أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند صلاحات - حماس ومحمد دحلان، والخطر المحدق في الشعب الفلسطيني / دراسة سياسية















المزيد.....



حماس ومحمد دحلان، والخطر المحدق في الشعب الفلسطيني / دراسة سياسية


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:46
المحور: القضية الفلسطينية
    


مقدمة :

هذه الدراسة السياسية محاولة لتفسير الوضع الداخلي الفلسطيني، لوضع الجميع في صورة الأحداث، وتعلل أسباب الٌإقتتال الداخلي الفلسطيني الذي نشأة على أثر تقاطع
مصالح بين قوى سياسية إسلامية وشخصيات فلسطينية من السلطة السابقة.
حيث تبدأ الدراسة بالتعريف بمحمد دحلان، الرجل الأكثر تأثيراً على الواقع الفلسطيني والذي صنع مؤسسة الفساد الفلسطينية بعد أن حاول لثلاث مرات متتالية الإنقلاب على الرئيس الراحل ياسر عرفات، وإظهار أهم الشخوص الذين يلتفون حول محمد دحلان، وأهم مقومات وقوة محمد دحلان في فلسطين.

الطرف الثاني في الدراسة يمثل حركة حماس وأهم مقوماتها، واسباب أخفاقها حتى اللحظة في تشكيل حكومة لوحدها، وأهم التيارات التي في داخلها.

ثالثا: خطر وجود مثل هذين القطبين على الشعب الفلسطيني، مع الإشارة لفقدان اية أطراف أخرى كانت من الممكن أن تقف في وجه هذين القطبين السياسيين.

من هو محمد دحلان ؟

محمد يوسف دحلان، ولد في 29/09/1961 وتربى ودرس في مخيم خان يونس لأسرة فقيرة معدمة، أتم دراسته في الجامعة الإسلامية في غزة ليكون أحد مؤسسي حركة الشبيبة الفتحاوية في العام 1981، وليعتقل عدة مرات بين 1981 و 1986 إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث قضى خمس سنوات في السجون الإسرائيلية قبل ترحيله إلى الأردن عام 1988. تنقل بعدها بين ليبيا – والجزائر، ليستقر به المقام في تونس حيث بدأ يلمع بعد وجوده بالقرب من السيد ياسر عرفات حيث أنه كان يعمل كمراسل في مكتب الشهيد ( خليل الوزير) أبو جهاد وكان يعتبر حلقة وصل بين أبو جهاد وقيادة الانتفاضة في غزة.

وبعد اغتيال أبو جهاد وأبو إياد وأبو معمر وأبو الهول، والضربة التي قضت على معظم الكادر العسكري لحركة فتح - تمكن دحلان من ركوب الموجة الصحيحة عبر تقربه من ياسر عرفات لأنه لم يكن هناك بديل عنه للاتصال مع القيادة في غزة - ولكن وضعه المالي والتنظيمي بقى على حاله حتى تمكن الوفد الفلسطيني في مدريد بقيادة حيدر عبد الشافي وحنان عشراوي وفيصل الحسيني من تحقيق بعض الانجازات وأصبحت القيادة الفلسطينية في تونس تخشى أن يُسحب البساط من تحت أرجلها خاصة وأن إسرائيل كانت ترفض في حينه أي علاقة مع منظمة التحرير في ظل وجود شامير والليكود في الحكومة، ولكن مع تغير الحكومة ودخول حزب العمل لها برئاسة إسحاق رابين، سارعت القيادة الفلسطينية في توقيع أوسلو، علماً أن مفاوضات مدريد مع الليكود كانت لتعطى الفلسطينيين أكثر مما تحقق في أوسلو إلا أن ياسر عرفات فهم جيداً انه إن لم يسارع ومن معه بإحداث تحول جذري نحو المفاوضات فانه سيجد نفسه بلا حكومة ولا شعب، وأن الأخرون سيقدمون على خطوة فردية بهذا الإتجاه كانت من الممكن أن تخرج منظمة التحرير الفلسطينية كاملة من المجال السياسي الفلسطيني وتهمشها للابد، ولأن عرفات كان يلعب دوراً محورياً مهما جداً، وكان يدرك عرفات نفسه دوره ومكانته كونه رئيساً لمنظمته التحرير من خلال فهمه لمجريات اللعبة السياسية، وأن وجوده في الداخل يعطيه قدماً نحو التقدم في إتجاه بناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن غيابه عن الساحة سيخلف فراغاً سياسياً ضخماً وسيُذهب في القرار الفلسطيني ومصير الشعب بأيدي أناس تسير به حسب أهوائها ومصالحها الشخصية فقط فقد قرر الرئيس عرفات إتخاذ هذه الخطوة الهامة والمصيرية وشرع بالمفاوضات العلنية وترسيم الخطوات المستقبلية للدولة الفلسطينية، وهنا أصبحت الفرصة مواتية أمام دحلان، حيث لم يبقى من له وزن ويمكنه من وقف التفاوض في ظل غياب وتصفية القيادة المؤثرة في حركة فتح باستثناء عدد قليل من القادة في الحركة من أمثال فاروق القدومي والقليل الأخرين الذين لم يُسمح لهم أصلاً من دخول الأراضي الفلسطينية، أو رفضوا هم أنفسهم العودة بعد الاتفاق لمعارضتهم توقيع الاتفاق.

عاد دحلان إلى غزة عام 1994، وشارك في يناير/ كانون الثاني إعداد اتفاق في اجتماع تم في روما مع مسؤولين من قوات الدفاع الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت عرف ب"خطة روما" لاحتواء حركتي حماس والجهاد الإسلامي وهو ما طبقه دحلان كونه مسؤولاً لجهاز للأمن الوقائي. كان كذلك عضواً دائماً في فريق التفاوض حول القضايا الأمنية المتعلقة بإعادة الانتشار الإسرائيلي أثناء عملية أوسلو، وحول عودة الفلسطينيين الذين هُجروا بعد عام 1967، وحول إطلاق سراح الأسرى. كذلك شغِل منصب رئيس قوة الأمن الوقائي في غزة، برتبة عقيد، وعضو بلجنة العلاقات بمنظمة التحرير الفلسطينية. و تم انتخابه مؤخراً كعضو للمجلس التشريعي الفلسطيني في25 كانون الثاني (يناير) 2006.

يقول أحد مسؤولي ال C.I.A السابقين (ويتلي برونر) أنه تم تجنيد دحلان في تونس في الثمانينات وتمت تزكيته وتسميته مع الرجوب ليكوّنا سويا القوة الضاربة المستقبلية بعد اتفاقات أوسلو، مع أنه لم يتم نفي هذه المعلومة رغم نشرها على نطاق واسع في الصحافة العربية والفلسطينية. حمّله شارون مسؤولية الهجوم على حافلة للمستوطنين في غزة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2000 وشنّ هجوما على مكتبه وتوعده بالقتل، قدم استقالته في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2001م متذرعاً باحتجاجه على سياسة السلطة الفلسطينية في القبض على أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي لكن الراحل ياسر عرفات رفض الاستقالة.

ملايين دحلان: من أين حصل عليها وكيف يوظفها ؟

يرى المراقبون أن دحلان يشكل حكومة مافيا في غزة هي التي أثارت الطلقة الأولى في الاقتتال الداخلي الفلسطيني بين فتح وحماس.

من الطريف والغريب وبرواية أحد المقربين منه أن دحلان عندما دخل غزة في العام كان مديوناً بمبلغ 300 دولار لأحد الضباط الفلسطينيين، ولكن كانت هناك صفقة كبيرة وقعت بين محمد دحلان و جبريل الرجوب و خالد إسلام الكردي و يوسى غينوسار ( رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي سابقاً ) سنة 1994، فقط بعد دخول السلطة لأريحا وغزة بثلاث شهور، وكانت الصفقة عبارة عن إلغاء توكيل الشركة الموردة للبترول ومشتقاته للضفة وغزة وإعطاءه لشركة أخرى وهي شركة دحلان وشركاه السابق ذكرهم، مما أدر أرباحاً على دحلان تقدر حسب إحصائية بنكية بحوالي 2 مليون دولار.

بعد ذلك أصبح مالكاً لفندق الواحة على شاطئ غزة وهو المصنف كواحد من أفخم فنادق الخمس نجوم في الشرق الأوسط وبعد فضيحة ما عرف ب "معبر كارني" عام 1997 عندما تم الكشف أن 40% من الضرائب المحصلة من الاحتلال عن رسوم المعبر والمقدرة بمليون شيكل شهرياً كانت تحول لحساب "سلطة المعابر الوطنية الفلسطينية" والتي أتضح في ما بعد أنها حساب شخصي لدحلان!

بعد ذلك تلقى دحلان دعماً غير محدود من ياسر عرفات لدوره الأمني في حفظ الأمن في غزة، والحفاظ عليها هادئة في تلك المرحلة، وبعد ذلك أستمر دور دحلان في اختراق الحركات الإسلامية وجمع معلومات تفصيلية عنها تمكن من جمعها لان جهاز الأمن الوقائي الذي تم تشكيله أصلاً من عدد من مطاردي حركة فتح في حينها ( الفهد الأسود في الضفة - وصقور فتح في غزة ) وعدد من غير المنتسبين للأحزاب الفلسطينية والذين تم انتقاؤهم بعناية فائقة من الذين يعلنون الولاء - وعلى اثر ذلك تلقى دحلان الدعم الغير محدود من دول عربية منها مصر وكذلك اعترفت إسرائيل وأمريكا بتقديم الدعم لدحلان، بعد أن قام باعتقال معظم قادة حركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة والضفة عام 1996، بمعنى أنه تلقاها لاحتواء أفراد فتح العسكريين وشكل فيهم جهازه الأمني وورطهم في مواجهة الشعب الفلسطيني والتنظيمات الفلسطينية المعارضة للاتفاق أولاً، وثانياً لاختراق الحركات الإسلامية واليسارية المعارضة والتي كانت تشكل نسبة قليلة جداً في ذلك الوقت.

بعد نجاح دحلان في المهمة الموكلة إليه بضرب البنية التحية للأجهزة العسكرية للتنظيمات الإسلامية واحتواء جزء كبير من قادة حركة فتح أصبح دحلان الرقم الصعب في غزة، حيث قام بتشكيل فرقة الموت التي تم تدريب كوادر منها في الولايات المتحدة والتي عملت على تصفية بعض القادة الإسلاميين وغيرهم وتخلصت من معظم المناوئين للسلطة في أسرع وقت ممكن.

أين تكمن قوة محمد دحلان في غزة ؟

تكمن قوة دحلان الحقيقية في أن جهازه يمتلك أفضل تسليح، وأفضل أجهزة وإعدادات سواء أجهزة تجسس متطورة أو أجهزة حماية ووقاية، وأجهزة اتصال فائقة الجودة تضاهي أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وأفضل دعم أمني، وتغطية من الدول التي ذكرت سابقاً - والاهم من هذا انه اخترق تقريباً جميع الأجهزة السياسية والأمنية والاقتصادية في غزة، وله رجالات أيضاً في الضفة الغربية، وله كذلك طاقم إعلامي متكامل يعمل على مدار الساعة في الترويج له في الصحف المحلية، وكذلك قاموا على تجهيز أكثر من صحيفة وموقع إلكتروني لنشر الأخبار التي يريدها دحلان وتوصيل سياسته ومنها موقع الطليعة والذي يبدو لأي زائر له من الوهلة الأولى بأنه أحد المواقع الناطقة باسم دحلان وجماعته، كذلك ولا يوجد في غزة في أي جهاز أمني من عقيد أو عميد أو رتبة عسكرية في غزة إلا وهو بحاجة لدحلان لأنه لن يتمكن بغير دحلان من التحرك في أي مكان خاصة لمصر أو إسرائيل أوالأردن عبر الحدود تحديداً لعلاقات دحلان مع الجانب الإسرائيلي، حيث نُقل عن أهل غزة بأن معبر المنطار سابقاً وأيرز كانا يُفتحان لدخول موكبه المؤلف من 11 سيارة وموكب زوجته المكون من 3 سيارات وأيضا مستشاروه الأربعة عشر.

في حالات إغلاق المعابر، وكما انه الوحيد القادر على تحقيق أي انجاز من إسرائيل حتى حماس تعلم ذلك جيدا وتعلم أنها لن تتمكن من فعل شيء دون دحلان، علماً بأن لدحلان عناصر في كل زاوية في الضفة وغزة خاصة بين مطاردي كتائب الأقصى ولجان المقاومة الشعبية، إضافة لأنه يمتلك بكل معنى كلمة يمتلك تنظيمين كاملين فوق فتح هما كتائب محمود نشبت، وكتائب أبو الريش، ولذا فهو في الواقع القوة الضاربة في غزة، ولو راجعنا ما حدث في غزة عندما هددت لجان المقاومة الشعبية دحلان لعرفنا ببساطة انه تم اعتقال كل قادتها خلال 24 ساعة في غزة من قبل الأمن الوقائي باستثناء جمال أبو سمهدانة مسؤول لجان المقاومة الشعبية في غزة(الذي أستشهد مؤخراً عبر غارة إسرائيلية)، وكان ذلك خلال الشهر الماضي على مرأى ومسمع من كل الأجهزة وعلى رأسهم حماس، أما استثنائه لأبو سمهدانة فلسببين :
الأول: أن لدى دحلان اثنين من نفس عائلة أبو سمهدانة يعتمد عليهم كثيراً، هما ياسر أبو سمهدانة ( قائد صقور فتح سابقاً) والثاني ( سامي أبو سمهدانة رئيس ما يسمى بالقوة الخاصة التي شكلها دحلان)
الثاني: يعود لكون عائلة أبو سمهدانة من بدو رفح وما لذلك من تداعيات على الساحة الغزاوية، وما تمتلكه هذه العائلة من سطوة ونفوذ في المجتمع الغزاوي الذي لا يزال يعيش مرحلة الانفلات الأمني وما لذلك من تداعيات القوة العشائرية التي تطرح نفسها على الساحة.

أما في خانيونس وبنى سهيلا وعبسان وخزاعة والزوايدة والقرارة ، فليس هناك طلقة أو قطعة سلاح إلا على حساب دحلان، أما في شمال قطاع غزة فلديه أكثر من ثلاثة ألاف مقاتل من بيت حانون وحدها ينتمون لخمس عائلات كبيرة. أما في مخيم جباليا والذي تعتبره حماس قلعتها فله أكثر من حماس نفسها، ولا يغر فوز حماس في الانتخابات فله أسباب أخرى كثيرة، والمنطقة الوحيدة التي تعتبر السيطرة فيها لحماس في شمال القطاع هي جباليا البلد . أما من هم مع دحلان فهم قتلة لا يهمهم شيء حتى قتل كل الشعب الفلسطيني من أوله إلى آخره.

وقد قتلوا الكثير وكل غزة، وكذلك هنالك أدلة تشير لتورط دحلان كذلك في إغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي مات مسموماً بعد أن عطل المشروع الإسرائيلي الأمريكي ورفض التوقيع على اتفاق كامب ديفد وأستنكف في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله مما أستنفذ صبر الأطراف فأوعزت لدحلان بالتخطيط لاغتياله بهدوء، وكان السيد ياسر عرفات مدركاً لخطر وجود دحلان وما يقوم به، وهذا ما استعدى الرئيس الفلسطيني الحديث لوسائل الإعلام عن محاولتي انقلاب عليها حاول القيام بهما محمد دحلان،وخلاف دحلان افتضح مع ياسر عرفات حين عرض استقالته كمسؤول للأمن الوقائي في 05/11/2001 والتي رفضها عرفات ثم بعد حصار ياسر عرفات في العام 2002، برز دحلان كأحد الرجالات التي حاولت الاستيلاء على السلطة وسحب البساط من تحت الرئيس الفلسطيني الراحل مع حسن عصفور، محمد رشيد، صائب عريقات ونبيل شعث التي أدارت "السلطة" وقتها ثم لاحقا إبان حكومة أبو مازن حين رفض عرفات وبشكل قاطع تعيينه وزيرا للداخلية ليلتف أبو مازن على ذلك ليعين دحلان وزيراً للشؤون الأمنية بمباركة أمريكية إسرائيلية، دعت الرئيس الأمريكي جورج بوش لإمتداح القرار وامتداح دحلان شخصياً ويطلب مصافحته على الملأ، ثم ليستقيل بعد أخذ ورد واتهامات متبادلة نهائيا يوم 05/06/2002 وبذلك أصبح بدون أية صفة رسمية، لتتسرب بعدها تفاصيل رسالته وخطته لموفاز بتاريخ 13/07/2003 لإقصاء ياسر عرفات عن رئاسة السلطة الفلسطينية والتي أشار لها الراحل عرفات في أكثر من موقف أثناء حصاره.

اغتيال موسى عرفات

وحتى مقتل موسى عرفات في غزة فهو وراءها، فالخلاف بين الاثنين قديم جداً لكن وجود ياسر عرفات على الساحة كان يمنع دحلان من أي محاولة لإقصاء موسى عرفات عن ساحة غزة، حيث أنه قبل وفاة ياسر عرفات صرح "روني شاكيد" -وهو سياسي إسرائيلي معروف وأحد رجالات الشاباك السابقين وعمل بعد تقاعده في الصحافة وهو الآن مسؤول عن الشؤون الفلسطينية في صحيفة يديعوت أحرونوت- إبان أحداث عنف جرت في غزة بين مسلحين فلسطينيين من حركة فتح وأفراد من الشرطة الفلسطينية حيث علق عليها بأن ما يجري في قطاع غزة من أحداث وصراع داخل السلطة ليس إلا بداية لبركان قادم.

وقال شاكيد في تصريح قديم له لموقع الجزيرة نت إبان حياة الرئيس عرفات "إن الصراع متجذر ما بين جيل المقاومة الذي فجر الانتفاضات المتعددة ضد إسرائيل والذين عايشوا أحداث القضية في الضفة والقطاع وبين الزعامات والكوادر التي جاءت بعد اتفاقيات أوسلو من الخارج، حيث سيطر القادمون على كل شيء وبقي المناضلون والقادة المحليون بلا شيء صفر اليدين". وعبر يومها عن اعتقاده بأن عملية اختطاف الجبالي التي فجرت الوضع، كانت حدثاً مبرمجاً لهدف سياسي، وأن "العقيد محمد دحلان يقف خلف هذه الأحداث ليؤكد للرئيس عرفات أنه الأقوى وأنه فقط هو القادر على حماية الأمن في قطاع غزة".

ورأى شاكيد أن تعيين موسى عرفات كان بمثابة وضع البنزين فوق النار لأنه رجل غير مرغوب فيه بقطاع غزة، فضلاً عن أنه مرفوض من قبل كتائب شهداء الأقصى، في وقت يحتفظ فيه دحلان بعلاقة مميزة مع كتائب الأقصى.

وبناء على عدد من الشواهد التي دللت على أن دحلان وسيطرته على جزء كبير من كتائب الأقصى، وكذلك علاقته الحميمة مع نصر يوسف وزير الداخلية في ذلك الوقت والذي طالبه الكثيرون بالاستقالة لأنهم اعتبروه متواطئ مع الفلتان الأمني ومقتل موسى عرفات.

دحلان،.. السم في العسل لفتح والشعب الفلسطيني

لا يكمن خطر وجود محمد دحلان على حركة حماس وحدها، ولا على المشروع الإسلامي، بل إن دحلان يعتبر الخطر الأكبر على الشعب الفلسطيني بشكل عام، وعلى حركة فتح بشكل خاص، فمحمد دحلان الذي قرر تنفيذ الأجندة الأمريكية في فلسطيني لإيصال المنطقة كاملة للقبول بحل الدولتين سعى لتحطيم حركة فتح عبر زج كوادرها في اقتتال داخلي، فهو من ناحية يسيطر كما قلنا مسبقاً على عدد من الفصائل الفلسطينية التابعة لحركة فتح، ويزج بها للاقتتال مع كوادر حماس، أما من لا يستطيع محمد دحلان إعطاءه أوامر مباشرة بشن الحرب على مقاتلي حماس لإشعال نار فتنة في الشارع الفلسطيني ككل فهو يسعى عبر طرق أخرى لذلك، ومنها ما يجب ذكره أن محمد دحلان يمتلك عدداً من المكاتب والشركات في الأردن والتي تقوم بمهمة تبييض الأموال له من ناحية، ومن ناحية أخرى تلعب دور المكتب السياسي أو ما يمكن تسميته بالمطبخ السياسي الذي يقوم على رسم الخطط، ومهمة هذه المكاتب والشركات التي تتخذ غطاءاً لها أعمال السياحة والسفر والتصدير والاستيراد وغيرها تقوم بمهمة تجهيز البيانات السياسية، وهذه البيانات تحمل توقيع حركة حماس، وقد وقع عدد من هذه البيانات بأيدينا، وهي تحمل محتوى خطير جداً، وتبدو صيغتها بأنها للشارع الفلسطيني في الداخل، وتوزع عبر مؤيدي دحلان في المخيمات الفلسطينية في الأردن على أنها صادرة من حركة حماس، ويحتوي على البعض منها "كلمة تعميم داخلي" في إشارة على أنها بيانات وزعتها حماس على كوادرها فقط، وهذه البيانات تحمل أبعاداً خطيرة جداً، وتنذر بخطر كبير حيث أن هذه البيانات المكتوبة باسم حركة حماس، تحمل محتوى تحريضي على حركة فتح. مثلا احد البيانات والذي كُتب عليه تعميم داخلي قد كان محتواه يحرض على كوادر فتح ويكفرهم ويصفهم بالكفر وجواز إطلاق النار عليهم وقتلهم وانه لا يجب السكوت على وجودهم. وانه يجب ضرب بنية فتح التحتية، ويجب أن يقوم أعضاء وكوادر الحركة بتبني مواقف وطرق وأساليب تضرب فيها عناصر شهداء الأقصى، وكذلك احد البيانات يدعو لافتعال فتنة بين كتائب الأقصى وبين لجان المقاومة الشعبية.

مثل هذه البيان يبدو أنها ترسل للضفة وغزة ويتم توزيعها على أنها من حركة حماس لإثارة الفتنة بين الناس وبين أعضاء فتح وحماس، والذي يقف خلف كله هذا محمد دحلان عبر مكاتبه والعاملين معه، كذلك فان شركاته السياحية هذه وغيرها هي عبارة عن مكاتب رصد معلومات وعمليات، وهنالك معلومات مؤكدة أنها لتبييض أموال دحلان من تجارة المخدرات، حيث أن هدف محمد دحلان من ما يحدث في غزة هو إثارة الفوضى حتى يقوم بتسويق السلاح الذي قام بتهريبه من مصر إلى غزة، بالإضافة لان غزة أصبحت وكراً للمخدرات وهو يقف خلف هذا. هذا وأن محمد دحلان يقوم بإدخالها إلى الضفة الغربية

بالمناسبة فأبن عم محمد دحلان صاحب شركات السياحة يحمي نفسه وشركاته في الأردن عبر علاقة نسب مع أل الفايز الذين كان منهم رئيس الوزراء الأردني السابق.

من كان وراء إطلاق النار على القوات المصرية في غزة والتي حاول الإعلام إدانة دحلان فيها ؟

أما قضية إطلاق النار على القوات المصرية فليس لمحمد دحلان أو أحد من كوادره أي علاقة بها لا من بعيد ولا من قريب - والحقيقة أن غيره هم الذين فعلوها وهم معروفين بالاسم لأصغر طفل في غزة، ولعدد كبير من الشهود الذين حضروا الاشتباكات مع القوات المصرية التي لم ترد بإطلاق النار بشكل مباشر بل أكتفت بإطلاق النار في الهواء في محاولة لمنع إطلاق النار على جنودها، أما الذين أطلقوا النار فكانوا معروفين لأهل غزة، وليس لهم علاقة بدحلان لأنهم من كوادر حماس وتحديداً الجناح التابع لعبد العزيز الرنتيسي، وهو أكثر الأجنحة العسكرية في حماس تشدداً، لان الشرطة المصرية منعت إدخال شحنة سلاح قادمة من إيران عن طريق الحدود المصرية إلى غزة وهذه هي الحقيقة والتي يعرفها الجميع في غزة، ويعرف من فعلها بالأسماء.

دحلان وحماس خلاف أم التقاء ؟ (مقومات دحلان في داخل حماس)

طرح البعض في الإعلام أن دحلان يحاول تشكيل حكومة ظل في مواجهة حكومة حماس الجديدة، وفي تساؤل أخر: محمد دحلان يعتبر صاحب أكبر سلطة في غزة، ويتصرف على أنه حكومة أقوى من حكومة حماس ذاتها ومن الأجهزة الأمنية الفلسطينية، فهو يمتلك قادة أجهزة مثل سمير المشهراوي وأبو شباك، وبنفس الوقت يحكم على عدة فصائل مسلحة، وفي المقابل له اتصال مباشر مع عدد من كوادر حماس وقادتها وتلتقي مصالحه مع مصالحهم، فما هي حكومة دحلان التي يشكلها في غزة؟ وما علاقته بحماس؟ وهل من الممكن أن يكون هنالك تنسيق بين حكومة حماس و دحلان؟ بحيث انو مثلا دحلان يفاوض إسرائيل كواجهة لحماس بأنها هي تبقى خلف الستار؟

مشكلة حماس أنها وصلت للسلطة دون أي مشروع وطني واضح للانتقال بالشعب الفلسطيني من سنين الجمر إلى سنين الاستقرار ولا توجد أي أولوية وطنية واضحة في خطاب حماس، ولا تمتلك أي أجندة حقيقية تطبقها على ارض الواقع، وحتى الأن لم تزل تتصرف بشكل يوحي بأنها حزب معارضة للسلطة الفلسطينية، بل أن التناقض في التصريحات لقيادات حماس صار الميزة الأكثر معرفة لدى الشارع الفلسطيني حيث تصريح النهار يجلوه اعتذار عنه في الليل، من قيادات حماس المراهقة سياسيا فمثلاً ، الشيخ ماهر أبو طير ممثل حماس في المجلس التشريعي عن مدينة القدس يطالب بفرض الحجاب الإسلامي على النساء الفلسطينيات، وكذلك أم نضال فرحات ممثلة حماس عن غزة طالبت بنفس المضمون بعد أن أخذت الضوء الأخضر من أمير حركة الإخوان المسلمين في القاهرة بعد أن التقت به، بينما يصرح محمود الزهار بأنه سيحافظ على الدولة المدنية الفلسطينية وهيكليتها الحالية ولن تكون هنالك أي رقابة دينية على الشعب الفلسطيني حفاظاً على ديمقراطيته وتعدديته، وبينما العالم يطالب حماس بالاعتراف بإسرائيل، يأتي أمير حركة الإخوان المسلمين في القاهرة وغيره من قادة الحركة يطالبون حماس من على منابر المساجد بمنع الرقص الشرقي قبل توفير لقمة العيش الكريمة.

ما لم تعيه حتى الآن حماس أنها أصبحت تحكم سلطة وشعب، وعليها أن تدرك كذلك بأن أعضائها وقيادتها ليسوا كائنات فوق الخطأ وعليهم أن يعرفوا أن مستقبل ملايين البشر بين أيديهم وهذه أمانة كبرى تنوء عن حملها الجبال العظمى، ولا يمكن لحماس أن تصادر جهاد نصف قرن من التضحيات التي قام بها شعب الجبارين بقرارات صبيانية ويجب أن يعترفوا أن الشعب الفلسطيني قبل وصول حماس للسلطة كان قد انتقل من نظام الحزب الواحد إلى دولة المؤسسات المدنية، وأن الشعارات لا تشبع الجياع، فقط الشعب الفلسطيني يريد أن يرى انجازات حكومة التكنوقراط التي وعدت الشعب الفلسطيني بها، فبينما حماس الحكومة تهديد العالم باللجوء لخيار الزيت والزعتر لمحاربة العالم والاكتفاء الاقتصادي، ويتجلى التناقض لدى حكومة التكنوقراط بلجوء وزراء التكنوقراط لاستخدام كتائب القسام لحمايتهم وضرب الصحافيين والإعلاميين.

مشكلة حماس هي مشكلة سياسية والتي وقفت بخندق إيران سوريا وفشلت في كسب الرأي العام العالمي، وفشلها كذلك في توحيد الشعب الفلسطيني على أساس برنامج عمل وطني تحرري واقعي لإيقاف الانهيار والفوضى العارمة في الأراضي المحتلة، ووقف التصريحات المتناقضة لدى قادتها السياسيين سواء في الخارج أو الداخل، فمرة نجد مشعل يصرح بقبوله خيار الدولتين ومرة يأتي الزهار ليصرح بأن خيار المقاومة قائم حتى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.

بالتالي حكومة حماس الحالية هي عبارة عن حكومة شكلية فقط، ولن تستطيع أن تقف أمام الشعب الفلسطيني أولاً وأمام العالم كحكومة حقيقية إلا إذا كان لديها خيار داخلي حقيقي، ومن هنا نجد أن حكومة حماس الحالية لن تستطيع أن تفعل شيئاً دون دحلان وقوته، فهو الخيار الأقوى لها والأكثر متانة وصموداً، والقادرعلى انتشالها من كل هفواتها وأزماتها وتناقضات مواقفها أمام إيران والاعتراف بإسرائيل. وهو لن يوافق إلا بدخوله الحكومة بشكل مباشر وإلا فستسقط الحكومة خلال شهور قليلة، فحماس ترى في دحلان عبر علاقته بالزهار بالغطاء اللازم الذي سيشكل الوفد المفاوض والذي سيبدأ جولة المفاوضات لصالح حكومة حماس إسرائيل، وبنفس الوقت تبقى حكومة حماس في الظل بعيداً عن حلقة التفاوض، وبهذه الطريقة سيتم تهميش عباس عربياً وإسرائيلياً وفلسطينياً وفتحاوياً كذلك.

مما يعني أن حكومة حماس تعتبر دحلان ظلها وليس خصمها، بالتالي دحلان يقوم مقام السند لحماس لأنه سيكون خيار قادم بالنسبة لها، فهم يوميا ينسقون معه ولا يخطون خطوة إلا وهو معهم. باختصار حماس تراه ( هو الرئيس الفلسطيني القادم بعد اغتيال أبو مازن )، وهذه الرؤية ليست بالجديدة فقد سبقها إليها الرئيس الأمريكي بل كلينتون عندما كانت تجرى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في منتجع "واي بلانتيشين" في العام 1997م، حيث اقترب الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون من عضو الوفد الفلسطيني محمد دحلان، وهمس في أذنه قائلاً "أرى فيك زعيما مستقبليا لشعبك". وعندما كان الرئيس الحالي جورج بوش يحضر قمة "شرم الشيخ" في العام 2003م، طلبه بالاسم ليصافحه، مما يعكس حجم المكانة التي يتمتع بها لدى الإدارة الأمريكية وترحيب مسبق لأن يقود السلطة الفلسطينية في يوم من الأيام، لذا لا يمكن تجاهل دحلان عندما يدور الحديث عن الشخصيات المرشحة للعب دور فاعل في هذه المرحلة، لما يحظى به من قبول أمريكي وإسرائيلي أكثر مما هو فلسطيني، وحماس تدرك هذا الحجم الذي يحظى به دحلان وتعتبره شريكاً مربحاً بالنسبة لها، والوحيد الذي يمكنه أن يخرجها من مأزقها الحالي، وبنظر عدد من المحللين السياسيين كذلك، يظل دحلان القيادي الفلسطيني الأكثر إثارة للجدل. ففي حين يعتبره البعض مفتاحا رئيسا للمرحلة المقبلة، كونه يحظى بشخصية تؤهله للعب دور مهم في تحريك عملية السلام وخصوصاً في ظل تأزم حكومة حماس ووقوعها بين فكي كماشة التفاوض مع إسرائيل والتعاون الإستراتيجي مع إيران مما يجعل حماس تبلع السكين بحدين وبحاجة لمن يخلصها من مأزقها، علاوة على علاقاته بالأمريكيين والإسرائيليين التي ينظر الكثير بعين الريبة لهذه العلاقات. ويتمتع دحلان بحسب مراقبين بـ"كاريزما" وسط قطاعات مقدرة من الفلسطينيين. ويرد محللون السبب لكونه قادراً على تقريب الناس إليه، علاوة على سحره في الحديث وعفويته، لدرجة أن أطلق عليه لقب " النسخة المصغرة أو الشابة لياسر عرفات".

إلى جانب أن حماس لم تسيطر حتى الآن على الأجهزة الأمنية الفلسطينية، فمعظم قادة الأجهزة في الوقت الحالي هم من العائدين مع حركة فتح حين وقعت اتفاق أوسلو، أو من المحسوبين على فتح، بالتالي حماس بحاجة لمن يسيطر على هذه الأجهزة، ولا أحد غير دحلان قادر على ذلك، فليس هناك عنصر من عناصر الأمن من اصغر شرطي مرور إلى اكبر لواء إلا و يطيع دحلان.

عدا عن ذلك فدحلان ذاته يمتلك بيديه أوراق رابحة في داخل حكومة حماس، ومثال ذلك عماد الفالوجى- الوزير السابق، وطلال سدر، اللذان كانا من قادة حماس سابقاً فهما من صنائع دحلان، ثم علاقة دحلان المباشرة مع محمد ضيف قائد الجناح العسكري لكتائب عز الدين القسام - ثم من خلال هذه العلاقة يتم النظر في من كان وراء إيقاف الكثير من عمليات حماس في غزة حتى يتم إدراك مدى تدخله واختراقه للحركة، وكذلك حمايته حتى الآن لمحمد ضيف من الاغتيال، فأجهزة المخابرات الإسرائيلية وقواتها الخاصة التي وصلت ليحيى عياش كانت قادرة على اغتيال محمد ضيف أثناء اعتقاله في سجن أريحا، وهذا الذي وضع تساؤلات حول كيفية إطلاق سراحه من سجن السلطة في أريحا ووصله إلى غزة.

بالإضافة لكون دحلان عضو دائم في فريق التفاوض حول القضايا الأمنية المتعلقة بإعادة الانتشار الإسرائيلي أثناء عملية أوسلو، وحول عودة الفلسطينيين الذين طردوا بعد عام 1967، وحول إطلاق سراح الأسرى، وملم بشكل كبير بهذا الملف ويمتلك ثقة اللجنة الرباعية.

دحلان وحماس : أجندات مختلفة والتقاء مصالح نحو صياغة منظمة التحرير

على الرغم من أن دحلان وحماس يحملان أجندتان مختلفتان بخصوص منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أنهما متفقان على وجوب إعادة صياغة م.ت.ف من جديد، وبتفعيل دورها بحلة وتشكيلة جديدة يرضيان عنها. فدحلان الذي يحمل أجندة ليبرالية الأيديولوجية، ورؤية أمريكية، وحماس التي تحمل رؤية إسلامية الأيديولوجية، وإيرانية-سورية الرؤية تجاه منظمة التحرير ومجرى الصراع العربي الصهيوني، إلا أن الاثنان تلتقي أو تتقاطع مصالحهما بوجوب إدخال حماس لداخل منظمة التحرير الفلسطينية لتشكل الفصيل الأكبر في مقابل حركة فتح والتي ستكون هي الأخرى بصياغة وحلة جديدة يصوغها دحلان ويقتسم الاثنان التحكم بالقرار في المنظمة، ومن ثم البدء بجولة تفاوض جديدة لتبدو المرحلة القادمة بالتفاوض خيار الشعب الفلسطيني وخيار منظمة التحرير السياسي الكامل التي ستكون قد احتوت كل التنظيمات الفلسطينية ومن ضمنها الإسلامية، وخصوصاً أن رمضان شلح في مقابلته الأخيرة التي أجراها معه غسان بن جدو على فضائية الجزيرة صرح بأنه يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية شرط أن تكون الحركة ضمن هذه المنظمة، وجدد دعوته هو الأخر لإعادة صياغة المنظمة بأجندة جديدة تضم الجهاد وحماس وبقية الفصائل الفلسطينية.

تسعى حماس إلى بسط نفوذها الكامل على الأغلبية في المنظمة بعد أن تنسق مسألة دخولها، وترى في دحلان الشريك الأنسب لاقتسام قرار المنظمة معه لالتقائهما في المصلحة، ودحلان كذلك الذي يملك كل الأوراق التفاوضية مع إسرائيل والقادر على إعادة جمع الفريق التفاوضي السابق، أو إعادة بناء فريق مفاوضات جديد، سيكون قادراً في الوقت ذاته على كبح جماح المعارضة الفتحاوية وبقية تيارات المنظمة أو ما بقي من هذه التيارات التي انهارت بعد حرب الخليج الثانية في العام 1990م وبقي منها مجرد منظرين سياسيين فقط، وسيكون في إمكان دحلان الشروع في جولة مفاوضات منسقة مع إسرائيل وحماس التي ستبقى في الكواليس.

من هنا يتضح تقسيم الأدوار الجديدة والذي سيؤدي لتهميش محمود عباس نهائياً، وإخراجه خارج الجوقة السياسية في المنظمة والسلطة، تمهيداً لتسليمها لدحلان، في مقابل بقاء حماس في رئاسة الحكومة الفلسطينية وسيطرتها الجزئية على الوضع الداخلي للسلطة الفلسطينية.

ودحلان الذي استطاع في الفترة الماضية إنشاء علاقات واسعة وممتدة ودبلوماسية مع الدول الأوربية عبر لعبة كانت غير مفهومة في البداية، ولكن كشفت أوراقها حين تبين أن عمليات اختطاف الأجانب، سواء من نشطاء السلام أو الصحافيين أو السياح، الذي كان يجري في غزة، يقف وراءه سمير المشهراوي أحد سواعد دحلان، وحيث يتم تدخل دحلان بعد ذلك للإفراج عن المختطفين وإطلاق سراحهم ليظهر أمام دول الإتحاد الأوروبي الممول الأكبر للسلطة الفلسطينية والتي اختطفت رعاياها وحررهم دحلان، ليظهر أمام هذه الدول على أنه المسيطر على غزة، أو الأقدر على السيطرة عليها وضبط الفلتان الأمني فيها، والقادر على حفظ أمنها. بالتالي كسب دحلان بهذه اللعبة ثقة هذه الدول فيه كرجل دولة قادر على تولي زمام القيادة في السلطة الفلسطينية بديلاً عن عباس الذي تناوب دحلان وحماس والجهاد الإسلامي على إحراجه في أكثر من موقف ومثال ذلك عملية الجهاد الإسلامي الأخيرة والتي باركتها حماس وكانت ضمن أجندة إيرانية، وإلتقت مصالح دحلان مع إيران في ذلك الوقت في إحراج عباس وإظهاره بموقف الضعيف غير القادر على السيطرة على الأوضاع الأمنية في الضفة وغزة.

الاشتباكات الأخيرة في غزة بين حماس وكوادر من فتح

انعكست أحداث الصراع الأخير داخل غزة بين مسلحين من حركة حماس، وآخرين من حركة فتح على الرأي العام الفلسطيني ككل الذي كان يراقب مجريات الأحداث الدراماتيكية في قطاع غزة، كما كانت تلك التطورات محور النقاش فقد أجمع المحللون عبر مراقبة وقراءات في الصحف الفلسطينية والعربية على أن محمد دحلان يقف خلف جزء من هذه الأحداث في محاولة لتأكيد أنه الأقوى في قطاع غزة، وأن حماس تقف في المقابل لتأكيد دورها في قيادة الشعب الفلسطيني بعد فوزها بالانتخابات الأخيرة، ولفهم هذه النقطة تحديداً فيجب أن نعلم أن في حماس ثلاث تيارات هي :

1) التيار الأول وهو الذي يريد حرباً مع حركة فتح ومحمد دحلان، ويعتبرهم كفاراً، وهذا التيار في حماس هم أتباع الشهيد عبد العزيز الرنتيسى سابقاً، ويسمون تيار الصقور المتشددين.

2) أما التيار الثاني فهو تيار الزهار وهنية و ومن معه، وهم مع الإخوان المسلمون في مصر والأردن، ومعروف عن هذا التيار الذي يعتبر الوحيد الذي ينتمي لحركة الأخوان المسلمين- بوسطيته واستعداده الدائم للمساومة والتفاوض، وهذا التيار هو الذي جر حركة حماس إلى خوض الانتخابات التشريعية التي تمت تحت مظلة اتفاق أوسلو والذي هو في الأصل قائم على أساس الاعتراف المتبادل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

3) أما الثالث فهو الذي يفتعل المشاكل كلها وهم أتباع "خالد مشعل" وسوريا -وإيران -حزب الله- وهم يهمهم مصالح خارجية أكثر من مصالح الشعب الفلسطيني ومعهم عناصر وقيادة الجهاد الإسلامي والتي تسير بجزء كبير من مواقفها حسب أهواء ومقتضيات السياسة الإيرانية السورية.

4) وهناك تيار لم زال هامشياً في الحركة وهو الذي يتزعمه موسى أبو مرزوق وله اتصالات أمريكية تكون مشبوهة أحياناً، وقد نشرت مجلة المراقب العربي الصادرة في لندن في عدد آذار الماضي في ملف كامل عن الحركات الإسلامية في الوطن العربي خبراً عن لقاء تم بين حركة حماس والحركة الإسلامية في لبنان وحزب الله مع قيادات من المخابرات المركزية الأمريكية تم في بيروت، عُرف بلقاء بيروت وتم الاتفاق فيه على بعض النقاط بشأن القضية الفلسطينية ومسألة الانتخابات، وبحسب المجللة التي ذكرت الحضور من كل وفد بالأسماء بأن حزب الله تحفظ على اللقاء كثيراً بينما أبدى وفد حماس تعاونه كثيراً مع البنود التي طرحها الوفد الأمريكي.

حيث جاء في المجلة تحت عنوان ( اتصالات إسلامية غربية سرية معلنة) " ما الذي طرأ على فكر حماس وبرنامجها السياسي حتى تغير موقفها وتصبح الأكثر التزاماً بالتهدئة من جانب واحد مع العدو الإسرائيلي، بل الأكثر إصراراً كانت على إجراء الانتخابات وفي موعدها الذي انعقدت فيه في 25 كانون الثاني (يناير) 2006". وتضيف المجلة " عقد اليستر كروك ( الذي كان يعمل سابقاً في جهاز المخابرات البريطاني) وصاحب (منتدى النزاعات) حالياً، ومجموعة من الضباط السابقين لجهاز ( السي أي إيه) سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين في التنظيمات الإسلامية في الشرق الأوسط والشرق الأقصى، وعلى حد قول أحد المشاركين في الاجتماعات لم يكن أي أحد من أعضاء المجموعة ليضع قدمه على أرض لبنان بلا ضوء أخضر من إدارة بوش. وكان هناك غرهام فولر ومسؤول كبير أخر متقاعد من جهاز الاستخبارات الأمريكية ( السي أي إيه). كما كان معهم المحامي الواشنطني فريد هوف الذي كان من معدي تقرير متشل. كما كان بين الحضور خبيران مخضرمان في صراع الشرق الأوسط. وهما مارك بيري وجيف أهارنسون اللذان يعرفان عن كثب مجريات الأحداث والشخصيات المؤثرة في القدس ورام الله. ورأس موسى أبو مرزوق نائب خالد مشعل وفد حماس في أحد اللقاءات وإلى جانبه جلس أعضاء المكتب السياسي لحماس "سامي خاطر وأسامة حمدان"، أما حزب الله فقد مثله نواف الموسوي الذي يرأس قسم العلاقات الخارجية".

وأخيراً نقلت المجلة عبارة خالد مشعل في لقاء له خلال ببرنامج إخباري في ال BBC قوله : " التفاوض دون مقاومة يؤدي إلى الاستسلام. لكن التفاوض مع مقاومة يؤدي إلى سلام حقيقي. العالم يعرف أن المقاومة الفيتنامية كانت مستمرة خلال تفاوض الفيتناميين مع الأمريكان في باريس".

في دلالات أرادت تحميلها المجلة لهذه العبارة وهي رسالة خالد مشعل الواضحة لأنه يبسط يديه للبدء بحلقة تفاوض مع إسرائيل، وهو الذي عاد ليقول عبر فضائية الجزيرة بأن حماس موافقة على البدء في التفاوض مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل لحدود حزيران 1967م وهي مناورة معروفة سياسياً بفكرة من يطلب الكثير يلقى الأقل، أي أنها مبادرة يطرحها مشعل للمرة الثانية على إسرائيل للبدء في جولة مفاوضات مقابل انسحاب إسرائيل لحدود ما قبل انتفاضة الأقصى الأخيرة.

والغريب أن حماس التي لا تزال تلعب بورقة الاعتراف بإسرائيل تعتبر قانوناً معترفة ضمنياً بإسرائيل لمجرد قرارها الدخول لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الذي هو أحد مؤسسات السلطة الفلسطينية التي قامت على أساس اتفاق أوسلو الذي عقد بناء على أتفاق متبادل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وتولي حماس الحكومة الفلسطينية للسلطة الفلسطينية يعني إقراراً كاملاً من حماس بكل ما جاء بالاتفاق ومن ضمنها الاعتراف بإسرائيل كدولة على أرض فلسطين في حدود العام 1948.



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظافةُ منَ الإيمانِ السياسيِ
- الدم الفلسطيني ... مانشيت جيد لعنوان قصيدة أو مقال
- الجميع في معركة التجويع مع مشروع أولمرت
- السلطات السورية وأدت قانون دخول الفلسطينيين لأراضيها
- وأد المشروع الثقافي الفلسطيني بزجه في المعترك السياسي
- وما زلتِ تسألين !؟
- وكأنما كانت هنا ليلى
- كانتون سياسي أسمه لبنان
- الأخوان المسلمون ضد حماس، حماس في الأسر
- مجلة -حيفا لنا- تعيد ذاكرة الزمان والمكان
- مسرحية -سيمفونية وحشية- لمحمد بني هاني: جدلية الحياة التي تب ...
- الفحولة حين تتحول لأحد مقاييس الأدب العربي
- مسرحية -سمفونية وحشية- لمحمد بني هاني : مقارنة ما بين الواقع ...
- حماس، ومحاولة تصدير الثورة الإيرانية لفلسطين
- -the God Is Big Swindler -
- أنا رجل يخشى النساء... وأنت مرآته الكبرى
- محمد الماغوط ... الاتجاه الخامس
- ثلاثة رسائل كتبتها راشيل كوري
- حماس تراود اليسار الفلسطيني عن نفسه وتغلق الأبواب
- اليسار الفلسطيني ... عندما يقتات على الفتات


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند صلاحات - حماس ومحمد دحلان، والخطر المحدق في الشعب الفلسطيني / دراسة سياسية