أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي وتوت - في المضمون الاجتماعي للفن....قراءة أولية في سوسيولوجيا الفن -2















المزيد.....

في المضمون الاجتماعي للفن....قراءة أولية في سوسيولوجيا الفن -2


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1586 - 2006 / 6 / 19 - 10:57
المحور: الادب والفن
    



ولنعد إلى أهم الأطروحات الفلسفية والنقدية والاجتماعية التي تناولت هذه الثنائية. فـ (أفلاطون Platon 427-347 ق. م.) وعبر نظرية (المثل) الشهيرة، والتي ترى أن الإله قد صور المثال الأول لكل ما في الحياة، وقد وضعه بالكمال بالمعنى الذي نعجز عن إيجاد (مثيل) له في الوجود الفيزيقي. يؤكد على ضرورة اعتناء الفنان بالجوهر (الكامن) وراء مظهرية الشكل، أي أن تكون الأعمال الفنية الدالة على مضامين الأشياء دون أشكالها السطحية. وهو بذلك ينفي الشكل إطلاقاً.
أما (أرسطو Aristotle 384-322 ق. م.) فيقرر أن جوهر أية ظاهرة هو شكلها، وأن هذا الأخير هو الذي يحدد حقيقتها. وان هذه الظاهرة ليس لها وجود في عالم المثل كما كان يقول (أفلاطون)، بل إنها دائماً كائنة في الشيء ذاته، وهو الذي يطبع الشيء بالطابع الذي يجعله منتسباً إلى هذا النوع أو ذاك من أنواع الكائنات.
وقد أهملت القضية عهوداً طويلة حتى عاد إليها الفلاسفة في عصر النهضة، إذ أظهر (إيمانويل كانت E. Kant 1724- 1804) نزوعاُ شكلياً واضحاً، على حساب المضمون وذلك عبر إبلائه الشكل اهتماماً جدياً بعد تجريده أو تحريره من غاياته. فالمضمون عنده يتجلى في الشكل الذي يخفيه، كما في النقوش والزخارف، وهي أشكال لا معنى لها في نفسـها.
فيما فرق (فردريك هيغل F. Hegel 1770- 1831) بين شكل العمل الفني ومضمونه، بعد أن قرر أن المادة التي لا شكل لها، هي تماماً كالمضمون الذي لا شكل له. والحالتان لا يمكن أن يوجدا عملياً. وهو يؤكد أن: ((الأعمال الفنية الحقيقية هي تلك التي يظهر فيها الشكل والمضمون في هوية كاملة)). فالأشياء عنده تتألف من التلاحم بين كلا المفهومين، إذ أن أيـاً منهما بمثابة الكل، وذلك بسبب احتوائه النصف الآخر. وينطوي المعنيين على تبادلية جدلية، وهكذا يصبح الشكل تحولّ المضمون إلى شكل، فيما يكون المضمون عبارة عن تحول الشكل إلى مضمون. فماهية الفن تكمن في الكلية الحرة الناجمة عن اتحاد كلي بين كلا المفهومين.
أما الاتجاه الماركسي فيعتبر أن الوحدة التي لا تنفصم تمثل التوازن الكامل بين الشكل والمضمون، فكلاهما معيار هام لقيمة العمل الفني. ففي الرسم الواقعي يبدو من الصعب ترجيح الشكل على المضمون لأنهما يسيران في الحقيقة بثبات وعلى نحو متواز. فالشكل يصبح بمثابة الحامل الذي يظهر الحقيقة الكاملة التي هي في الحياة نفسها.
ويتخذ المضمون أهمية قصوى عند (جورج سانتيانا J. Santiana 1863- 1952) في مجمل أطروحاته. وهو يرتب المقومات الرئيسية للعمل الفني على الوجه الآتي المادة (المضمون)، ثم الصورة (الشكل)، ثم يأتي التعبير، وهو يجعل من المادة (المضمون) تتصدر، هذه العناصر لأنها، وبحسب رأيه، اصل العمل الفني وسابقة على الشكل كوجود.
أما ( رينيه كروشه R. Croce 1886- 1952) فيؤكد على ما يسميه بالوحدة الفني بينهما، ويعني بها (الوحدة العيانية التي ترجع إلى التركيب القبلي، والفن هو تركيب قبلي حقيقي، تركيب للعاطفة والصورة في الحدس).
فيما رأى (بارنا Barna 1894- ؟) أن الشكل في العمل الفني كلما كان اقرب إلى مضمون العمل ومناسباً لأصله ومادته ونوعيته، كلما كان شكلاً فنياً ينتمي إلى قضايا الفن، فهو يؤكد أن اقتراب الشكل من المضمون واتحاده معه هو شرط لظهور العمل الفني.
وعلى العكس نجد أن (شيللر Schiller 1864-1937) كان يرى "أن الصورة هي التي تبرز معاني الحياة، أما المضمون فلا يمثل… تأثيراً فعالاً في الفن". وبهذا فهو ينفي المضمون، مشدداً على أهمية الشكل. والباحث لا يتفق مع ما ذهب إليه شيللر من نفي المضمون، لأن الأخير هو الشكل في الذهن، فبدونه لا يكون هنالك شكل.
أما (كوبلر Kobler 1894 - ؟) فانه كان لا يرى موجباً فيما يذهب إليه أتباع النزعة الشكلية من تقديم الشكل على حساب المضمون. فهؤلاء يعلنون بأن (الفن هو نظام من العلاقات الشكلية). لكنه (أي كوبلر) شدد على أن إهمال الجوهر والماهية لابد من أن يشوه فهمنا لكليهما.
وعلى وفق تلك المفاهيم التي يمدنا بها الفكر الفلسفي، نرى أن المضمون هو شرط ملازم للعمل الفني، إن أُريد له أن يكون ممثلاً لنظرتنا الاجتماعية إزاء مظاهر الوجود، وان افترقت المرجعيات الفلسفية التي ناقشت هذه الثنائية. فالمسالة الأساسية التي تحكم هذه الآراء والتنظيرات تتمثل في التوجه المفاهيمي. فهي أما تنادي باعتبار الفن للمجتمع فترجح المضمون متحداً مع الشكل ومتقدماً عليه، أو أنها تنادي بالفن للفن فتفضل الشكل. وبمقدور الباحث القول أن كلا الجانبين مهمّان في العمل الفني، وان وحدتهما شرط أساس لنجاح هذا العمل. فمضمونٌ بلا شكلٍ مناسب يصبح مضموناً خاوياً وان شكلاً جيداً يتضمن محتوى ضعيفاً لا يضيف جديداً في مادة الفن أو الإنتاج الفكري.

ثالثاً : وظائف المضمون
لأنَّ المضمون هو مدركٌ عقلي اجتماعي، فلا مناص من ربطه بعملية (التنشئة الاجتماعية Socialization Process) هذه العملية التي يلقن فيها الفرد قيم ومعايير مجتمعه الذي يعيش فيه بحيث يصبح مدرَّباً على إشغال مجموعة أدوار تحدد نمط سلوكه اليومي. وهكذا فان ما يتبناه الفرد من قيم واتجاهات ومفاهيم اجتماعية يعد نتيجة لتراكمات اجتماعية معقدة تصوغ الفرد، عبر مؤسسات عديدة (مثل الأسرة والمدرسة وغيرها) في قالب يتقبله المجتمع. فالفرد لكل هذا، يستجيب للبيئة لا كما هي، بل كما يدركها، وكما تبدو له، وحسب ما يُضفي عليها من معنى وقيمة وأهمية.
وفي ضوء ما تقدم، فان أهم وظائف المضمون هو (الاستدلال Inference) على الأبعاد المختلفة لعملية الاتصال وتأثيراته. ذلك أن الاتصال ليس مجرد رسالة ثابتة، ولكنه تفاعل مستمر. فهنالك تساؤلات عديدة تحيط بعملية الاتصال وتأثيرها. فالهدف الأساس للمضمون هو الاسـتدلال والكشف عن المعاني الكامنة (Latent Meaning) وقراءة ما بين السطور. مثلما يقودنا إلى معرفة الخلفية الاجتماعية والثقافية للعمل الفني، وكذلك معرفة قيم المجتمع واتجاهاته السائدة علاوة على وصف الظاهرة بشكل دقيق يكشف عن تفاصيلها.

رابعاً : عناصر المضمون
ومن المعروف أن للمضمون عنصريين أساسيين هما: موضوعه وفكرته. وبينما ينكشف الموضوع بعدد من ظواهر الحياة الاجتماعية التي تظهر في العمل المعين، مهما كان جنسه ونوعه. فإنّ الفكرة تعبّر عن جوهر الظواهر المصورة وأعماقها، ومدى قربها أو بعدها من الواقع الاجتماعي وتناقضاته.



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المضمون الاجتماعي للفن.... قراءة أولية في سوسيولوجيا الفن ...
- المؤسسة العسكرية في الدولة العراقية السابقة 1-2
- المؤسسة العسكرية في الدولة العراقية السابقة 2-2
- عراق (واحد) أم (موحّد)...... عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟
- في الاجتماع السياسي للعراقيين ....عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟
- في أبعاد العولمة ومستوياتها
- انتهاكات حقوق الطفل في العراق 1-2
- بيئة الإنسان من منظور الثقافة والمجتمع
- 2-2 انتهاكات حقوق الطفل في العراق
- في مفهوم المواطنة ... وحقوق الإنسان


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي وتوت - في المضمون الاجتماعي للفن....قراءة أولية في سوسيولوجيا الفن -2