أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أحمد الخميسي - أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم














المزيد.....

أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6578 - 2020 / 5 / 30 - 23:17
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


عام 1970 كنت في القناطر في زنزانة ملاصقة لزانزانة بها أحمد فؤاد نجم! بعد عدة أشهر حل علينا معتقلا أيضا لواء طيار يشبه الديك الرومي، منفوشا، لكن مشبع بالتعاسة، لم يعرف أحد قط التهمة التي جاء بسببها ولاحتى هو نفسه! وكنا أنا ونجم نقضي الليل والنهار ونحن نقرأ داخل الزنازين، إلى أن تحل نصف ساعة التمشية حول المبنى المستطيل الضيق فنخرج ثم نرجع. ذات يوم ونحن نتمشى قال اللواء صفوت لأحمد نجم:" يا نجم أنتم بتقروا كتب أنا لا أقرأ .. وبأزهق قوي طول الليل.. مفيش حاجة أعملها.. تقدر تعمل لي كلمات متقاطعة؟". أجابه نجم على الفور: " طبعا". وأخذ نجم ونحن نتمشى ورقة وراح يخططها ويضع فيها المطلوب ثم دفع بها إلى اللواء صفوت الذي بدا سعيدا بها كالطفل سعادة لا توصف. انتهت التمشية وأرجعونا إلى الزنازين، وكانت زنزانتي تفصل ما بين أحمد نجم واللواء الطيار. بعد ساعة سمعت طرقا على الجدار: يا أحمد؟. قلت: أيوه يا صفوت بك؟. قال: صوتي مش ح يوصل لنجم، لكن أنت جنبه ، قول له 7 أفقي، مطرب عربي، أربعة حروف، فريد؟ ولا حليم؟. طرقت جدار زنزانة نجم : يا نجم ؟. جاءني صوته: أيوه. قلت له: اللواء صفوت يسألك : 7 أفقي أربعة حروف مطرب . يبقى حليم ولا فريد؟ زأر أحمد نجم من وراء الجدار صائحا : الله ! يعني أنا أكتبها له بالنهار وأحلها له بالليل؟! إلا أن علاقتي بأحمد نجم تعود إلى ماقبل ذلك بكثير، إلى عام 1964 او 1965 حين اشتغلت في منظمة التضامن وكان مقرها فيلا جميلة في المنيل. وفي اليوم الأول من التحاقي بالعمل قيل لي إن مكتبي في الطابق الأخير. صعدت وفوجئت بوجود أمل دنقل، جالسا إلى مكتب يدخن وعلى وجهه كبرياءة الغاضبة على العالم وقلة الفلوس وأحلام لا تتحقق. كنت أعرف أمل قبل ذلك، فراح يشرح لي طبيعة عملنا، وفهمت من كلامه أنه لم يكن لنا عمل جدي. كان بالحجرة نافذة عريضة مفتوحة على سطح المبني، وبينما كنا نتحدث أنا وأمل إذا بشخص يثب من السطح عبر النافذة إلى داخل الحجرة! نهضت مدهوشا، فضحك أمل دنقل وقال لي : ما تقلقش.. ده أحمد نجم! هكذا تعرفت إلى نجم. ولم يكن قد كتب بعد شيئا من أزجاله الثورية، ولا التقى بالشيخ إمام، وصرنا أصدقاء. حينذاك لم يكن أحد يعرف بعد لا أمل دنقل، ولا أحمد نجم، لكن يوسف السباعي قرر الحاقنا بالعمل لأننا " أدباء شباب"، واعتمادا على أننا أولئك الأدباء فإننا لم نكن نذهب إلى العمل إلا فيما ندر! وكنا في الأيام القليلة التي نظهر فيها في المنظمة نوقع في دفتر الحضور ثم ننصرف أنا وأمل إلى مقهى جانبي نتسلى بلعب النرد أو أتصفح أنا الجرائد وأمل يقضم أظافره ويسجل أبياتا من قصائده بقلم رصاص، وعندما يحين موعد الانصراف نرجع فنوقع في الدفاتر ونمضي. وانهالت الشكاوي على يوسف السباعي من الموظفين يتساءلون: لماذا يتغيب أولئك الثلاثة عن العمل كما يحلو لهم؟ هل هم أفضل منا؟. جمعنا السباعي نحن الثلاثة وقال لنا: أمامكم ثلاثة خيارات، ان تحضروا بانتظام، أو تختفوا نهائيا وسوف أرسل لكم رواتبكم الى البيوت، أو أن أفصلكم من العمل. ورسم أحمد نجم على ملامحه الجدية والتفكير وقال للسباعي: " لكن يا يوسف بيه لو فصلتني دي تبقى ثالث مرة ؟" فلم يفهم السباعي قصده فسأل: " وإيه يعني؟". أجاب نجم : " يعني عشان أرجع لك بعد كده لازم محلل" ! وانفجر السباعي ضاحكا بوجه محمر وغاضب، ولوح بيده أن انصرفوا، ولم يفصلنا بالطبع. بعد ذلك بنحو عام أو عامين تركنا جميعا المنظمة من تلقاء أنفسنا، وكان نجم قد تعرف إلى الشيخ إمام وأخذا معا يشكلان الظاهرة الفنية السياسية المعروفة، وظلت علاقتي به وثيقة إلى أن جمعنا معتقل القناطر. في المرة الأخيرة التي رأيت فيها نجم ، كان يسير وبيده طفلة صغيرة، سألته عنها، ضحك قائلا : " دي مكافأة نهاية الخدمة" . أستعيد هذه الأيام الضاحكة مع نجم بمناسبة عيد ميلاده الذي تحل ذكراه في 23 مايو. كل سنة وأنت طيب يا أبو النجوم، وعيد فطر مبارك عليك وعلى الناس كلهم.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - حجر - يخص المرء وحده
- توماس راسل .. مذكرات حكمدار القاهرة
- حكايات لا تحدث إلا في الصحف
- وداعا سيبوفيلدا .. كاتب المقاومة والكبرياء
- القراءة مثل الحب .. تأتي مبكرا
- البطولة حرفة المصريين اليومية
- مـحـبــوب الــشــمــس .. يـحـيــي الــطــاهــر عــبــد الــل ...
- قطاع طرق الكمأدات الطبية
- بطة - قصة قصيرة
- أنطون تشيخوف .. بطولة الأطباء
- لا شيء يهزم الانسان ..
- قروش أمي الخمسة
- المصريون .. الضحك في وجه الخطر
- يوميات التلصص .. حسن مدن
- العألم في الجيوب والحقائب
- أغــانـي الـمـهـرجــانــات في مـصـر .. قضايا مـلـتبـسـة
- اكتشافات فنية مدهشة جدا
- الـــحـــب الأول
- غريبان . قصة قصيرة . أحمد الخميسي
- القاهرة تحتفل بمئوية الشاعر المصري الراحل عبد الرحمن الخميسي


المزيد.....




- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أحمد الخميسي - أيام ضاحكة مع أحمد فؤاد نجم