أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - معركة: الصناديق














المزيد.....

معركة: الصناديق


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6571 - 2020 / 5 / 22 - 13:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



ما الّذي يحدث عندما يغيب الاستقرار السياسيّ وتحلّ أزمات تعصف بـ«التوافق» المنشود؟

ما الّذي يحدث عندما تشعر القوى المهيمنة أنّ مصالحها باتت مهدّدة ، وأنّ إرهاصات الغضب الشعبي صارت جليّة؟

ليس أمام الفاعلين السياسيين في مثل هذه الحالة، إلاّ الاستماتة في سبيل الدفاع عن استحقاقاتهم وشرعيتهم والتفكير في أشكال التصدّي لجبهات المقاومة ومواجهة السيناريوهات الممكنة، وعلى رأسها سقوط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرّة. وليس إطلاق صندوق الزكاة في مثل هذا السياق،في اعتقادنا، إلاّ استراتيجيا تعبويّة تظهر في لبوس اجتماعيّ/دينيّ لكسب معركة سياسية: صندوق الانتخابات. ولا عجب في ذلك فبعد أزمة الثقة في السياسيين ما عاد بالإمكان تحريك سواكن الجموع إلاّ بالعزف على أوتار الدين، وبعد أزمة الكورونا وما ترتّب عنها من تضاعف أعداد المفقّرين والمعطّلين و«المستضعفين» لا حلّ إلاّ في تفعيل مقولة «الإسلام هو الحلّ» وما يستتبعها من تعويل على العمل الخيريّ.
وبما أنّ حجّة الدفاع عن الإسلام قد اختبرت من زمان فكانت ذات «نجاعة»، خاصّة في سياق الأزمات والشعور بالمخاوف وحاجة الجموع إلى «تفريج الغمّة» وخطاب دينيّ مطمئن فلا بأس من استعادة الاستراتيجيات القديمة القائمة على تقسيم التونسيين إلى معسكرين : معسكر المنافحين عن الدين والفرائض والخير والمقدّس... في مقابل معسكر المدافعين عن مدنية الدولة والدستور ومؤسسات الدولة وقيم الجمهورية... ليفضي الأمر إلى جدال وعنف لفظي وتكفير وشيطنة العدوّ وتبادل للتهم والتخوين...

ولا يذهبّن في الظنّ أنّ المعجم قد تطوّر. فمن خالفني الرأي صار عدوّا بل عدوّ الله وخارجا من الملّة أو هو في منظور الشقّ الآخر، عدوّ الحداثة ومنقلب على الدستور ومدنيّة الدولة و«داعشي» وبيدق في يد قطر وتركيا... بل وصل الأمر إلى اعتبار من لم يصرّح بموقفه من صندوق الزكاة حتى وإن كان من نفس «معسكر الحداثيين» ، راضيا عن الأسلمة،.. وانتقل الصراع من اختلاف حول تأويل الشريعة والنصّ القرآني، وثوابت الدين.. إلى اختلاف حول تأويل فصول من الدستور.

غير أنّ ما يهمّنا في هذه المعارك هو التلاعب بالمفردات والدلالات وما ينجم عنها من نتائج إذ تغدو الهبة المنصوص عليها في النص القانونيّ في نظر مطلقي مشروع الصندوق، زكاة، والحال أنّ أحكام الهبة تختلف عن أحكام الزكاة، ويتحوّل رافض تأسيس هذا الصندوق في متخيّل بعضهم، إلى منكر لفريضة من فرائض الإسلام بل هو محارب لله ورسوله، لاسيما ونحن في «العشر الأواخر بقدسيتها» (نور الدين الخادمي)ومن هنا وجب شنّ الحرب عليه أسوة بما فعله أبو بكر الصدّيق. أمّا من سيقدّم زكاته «فسيحتسب ذلك في ميزان حسناته» وفق «الإدارة الشرعيّة» (فتحي العيوني) ويغدو الحكم المحليّ حجّة على الاستقلالية ورفضا للوصاية وتدبيرا...ويصبح الإصرار على تسمية الصندوق بصندوق الزكاة تعبيرا عن الحريّة.
إنّ ما يسترعي الانتباه في هذا الخطاب هو إرادة التموقع: تموقع رئيس البلدية سياسيا ودعويّا فهو يتدبّر شؤون الرعيّة بانتمائه الحزبيّ وإمامته للجموع ومن ثمّة فإنّه يعبّر عن رؤية للمجتمع تذكّرنا بخطاب الخليفة الـ6 ترسّخ التمييز، وتعكس فكرة عبّر عنها عدد من قياديي النهضة عندما تحدّثوا عن «شعب النهضة» وبناء على هذا التصوّر تُدار الأموال وفق قرارات «العلماء» الّذين وجدوا في «الهيئة الشرعية» ضالتهم، ممنّين أنفسهم باستعادة سلطتهم، وتذهب الزكاة إلى أهل الصلاح من المستضعفين إذ لا مجال لأن تصرف أموال الزكاة على «الملاحدة والكفّار».

أمّا معارضو إنشاء مثل هذه الصناديق فإنّهم يتموقعون باعتبارهم ممثّلي المدنيّة والحداثة والدستور... ومادام الطرف الأول قد بدأ بشنّ الهجوم والإعلان عن سلطته فإنّ على الطرف الثاني أن يردّ الفعل من موقع الدفاع وحسب شروط المقاومة وكأنّه لا مجال لابتكار استراتيجيات أخرى للدفاع عن التصورات والرؤى والقيم.
لا ينفصل الجدال حول صندوق الزكاة في رأينا، عن معركة صناديق الانتخابات التي انطلقت مبكّرا (الرهان على الصورة :المكّي نموذجا) وبخطاب إسلاميّ معلن (الخادمي، العيوني...) ولكن لا يجب أن تحجب صناديق الزكاة وصناديق الانتخابات عنّا الرؤية: صناديق الموتى في مسار الجائحة... فما ضرّ لو اتّفقنا على أولوية التصدّي للفقر والبطالة والجوع والمرض... وتمّت التعبئة على قاعدة المواطنة المسؤولة والعمل التطوعيّ والوطنية وكان الخطاب بمفردات ترسّخ ثقافة المواطنة وتتعالى على اطر الطبقة والعنصر، واللون والجنس، والدين... ولا همّ له سوى التصدّي للفساد،والإثراء غير المشروع، والتلاعب بالقانون، والإفلات من العقاب...



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغنوشيّ ... والاختبار العسير
- سياسات ارتجالية
- لثم الوجه ...ولا تكميم الأفواه
- العنف ضدّ النساء في زمن الكورونا
- حين تتحوّل الكورونا إلى مرآة نرى فيها عيوبنا
- طقوس الموت في زمن الكورونا
- هل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة؟
- الكورونا بين السياسيّ والدينيّ
- 8 مارس 2020 عندما تُضرب الفتيات والنساء
- السياسة بين «الطهر والنجاسة»
- السياسة والجدل حول اللغة
- «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري
- روائح المطبخ السياسيّ
- الهجانة السياسيّة
- الشجاعة في مواجهة الظاهرة: العنف ضدّ النساء والسياسة
- في محاولات صناعة الشخصية السياسية الكاريزماتية
- في طرق استقبال مبادرات الشباب
- مساءلة
- في أداء المترشّحين وأشكال عرض الذات
- النسوان في قلب العمليّة الانتخابيّة


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - معركة: الصناديق