أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - غوغان















المزيد.....

غوغان


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1586 - 2006 / 6 / 19 - 06:55
المحور: الادب والفن
    


مؤلفة كتاب : غوغان هي الباحثة ماريا بلانكو المختصة بدراسة الفن الحديث بشكل عام، والدراسة الانطباعية بشكل خاص، وهي هنا تقدم سيرة ذاتية عن واحد من أكبر الفنانين في العصور الحديثة: بول غوغان، فمن هو هذا الفنان الرائع يا ترى.
ولد بول غوغان يوم 7 يونيو من عام 1848: أي قبل اندلاع الثورة العمالية بأسبوعين فقط، ومعلوم أن الأمير لويس نابليون بونابرت قام بانقلاب عسكري واستلم الحكم لكي يقضي على هذه الثورة الاحتجاجية الغاضبة، وعندئذ اضطر كلوفيس غوغان، والد الفنان المقبل، إلى مغادرة فرنسا والعيش في المنفى الأميركي ـ اللاتيني (البيرو)، ولكن والده مات أثناء الرحلة وخلّف وراءه أرملته «ألهين» وطفلين. وقد استقبلهم لدى وصولهم إلى عاصمة البيرو جده الذي كان قد أصبح غنياً وقوياً هناك.
ثم يردف المؤلف قائلاً: وهناك بقي بول غوغان ست سنوات قبل أن يعود مع عائلته إلى فرنسا، وقد شعر الطفل بول بالاغتراب والحزن لأنه غادر بيرو، ولم يكن يفهم الفرنسية جيداً ولا يحب الدراسة والمدرسة، كان يعيش في الخيال والحلم، كان يشعر بالحنين إلى السفر.
وعندما أصبح عمره سبعة عشر عاماً انخرط في الملاحة البحرية التجارية في مدينة الهافر، وهناك انخرط قبله الفنان الكبير مانيه عام 1848 كبحار، وعندما ركب بول غوغان الباخرة وانطلقت راح ينظر إلى شواطئ فرنسا وهي تبتعد عنه.
وكانت وجهة احدى المدن الكبرى في أميركا اللاتينية ريو دي جانيرو، وقد شعر بالسعادة عندما عاد إلى القارة التي شهدت طفولته وتفتحه على الحياة لأول مرة، ومعلوم أنه ظل يحن إليها ويتمنى الخروج من فرنسا.
ثم زار قبر والده وانحنى أمامه طويلاً. وبعدئذ ذهب إلى جزيرة بنما وبقية الجزر الأخرى. وفي أثناء ذلك كانت أمه تحتضر في فرنسا. وعندئذ عاد إلى البلاد، حيث كانت أخته تنتظره، وكانت الحرب بين فرنسا وبروسيا (أي ألمانيا) قد اندلعت للتو، فعاد بول غوغان إلى سفينته لجوب البحار من جديد، وفي كل ميناء كان يلتقي بامرأة فيحبها قليلاً ثم يرحل. ثم سمع بأن البروسيين حرقوا بيت أخته في منطقة سان كلود بضواحي باريس.
وعندئذ عاد إلى فرنسا من جديد لكي يبتدئ مهنة جديدة هي: فن الرسم، وكان ذلك عند صديقه الحميم «أروزا» وهناك التقى بفتاة دانماركية تدعى «ميت صوفيا غاد» فتزوجها عام 1873، وقد أنجبت له خمسة أطفال.
ثم التقى عند أصدقائه في ضواحي باريس بالفنان الانطباعي الشهير: بيساردو، وقد نصحه بأن يرسم باللون الفاتح لا الغامق. ثم قبلوا بأن يعرضوا له احدى لوحاته في صالون باريسي عام 1876.
وفي البداية اختلف مع مانيه وجماعته، ولم يقبل بالانضمام إلى الفن الجديد، كان يريد أن يصبح زعيم مدرسة في الفن لوحده. ثم التقى بعدئذ بكبار الفنانين الذين سيشغلون العالم في القرن التاسع عشر، بل وحتى الآن: سيزان، ديفا، رينوار، مونيه، مانيه.. الخ.
ثم يردف المؤلف قائلاً: ولكن بعد أن ترك عمله الذي يؤمن له راتباً شهرياً، وقرر تكريس كل وقته للرسم، ساءت أمور المادية، وعندئذ قررت زوجته أن تعود إلى الدانمارك مع أطفالها لأنها لا تستطيع أن تعيش في حالة البؤس والفقر المدقعين. وهكذا تركته وابتعدت عنه ظانة أنه لن ينجح في الحياة.
وهكذا ابتدأ غوغان حياة جديدة مليئة بالوحدة، والعزلة، والحرمان المادي، وفي برد الشتاء كان يجد نفسه مع ابنه وهو فقير معدم لا يمتلك إلا ثمن الخبز، وعندئذ سقط الطفل مريضاً، فراح والده يداويه ويسهر عليه، ولم يستطع الفقر أن يكسر عزيمته، فقد كان يحمل في داخله مشروعاً كبيراً: فن الرسم، وكان يعرف أن ساعته ستجيء، فالعبقرية في داخله ولم تتفتح بعد بالشكل الكافي، ثم قرر أن يذهب للعيش في منطقة الريف بعيداً عن باريس، وهناك قضى معظم الصيف والتقى ببعض الرسامين الآخرين، وقد وصف له أحدهم الحياة الجميلة في احدى الجزر المقابلة لجزيرة بنما، فقرر السفر إلى هناك للعيش بشكل بدائي من دون التفكير في الوقت أو في هموم الحياة المعيشية، وهذا دليل على مدى سذاجته وعبقريته في آن معاً.
ولكن سرعان ما خابت آماله وانتهت فلوسه، فعرض نفسه من أجل العمل في قناة بنما، وكانوا قد ابتدأوا بشقّها، وكان يهدف إلى جمع بعض المال، ثم السفر إلى جزر المارتينيك، وهناك التقى برسام آخر، وسقط كلاهما صريع المرض، ولكنه استمر في الرسم على الرغم من كل شيء.
ثم عاد بعدئذ إلى فرنسا ونزل في أحد الفنادق مع رسامين آخرين، وهناك وقع في حب بنت أحد الفنانين وتدعى مادلين، ولم يكن عمره يتجاوز السابعة عشرة، ثم اختلف مع والدها بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ بسبب التنافس على الفن واختلاف تصورهما له.
ويضيف المؤلف قائلاً: وهنا يتدخل شخص جديد في حياة غوغان هو: فانسان فان غوخ، فمنذ أشهر عديدة وهو يدعوه للالتحاق به في جنوب فرنسا، وفي مدينة «آرل» على وجه التحديد، وأخيراً قبل غوغان أن يلبي الدعوة وابتدأت مرحلة جديد، وربما حاسمة في حياته، وقد تكفل أخو فانسان، نيو فان غوخ، بالأكل والشرب والسكن واللبس لكلا الفنانين مقابل تسويق بعض لوحاتهما لحسابه الخاص.
ولكن طباع غوغان كانت صعبة بل وقاسية إلى حد ما. فهو لم يشكر فان غوخ على ضيافته ودعوته له للمجيء إلى «آرل» والجنوب الفرنسي، حيث يطيب له الرسم، وحيث تتوافر الطبيعة الجميلة المليئة بالأضواء والألوان وأنوار النهار المشمسة، ثم نظر غوغان من حوله بعد أن وصل إلى البيت الذي يسكنه فانسان فان غوخ ورأى جدرانه مليئة باللوحات التي رسمها الفنان العبقري شبه المجنون.
ولكن لم يعجبه شيء، وراح ينتقدها وينتقد كل علاقات الفنان وصداقاته وأعماله، وهذا ما أثر على نفسية فان غوخ الحساسة جداً والمرهفة، ثم فرض غوغان نفسه عليه وكأنه أستاذه في فن الرسم!
واندلعت بينهما المناقشات الحامية بخصوص تصورهما للفن الرائع وكيفية ممارسته، وأصبحت علاقتهما متوترة إلى أقصى الحدود بسبب الطباع العدوانية لغوغان، وفجأة وقع ما لا تحمد عقباه، فقد هجم فانسان فان غوخ على غوغان وبيده شفرة حلاقة لقتله، ولكن بدلاً من أن يضربه راح يقطع أذنه بالشفرة في حركة تدميرية للذات، وعندئذ عاد غوغان إلى باريس تاركاً غوخ يواجه مصيره المرعب بنفسه، وهكذا عاش فان غوخ آخر أيامه وأذنه مقطوعة.
وبعد إقامة قصيرة في باريس قرر غوغان السفر إلى الأماكن البعيدة، الأماكن القصية من أجل تجديد إلهامه أو شحذه من جديد، وهكذا سافر إلى جزيرة تاهيتي، حيث اشترى كوخاً في حضن الطبيعة لكي يرسم أجمل الأشجار والأزهار والألوان والحقول البدائية والوحشية.
وفجأة تدخل عليه فتاة صغيرة فلاحة في الثالثة عشرة من عمرها، وتصبح نموذجه في فن الرسم، ثم عشيقته وزوجته. وعندئذ انفجرت عبقريته فرسم سبعين لوحة من أجمل اللوحات، وكانت مليئة بالألوان البدائية والنداوات الصوفية والحنين إلى الأبدية والخلود، وقال بما معناه: الله جميل يحب الجمال، الله لا ينتمي إلى عالم المناطقة أو العلماء، وإنما إلى عالم الشعر والحلم والخيال، وفن الرسم هو من وحي الألوهة، والله هو الجمال المطلق.
وراح غوغان يعبّر عن الموضوعات الدينية من خلال الرؤى الطبيعية البدائية والغرائبية، لقد جاء غوغان إلى تاهيتي عام 1891 من أجل تجديد فنه، فقد كان يبحث عن مناظر طبيعية خلابة وجديدة كلياً، وكان بحاجة إلى عزلة كاملة ووحدة مطلقة من أجل الإبداع.
فخياله الوثاب كان في حاجة إلى مثل هذه المناظر البدائية التي تمثل البراءة المطلقة، كان حلمه الداخلي بحاجة إلى حوافز خارجية لكي يتفتح، وعلى هذا النحو أصبح غوغان شاعراً كبيراً تخلت عنه أو قد تخلى عنها، ثم فقد ابنته المفضلة «ألين»، ثم أصبح فقيراً بائساً على الرغم من لوحاته الرائعة التي لم يقدرها أحد حق قدرها، وكان يعيش في خوف دائم من ألا تصله من فرنسا الفلوس مقابل بيع لوحاته، ولذلك قرر الانتحار، ولكن قبل أن يفعل فعلته قرر أن يرسم أعظم لوحة في حياته لكي تكون بمثابة وصيته الروحية.
ثم مات غوغان في الخامسة والخمسين من عمره فقيراً معدماً وبائساً، لكي تباع لوحاته بعد موته بمئات عدة من ملايين الدولارات!! تماماً كما حصل لصديقه اللدود: فانسان فان غوخ، فهل هذه هي ضريبة الفن والعبقرية؟



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيجو .. حياته..أعمالة
- وحدة الفلسفة السياسية
- تجربة مع الشعوب السوفياتية
- . كتاب : التوحش
- رامبو في مهب الريح
- ديكارت
- شاتوبريان
- كونفوشيوس
- بيت في الوزيرية
- كيف تحولت الأرض الى كوكب...؟
- اليوتوبيا الملموسة لأرنست بلوخ
- الفضائيات العربية
- ما بعد الرعب
- كافكا والفتيات
- قبل أن أنسى ..قحطان العطار ..الجزء الثاني والأخير
- أيديولوجيا اليمين المتطرف
- 72نجمة في سماء المحبة
- الصراع الهندي الباكستاني الذي لاينتهي
- شارل ديغول
- تقليد ياباني


المزيد.....




- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...
- شاهد.. تشكيك في -إسرائيل- بالرواية الرسمية حول الرد الإيراني ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - غوغان