أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تامر البطراوي - كرونا والتغيرات المرتقبة















المزيد.....

كرونا والتغيرات المرتقبة


تامر البطراوي

الحوار المتمدن-العدد: 6563 - 2020 / 5 / 13 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف يتحرك العالم الاقتصادي وإلى أين وصل؟
كما سبق وبينا في عدة مقالات كيف يمكن للنظرية الوظيفية البنيوية أن تفسر لنا كينونة الاقتصاد، بأن الاقتصاد العالمي أشبه بماكينة ضخمة تتكون من تروس محورية كبيرة تنقل الحركة إلى تروس متوسطة ثم الأصغر فالأصغر..، أو هي كجسد يتكون من أهم الأعضاء الأساسية للحياة ثم أعضاء بدرجة أهمية أقل ثم أعضاء يمكن الحياة بدونها أو بتخلفها..، النظرية الوظيفية تفسر العلاقة بين مكونات الاقتصاد العالمي بالعلاقات ما بين الأعضاء التي تربطها علاقات متبادلة، أما النظرية البنيوية فقد فسرتها بالعلاقة بين الطوابق واشتراط وجود الطابق الأول لوجود الطابق الثاني..، وكانت النظرية الوظيفية البنيوية الأقرب في تفسير ظاهرة الاقتصاد بكونه علاقات بين المكونات الأساسية والأقل أهمية فالأقل..، وهي ككل ظاهرة حالية نتاج ظاهرة سابقة تمتد بجذورها في عمق الزمن، كظواهر سابقة مترتب عليها أشكال لاحقة ليست وليدة بمعزل عن سياق تطورها...، فالحالي مترتب على الماضي، وأبناء أثرياء اليوم نتاج لآباء أثرياء، وأبناء فقراء اليوم نتاج لآباء فقراء ينمون باطراد...
الفائدة من هذه المقدمة هو أن العالم اليوم بقطبه الأمريكي الذي استأثر بالمركزية لنحو نصف قرن هو نتاج لتحولات سابقة هيأت لوجوده ودوره بهذا الشكل المتناقض، والذي أدى بدوره لتناقض وليد مع بدايات القرن الواحد والعشرين وهو نزاع القطبية العالمية مع محور الصين روسيا..، تشكلت الخريطة العالمية من القرن الماضي من محور أمريكا وحلفاؤها الإتحاد الأوروبي، وروسيا المتطلعة لإستعادة الأمجاد، والصين الخلية الدئوب شبه المنعزلة، والشرق الأوسط وأفريقيا... فالتحديات الأساسية كانت تتلخص في تحجيم طموحات الصين، روسيا..، الإستراتيجية طويلة الأجل كانت تقضي بضرب الممرات البحرية لأسيا (أفغانستان، باكستان..، ومن الغرب ايران) بحلم الخلافة للإسلام السياسي لقطع طرق النفاذ والوصول إلى العالم والشرق الأوسط الأقرب، والإستحواذ الأمريكي على دول اليابان والخليج كتضييق المحاصرة، وإلهاء الدول غير المرحبة بالإندماج الأمريكي بالشرق الأوسط بالإسلام السياسي وإنهاكها بحروب الإرهاب، أما أفريقيا وسط وجنوب الصحراء فكانت مهمة أوروبا في الإستحواذ عليها واستمالتها، واستمر توافق المعسكر الشرقي الصين روسيا على احتكار القطبية المركزية للاقتصاد لأمريكا حتى بزغ النمو الصيني يتضخم إلى قدر أصبح معه لازما على الزعيم الأمريكي إعلان التصدي الواضح، ونشأت حرب الرسوم ما بين المتصارعين الأمريكي والصيني من أجل أن يثبت الصيني حقه في ريادة قطب مركزي بالشرق ورفض الأمريكي المنازعة في المركزية القطبية للاقتصاد العالمي، وانتهت تلك الحرب بفايروس كرونا الذي ضرب المحورين العالميين أكبر أقطاب العالم الاقتصادي والمحرك العالمي للاقتصادات التابعة فالتابعة...
الإقتصاد الرأسمالي بطبيعته أشبه بالماكينه المعدنية حتما ولابد بعد دورات عمل وكفاءة تصيبها أعطال وفترات صيانة وتوقف..، أو كالجسد حتما سيتخلل فترة حياته راحة ومرض وخمول ثم نمو ونشاط، هذه هي طبيعة الاقتصاد الرأسمالي، وحينما تتأثر التروس الضخمة المحورية بالماكينة فالتروس الاصغر فالاصغر ستتأثر بالتبعية وليس العكس.. على عكس الاقتصاد المخطط الاشتراكي لانه قائم نظريا على أساس زيرو أخطاء وللأمانة أيضاً زيرو نمو وتطور... طبعا هناك فرق كبير بين الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد الحر لان مفهوم الرأسمالي توجيه الحرية لصالح الراسمالية فقط
كرونا كيف وأين ضربت الاقتصاد العالمي؟
حينما ضرب كرونا الاقتصاد العالمي مع بدايات عام 2020 فقد ضرب المحاور الأساسية للاقتصاد العالمي، والتي تنقل الحركة بالتبعية للتروس الاقليمية ثم الهامشية، وبذلك توصف بكونها أزمة عالمية لكون تغير اقتصاد العالم كله مرتبط بأي تغير باقتصاد المحاور المركزية العالمية الكبري.
الاقتصاد العالمي المعاصر من حيث الشكل تسيطر عليه الشركات العملاقة متعددة الجنسيات وعابرة القارات التي يزيد رأسمالها عن١٠ مليار دولار، وتستحوذ على أغلبيته وتمثل في مجموعها الترس الضخم ناقل الحركة للتروس الاقليمية المتوسطة فالصغيرة فمتناهية، سواء على مستوى شكل نسق حجم الشركات العالمي، أو نسق تواجدها الدولي ومراكزها الرئيسية المحركة، فهي تمثل المحرك الأساسي للعالم فهي المحرك والداعم الأساسي للاقتصاد الحكومات والتي تحرك بالتبعية موظفيها بالدولة ومجتمعاتها بما تدعمه من قروض لتسيير المشاريع والإستثمار، والتي تحرك بدورها المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر..
ما الذي حدث؟ .. كرونا فايرس ضرب تكتلات المحور العالمي والشركات العملاقة مثل أرامكوا وبوينج ومرسيدس وجميع الشركات الشركات العملاقة العالمية، وليس أدل على ذلك أن شركة مثل فيسبوك خسرت في يوم واحد 120 مليار دولار! الأسواق العالمية خسرت نحو 3 تريليون دولار! ...
كل ذلك يحدث والمكون الأساسي في القطب العالمي أو الترس الضخم هو شركات تكنولوجيا المعلومات أو تلك التي تعتمد صناعتها بشكل رئيسي على مدخل تكنولوجيا المعلومات، وهي التي بطبيعتها يمكن أن تدار جانب هام من أعمالها من خلال المنازل كما أن أزمة كرونا أدت لزيادة الطلب على خدماتها وزيادة إيراداتها، ومع ذلك كان تأثرها السلبي كبير وضخم، ربما لو لم يكن ذلك لكان تأثرها هو الركود التام والإفلاس! وأصبح الأمر أكثر تشاؤماً، وبذلك فالضربة بكرونا وإن كانت موجهة لقلب الاقتصاد العالمي إلا أنها لم تخترق القلب نفسه وأصبحت الصورة أقل تشاؤما
تبعات موجات تسونامي كرونا؟
كما أن تسونامي عندما يحدث بانزلاق طبقات أرضية في قلب المحيط ثم تأتي تبعات الموجة الضخمة في وقت لاحق للساحل .. فإن الأمر نفسه بالنسبة لتسونامي كرونا فإن الموجة الحالية التي تضرب قلب النظام الاقتصادي العالمي ستأتي تبعاتها في مراحل لاحقة للتوابع الإقليمية ثم اقتصادات الهامش.. فالأثلا الاقتصادي لن تشعر به الدول بشكل فوري وربما قد يستغرق أشهر أو سنوات من التبعات بعد تعافي المركز حتى تظهر بشكل حاد على دول الهامش والاقتصادات متناهية الصغر..
تنبؤات اقتصادية؟
المطلوب حاليا هو التركيز على كل ما هو ضروري فقط لانه المستقبل ، وتكريس كل المدخرات والموارد والمحافظة عليها وترشيدها نحو الضروري والأهم فالأهم، فالمستقبل ليس باتجاه صناعة الرفاهية وإنما سيكون أكثر ترشيداً على المستوى السنوات الخمسة القادمة على الأقل، هيكل الإنتاج والخدمات سوف يتغير بشكل كبير بالمستقبل بعد انحسار الازمة سيصبح العالم أكثر ذكاءا ويتجنب التجمعات التقليدية للآغراض التعليمية والتجارية والسياسية والفنية...، سيزداد الإتجاه نحو الإستغناء عن الاوراق والطباعة والتحول التدريجي بشكل أكثر تحفيزا نحو الإنترنت، سيتعزز الشمول المالي وتختفي الأوراق النقدية، وسيتم محاربة التوسع الرأسي للمباني وذلك بدوافع صحية وسياسية واجتماعية واقتصادية..، الدول النفطية سوف تتبنى استراتيجية تحول جاد أكثر وتيرة نحو اقتصاد صناعي لا يعتمد أبداً على عوائد النفط، وربما تتغير بنود بمنظمة أوبك، سينحسر مفهوم تدويل التصنيع والعودة إلى المفهوم الاقطاعي والمناداة بالاكتفاء الذاتي لتجنب الازمات اثناء التعثر الدولي، خاصة فيما يتعلق بالإكتفاء الذاتي من الغذاء، المستقبل سيكون أكثر نمواً بجانب تكنولوجيا التصنيع الطبي ..ستتجه العديد من حكومات الدول للإستحواذ على الشركات الضخمة دولية النشاط ومتعددة الجنسيات والشركات ذات الأدوار المحورية بالإقتصاد لضمان مزيد من السيطرة والتحكم بدل الدور التابع للحكومات بالاقتصاد في المرحلة السابقة.
تنبؤات سياسية؟
لن تنتهي أزمة كرونا إلا باتفاق تسوية بقبول التعددية القطبية العالمية والاعتراف العالمي بقبول الصين روسيا كقطب عالمي جديد بمحور الشرق، وظهور ألمانيا بدور ريادي بينا محور أوروبا الإقليمي، وربما ذلك مع نهاية حقبة ترامب، تنتهي الأزمة العالمية باعتراف عالمي بتجنب الحروب الاقتصادية بين الكبار واستبعاد فكرة القطب العالمي الواحد، وأن الحروب الاقتصادية إن كانت ولابد لا يجب أن تتم بين المحاور الكبرى، وربما ينتقل تركيز الصراع لبؤرة الاستحواذ على الاقتصادات الهامشية.. سيكون ضمن اتفاق التسوية وإنهاء الأزمة تغير السياسة الأمريكية بالتخلي عن دعم الإسلام السياسي بجنوب آسيا وشمال أفريقيا وقبول التعددية الدولية.. غياب حلم الخلافة للاسلام السياسي سيكون مرهون برفض الوكلاء ضمن حيثيات اتفاق التسوية.. فعندما يتخلى الغرب عن استراتيجية تبني دعم الإسلام السياسي بالشرق الأوسط، سيظهر دعاة وكالة بتركيا وغيرها لحمل لواء الدور وشراء الحقوق الحصرية لبراءة الإختراع الأمريكي بإستخدام نفس الأداة لتكوين تكتلات اقليمية صغيرة حولها يكون لها دور مرئي بمرحلة ما بعد النظام الاقتصادي العالمي، ومالم تتم تسوية إنهاء الأزمة على حيثية رفض الوكالة وبيع الحقوق الحصرية لأقطاب إقليمية نامية للإستحواذ على نطاقات جغرافية واقتصادية مجاورة فإن استراتيجية استخدام الإسلام السياسي ستستمر عدة حقب أخرى، الكيانات الصغيرة بالشرق الاوسط ستصبح أمام خيارين، إما الانتماء لقطب عالمي متفق عليه او النمو السريع والتكتل لتكوين قطب متوسط أيضاً تابع ويربطه مصالح قوية مع الأقطاب المركزية الدولية.



#تامر_البطراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصية
- التوجيه المعاصر لمصر وآفاقه المستقبلية في ضوء التغيرات العال ...
- ظاهرة التحرش - تحليل سيكولوجي سوسيولوجي
- قراءة لكتاب السعي إلى الرخاء تأليف جاستين بيفو لين كبير الإق ...
- حوليات إشكالية أجر الكفاف في ضوء تحليل الإقتصاد السياسي
- حكاوي قهاوي في الإقتصاد
- لماذا لقنتمونا أنهم كانوا علماء المسلمين؟ لم يكونوا مسلمين!
- نظرية الإقتصاد السياسي مُقاربة تأصيلية
- المعجزة اليابانية - وخصائص الإدارة اليابانية
- مدخل إلى نظريات إدارة الأعمال الإقتصادية
- الثورة الصناعية الرابعة والتحديات الإقتصادية لفجوة الدخل الخ ...
- الفكر الإقتصادي اليهودي والفكر الإقتصادي المسيحي
- رأس المال التنظيمي (الهيكل التنظيمي)
- رأس المال الفكري (الهيكل الفكري) وعلاقته بالتنمية الإقتصادية
- رأس المال الثقافي (الهيكل الثقافي) وأثره على التنمية الإقتصا ...
- رأس المال الإجتماعي (الهيكل الإجتماعي)
- رأس المال النفسي ورأس المال البشري كمكونات جوهرية بعنصر العم ...
- هل العلاقة ما بين الإقتصاد (متوسط الدخل) وما بين السياسة (جو ...
- عن النفس والعلاقات الإنسانية بالمصري
- هل عملية التنمية الإقتصادية بطبيعتها سريعة أم بطيئة؟


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تامر البطراوي - كرونا والتغيرات المرتقبة