أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - تحرير القدس مفاتيح وأوهام بين الممكن والمستحيل















المزيد.....

تحرير القدس مفاتيح وأوهام بين الممكن والمستحيل


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6571 - 2020 / 5 / 22 - 23:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ردا على ما نشرته حول ما هو متداول حول تحرير القدس ومسارا الممكن والمستحيل فيها، ومن باب المحاججة وتقديرا لأهمية الموضع بعيدا عن كل ما يطرح من تناقضات بينية أجتماعيا وسياسيا ودينيا وحتى عسكريا، أرى أن هناك أربع سيناريوهات ممكن طرحها لتكون رؤية بديلة وعملية أيضا في ذلك، هذه الأطروحة ليست للأستهلاك الإعلامي ولا هي ردة فعل بل مقاربة للواقع بكل ما فيه من تعقيد وتركيب ومصالح وصراعات تعتمد في كل واحدة منها على عنصر فاعل أو أكثر في تحريكا، ولنبدأ بالصورة الأحتمالية الأولى.
أولا _ الصراع الديني.. عندما تطرح قضية القدس وكأنها قضية دينية محضة تنبع من إيمان بالعقيدة الدينية وناشئة عنها، إذا لا بد من أن يكون الصراع دينيا بين مفاهيم مثل (أولى القبلتين ومسرى الرسول الأكرم) يقابلها (مهد المسيح وكنيسة القيامة) وفي الجانب الأخر (وعد الرب لبني إسرائيل والهيكل)، إذا لكل جهة أو دين سبب ملح ولكل منهم أهمية في تحقيق هذا الهدف حتى لو أدى ذلك لصراع بين أل إبراهيم جميعا، هنا الله او الرب ليس له علاقة بالصراع حتما ولا يتدخل لمصلحة أحد ولا يحابي أحد ضد أحد، ببساطة لأن القضية أصلا تبدأ منه، وما الصراع العقائدي إلا فصل من فصول متعددة كان هو السبب فيها، إذا لا بد من أن يكون أحد هذه الأديان هو صاحب مفاتيح القدس والوكيل الحصري للرب فيها، هذا لا يعتمد أيضا على دعم الله أو الرب بل يعتمد على القوة اللازمة في تثبيت الحجة، بالطبع ليس قوة عسكرية فقط بل هي قوة التحكم في العالم والقادرة لوحدها من عزل القدس عن بقية الصراعات بما تملكه من مؤثرات لا يمكن الفكاك منها، إذا هذا الأمر لا يتعلق بالدين ولا بالعقيدة الناشئة عنه بل بوقائع الميدان، الدين هنا فقط شعار ينطلي على السذج وحدهم.
ثانيا _ الصراع القومي.. وهو وجه أخر من أوجه الصراع العقائدي يفرق عن الصراع الأول بالعنوان فقط وإلا فهو في كل شيء متشابه معه، العرب يرون أن فلسطين والقدس منها أرض عربية محتلة ولا بد من إعادتها بأي حال، الواقع الديموغرافي والأجتماعي يساعد على فهم المسألة هكذا قبل وبعد التغيير منذ عام 1976 ولليوم، فالتغيير الديموغرافي المنظم والممنهج لا يغير من الحقيقة الواقعية أن سكان فلسطين عموما والقدس خصوصا عرب من مختلف الأديان، وكل ما دخل المدينة وسكنها هم مستوطنون أجانب جاءوا خلافا للقانون الدولي الذي لا يعترف بالتغيير الديموغرافي الناشئ عن الأحتلال ولكنه عاجز أن يكون حاسما في تقرير ذلك، وبدلا منه يدعو القانون الدولي للتفاوض بين المحتل وسكان المناطق المحتلة والنتائج ستكون مباركة منه.
هذا جيد جدا ولكن عندما يكون هناك توازن قوى وهناك قواعد للتفاوض قواعد قانونية يجب أحترامها من خلال دعم دولي لحق تقرير المصير لكل الأطراف، العرب خسروا كل قوتهم في الصراع وجردوا من كل الأسلحة الممكنة في التوازن، ورموا الكرة كلها في ملعب القانون الدولي لعله ينصفهم، المشكلة أن القانون الدولي اليوم مغيب في عالم المصالح الدولية وصراع القوى الكبرى التي تؤمن بقانون القوة ولا تعمل بقوة القانون، هنا أصبح العرب خارج دائرة التوازن المطلوب لأنهم ليسوا جزء من منظومة قانون القوة والمصالح العالمية الكبرى.
إذا ماذا يفعل العرب هنا؟ الجواب عليهم أن يعيدوا ترتيب واقعهم من جديد، يبنوا قوتهم الشخصية كقوة موحدة تحت رؤية واحدة وهدف واحد، وأيضا أن يستغلوا مصالح القوى العالمية الممكنة في وجودهم وواقعهم، التجربة الراهن والتاريخية تشير إلى فشل هذا الخيار وعقمه بعد أن تحول الوعي القومي إلى وعي شعبوي ديني مذهبي مرتبط بقضايا لا تمت للصراع القومي بصلة، هنا علينا أن لا نعول على هذا الحل لأن ظروفه وواقعه غير ممكن ولا بعد خمسين عاما ويحتاج لمعجزة فوقية.
ثالثا _ الصراع الأممي.. وقد جرب هذا الصراع وعول عليه كثيرا أبان الحرب الباردة وصراع الأقطاب، الحقيقة أن من يفهم أن عصر الحرب الباردة الذي أنتهى بهزيمة الشيوعية وأنتصار الغرب وسقوط جدران برلين واهم، الحرب الباردة أنتهت فعليا لأن محركها ودافعها الأساس لم يعد مناسبا لعالم العولمة الجديد، وقد يكون معرقلا له، لذا فاللاعب الدولي الأهم كان يعرف أن نهاية هذا العالم تأخرت منذ سقوط جدار بارليف وعليه أن يبدا بإدخال العولمة كمشغل للنظام الجديد، فيه موازين القوى لم تعد الجيوش والاسلحة فائقة القدرة، بل أن السلاح الأمضى هو التدخل الناعم الغير مكلف شديد التأثير، السلاح النانوي بدل السلاح النووي وفتح الحدود بدل التحصن خلف جدران مبنية بالإسمنت والحديد.
أنتهت الأممية وأنتهى عصر الشعوب ببداية عصر النظم متعددة الأستعمالات والغير قابلة للاختراق من قبل الضعفاء من الشركاء، عصر الأعلام والمعلومة والفضاءات المفتوحة بدون قيد وشرط، هذا العالم الذي يتحول نحو مركزية واحدة ورؤية واحدة ليس فيه مجال للمشاعر والهويات والنظريات الثورية ولا الأخلاقية ولا الإنسانية، عصر بشاعة القوة الجميلة التي تغري الشعوب، ما يملكه العرب في هذا النظام لا يتناسب مع حجم وجودهم ولا يتناسب مع دورهم الذيلي، وحتى الأممين لم يعد لهم تأثير كما شهدنا من خروج الملايين في شوارع أمريكا والغرب ضد الحروب ومنها الحرب على العراق.
إذا إهمال هذا الحل ليس فقط لأنه غير واقعي بل لأنه أصلا غير موجود وغير ممكن ومجرد أوهام ثورية ماتت بموت اسم الثورة في عالم كل شيء مكشوف وتحت نظر وسمع السلطة (القوة)، الإيمان بحق الشعوب في التحرر أصبح من أخبار الماضي وليس قادرا على أن يجد له مؤمن واحد في ظل إنشغالات الشعوب في قضاياها الخاصة، مكافحة البطالة والمرض وسوء توزيع الثروة الإنشغال بما ينتجه العالم الجديد من نظم تواصل وتفاهة في إحلال السريع والجميل والمؤقت بدل الفكر والتأمل والإحساس الوجودي للإنسان ككائن مشارك وتحويله لكائن مستهلك موجه عاجز عن إدارة خياراته، تحولت الفلسفة والعلوم والفنون والآداب من دائرة الصنع إلى دائرة المصنوع المعلب والموجه بنظم خفية.
علينا أن ننسى هذا الخيار كما نسينا الذي قبله والبحث عن واقعية سياسية جديدة، شروطها أن تتلاءم مع واقع قانون القوة، وثانيا عليها أن تستخدم ذات الأليات التي يستخدمها العدو وخاصة في المجالات الأقل قدرة للوصول إليها، هذا ممكن في حال واحد عندما يحل الخيار الرابع خيار الواقعية المعتمدة على اللعب بنفس قواعد الخصم.
رابعا _ خيار الواقعية القاهرة.. كلنا يعرف أن قضية أحتلال فلسطين لم تكن حتمية تاريخية بكل تفاصيلها أو أنها حقيقة لها مقدمات واقعية ومعطيات أصيلة تبرر وتفسر وجودها، بل هي نتاج عمل تخطيطي منظم ومستهدف تم التعامل معه بواقعية قاهرة، فلسفتها عندما تضع صاحب القوة بين خيارين لا مجال للهروب منهما فتأكد أن أفضل الخيارين له سيكون هو ما تريده، أي صنع الخيارات هنا أن يؤدي كل منها إلى نفس النتيجة التي تريد، من الغباء جدا أن تمنح الطرف الأخر الخيرة بين (نعم) و(لا) لأنك ستتوقع أن تخسر محاولتك في كل حال، الخيار الصحيح أن تضعه بين خيارين (نعم) و(نعم ولكن كيف)، الخيار الأول تهور أما الخيار الثاني حينما يضع رقبته بين يديك ويسألك كيف.
حقيقي هذا الخيار ليس سهلا ولا ممكن في ظل الواقع الدولي الحالي وتحكمات قانون القوة الناعمة، السبب لأن يحتاج لقاعدة عريضة وواسعة من شروط وإمكانيات مهولة تبدأ من حقوق الإنسان وتنهي أو لا تنتهي بالحرية الوجودية للإنسان، كذلك صعوبة في التعاطي معها بلغتها ونحن نجهل مبادئ هذه اللغة وأبجديتها، الأهم أن الدخول في هذا النادي يحتاج لشجاعة أسطورية وعقل مركب خارج دائرة العواطف والانفعالات، سياسيا أن كل القوى المعادية والخصوم هم أعضا فيه ولا يحق لأحد بالدخول له دون موافقتهم.
إذا كيف لنا أن نتمكن من المشاركة مع كل هذه العوائق والأشتراطات ونحن مجرد مجتمعات ما زالت تؤمن بأن السياسة فن الكذب وتصديق حد السيف سابقا والمدفع حاليا، السؤال الأخر من يضمن لنا أننا سنقدم التضحيات عسى أن نرى النور في نهاية النفق، قبل كم سنة وفي حديث مع شخص يقال عنه أنه مجنون وتحديدا في جنوب لبنان في مثل هذه الأيام الاخيرة من رمضان، والتهيئة مستمرة لأجواء يوم القدس، ذكر هذا الرجل حكمة قد أجدها مناسبة لطرحها هنا، يقول المجنون أن من سيحرر فلسطين هم من منحوها لليهود!... مرت الجملة في بالي الآن عندما أتذكرها أزداد قناعة أن هذا لرجل هو كيسنجر العرب، فلقد خلص المقالة بجملة واحدة (عندما تحتاج القوى التي صنعت إسرائيل إلى المعايرة والموازنة في مصالحها بين بقاء إسرائيل وزوالها) تبدأ نهاية الواقع الحالي وعندها سيتم تحرير القدس تماما.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم وشروطه في سورة غافر
- نظرية البدء والعودة في سورة الروم
- روايتي الجديدة ( عرف الديك) ح1
- شذرات فكرية في سورة النمل
- مظاهر السلطة والتسلط في المجتمعات الدينية
- الزمن والزمن الأخر في سورة المؤمنين
- ثلاث دروس من سورة الحج
- نسخ أم فسخ
- المغضوب عليهم والضالين
- صورة الحياة الأخروية في النص القرآني
- سورة الكهف بين الصورة والتصور
- منهجية الدعوة لله في سورة الإسراء بين الترغيب والتخويف
- الأمر الرباني بين الإلزام والألتزام
- رواية (حساء الوطواط) ح 20 والأخيرة
- جدل التوحيد في قصة يوسف ع
- إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في القرأن حقائق مغيبة وأفتراءات تاري ...
- مصاديق مصطلح الكتاب.. قراءة في سورة هود
- الدعوة الدينية وأساليب الجدل العقلي في سورة يونس
- لماذا الكاظمي رئيسا...
- الأستنباط المنطقي منهج الأنبياء وأولي الأمر في الكشف عن موضو ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - تحرير القدس مفاتيح وأوهام بين الممكن والمستحيل