويخضع لها، تأت الطبقة الثانية من المجتمع الديني المتمثلة ببرجوازية المتدينين العاملين في أطر وتفاصيل هذه المؤسسة والتي غالبا ما يكونوا هم صلة الوصل بين رأس الهرم والناس العوام أو العامة، يمثل هذه الطبقة حواشي ووكلاء وموظفوا المؤسسة والباحثين والدارسين بدرجات عليا مضافا لهم الدعويون الكبار ، هناك طبقة بينية لا هم من العوام ولا هم الدعاة ولكنهم يلحقون دوما برجال الدين والغالب منهم لا يفهم من الدين إلا ما حفظه عن ظهر قلب وأستبدل به دين الله وظيفة هؤلاء التكسب والتجوال في كل مكان لأجل العيش وأتخاذ هذه المنزلة الاجتماعية بابا للترزق، هؤلاء باعة متجولين ينظر لهم من فوق بأستخفاف ويسمون (روزخونجيه) تميزا لهم عن الدعاة والخطباء المفوهين الذين يعبرون في كل وقت عن توجهات المؤسسة .
في هذا المجتمع وخاصة قبل أنتشار التعليم الحكومي وفي ضمن الهيمنة الدينية عليها كانت المساجد والجوامع تقوم مقام المؤسسة التعليمية اليوم، وفي منهجها المحتم ليس تخريج رجال دين فهذا طريق أخر يقرر لاحقا، كان الهدف الأساسي تعليم الصغار وخاصة من العوائل التي يمكن لها أن تترك أولادها للتعليم الديني مهمة حفظ القرآن الكريم على ظهر قلب، حفظ تلقيني حشوي لا يعرف الطالب المعاني ولا الأصول ولا الفقه المبسط، فقط حفظ مع إلتزام بالقراءات ومخارج الحروف وغيرها من الامور الشكلية، حتى أن الكثير من حفظة القرآن وخاصة النساء يقرأون ولكن لا يعرفون الكتابة، كان الجو السائد قبل عصر التعليم هو ضرورة الفرد لأن يكون حافظا للقرآن حتى يتمكن من الدخول لسوق العمل، في الطبقات الأكثر غنى وإمكانيات في المعيشة كان حفظ القرآن جزء من واقعي من أساسيات الشخصية الأجتماعية وإن كان ذلك يعد نوعا من الترف المجتمعي.
العراق مقسم دينيا وبشكل رئيس أتحدث عن مجتمع المسلمين فيه إلى حزبين رئيسيين من الناحية المذهبية والسياسية بين السنة والشيعة، السنة كانوا أكثر حرصا على تعليم أبنائهم حفظ القرآن بشكل عام يكاد أن يكون ظاهرة تتعلق أولا بكونهم الجزء الأقرب للسلطة مع توفر الإمكانيات المادية وأهتمام المذهب الأساسي بالقرآن ودراسته، على العكس من الشيعة الذين غلب عليهم الفقر والجهل وبعدهم عن السلطة الرسمية، مما ولد بالإضافة إلى ترتيب الأهمية لديهم في مسألة الأهتمام بالقرآن وحفظه إلا في دائرة ضيقة تتعلق بفكرة الإمامة والحفاظ على هوية المذهب الفكرية، أنحصر القرآن وتعلمه وحفظه في الطبقة الدينية والميسورين والذين لديهم رسوخ في عالم الهوية الدينية، لذا لعب حفظة القرأن مع قلتهم دورا مهما في تشكيل أتباع المذهب وتوجيههم نحو عناصر تراثية وتاريخية أشد بنظرهم من تعلم القرآن وحفظه، فنشأت طبقة الحفظة ليكونوا لاحقا البداية الضرورية للإنخراط بخدمة المذهب بصور متعددة.
مصطلح الملا يطلق عادة على من يحفظ القرآن بشكل مباشر وهو شرط أساسي لهذا التقدير، وقد لازم البعض هذا اللقب حتى بعد تدرجهم وتحولهم مثلا إلى قادة دينيين أو سياسيين وأجتماعيين على درجة عالية من الحضور، وقد نجد أن الكثير من الزعماء احتفظوا بهذه التسمية مع عدم تفرغهم للدين وعلومه أمثال ملا مصطفى البرزاني وملا عثمان الموصلي، بل أن بعض العوائل تمسكت بهذا الاسم وقد تحول إلى أمتياز وتسمية للعائلة (بيت الملا) أو تسمية العائلة بـ (أل الملا) كمثال، هذا غالبا ما نجده في الواقع السني أكثر من الواقع الشيعي وإن لم ينفي حصول هذه الحالة مع عظماء من المذهب الشيعي مثال الفيلسوف الإيراني (ملا صدرا).
تحولت مهنة الملا بعد حفظ القرآن إلى كل ما يتعلق بالجانب الديني بشقيه الفلكلوري أو الفقهي، فمنهم من واصل دراسته الدينية ليتحول إلى رجل دين إمام جامع أو عاملا في الأوقاف الدينية ترقيا إلى ما يعرف بوظيفة المفتي، طبعا هذا في الجانب السيني ومنهم من لا يلازمه الحظ أو لا تتوافر لديه الإمكانيات العملية والعلمية فأتخذ من حفظ القرآن مهنة كمنشد أو قارئ أو حتى خادم في الجوامع والمساجد ومؤذن وغيرها من المهن التي تؤمن نوعا من الأستقرار المعيشي والأجتماعي، كان هناك ظاهرة المبصرين من حفظة القرآن الذين أتخذوا من هاتين الميزتين طريقا للمعيشة حفظ القرآن والعمى وقد أبدعوا في تلاوة القرآن في مجالس الذكر وحتى قسم منهم تحولوا إلى معلمين للأجيال الناشئة كمصدر معيشي، في الغالب تحولت المنزلة الدينية إلى مهنة لا أكثر بغض النظر عن ما يؤمن البعض به م أن منزلة المؤمن عند الله تتحدد في ما يحفظه من كتاب الله.
في المجتمع السني نادرا ما نجد لقب الملا لصيقا بالنساء والغالب على التسمية الشيخة أو الحافظة ولم يلعبن دورا أجتماعيا مهما كما لعبت المرأة الملا في المجتمع الشيعي، يطلق عليها لقب الملا أو الملاية بشكل أساسي وتمارس أدوارا أجتماعية تتعدى حدود حفظ القرآن وتعليمه للصغار كما في المجتمع السني، فهي تتولى أمورا قد تكون خارج موضوع التدين أستنادا لتلك الصفة، فهي الشاعرة والمنشدة في كل المناسبات الدينية تردد مأساة كربلاء بشكل أساسي وندب الموتى وأعمال أخرى قد يكون البعض منهن عملن في المجال الروحاني، لكن بالعموم الملاية أكثر حضورا أجتماعيا وماديا من بقية النساء بما توفر لها هذه الصفة من مورد مالي، عدا فئة قليلة من النساء حافظات القرآن التي تتجه لتعليم المبتدئين قراءته وحتى تحفيظهم جزء مهم من أساسيات المذهب، وهي طبقة نادرة أحتفظت لنفسها بمركز أجتماعي متعلق بمرك الأسرة ومكانتها الأجتماعية.
ولكون حفظ القرآن عند غالبية النساء التي تعلمن أصوله كطريق معيشة ومهنة مستقبلية نجد أن هناك من تحولت إلى الجانب الأخر من الدين مثل الغناء والموسيقى أمثال المطربة فرجة عباس (صديقة الملاية) والمطربة الشهيرة زهور حسين والفانة ذات الصوت الشجي مائدة نزهت، هذا التحول لا علاقة له بحفظ القرآن بقدر ما هو ضغط مجتمعي له أسبابه وظروفه، ولكن القاعدة العامة وحتى منتصف القرن الماضي كا للشهيرات أجتماعيا سواء اللائي ألتحقن بالتعليم الحكومي أو بالتعليم الخاص كان تأسيس معرفتهم تتم عبر حفظ القرآن أولا وتعلم القراءة والكتابة من خلال الكتاتيب أو المدارس الدينية مثل المحامية الشهيرة صبيحة الشيخ داود المنحدرة أصلا من عائلة دينية.
هذا الأستعراض الموجز لتاريخ الملائية في العراق ليس أنتقاصا من فئة أنخرطت بهذا المجال أستنادا لعوامل عقائدية أو مذهبية بقدر ما كان عرضا لمفاهيم دينية أغلبها أجتماعي رضته ظروف الواقع وأملته عوامل نقص التعليم والتدريب والتأهيل الصحيح، خاصة وأن نظرة المجتمع ولليوم تضفي شيئا من الأحترام والتقدير لرجل الدين وترفع منزلته بين الأفراد، وأيضا كان هذا الطريق مفتاحا للبعض في دراسة الدين الإسلامي بطريقة صحيحة ووفق مناهج المؤسسة الدينية التي ينتمي لها، في لقاء خاص في أوائل الثمانينات مع الشيخ العلم جلال الحنفي في جامع الخلفاء في بغداد كان يشرح وبإسهاب تنامي هذه الظاهرة في المجتمع السني تحديدا أرجعها إلة ممارسات السلطة السياسية في البلاد الإسلامية وخاصة في أيم العثمانيين هي عدم لسماح للتوظيف مؤسساتها مالم يكن المتقدم حافظا للقرآن وعلومه في الترتيل والقراءات وغيرها، فعزى أنتشار الظاهرة إلى هذا السبب بشكل أساسي بعد العامل العقائدي المتعلق بمنزلة من يحفظ القرآن عند الله.
أما في المجتمع الشيعي فكان حفظ القرآن لا يلاقي تلك الأهمية للعاملين في المجال الديني بشقيه الفلكلوري والعقائدي إلا في مراحل الدرس الأعلى، وأشتراط أسباب النجاح ي مهنة رجل الدين إلى كمية ما يحفظ من القصص التاريخية المذهبية ومقدار ما يحفظ من الأشعار المتعلقة بواقعة كربلاء وعلاقتها بدور الملا ليكون ناعيا وداعيا لنصرة الحسين ع وأل بيته، وشرط مهم وأساسي يتعلق بحلاوة الصوت وحفظ الأنغام واطوار الأداء والمقامات الغنائية التي تؤدى بها تلك القصائد، وأشهر من نجح في ذلك هم طبقة الرواديد والقراء أمثال ملا جاسم الطويرجاوي وملا باسم الكربلائي مع فارق الزمن.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنصريتنا وعنصريتهم
- ما هو أفق الأقتصاد الذكي
- رواية ( عرف الديك) ح2
- تحرير القدس مفاتيح وأوهام بين الممكن والمستحيل
- العالم وشروطه في سورة غافر
- نظرية البدء والعودة في سورة الروم
- روايتي الجديدة ( عرف الديك) ح1
- شذرات فكرية في سورة النمل
- مظاهر السلطة والتسلط في المجتمعات الدينية
- الزمن والزمن الأخر في سورة المؤمنين
- ثلاث دروس من سورة الحج
- نسخ أم فسخ
- المغضوب عليهم والضالين
- صورة الحياة الأخروية في النص القرآني
- سورة الكهف بين الصورة والتصور
- منهجية الدعوة لله في سورة الإسراء بين الترغيب والتخويف
- الأمر الرباني بين الإلزام والألتزام
- رواية (حساء الوطواط) ح 20 والأخيرة
- جدل التوحيد في قصة يوسف ع
- إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في القرأن حقائق مغيبة وأفتراءات تاري ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الملا والملاية والملائية في المجتمع العراقي.