أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ادهم ابراهيم - سمات المجتمع العراقي . . وعودة الوعي















المزيد.....

سمات المجتمع العراقي . . وعودة الوعي


ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)


الحوار المتمدن-العدد: 6572 - 2020 / 5 / 24 - 13:21
المحور: المجتمع المدني
    


سمات المجتمع العراقي .. وعودة الوعي
لكل شعب سمات وخصائص تحدد هويته العامة وتميزه عن غيره من الشعوب  ، وللعراقيين سمات خاصة وعامة ، وهم على العموم شعب غير متدين ولكنه محافظ ، وكانت له ميولاً علمانية قوية ، الا انها ضعفت بعد الحصار الاقتصادي عام 1991، حيث يلجأ الانسان الى التدين عندما يواجه صعاب لاقبل له بها ليحصل على السلام والامان النفسي . ولم يعرف الشعب العراقي على نطاق واسع التفرقة الطائفية والقومية الا في حالات قليلة . وهو يشترك مع الشعوب العربية في كثير من العادات والتقاليد . الا انه يتميز بالتنوع الثقافي والاثني ، وبالتالي كان على الدوام بعيدا عن التمذهب الإسلامي الذي لم يمثل له أي مشكلة اجتماعية أو سياسية كبيرة ، كما أن هناك دورا مؤثرا للمرأة العراقية في المجتمع وفي المجالات كافة ، وشكل الفنانون والمثقفون العراقيون جزءا مهما من المجتمع منذ خمسينيات القرن الماضي ،  وكان العراقيون على العموم يحبون فعل الخير ، ويتميز السلوك الاجتماعي للناس بصورة عامة بالصدق والإخلاص والنزاهة وحفظ الأمانة . أنه لم يكن مجتمع مثالي إلا أنه كان يسير نحو تحضر أكثر . 

ونتيجة للحروب العبثية والحصار الاقتصادي المشار اليه ، فإن المجتمع قد بدأ بالانحدار ، ويبدو للمطلع أن كل ماجرى قد تم بمنهجية مرسومة منذ أمد ليس بالقصير للوصول الى تدمير البنية الاساسية للمجتمع العراقي ، وقد توجت هذه العملية بالاحتلال الامريكي للعراق في 2003/4/9 ، بدعوى القضاء على اسلحة الدمار الشامل . ومنذ ذلك اليوم سار العراق على طريق الخراب الاجتماعي والسياسي والانهيار الشامل للدولة ، فاهتزت الذات العراقية ، وانحرفت فئات من المجتمع عن السلوك القويم ، تلك الفئات القريبة من احزاب السلطة ، او التي تعاني من خلل نفسي اجتماعي  . وقد عزز ذلك الفساد السياسي الذي اشاعه حكم الرعاع والجهلة الذين خدعوا العراقيين باسم الدين والطائفة لنهب الدولة والمواطن على حد سواء . 
كما تم بنية مقصودة تخريب الصناعة والزراعة والتعليم والصحة ليكون العراق مجرد سوق استهلاكية مقابل طقوس دينية غايتها التجهيل أكثر منه الولاء لاي طائفة أو دين . ومن هنا بدأ تدمير الشخصية العراقية المستقلة ، بهدف تقويض المجتمع ، من خلال التثقيف الديني والطائفي الذي انتشر لهذا الغرض ، وعززه نشر الميليشيات الحزبية لإرهاب وترويع المواطنين بقوة السلاح والقتل والاختطاف والتهجير ، وبمرور الزمن بدأ اليأس يدب بين الناس فزادت حوادث الانتحار ، وانعدمت قيمة الحياة العليا . . يقول دوركهايم عندما يضطرب المجتمع تصبح الأعمال الشائنة عادية ويصبح المواطن في حالة عدم اليقين . وهكذا اخذ الفساد المستشري في كل مرافق الدولة ينخر المؤسسات والسلوك الاجتماعي العام على حد سواء ، فضاعت الحقوق ، وانتشرت فتاوى التحليل والتحريم الاعتباطية وخصوصا فيما يتعلق بالاستيلاء على ألاموال العامة والخاصة ، من دون وجه حق . فاصبح نهب اموال الدولة والمواطن مستساغا ،  نتيجة تقليد النخب السياسية او مفهوم الغنيمة ، هذا السلوك الذي يشيع عند فوضى المجتمعات ،  ومن جانب اخر اخذ المواطن يحتمي بالعشيرة لفقدان سلطة الدولة . وتبدلت مفاهيم المجتمع  ، إضافة الى غمط حقوق المرأة ، وتقليص دورها في الحياة العامة  . وانحسار دور المؤسسات الثقافية ، ومنظمات المجتمع المدني ، خصوصا بعد الحرب الطائفية المصطنعة ، ثم تمكين داعش من احتلال اراضي ومدن عريقة بقصد قهر المواطنين فيها خشية اتساع تمردهم على السلطة الحاكمة .

 وزاد الانفتاح الاعلامي غير المسؤول الطين بلة . وبنشر الفضائيات الحزبية المتخلفة اصبح الشعب يعيش انفلاتا فكريا لامثيل له ، نتيجة التثقيف بافكار دينية وطائفية عفا عنها الزمن ، فاصبح الوضع الثقافي يزداد سوءا ، وجعله اسيرا لترهات القول ، وتضليل المؤسسات الاعلامية العميلة ، فاختلف الكل مع الكل نتيجة التحزبات والانشقاقات الحزبية المتلاحقة ، فتحول العراق من دولة ذات سيادة الى كانتونات حزبية تستلم أوامرها من جهات فقهية وحزبية عديدة ، كثير منها توالي الولي الفقيه في ايران . 

 ونتيجة لذلك اصيب الشعب العراقي بخيبة امل شديدة من هذا الحكم الفاسد والجاهل ، وقد كان يظن ان اسقاط النظام السابق سيلبي طموحاته في الديموقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية . . وتحول ذلك الاحباط إلى استياء عام وغضب شديد على الحال الذي وصل إليه نتيجة حكم هذه الطغمة الضالة ، التي استمرت بالحكم نتيجة التضليل والانتخابات المزورة المتعاقبة .

ان ما حصل اليوم من انتفاضة شعبية عارمة ضد حكومة فاسدة وسلطة قائمة على المحاصصة الطائفية ، يعد نقطة فاصلة في تاريخ العراق الحديث.  حيث في خضم الياس من اصلاح العملية السياسية المستندة على احزاب عميلة وميليشيات تحكمها المافيات تحت مسميات دينية وقدسيات زائفة . انتفض شباب واعي لم يطالب بخدمات معينة ولا باستبدال وزير محل اخر. بل جاء تحت شعار اريد وطن . هذا الشعار الكبير الذي لم تفهمه الاحزاب الحاكمة لانها لاتعرف معنى الوطن ولا الوطنية . وليس لديها اي حس بحقوق المواطن ولا بواجبات المسؤول .  وقد جئ بها في عملية سياسية مشبوهة تخدم الاجنبي على حساب حقوق ومصالح الشعب . 

ان انتفاضة الشباب الباسلة هذه قد اعادت الوعي للمجتمع ، ورفعت الغشاوة عن عيون كثير ممن انخدعوا بشعارات مضللة ، واستطاعت تحقيق اهداف ومكاسب تصب في اعادة اللحمة الوطنية للشعب العراقي ، وقد التف المجتمع بكل طوائفه وانتماءاته حول هذه الانتفاضة وأهدافها السامية .

 فسار الشعب العراقي مرة اخرى وكعادته على مر التاريخ ، في طريق المد الثوري الواعي ، لتصحيح مسيرة الحكم المنحرفة ، فنادى بمحاربة الفساد والمفسدين ، وطالب باحالتهم الى محاكم .

وأستطاع شباب الجيل الجديد من خلال انتفاضتهم الباسلة من اسقاط الطائفية السياسية التي كانت عقبة كأداء امام تطور المجتمع . كما فتح افاقا لعراق جديد خالي من التفرقة والتمييز ، وبعيد كليا عن خطاب الكراهية، الذي اشاعته السلطة المتخلفة الحاكمة على مدى سنوات طوال .

ان الانتفاضة التشرينية الباسلة لم تكن عفوية بل كانت فعلا جماهيريا تقدميا ، وانفجارا سياسيا واجتماعيا ، يستمد قوته من الشباب والطلبة والنساء، وجاء ردا على استهتار قوى المحاصصة والفساد بحقوق المواطنين ومستقبلهم . وقد ظن الحكام المتسلطون انهم استطاعوا خداع الشعب الى الابد . ولكن وعي العراقيين اقوى من احلامهم المريضة ، فانتفصوا عليهم بقلب واحد ومستقبل واعد .

لقد حققت ثورة تشرين العراقية تغييرات مهمة ليس في الجانب السياسي فقط ، بل في الجانب الاجتماعي والسلوكي ايضا ، فقد أعادت للمجتمع هويته الوطنية وللمواطن العراقي سلوكه القويم . وتحول إلى مجتمع رافض للمشهد السياسي بكل تفاصيله الفاسدة والمخلة بشرف المسؤولية .

كما ان الانتفاضة الباسلة هذه قد اعادت شرائح اجتماعية كبيرة كالنساء والعمال والطلبة الى ادوارهم الفاعلة في صنع القرار ، والتصدي للمخططات المتخلفة . فاستعاد المواطن العراقي روح المبادرة والابداع في الثقافة والفن الاصيل على اختلاف الوانه ودوره الريادي في البنية الاجتماعية ، هذا الدور الذي حرصت قوى الرجعية والتخلف على استئصاله ، خسأت .

كما اعادت الانتفاضة قيم الايثار ، والتكافل الاجتماعي للشعب العراقي من خلال انشطتها المختلفة في ساحات التظاهر والاعتصام . وظهر ذلك جلياً في المبادرات الشعبية الرائعة للتضامن وتقديم المساعدة للطبقات المحرومة من الشعب العراقي خلال العزل الصحي ، وتوفير الاغذية والادوية اللازمة مع توفير بعض مستلزمات المعيشة . وكل هذه الاعمال تدل على كرم وشهامة الشعب العراقي ، واثبتت المعدن الاصيل لهذا الشعب الكريم ، الذي حاولت الطغمة الفاسدة ان تمحوه بسوكها الشائن المنافي لابسط مبادئ الانسانية .

 فتبدد منطق الغنيمة والأنانية التي حاولت الاحزاب والتكتلات الحاكمة الصاقها بالشخصية العراقية ، من خلال المنهج اللصوصي والسلوك الفاسد .

لقد وجهت الانتفاضة العراقية للاحزاب السياسية ضربة قاصمة ، سياسية واجتماعية ، جعلتها تتخبط في قراراتها ، وتسببت في انشقاقاتها الواسعة . 

ان كل المؤشرات تدل على نهاية وشيكة لحكم الاحزاب والكتل الفاسدة المتخلفة ، واصبحت الابواب مشرعة على مصراعيها نحو مستقبل مشرق لكل ابناء الشعب العراقي بكافة طوائفه وقومياته ودياناته ، واعتماد مبدأ المواطنة العراقية على قدم المساواة .
وليعود العراق كما كان دائما مثال للكرم والطيبة ومد يد المساعدة والتكافل الاجتماعي ، وحب الوطن .



#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)       Adham_Ibraheem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسيو السلطة بين الأقوال والافعال
- اسباب انتشار covid19 في مناطق دون اخرى
- مصطفى الكاظمي وكابينته الوزارية
- الحب اساس الأمن الانساني
- الحجر الصحي في زمن كورونا
- مستقبل التعليم مابعد كورونا
- ترشيح عدنان الزرفي والمستقبل المجهول
- نظرية اجنحة الفراشة . . الكورونا انموذجا
- المرأة العراقية نخلة شامخة
- الثورة مستمرة رغم دسائس السلطة
- الحرب السلوكية
- الانسان والموت
- المستضعفون في الارض
- لم يعد الوقت في صالح السلطة
- ليبيا وصراع المصالح
- المثقف الفاعل والوعي
- ضمور الفكر العربي
- سياسة خلط الاوراق
- النفوذ الايراني في العراق الى اين؟
- سقوط شرعية النظام العراقي


المزيد.....




- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...
- خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا: انتقادات حقوقية ولندن تصر
- حملة -تطهير اجتماعي-.. الشرطة الفرنسية تزيل مخيما لمهاجرين و ...
- الأمم المتحدة تطلب فتح تحقيق دولي في المقابر الجماعية في مست ...
- أرقام صادمة.. اليونيسيف تحذر من مخاطر -الأسلحة المتفجرة- على ...
- أهالي الأسرى الإسرائيليين يحتجون في تل أبيب لإطلاق أبنائهم
- بدء أعمال لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بمقر الجامعة الع ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ادهم ابراهيم - سمات المجتمع العراقي . . وعودة الوعي