أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد الحاج - صديقي اليائس من الحياة ..قبل أن تنتحر لطفا !!















المزيد.....

صديقي اليائس من الحياة ..قبل أن تنتحر لطفا !!


احمد الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 21:31
المحور: المجتمع المدني
    


بعد انتحار بو عزيزي في تونس، استشرت ظاهرة الانتحار بين الشباب في العالمين العربي والاسلامي، في مصر والجزائر والسودان وموريتانيا واليمن والعراق، فخلال سويعات سجل العراق حالة انتحار لشاب بإطلاق الرصاص على نفسه في حي الوحدة جنوبي العاصمة ، سبقها تسجيل حالة انتحارثانية شنقا لأربعيني في الحي العسكري وسط النجف ، تزامن معها تسجيل حالة انتحار ثالثة شنقا بقضاء الصادق شمالي البصرة ، وباستثناء بو عزيزي فإن انتحارا واحدا لم يحرك الشارع العربي، ولم يهز ضمائر حكامه ومسؤوليه الميتة، الحقيقة ان الدعوى الى الانتحار لاحداث التغيير، دعوة اطلقها الفيلسوف الروماني سينيكا، وفي مدرسة هذا الفيلسوف المعتوه تخرج القيصر الروماني نيرون، الذي أحرق نصف روما احتفالا بعيد ميلاده وهو يغني ويعزف على القيثارة، لينهي حياته انتحارا بعد ذلك على خطى استاذه - سينيكا- الذي انتحر بدوره في مغطس الحمام !
في كتابه (الانتحار الخطأ الذي لا يغتفر)، يزعم الكاتب كولين ديلن، ان اكثر ايام السنة انتحارا هي ايام الاعياد، وان المثقفين ينتحرون ليلا بينما ينتحر الاميون وقت الظهيرة.. ويضيف الكاتب الفرنسي جان كلود في كتابه (الميتات العنيفة) ان رجال قبائل الاسكيمو ينتحرون باكل التراب، بينما ينتحر الشباب الروسي بحشو المسدسات باطلاقة واحدة نحو الرأس بما يعرف بالروليت الروسي، وينتحر اليابانيون بسيف الساموراي وبطريقة هارا كيري، أما جان بيشلر فيستعرض في كتابه (المنتحرون) عددا كبيرا من المشاهير ممن انهوا حياتهم انتحارا أمثال الفيلسوف اليوناني سقراط، وكليوباترا، وهتلر، والمارشال غورنغ، والكاتب الياباني ميشيما، والكاتب الامريكي ارنست هيمنغواي، والمشير عامر، ومارلين مونرو، وان كان الاخيران مشكوك في انتحارهما بقدر اغتيالهما !
ومن أغرب ظواهر الانتحار التي شاعت في اوربا مؤخراً ظاهرة الموت الرحيم، لمساعدة مرضى السرطان على انهاء حياتهم انتحارا عن طريق العقاقير الطبية المميتة، ومن أشهر ضحاياها، زوجة المستشار الالماني السابق، هيلموت كول، ويقر المدير الطبي الاسبق في الامم المتحدة، مايكل اوبروين بانه ساعد خمسين مريضا على الانتحار باحد العقاقير القاتلة ويفخر بانه عضو مؤسس في منظمة الحق في الموت.
ومن عجائب الانتحار ان الكاتب الامريكي ديك همغري كان يفخر باصداره عام 1996 كتابا بعنوان " المشهد الاخير" يشرح فيه افضل وأقصر الطرق للانتحار، حيث تصدر الكتاب قائمة الكتب الأكثر مبيعا في استفتاء صحيفة نيويورك تايمز وقتئذ، ومن اشهر حوادث الانتحار الجماعي، فرق الكاميكاز اليابانية، خلال الحرب العالمية الثانية، وحادثة بوابة السماء، التي قادها الراهب ايل وايت، ومجزرة جونز تاون، التي ذهب ضحيتها 900 شخص، وقادها القس جيمس جونز!
وخلاصة القول ، على الجميع ان يعلموا بأن الانتحار عمل شائن تحرمه جميع الاديان، ماعدا البوذية وبعض الديانات الوثنية، يقول الباري عزّ وجلّ في محكم التنزيل (ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما) ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى خالدا مخلدا فيها ابدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوضأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا) .
ويوصينا صلى الله عليه وسلم بأن لا يتمنين احدنا الموت لضر اصابه، فان كان لابد فاعلا فليقل (اللهم احيني ما دامت الحياة خيرا لي، وامتني ما كانت الوفاة خيرا لي) وان الله تعالى يقول لمن ينهي حياته انتحارا (بادرني عبدي فحرمت عليه الجنة).
والعار كل العار على الحكام إن لا يستجيبوا لمطالب شعوبهم الا بالتظاهرات والاعتصامات والاضرابات والانتحارات الجماعية والفردية ، اف لكم ولكراسيكم ولذواتكم ولشهواتكم النتنة التي تعبدونها من دون الله
وكانت تقارير مرعبة قد اشارت في وقت سابق إلى أن إقليم كردستان سجل أعلى نسب انتحار على مستوى العراق، وبالأخص بين النساء، وكشفت أن عدد النساء المنتحرات في الإقليم بلغ 400 امرأة في عام واحد تباينت طرق انتحارهن بين الشنق وتناول الحبوب المهدئة والأحراق في ظاهرة لم يشهد لها الإقليم مثيلًا من قبل، فيما نشرت مفوضية حقوق الأنسان تقريرا عن معدلات الانتحار في العراق تصدرت فيه محافظة ذي قار القائمة بـ 119 منتحرًا ومنتحرة مرتفعة بذلك عن معدلات سابقة بنسبة 60 بالمائة، وأضافت أن ”439 حالة انتحار مسجلة بشكل رسمي في العراق خلال عام واحد فقط أغلب ضحاياها من الشباب توزعت بواقع 119 في ذي قار و76 في ديالى و68 في نينوى و44 في بغداد و33 في البصرة و16 بالمثنى و15 في ميسان و12 في واسط، فيما تراوحت طرق الانتحار بين الشنق والغرق واستخدام السلاح الناري والحرق!
ويرجح مراقبون للشأن العراقي بأن ارتفاع معدلات الانتحار في الآونة الأخيرة يرجع في بعض إرهاصاته إلى جملة أسباب منها التفكك الأسري وغياب الروابط العائلية وارتفاع معدلات الطلاق الذي تجاوزت الـ200% إضافة إلى الإنترنت وما يبثه من برامج تشجع على الانتحار بل وبث عمليات انتحار موثقة بالفيديو أولًا بأول كذلك، فضلًا عن الأفلام السينمائية التي تشجع الشباب على العنف والقتل والمخدرات والانتحار، ناهيك عن الاصابة بمرض عضال لايرجى برؤه ، البطالة ، الاكتئاب ، الفصام ، القلق ، الخوف المرضي من المستقبل ، الشعور باليأس والإحباط ، ضعف الوازع الديني ، العزوبية ، العوز ، الفاقة ، تراكم الديون ، وعلى والوجهاء والتربويين والباحثين الاجتماعيين والمسؤولين التدخل السريع مع تكثيف الجهود التي تصب في مصلحة التوجيه والإرشاد التربوي والنفسي في المدارس والجامعات ودور العبادة وتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي للشباب قبل فقدانهم تباعا !
ولا يفوتنا أن نؤكد على أن بعض الحالات التي تدون على أنها عمليات انتحار في المناطق الريفية وبالأخص تلك التي تذهب ضحيتها النساء الصغيرات في السن إنما هي في حقيقتها جرائم قتل متعمد مع سبق الإصرار والترصد، تأخذ صفة الانتحار لتعتيم الحقيقة على جرائم يطلق عليها اصطلاحًا “غسل العار”؛ حيث تقتل المرأة وتعلق في حبل المشنقة أو تجبر على إحراق نفسها أو القفز من أعلى الجسور في نهري دجلة أو الفرات مع أنها لا تجيد السباحة لتبدو الجريمة وكأنها انتحار بملء إرادة صاحبتها فيما هي ليست كذلك بالمرة!
صديقي اليائس من الحياة مهلا ترفق بنفسك ..أرجوك ..لاتتركنا إراديا وترحل ..أمكث هاهنا بالقرب منا ما تبقى لك من عمر لنحيا معا وإن كنا متخاصمين معك ، تريث قليلا حبيبي " تاج راسي ، ابني ، ابوي ، خالي ، عمي ، جاري ، " لنبني بلدنا سوية ولانتركه هملا للفاسدين والظالمين والغرباء ، ثق بأننا نحبك ، نودك ، نعزك وان اختلفنا معك دينيا ، عرقيا ، فكريا ، ثقافيا ، عمريا ،ماديا ، مذهبيا نحبك فلاتقلق وان تقاطعنا معك بوجهات النظر ، صديقي وشريكي في الوطن ، اخي في الدين ، نظيري في الخلق فكر 1000 مرة قبل أن تقدم على إنهاء حياتك اختيارا ولاتفجعنا بسفر طويل جدا لا حقائب فيه ولا عودة البتة ، لامحطة في طريقه ولا في سواحله مرفأ ومن غير وداع ،لاتستسلم لحوادث الدنيا هكذا بسهولة فما لحوادث الدنيا بقاء كما يقول الامام الشافعي مضيفا " وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً..وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ" ، فمازال هنالك ثمة بارقة أمل وبصيص نور في نهاية النفق المظلم مهما ادلهمت الخطوب وتزاحمت المحن وتكسرت النصال على النصال على قول المتنبي ، لاتبتئس فكلنا نعاني ..لاتنهار وكلنا معرضون للكوارث والاخطار..لاتحزن فكلنا نبكي بشدة ، بعضنا يفعل ذلك وحيدا بصمت فوق وسادته ليلا خلف أبواب غرفته الموصدة بعيدا عن أعين الناس ، ومنا من يذهب هناك وحيدا ليجلس تحت النخلة ، تحت السدرة العتيقة ،تحت شجرة النارنج ليبث حزنه قرب جذعها ويذرف دمعه بسخاء وبمسح باوراقها المتساقطة ما تبقى من دموعه على الخدين بهدوء ، ليبوح بهمه وما يختلج في صدره ، ومنا على خلاف ذلك من يجاهر بدموعه ويبث حزنه امام الناس ليتعاطفوا معه ويربتوا كتفه ويشاركوه همه وربما يساعدونه في حل مشكلته ، تسديد دينه ، علاج مرضه ، مصارحة حبيبته ..كلنا قد مررنا قبلك وسنمر من بعدك بظروف قاهرة ، عصيبة ، رهيبة وقاسية للغاية وربما فكر بعضنا ساعتها بالانتحارالا انه لم يفعل ذلك ولن يفعل ، أولا لأن الانتحار حرام ، وثانيا لأنه سيلحق بك وبأهلك العار فيقال - هذا بيت المنتحر ..هذه شقيقة المنتحر ..هذه أم المنتحر ..هذا عم المنتحر ، خال المنتحر ، والد المنتحر ، زوجة المنتحر " وهكذا دواليك وحسب قول كهذا ان ينكأ جرحا لن يندمل قط أن يجدد على قول الرصافي " للمحزون حزنا فيجزع " لأن الحياة حلوة نظرة خضرة ولاتستحق مفارقتها هكذا عبثا بروح اليائسين واخلاق المحبطين قبل ان نترك فيها بصمة جميلة أيا كانت ومهما صغرت تستحق ان نذكر من جرائها كلما شوهدت وبعد رحيلنا عن الدنيا بكل خير ، ولله در أمير الشعراء احمد شوقي القائل :
وكن رجلاً إن أتوا بعده ...يقولون : مرَّ وهذا الأثرْ!

وختاما لاترحل صديقي " لأن العراق محتاجك جدا فلاتشمت بنا الفاسدين والظالمين والاعداء والغرباء فهذا مرادهم " . اودعناكم اغاتي



#احمد_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسم مسألة طال النقاش فيها لننهي الجدل وبعض الدجل المصاحب لها ...
- رحم الله ضرير الفجر الذي فاق -المبصرين -إبصارا وبصيرة!
- - فلسفة المااااع - جانب من المأساة على ألسنة الحيوانات !
- حكاية متقاعد .. بين مكرمة الكاظمي ولصوص الكيات!!
- حكاية كتاب …أذهلني !!
- حرية وهرج وتهريج الصحافة المحلية ..الى أين؟!
- يوميات رسام عربي إقتحم العالمية ..
- ملاحظات ونصائح مطبخية !
- هل سرق - الفيل - شعيل سندبادنا أم نحن كما العراق بعناه ؟!
- محمد ﷺ أبو الايتام والفقرا الداعي الى إغاثتهم في كل ا ...
- طريق ال 1000 ميل يبدأ بخطوة واحدة من حذاء محلي الصنع !
- شكرا -جنات -رسامة القدم ..مازلت استلهم من صبرك العزيمة و اله ...
- شوربة عدس+ جدران وأسلاك وحزن !
- أن يكون ماضيك - اسود - لايعني ان حاضرك - بمبي - !
- حرامي لاتصير من -ربيع الجياع - لاتخاف !
- -دراما رمضان -العربية كانت للتمييع والتخليع فصارت للتطبيع وا ...
- نساء أحببن محمدا ﷺفنطقنَّ الشهادتين رغما عن أنف المشك ...
- عراقية لها في رثاء زوجها نمط خاص !
- قلوب تهفو الى مكة والمدينة بينها لمشاهير أجانب أسلموا فحجوا ...
- ألق يتجدد طيفا من بغداد الى كتارا


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - احمد الحاج - صديقي اليائس من الحياة ..قبل أن تنتحر لطفا !!