أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد حاجي - انحطاط الخطاب السياسي في تونس وشهوة الدم














المزيد.....

انحطاط الخطاب السياسي في تونس وشهوة الدم


مراد حاجي

الحوار المتمدن-العدد: 6568 - 2020 / 5 / 19 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعيش التونسيون على وقع الشتائم في وسائل الإعلام يتبادلها نشطاء السياسة والإعلاميون في هستيريا غريبة أصبح فيها الصوت العالي والقدرة على كيل الشتائم مجلبة للفخر واداة من ادوات ممارسة السياسة. وكمصارعي حلبات الرومان القديمة يتباهي كل طرف بقوته وبسلاطة لسانه ويتباهى بصرع خصمه بالضربة القاضية في كلاشات مسفة إلى درجة البذاءة.
وحين ينتهي دور الساسة يبدأ الشوط الثاني من البذاءة على صفحات التواصل الاجتماعي فيعلن شيعة كل فريق الحرب على خصومهم وهي خصومات تنتهك فيها الأعراض وتستباح فيها الكرامة الإنسانية وتعلو نبرات تمني الموت فتحمد كل الالهة من زوس إلى بوذا على اننا لسنا شعبا مسلحا.
يتم كل هذا والنخبة السياسية والإعلامية التي يفترض بها ان تصد كل خروج عن اخلاقيات التعايش والغة في الاعراض وفي الشتائم. ولا احد يتحدث عن اخلاقيات العمل الصحفي ولا اخلاقيات السياسة فيما يخص من يتشيع له والجميع يتذكرها اذا تعلق الأمر بالخصم.
نجوم السياسة في تونس ما بعد الثورة من كرونيكورات وساسة لم يفهموا التعايش المشترك: كرونيكورات مع احترامنا لبعضهم هوايتهم الاستفزاز ولي عنق الحقيقة في كثير من الأحيان وحتى الجادون منهم قد تزل بهم القدم احيانا حين تطغى الحماسة ولآ احد منهم يجد من يقول له انك اخطات ممن يدينون بمذهبه. فالحرية والكرامة الإنسانية ارقى من كل شيء وينبغي احترامها حتى في خصومنا. كما أن اخلاقيات العمل الصحفي حتى الساخر منه لا يمكن ان تطال فيها السخرية الذات البشرية وتشبه الناس بالحيوانات وكم وقفت البشرية ضد جماهير الكرة التي ترمي الموز الى بعض اللاعبين الافارقة في تلميح الى قرابة بالقردة. ومع محبتي لما يفعله المكي واعجابي به فإن ذلك لا يمنع من أن نقول انه قد أخذته الحماسة امام بذاءة ما يصدر عن ساسة ائتلاف الكرامة.
اما الساسة فمجلس النواب التونسي سرك شاهد على البذاءة من ائتلاف الكرامة ومخلوفها إلى الدستوري الحر وعبيره مرورا بالنهضة وكسيكسيتها. الكل يتبادل الشتائم والكل يبكي مدعيا انه الضحية وهم يتبارون في ذلك. والكل يعلنها صارخا انه مهدد بالاغتيال والكل لا يرون حرجا في صفحات احزابهم والتعاليق الواردة فيها والتي تحرض على قتل الخصوم وهذا لا يستثنى فيه حزب الا من رحم زوس. ويطغى على الانصار هوس غريب لتسميات تحيل على الحرب والحيوانات من السباع الضواري, فمن الجنرال إلى اللبة إلى الأسد, إلى " اللي معذبهم" يحفل المعجم بالعنف الذي يتقنع في الاستعارات. وهي استعارات تختزل صورة البطل الباطش الذي يقضي على الخصوم ويمحقهم دلالة على جو الكراهية السائد والذي يختزل الرغبة في ممارسة العنف في عنف الخطاب
حديث الوضوء – " توضوا قبل ما تحكوا علينا" - قبل الكلام خطاب ينضح بالاقصاء واعتبار الاخر نجسا في مقابل القداسة التي يتم اختزالها في المنتمين إلى الجماعة التي تمثل الطهارة. وهو خطاب ترذيل للاخر وبث للكراهية. يقابله أيضا خطاب "بوبي" الذي يختزل الآخر في صورة الكلب اللحاس بما تعنيه في المخيال الجمعي خطاب فيه نفس النزعة وإن كانت اقل حدة ويبدو انه انجراف وراء حماسة الرد على بذاءة الخطاب الأول. ولم يتأخر الرد من نفس المعجم فإذا نحن امام دائرة من عنف الخطاب والكل يستنفر شيعته الذين لا يتأخرون في النصرة دون أي تنسيب وهو ما يحيل على عوالم التجييش وتتوسع بقعة الزيت فتتوسع نبرة العنف في الخطاب لدى الانصار والكل يدعو الى الموت للخصوم على طريقة قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.
أمام ما يحدث في وسائل الاعلام وعلى صفحات التواصل من حروب كلامية لسائل ان يسأل اين الشعب المغلوب على امره من هذا العنف في الخطاب؟ ولعل المتأمل لا يجد صعوبة في القول ان حطاب الشارع ليس اقل عنفا من خطاب الساسة بل ان الساسة والاعلاميين نقلوا كثيرا من عنف الشارع الى الممارسة الاعلامية والسياسة واصبحت عبارات كلوشار سبة في حين والقدرة على الكلاش والقرحة مفخرة في احيان أخرى, غير أن هذا الشارع الغارق في عنفه سئم عنف الساسة الذين بدل ان يخلصوه من وضعه اصبحوا يتخذونه وقودا لمعاركهم والتهمة التي يتبادلونها هي الشعبوية في وقت انهم كلهم شعبويون ولا يستطيعون ان يكونوا غير ذلك. من هنا اصبح عامة الشعب اما شيعة للعنف في جهة ما او يمارسون عنفهم المعمم عبر اتهام الجميع بانهم سراق وملاعين.
غير أن هذا العنف في الخطاب الذي حمدنا كل الالهة انه لا يصدر عن شعب يباح له السلاح يكشف عن شهوة الدم في احيان كثيرة وهي تتجسد في المناداة بموت الخصوم. ولكنها تظهر بجلاء في مواقف الخصوم من ملف ليبيا القريب منا والذي يناصر فيه الساسة التونسيون والاعلاميون كل حسب انتمائه شقا من المتصارعين وهو ملف يفضح شهوة الدم بامتياز, فصفحات التواصل الاجتماعي ومواقف بعض الاعلاميين والساسة تعري شهوة الدم فكل فريق يصفق لقدرة الفريق الذي يناصره في ليبيا على الافناء والقتل ويعتبر القتلى مجرد جرذان وكانه ينتقم من خصومه الداخليين بمقتل امثالهم هناك, ولا يعدم الفريق المقابل وسائل للاحتفال هو الاخر حين يقتل من يناصرهم خصومهم فيهلل للموت والقتل والتعذيب ويتشفى في خصومه في الداخل. لا مكان عندها للكرامة الانسانية ولا لحقوق الانسان ولا قيم السلم ولا نبذ الدماء والموت الكل يرى شيعته على حق. وأذا منطق السياسة والمواقف على طريقة فولترون الالي الذي يمثل الخير ويقضي على كل الخصوم.
غير ان شهوة الدم هذه التي تتجسد في الخطاب والمواقف مخيفة فعلا لانه يخشى انفلاتها من عقالها. ذلك أن الكراهية الكامنة في الخطاب وشهوة الدم هذه لا تبشر بخير كما ان التخندق العاطفي في المواقف يدفع العملية السياسية برمتها الى الاحتقان وان تبنى زعامات على الطريقة اللبنانية واعلام على نفس الطريقة.



#مراد_حاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيراج البرلماني التونسي وتكوير السياسة
- الغنوشي، عبير والمرقش الأكبر
- المغتصبة قربان على مذبح العنف المعمم


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد حاجي - انحطاط الخطاب السياسي في تونس وشهوة الدم