أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سربست مصطفى رشيد اميدي - المعارضة السياسية والسلطة، وحكومة السيد المالكي















المزيد.....


المعارضة السياسية والسلطة، وحكومة السيد المالكي


سربست مصطفى رشيد اميدي

الحوار المتمدن-العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 11:53
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المعارضة السياسية والسلطة وحكومة السيد الكاظمي
القسم الاول:
ان وجود اية معارضة لاية سلطة حاكمة مرهون بوجود السلطة نفسها مهما كان شكلها وقوتها ونطاق حكمها منذ قديم الزمان ولحد الان. فالانسان الطبيعي كان في صراع دائم مع قوى الطبيعة للحصول على لقمة عيشه، والتطلع مع العمل لضمان حياته وحياة اطفاله في المستقبل. لذلك كان في حاجة للعمل والتعاون مع ابناء جلدته من اجل توفير الطرق الافضل لادامة صراعه مع الطبيعة، فكان من نتيجتها بروز (سلطة امر واقع) في ذلك الوقت ومعها وجدت الاعتراض على تلك السلطات. فالمعارضة تطورت بشكل مواز او اقل لمستوى تطور السلطة في اي مجتمع كان، ففي مجتمع المشاعية كان الصراع الاساسي والاقوى كان مع قوى الطبيعة. ولكن بعد تدجين الحيوانات واكتشاف النار بدأت مرحلة الرعي ومن ثم مرحلة الزراعة، علما ان مراحل تطور البشرية تتداخل فيما بينها لفترات طويلة. وبتقدم البشرية وتمكنه من صناعة الادوات الصناعية اللازمة والبدائية لاستمرار معيشته وتطويرها في مجال الزراعة والرعي ومن ضمنه اسلحة بدائية، فقد برزت معالم فترة اخرى وهي الفترة الاقطاعية واعتمادها بالدرجة الاولى على تمكن بعض البشر من استبعاد اخيه الانسان في فلاحة الارض وتدجين الحيوانات. وبتطور الصناعة خاصة بعد الثورة الصناعية في اوربا ظهرت بوادر المجتمع الراسمالي الذي تطور بدرجة كبيرة ولا زال طاغيا لحد الان. ان صراع الانسان في توفير لقمة العيش سواء بصراعه مع الطبيعة او مع اخيه الانسان وبروز السلطة ووجود معارضة لها قد صاحبتها الكثير من الماسي والويلات والجرائم وابيدت شعوب بكاملها اواندمجت مع غيرها لتولد اقوام وشعوب جديدة. وهكذا فالمعارضة للسلطات موجودة منذ القدم، وانه قلما توجد سلطة حكم بدون وجود معارضة لها، حيث للمعارضة معنى شكلي وتقصد بها الهيئات والقوى والتنظيمات التي تراقب عمل الحكومة وخططها، وقد تكون ضمن اهدافها الحلول محلها مستقبلا، والعمل من اجل تحقيق ذلك بالطرق المتاحة امامها، وفي مقدمتها ممارسة حق التصويت في الانتخابات العامة، ويلاحظ ان الحرف الاول (O) من كلمة المعارضة باللغة الانكليزية (Oppsition) تكتب بحرف كبير اينما حلت في الجملة. أما المعارضة بمفهومهاالموضوعي او الفعلي والمادي، فتعني مجموع الفعاليات والانشطة المتمثلة بنقد اداء الحكومة ومراقبة قراراتها وفعالياتها وخططها من قبل الاحزاب والهيئات والتنظيمات التي تمثل المعارضة، واحيانا تبرز من قبل فئات وشخصيات ضمن الاحزاب الحاكمة اذا كانت حكومة ائتلافية، قبل ان تقرر مصير موقفها لتنضم لاحقا للمعارضة.
فالمعارضة السياسية لها اهمية كبيرة الان، نظرا لتعدد الاراء والافكار والخطط والايديولوجيات في اي مجتمع، وتعتبر ضمن خصائص المجتمع نفسه، وبالتالي توجد هيئات واحزاب تعبر عن تلك الاراء وتمثل تاك التعددية في الاراء والتوجهات. وفي نفس الوقت فان وجود سلطة في اية دولة او مجتمع هي ضرورة لغرض تنظيم وتاطير نشاطات الافراد والمؤسسات المكونة للدولة، والقيام باداء المهام المناط بها في اية سلطة (حكومة) وفي اية دولة كانت. وحيث ان شروط قيام اية دولة تتلخص بثلاثة، وهي وجود اقليم محدد بحدود تكون الرقعة الجغرافية التي تمثل تلك الدولة، ومن ثم وجود شعب يعيش على تلك المساحة الجغرافية. واخيرا لا بد من وجود سلطة مهما اختلفت اساليب انشائها وتكوينها، تمارس مهامها على ذلك الاقليم، وتفرض سلطتها وحكمها على شعبها بفوة القانون، وما للسلطة من اساليب الزجر او الاقناع، هذا في القانون الدستوري. اما في القانون الدولي العام فيضاف اليها شرط اخر وهو الاعتراف الدولي والمقبولية من قبل المجتمع الدولي، حيث ان كثيرا من الدول الحديثة تجابه صعوبات وعراقيل في بداية نشوءها، مثلا توجد دول تتوفر فيها الشروط الثلاثة الاولى لكن تنقصها الاعتراف الدولي ولا تستطيع ان تنضم للامم المتحدة ، كدولة (أرض الصومال) على سبيل المثال.
ولاجل ان يكون مفهوما ان ما نتناوله هنا هي المعارضة السياسية الشرعية والسلمية، وليست المعارضة المسلحة والتي تلجأ الى الاساليب العنيفة، مهما كانت صفتها ومكانتها في اية دولة. ولكن لا بد من الاشارة الى ان صفة الشرعية من عدمها هي مسالة ظرفية وسياسية وضمن موازين القوى الداخلية وحتى الدولية، حيث تكون احيانا ضمن صراع القوى في السياسة الدولية. فحركة (فتح) الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات كان يوصف بالمجرم والارهابي، وبعد ذلك اعترف به واستقبل من قبل اغلب رؤساء الدول ومن ضمنهم رؤساء للولايات المتحدة الامريكية وايضا رئيس وزراء اسرائيل نفسها. والمناضل نيلسون مانديلا كان يوصف بالارهابي مع حزبه ( حزب المؤتمر الوطني الافريقي) وبقي في سجون نظام التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا لمدة (27) سنة، ثم انتخب رئيسا للدولة واصبح اهم شخصية دولية لا يمكن ان تغفله البشرية على مر التاريخ، والامثلة على ذلك كثيرة .
ولكن اية معارضة سياسية وفي اية دولة كانت كونها تعبر عن مصالح وتوجهات فئات وشرائح اجنماعية معينة، فلا بد ان ان تكون لها اهداف وخطط ومشاريع تختلف عن اهداف وسياسات السلطة الحكومية القائمة. والمعارضة قد لا تمتلك بالتاكبد الاليات والوسائل التي تستطيع عن طريقها تحقيق اهدافها مثلما تمتلكها الحكومة في تنفيذ برامجها وقراراتها. لكن اساليب عمل الحكومة والمعارضة السياسية يجب ان تكون واضحة وقانونية ويجب تمييزها عن الحالات التي يتم اللجوء الى الاساليب العنيفة سواء كان من قبل الحكومة او المعارضة، والتي يجب ان توصف بكونها غير قانونية. فالمعارضة السياسية ولاجل تحقيق اهدافها مهما كانت، سواء اكتفت بمحاولة تصحيح اخطاء الحكومة او وصلت الى قناعة بضرورة العمل لغرض الحلول محل الحكومة القائمة، فان عليها اللجوء الى استخدام الاساليب السلمية المتوفرة امامها التي تقرره الدستور والقوانين المكملة له، مثل القوانين والاجراءات التي تنظم عمل الاحزاب السياسية والانضمام اليها، وتاسيس النقابات والجمعيات والاتحادات المهنية، واللجوء الى استخدام الاعلام للترويج لافكارها وبرامجها وغيرها. وهكذا ولاجل فهم المعارضة السياسية لا بد من الاشارة تباعا الى حدود عملها وأهدافها ووسائل عملها لغرض الوصول لتحقيق تلك الاهداف.
أولا: حدود واطر عمل المعارضة السياسية.
1- سلمية وسائل عمل المعارضة.
ويقصد هنا ان تقوم العلاقة بين السلطة والمعارضة على مبدأ مهم وهو الحفاظ على السلم واحترام تطبيق الدستور والقانون، واحترام حقوق الانسان السياسية والثقافية والاقتصادية، والحريات الشخصية للمواطنين. فلا يجوز قيام السلطة بملاحقة المعارضين لسياساتها وتصفيتهم، ومحاولة القضاء عليها، بالمقابل يجب على الاحزاب والهيئات المعارضة اتباع الاساليب السلمية والقانونية للوصول الى الحكم، وعد اللجوء الى العنف والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، او التعدي على الحريات الشخصية للمواطنين. واحترام الارادة الشعبية المعلنة للاغلبية الحاكمة، اذا كانت قد وصلت الى السلطة عبر اجراء انتخابات عامة ومباشرة، وحازت على الاغلبية النيابية في البرلمان، بالرغم من اختلاف سياسات المعارضة عن السياسة المتبعة من قبل السلطة ذات الاغلبية البرلمانية.
2- استهداف المصلحة العامة.
أي ان اية معارضة سياسية بما لها من اهداف وبرامج تسعى لتحقيقها، يجب ان تكون في اطار تحقيق الصالح العام للدولة والمنفعة العامة للمواطن، ولكن طبعا يكون ذلك من وجهة نظرها، حتى تكون سببا في سعيها للحصول على تاييد اغلبية المواطنين لبرامجها واهدافها. وبالتالي حصولها على الشرعية اللازمة التي تمكنها لاحقا من الاطاحة بالسلطة الحاكمة، بالطرق القانونية وعبر صناديق الاقتراع، والحلول محلها في ادارة الحكومة ومؤسساتها. وهذا يعني من جانب اخر الا تكون فعاليات وخطط احزاب المعارضة تهدف لتحقيق مصالح خاصة لزعاماتها وقادتها، او تهدف لتحقيق مصالح قبلية وعشائرية. ولكن قد تكون اهدافها سواء كانت احزاب السلطة او المعارضة هي غير المعلن عنها، ولكن ذلك سينكشف للراي العام من خلال الممارسة العملية اليومية لتنفيذ تلك الخطط والرامج على ارض الواقع.
3- مراعاة الموضوعية في الراي.
حيث ان الهدف النهائي لكل معارضة سياسية هي الوصول للسلطة لاجل تحقيق برامجها وخططها في شتى المجالات، فان عليها الاعلان عن نفسها وافكارها باعتبارها صاحبة مشروع سياسي واقتصادي وثقافي متكامل، يختلف عن المشروع السياسي للقوى والهيئات المشاركة في السلطة. لذلك فالمعارضة السياسية عندما توجه النقد لسياسات السلطة وعبر الوسائل المتاحة امامها، فانه لا بد ان تهدف الى تحقيق ماهو خير المجتمع وتطوره. فيجب ان تكون الاراء والخطط والبرامج المطروحة من قبل احزاب المعارضة السياسية مدروسة بعناية وقابلة للتطبيق وتتصف بالموضوعية وتكون بعيدة عن المبالغة والخيال، وان تستند الى حاجة فعلية للمواطنين او على الاقل شرائح واسعة منهم، وتكون في اطار المصلحة العاليا للدولة التي يفترض ان تكون سلامة مواطنيها ورفاهيتهم هي من صميمها، وان تقدم حلوى لمشاكل حقيقية تعاني منها الدولة ومواطنيها. لذلك نلاحظ ان بعض الاحزاب والتنظيمات السياسية التي تعلم انه لا يمكنها الوصول للسلطة عبر صناديق الاقتراع، فانها تطرح اراء غير واقعية وغير علمية ولا يمكن ان تطبق على ارض الواقع. وكثيرا ما تكون بمثابة افكار غير مسؤولة، لانه لا تقع عليها اية مسؤولية امام المجتمع بتطبيق تلك الاراء كونها لا تصل الى السلطة.
ثانيا: أهداف المعارضة السياسية.
للمعارضة السياسية من برامج وافكار تحاول جاهدة ان تجد طرقا للتعبير عنها وتطبيقها، وان تلك الاهداف تختلف من دولة لاخرى تبعا للظروف السياسية والاقتصادية والوضع القانوني للمعارضة السياسية، ومدى تكريس الممارسات الديمقراطية في المجتمع ومؤسسات الدولة معا لكل دولة. فقد تكتفي بتقديم الحلول والنصح للحكومة، او تقوم فقط بتوجيه النقد لخطط الحكومة عبر الوسائل المتاحة امامها، وقد تطور المعارضة بعد ذلك اهدافها فتطالب بالمشاركة في الحكومة، وقد تصل في النهاية الى قناعة بالعمل لان تحل محل الحكومة القائمة، ولكن عبر الوسائل السلمية الدستورية، وفي مقدمتها اللجوء الى حكم صندوق الاقتراع، التي تعتبر وسيلة للتداول السلمي للسلطة في الدول الديمقراطية.
لذلك يمكن ايجاز اهم أهداف المعارضة السياسية في اية دولة بما يلي:-
1- محاولة تصحيح اخطاء الحكومة والبحث عن افضل الحلول.
ان حق المعارضة السياسية في تشخيص اخطاء الحكومة وتوجيه النقد اليها، يستند الى حرية التعبير عن الراي المثبتة في دساتير اغلب دول العالم والمواثيق الدولية، وفي العراق مثبتة بشكل خاص في المادتين (20 و 38) من الدستور العراقي النافذ. فاية حكومة لدى اداءها لمهامها قد تخطأ وقد تصيب، لكن أحطاء الحكومة تمتد اثارها الى حياة المواطنين ومستقبل اطفالهم، او على الاقل شرائح منهم، نظرا للصلاحيات الواسعة التي تختص بها الحكومة، وفي مقدمتها تخطيط السياسة العامة للبلد وفي جميع المجالات، ومن ثم تطبيقها على ارض الواقع. لذلك فالمعارضة السياسية والتي تتصف بالاتزان والجدية فانها تتابع عن كثب قرارات وعمل الحكومة في مدى كونها تستهدف المصلحة العامة من عدمها وتاثيرها على حياة المواطنين. حيث ان اي نقد لقرارات الحكومة يفترض ان تقترن بحلول وبدائل تعتقد المعارضة السياسية انها مناسبة وتفيد الصالح العام، وهي قابلة للتنفيذ، والا يكون الهدف منها هو فقط لاحراج الحكومة وتشويه سمعتها لدى المواطنين. لكن هنا يفترض ان تتمكن المعارضة السياسية في الوصول الى القرارات الحكومية وان تكون المعلومات والوثائق والاحصائيات المطلوبة متوفرة امامها، خاصة فيما يتعلق بوثائق اللجان الحكومية والبرلمانية ومشاريع القوانين (قبل اقرارها). وهذه مشكلة تعاني منها الكثير من الدول، حيث نادرا ما يتصف عمل الحكومة بالشفافية لان هذه المعلومات غالبا ما تكون حبيسة ادراج مكاتب اصحاب القرار، ومن الصعب ان تصل الى متناول المواطنين والاحزاب المعارضة خاصة نلك التي ليس لها تمثيل برلماني. ولهذا نلاحظ انه في الدول التي تدعي تبني الديمقراطية في انظمة حكمها وهي بعيدة عنها او في الدول الفاشلة، فهي تحاول ان تظهر صورة مشرقة عن اداءها وقراراتها وتظهرها كونها سياسات ناجحة وفعالة عبر وسائل الاعلام التابعة لها او للاحزاب المشاركة في الحكومة. ولكن عندما تصل الى مرحلة عدم امكانيتها من اخفاء فشلها امام المواطنين، فانها تحاول ان توهم المواطنين بان السلبيات ستكون اكبر لو ان المعارضة السياسية او الحزب الفلاني المعارض قد وصلت للسلطة. وانه لا توجد حلول افضل لازمات الحكومة والمواطنين من الحلول المقدمة من الحزب الحاكم، وان مجرد وصول المعارضة لمقاليد الحكم سيضع البلاد في مواجهة ازمات ومشاكل سياسية واقتصادية خانقة، وانه لا مناص من الاستمرار في دعم الحكومة القائمة على الرغم من جميع المشاكل والسلبيات الموجودة، وقد تقتنع شرائح كبيرة من المجتمع بهذا الادعاء، فنرى ونتيجة تراكم واستفحال اخطاء وسياسات حكومات بعض الدول فانها تعيش في ازمات خانقة ومستمرة. فلو كانت تلك الدول تعترف بوجود معارضة سياسية حقيقية فيها وليست صورية، وتفسح المجال امامها وتعطى لها الدور الملائم، خاصة في اللجان البرلمانية لتمارس دورها المطلوب في تشخيص نقاط الضعف في القرارات الحكومية وتقدم حلول ومقترحات بديلة لها، لما كانت شعوبها تتعرض باستمرار لازمات سياسية واقتصادية، واحيانا حروبا مستمرة سواء كانت داخلية ام خارجية، ودون ان تتمكن من تقديم مستوى معيشي لائق لمواطنيها.
2- مقاومة النزعات الدكتاتورية في الحكم.
ان المعارضة السياسية من خلال مراقبتها لاداء الحكومة، ومحاولة تقديم حلول ومقترحات وبرامج بديلة لها، فانها تقوم بالاعلان عنها ونشرها عبر وسائل الاعلام المتاحة امامها، وتهدف بذلك الى رفع مستوى الوعي السياسي للمواطنين وتوعيتهم بطبيعة مشاكل المجتمع والازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعانون منها، وذلك بغية الضغط على الحكومة للقيام بوضع الحلول والمعالجات لتلك الازمات والمشاكل. فالمعارضة السياسية تستفيد من الراي العام وتساهم في تكوينه والتحكم فيه وتحريكه، حيث تكون بالمرصاد لتشخيص اخطاء الحكومة واعلانها امام الراي العام ونشرها في وسائل الاعلام، الامر الذي يؤدي الى الحد من توجهات السلطة الحاكمة او الحزب الحكومي نحو طريق الاستبداد والدكتاتورية. لذلك فان توزيع السلطات بين مؤسسات الدولة احيانا تكون وسيلة للحيلولة دون استبداد الحكام، ولاجل حماية المواطن وضمان حقوقه وحرياته في مواجهة تعسف السلطة لاختصاصاتها، وهذا هو سبب مهم لشيوع مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في انظمة الحكم المختلفة.
وبعد شيوع فكرة تشكيل الاحزاب السياسية واعتبارها الاداة الرئيسية والفعالة للحصول على ثقة اغلبية الناخبين في الانتخابات العامة، والتي على اساسها تتشكل الحكومات، فان حزب الاقلية يقود المعارضة السياسة وتعمل حثيثا للحصول على ثقة الناخبين في الانتخابات القادمة لتحل محل الحزب الحاكم، حيث في هذه الحالة سيصبح الحزب (الحاكم) (معارضا)، اي ان احدهما يكون سببا للحد من تفرد الحزب الاخر بالسلطة، وقد تكون السلطة القائمة او المعارضة السياسية مكونا من مجموعة احزاب سياسية يشكلون الحكومة او التحالف المعارض. لذا فالمعارضة السياسية تكوم من صميم اهدافها هي منع السلطة القائمة للنزوع نحو السيطرة والاستبداد لاجل احتكار ادارة مؤسسات الدولة، وعبر لجوء المعارضة لاستخدام جميع الوسائل المتاحة امامها، كوسائل الاعلام المختلفة، وممارسة حقها في التصويت، وتشكيل الاحزاب السياسية، وتاسيس جماعات المصالح (النقابات والاتحادات المهنبة، المنظمات غير الحكومية، جماعات الضغط)، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها.
3- اشتراك المعارضة في الحكومة.
ان حق المشاركة السياسية قد نصت عليها المواثيق الدولية ودساتير اغلب الدول، حيث نصت عليها المادة (21) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948، وكذلك المادة(25) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، ونصت عليها العديد من دساتير دول العالم كالمادة (3) من الدستور الفرنسي، والمادة (21) من الدستور اللبناني، والمادة (8) من دستور المملكة المغربية، والمادة (41) من دستور دولة قطر، والمادة (8) من الدستور الصومالي، والمادة (23) من دستور الامارت العربية المتحدة، على سبيل المثال. اما في العراق فقد نصت المادة (20) من الدستور العراقي لسنة 2005 على انه (للمواطنين رجالا ونساءا حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح). وحسث ان كل دولة عندما تتعرض لمشاكل وازمات اقتصادية وسياسية تفرض عليها ايجاد الخطط والحلول اللازمة لها، فالمعارضة السياسية في هذه الظروف كثيرا ما تطالب بالمشاركة في الحكومة، وقد تتجه السلطة نفسها لاشراك المعارضة في الحكم لكي تتحمل مسؤوليتها ازاء مشاكل البلد والمساهمة في ايجاد الحلول المناسبة لها. فالمشاركة السياسية للمعارضة تتخذ اشكالا ودرجاتا متفاوته، فقد تكون مثلا عن طريق المشاركة في المناقشات والجلسات والحوار عبر اللجان البرلمانية التي تتيح لكل كتلة نيابية حق ابداء الراي حول فقرات القانون المراد تشريعه، او الموضوع المعروض. وقد تكون عبر اللجان الحكومية التي تتشكل لغرض معرفة اراء وملاحظات التيارات المعارضة، وخاصة لتلك التي ليس لها تمثيل برلماني، ازاء القضايا المختلف عليها. وقد تكون عن طريق توجه الحكومة نفسها لتحقيق مصالحة أو تسوية سياسية، خاصة في فترات الخروج من عمليات الاقتتال داخلي، او نتيجة اتفاق سياسي عام بين المعارضة والحكومة. هنا قد تكون المعارضة السياسية لجأت الى حمل السلاح، فلاجل انهاء الاقتتال او الحرب الاهلية تلجأ الحكومة احيانا الى اشراك المعارضة في الحكومة، او تكون ذلك نتيجة تعرض البلاد لتدخل خارجي، او تعرضة لكوارث طبيعية كالفيضانات والاعاصير، وانتشار الاوبئة وغيرها.
4- تقديم جكومة بديلة.
ان اهم ضمانة للمعارضة السياسية في التداول السلمي للسلطة هي عبر اعتماد الوسائل الديمقراطية في تداولها، وهي اجراء انتخابات عامة دورية لكيفية اختيار الشعب لمن يمثلونه من خلال ممارسة حق التصويت لاختيار الحكام، وايضا تضاف اليها عمليات الاستفتاء لمعرفة راي الشعب حول قرار او سياسة معينة. لذلك فمن الطبيعي ان تكون في مقدمة اهداف اية معارضة سياسية هي الوصول الى السلطة، حيث قد لا تكتفي بتوجيه النقد لسياسات الحكومة، والتي قد تكون في اطار خطة سياسية واعلامية متكاملة لغرض اقناع المواطنين ببرامجها وخططها لتكون بديلا للسياسات المطبقة من قبل السلطات الحكومية، ويجب ان يكون هذا البرنامج قابلا للتنفيذ ويتصف يالواقعية. فالشعب عندما يصل الى درجة عدم القناعة بالبرامج الحكومية المطبقة من قبل الحكومة، فيستطيع ان ينتخب حزبا اخر ليشكل الحكومة، اي يعطيها ثقته باعتبار الشعب صاحب السيادة، وعلى هذا الاساس يتم مزاولة السلطة. وان اية حكومة يجب عدم تمكنها من ممارسة السلطة دون الاعتماد على ثقة الشعب وحريته في الاختيار بين الاحزاب السياسية المتنافسة لاختيار الاصلح من وجهة نظر الناخبين لتولي السلطة. حيث نرى ان الدستور العراقي لسنة 2005 النافذ ينص صراحة في المادة (5) الخامسة منه على أن (السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري المباشروعبر مؤسساته الدستورية). حيث ان الدستور قد قرر بان الشعب هو مصدر السلطات، وان طريقة تولي السلطة تقتصر فقط على اجراء الانتخابات العامة والمباشرة. من هنا يتبين بوضوح امكانية مطالبة المعارضة السياسية في العراق (في حال تشكلها) والعمل لتغيير السلطة القائمة والحلول محلها، في حال قررت احزابا وتنظيمات سياسية ان تشكل تيارا معارضا مستقلا عن توجهات الاحزاب المشاركة في الحكومة، وتتحمل المسؤولية لتعارض السلطة والنظام القائم، على شرط ان تكون لها برناج سياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي قادر على كسب ثقة الناخبين العراقيين في الانتخابات القادمة.
يتبع



#سربست_مصطفى_رشيد_اميدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعدي الحديثي وكوكب حمزة
- أيهما أخطر فايروس الكورونا أم فايروس الفساد؟
- معضلة الكهرباء متى تنتهي؟
- قانون الانتخابات الجديد،، خطوة الى الامام خطوتان الوراء
- هل يمكن للنخبة الحزبية الحاكمة في العراق ان يصدر تشريعا لهيئ ...
- ملاحظات على مشروع قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ...
- مشروع قانون انتخابات مجلس النواب 2019
- مشروع رئاسة الجمهورية للقانون الانتخابي بين التطبيق والاصلاح ...
- الكتلة البشرية
- لماذا الاصرار على استهداف اصوات النازحين؟
- اعرف موطنك ، بالكايتي الحصن المنيع لثورة ايلول
- اعرف موطنك ، بين العمادية وميروز
- مام سليمان بحري في ذمة الخلود
- الأرض بتتكلم
- ما قصة الاحذية في البلد
- ماذا عن عيد العمال العالمي
- عمليات الانفال ،،، كما عرفتها
- الانتخابات المحلية التركية ،، هل هي بداية النهاية ؟
- لماذا اذاً الانتخابات ؟
- كوتا النساء في انتخابات مجلس النواب 2018


المزيد.....




- مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من مخاطر ظهور جبهة جديدة في ...
- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سربست مصطفى رشيد اميدي - المعارضة السياسية والسلطة، وحكومة السيد المالكي