أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جورج أنطون أبو الدنين - شيزوفرنيا مفتعلة: وجهان أو أكثر لكل معلم والطلبة يختارون واحدا.














المزيد.....

شيزوفرنيا مفتعلة: وجهان أو أكثر لكل معلم والطلبة يختارون واحدا.


جورج أنطون أبو الدنين

الحوار المتمدن-العدد: 6566 - 2020 / 5 / 17 - 01:18
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


يجد مَن يدقق في العملية التعليمية في الوقت الحالي مجموعة من التناقضات التي لا بدّ من أنّ لها دوراً مهماً في هدم الكثير من هيبة العملية التعليمية ودورها الفاعل في تشكيل شخصية الطلبة ونفسياتهم وأفكارهم؛ فقد بات الأنموذج المثالي الذي يقتدي به الطلبة خارج المنزل، وهو أنموذج مهم ومطلوب في مراحل المراهقة خصوصاً، أنموذجاً هشاً مليئاً بالتناقضات والمواصفات التي لا تتماشى مع حقيق الدور المهم للمعلم، الذي من خلاله يبني جسوراً فكرية ووجدانية مع محيطه التعليمية ليتكوّن معها محاكاة صالحة لصورة مصغرة من المجتمع السليم الذي تطمح إلى بنائه الفلسفة التربوية.
ولا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نحمل المسؤولية بشكل أساس للمعلم وحده؛ فالمشكلة عامة وتصيب مجموعة كبيرة من الفئات في داخل المجتمع، لكنّ الفئة الأكثر اختلاطاً بالناشئة، والأكثر أثراً في تشكيلها وبنائها، هي فئة العاملين والعاملات في التعليم، وهي فئة تتمحور حول مجموعة من الكاريزمات التي تقدمها في كل حقبة زمنية محددة، بناء على تغيرات وتطورات فكرية وثقافية وقد تكون مجتمعية شاملة، واستمر هذا الأنموذج من المؤدب الحازم المخيف، إلى المؤدب الحازم الوالد، ثم وصلنا إلى المؤدب الصديق الذي يتأدب أحيانا على أيدي طلبته!
لم تقف حدود التأزّم التي يعيشها أنموذج المعلم المربي عند هذا الحدّ؛ فقد أصبح المعلم في كثير من الأحيان مثاراً للنقد والسخرية والحديث بين طلبته نظراً للتغير في قيمة المعلم داخل العملية التعليمية، وتحوّله مع توجه المدارس إلى الرأسمالية الربحية –خصوصاً المدارس الخاصة- إلى موظف يشبه موظف البار الذي يخدم الزبائن؛ فيكون الزبون دائما على حق، ويعيش الموظف حالة من الخوف من أن يُطرد من عمله إذا غضب منه الطالب أو أولياء أمره، وهو ما جعله تدريجياً مجرد موظف يمارس وظيفة لا يرغب بها، ولا تناسب شخصيته، خلقت لديه شخصيتين على الأقل؛ الأول المعلم المثالي حين يشرح ويدرّس القيم الأخلاقية، والإنسان المتحرر من كل هذه القيم التي يدرسها، فلا يمارسها، ولا ينفذ منها شيئاً، مما جعله أمام عدسة الطلبة التي تلتقط أدق تفاصيل تناقضاته.
تخلق ازدواجية السلوك بين مضمون التعليم وممارسة الحياة جيلا لا يثق بالمعلم وقد يجعل منه مادة للاستهانة؛ فمعلم العربية مثلا، يشرح قصائد الفخر والبطولة، ومعلم التاريخ يشرح الحضارات العظيمة ويكشف المؤامرة السياسية، ثم يتحول كل منهما إلى ذليل جبان أو متآمر أمام مشرفه أو موجهه أو مديره. أما معلم العلوم على اختلاف تخصصاتها فيفعل مثل معلمي اللغة العربية والتاريخ، ثم يحذر الطلبة من مضار الغذاء غير الصحي والتدخين، ثم يدخن ويقضي وقته بين الأكلات الضارة والمشروبات القاتلة والنرجيلة. ومعلم الرياضة يعلمهم الروح الرياضية، ثم يكون أول الساخرين من الطلبة حين يخسر فريقهم في الدوري الاسباني او دوري ابطال اوروبا. وتكبر الكارثة عند معلم التربية الدينية، يعلمهم البعد عن النميمة والفساد والغش والسرقة والكذب والشتم وأشياء كثيرة، ويكون هو أول من يمارسها أمام الطلبة. والأمر نفسه في مختلف المواد التعليمية.
يحذر المديرون والمعلمون جميعهم الطلبة من عواقب الغش ثم يتعاون بعضهم معهم في تبادل المعلومات في الاختبارات.
يجلس المعلم رافعا قدميه أو واقفا وقفة مرنة شبابية وهو مع الطلبة وحده، ثم يتحول إلى تمثال الحرية حين يدخل الموجه أو المشرف أو المدير.
يوبخ المدير طلبة المدرسة ويحثهم على احترام المعلم وهو أول من بقلل احترامه ويهمشه ويقفز على ظهره وكتفيه ويستغله لتحقيق مصالحه الشخصية، وهو أول من يهتم بالمال الآتي من جيوب أولياء الأمور على حساب العملية التعليمية.
كل هذا يدركه الطلبة ويلاحظونه، ولا يرحمون صاحبه. هي زدواجية قاتلة بين مضمون التعليم بأفكار وسلوكات مثالية، وممارسة واقعية حقيقية تُناقِض مضمون التعليم بشكل شبه تام. من هو قدوة الطلبة اذن؟! المعلم في الشرح وبحضور مسؤول عنه؟ أم المعلم في الممارسة اليومية؟!



#جورج_أنطون_أبو_الدنين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غريزة المسلك أمام وعي مهزوز في مجتمع فلسطيني متفكّك
- مَن قتلَ اللغة العربية؟
- تجليات صورة الروم في سيفيات المتنبي - دراسة دلالية اسلوبية


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جورج أنطون أبو الدنين - شيزوفرنيا مفتعلة: وجهان أو أكثر لكل معلم والطلبة يختارون واحدا.