أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - تفروت لحسن - المواطنة في الشدة أو - المواطنة الكوفيدية














المزيد.....

المواطنة في الشدة أو - المواطنة الكوفيدية


تفروت لحسن

الحوار المتمدن-العدد: 6575 - 2020 / 5 / 27 - 21:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحيل الشدة في معناها الأولي إلى دلالات الضيق والأزمة، في مختلف تجلياتها: المادية والمعنوية. وهذا ما يخالف حالة الرخاء وما تولده من أشكال الطمأنينة والسكينة. وحال الشدة له مظاهر شتى؛ كالحروب والمجاعة والأوبئة...حيث تظهر في مثل هذه الظروف السلوكات والإشارات على حقيقتها، كما تنجلي أشكال الزيف والنفاق، بل تمكن الشدة من الكشف عن الجوانب الأنطولوجية للفرد والمجتمع.كما أنه من خلال الشدة تقاس قيمة الإنسان، في شموليته.
ولعل جائحة " كوفيد 19 "، باعتبارها أحد وجوه الشدة، ولدت، وستولد أكثر، إنسانا مغايرا لما قبل الجائحة. وعلى قائمة هذه التغيرات ما سيصيب مفهوم المواطنة ويغير من معانيها محدود جريانها على الألسن. فالمواطنة لفظ يضمر في ثناياه معاني تعز على النفس، من قبيل الحرية والديمقراطية والحياة، الحياة الكريمة التي تراعي إنسانية الإنسان كيفما كان كنهه أو وضعه. ومن بين معاني مواطنة الشدة، أو المواطنة الكوفيدية، أذكر:
- المواطنة المكممة: أول تغيير سيظهر في شدة الجائحة هو " الخوف ". فمعلوم أن تعريف المواطن في مطلع " روح القوانين "، هو الذي " لا يخاف إنسان من أخر "، كيفما كان، سواء لضخامة جثته أو علو كعبه أو قوته. وهذا إيماء لمعنى المساواة بين الناس في مجتمع المواطنة، فجوهر العدالة السياسية يكمن في رفع الخوف وإقرار الأمن والسلام. وبالفعل، فالجماعات التي تفتقد إلى روح المواطنة، يهيمن عليها الخوف والشعور بعدم الأمان، إذ أن التوجس و الريبة تتجول بحرية في مجتمع اللاحرية. لكن مع الجائحة ستتغير المعادلة، سيعود الخوف الى الساحة بدرجة تصل أحيانا إلى درجة الفوبيا. هذا الخوف الذي سيحد العلاقة بين الأفراد بصيغ جديدة، مثلا عدم ملامسة الغير، الخوف من العدوى ونقلها، التباعد الإجتماعي أو الجسدي في الفضاء العمومي. ويتبين في هذا الفضاء كيف أصبح المواطن أكثر فردانية، أكثر حيطة وحذر حتى من المقربين. ويزداد الخوف عندما يصبح المواطن فاقدا للثقة في المستقبل: يقبل بإسراف على ادخار الغذاء ويلهث وراء مستلزمات العيش خوفا من نفاذها...ومثل هذه المظاهر قلبت المفهوم المتعارف للمواطنة، وخلقت مواطنا كوفيديا جديدا، رغم أن قبول هذا الوافد الجديد صادف عراقيل في التوطن حتى في المجتمعات الذي كانت تعتبر مهدا للمواطنة. ويمكن تسمية هذه المواطنة الجديدة ب " مواطنة الكمامة ".
- المواطنة المقيدة: منذ تأسيسها مع فلاسفة التعاقد الاجتماعي، ارتبطت المواطنة بمفهوم الحرية، " فالإنسان ولد حرا ...وأنه ليس لإنسان سلطة على شبيهه ". هذا ما افتتح به روسو مؤلف " في العقد الاجتماعي ". ومهما كانت السياقات التداولية، فإن الحرية، بكل صورها، في التعبير والتفكير والتنقل...، تعتبر أحد الأعمدة التي رست عليها المواطنة والمدنية. هذا التوجه خرقنه الجائحة؛ فالحجر الصحي، والعزل الصحي، والطوق الصحي، والطوارئ...حضرت، بدون تاريخ، بدون سابق إخبار، وفجأة إلى الفضاء العمومي. فوجد المواطن في جميع البقاع، نفسه أمام المتاريس، أمام حواجز الوقاية، أمام دوريات الأمن... ولم يعد هذا الطائر الحر قادرا على التجول إلا وفق إجراءات معينة، وبترخيص استثنائي... وكل من يخرق هذا المعطى يعتقل طبقا للقوانين المحدثة في الجائحة.
أكيد أن تقييد التحرك، له مبرراته وفوائده، حيث أن الصحة عنصر مهم، وخط أحمر، كما أن تحقيقها يتطلب مواطنة جديدة، حتى المواطن ليس من يعتقد في مطلق الحرية، لكنه من ينضبط إلى حرية الشدة، الحرية المقيدة وفق القوانين المشددة.
- الصحة المعممة: تعتبر الصحة والعلاج شرطان للمواطنة، بل إن الصحة تعتبر حقا للإنسان. هذا الحق الذي يجب على مؤسسات الدولة ضمانه. ورغم وضوح هذا المطلب، فإن الصحة تضيع بين المصحات الخاصة والعمومية، بين المحظوظ و المفتقر. لكن مع الجائحة أصبح الحق في الصحة شأنا عموميا. بحيث يمكن للجميع العلاج في المستشئفى العمومي، مجانا. وهنا عممت إجراءات الصحة على الجميع وفق وضع المصابين لا على سلم تراتبي، بل على قاعدة أسنان المشط.
- تخفيف شظف العيش: كانت العلاقة بين العيش و المواطنة وطيدة. فالمواطن عليه أن يشتغل ويضمن قوت يومه، فالعمل ضروري وليس ترفا فكريا.ويمكن أن نشاهد في أماكن المواطنة، كيف تلزم الدولة بضان حق الشغل، ومساعدة المواطن في حالة فقدانه لشغله. لكن مع شدة الجائحة ظهرت أشكال أخرى من العمل-المواطن، وذلك بخلق أنماظ جديدة من العمل، كالعمل عن بعد، أو التناوب في الشغل، أو تعويض العمال ومساعدتهم لمواجهة الانعكاسات السلبية. وحتى المقاولات أصبحت، بهذا التوجه، مواطنة.
- البيداغوجية المواطنة: التعليم حق إنساني، وهو مدخل لتحقيق المواطنة، وبناء مفهوم المواطن. لكن هذا الحق كانت له خصائصه والياته، سواء تعلق الأمر بالمتعلم والمدرس والمادة والمناهج وفضاءات التعلم... هذه العادات المواطنة تغيرت، فظهر التعليم عن بعد، إنها الاستمرارية البيداغوجية، كوجه جديد لمواطنة جديدة، مواطنة تضمن الحق في التعلم وضمان تكافؤ الفرص والجودة..
هذه فقذ بعض وجوه المواطنة الجديدة، مواطنة الشدة التي خلقتها أزمة كوفيد19، وبذلك حق تعثها ب " المواطنة الكوفيدية ".



#تفروت_لحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لسان الجائحة: غرابة اللفظ وألفة المعنى
- النموذج النظري للترجمة العربية للنص الفلسفي عند طه عبد الرحم ...
- مسألة اللزوم المنطقي في الفكر العربي الإسلامي.
- الاعتراف للغير والاعتراف بالغير : تأويل جينيالوجي
- - فلاسفة الاختلاف - و إشكالية - الوفاء - للنيتشوية
- حياة المغاربة ومعضلة - التدبير المفوض -
- مفارقات الديمقراطية : حالة المغرب
- صور رمضانية مغربية
- - طائر الفينيق - أو ابن رشد راهنيا
- الفارماكوس - pharmacos - أو الفيروس البشري
- الممكن والمستحيل في نظرة نيشه للعالم
- الرياضة الفلسفية في زمن العدمية
- الإنسان اللاهث أو - إنسان : - هذا لي -
- القرف والاشمئزاز في المجتمع المعيف ( المعيوف )
- الإنسان الهجين و ثقافة - البغال -
- - أنا مدمن، إذن أنا موجود، عفوا أنا معدوم -
- راهن الفلسفة ورهان الفكر النقدي
- إشكالية تحديد معايير اختيار الكتاب المدرسي بالتعليم المغربي
- نيتشه : الفيلسوف طبيب المجتمع
- لدروس الخصوصية لعلوم التربية : صورة جديدة لأزمة التعليم المغ ...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - تفروت لحسن - المواطنة في الشدة أو - المواطنة الكوفيدية