أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اغتراب الغربة 7/15















المزيد.....

اغتراب الغربة 7/15


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1584 - 2006 / 6 / 17 - 11:28
المحور: الادب والفن
    


هذا النموذج بالقرية كان ملهما للعديد من الشباب ومن بينهم رشيد للتفكير في هذا الخيار، وإن كانت الظروف تختلف والطرق تتنوع، لكن كما صرح ذات يوم كل الوسائل تؤدي إلى روما أو أوربا، ظن أباه أنه يمزح وعندما كررها ظن أنه بداية الجنون لذلك عزم على اقتراح طريقة للعمل وهو تنظيم مشروع تجاري صغير.
لم يتردد رشيد في قبول العرض خاصة أن المبلغ يكفيه للحريك مع أحد الشبكات المافياوية التي تخصصت في تهريب السواعد النشطة إلى أوربا، وبينما اقترح عليه أبوه إنشاء متجر للحلويات أو مقهى للأنترنيت ليظهر الكفاءة العلمية لإبنه وخبرته بالواقع..تقدم الإبن بمقترح آخر وهو السفر إلى الشمال لتهريب السلع بثمن رخيص وإعادة بيعها بثمن آخر هنا..تناقش الطرفان في الإقتراحين كثيرا وإن كان النقاش مجرد تمويه لمصطفى الذي طلب مهلة أسبوع للتفكير.
لم يكن ذلك الأسبوع إلا فترة المشاورات والبحث عن رفيق، لم يعد يستقر بالمنزل على خلاف المعتاد فأصبح لا يدخل مبكرا، كما أصبح مدمنا على شراء الجرائد الصادرة باللغة الفرنسية بشكل أثار الإستغراب، عائلته انفرجت أساريرها، إذ استرجع ابنها حيويته المعتادة وعاد إليه نشاطه، مبررة ذلك أن التهييء لمشروع تجاري يستلزم مشاورات عديدة غالبا ما ترفع من معنويات الشخص الذي يدخل مغامرة جديدة، لكن لم يكن يخطر على بالهم أن رشيد كان يهيئ نفسه للسفر خارج البلاد.
ذات مساء أخبر أباه أنه حسم رأيه بشأن الإقتراح القاضي بجلب سلع الشمال، رفض أبوه بداية الأمر، لكنه عدل عن رأيه بعدما رد عليه الإبن برفضه لأي مشروع داخل المدينة خاصة أن الرواج الإقتصادي ضعيف والتجربة قليلة والضرائب باهضة واليد العاملة غائبة ولا ثقة فيها وغيرها من المسوغات ليثني أباه عن الفكرة التي ستحرمه من شق طريق الهجرة، بل وليطمئن أباه أخبره أنه سيشترك مع أحد زملائه في نفس المهنة وأنهما وضع الخطط الكفيلة بنجاح التجربة وحددا السلع وأعطى لأبيه ضمانة أن الربح في التجربة الأولى كفيل باسترجاع ثلث رأس المال المرصود.
ابتسم الأب لدهاء ابنه لذلك عزم على دعمه بكل مجهوداته وتلبية المتطلبات المادية للمشروع والتي حددها الابن في ثلاثة ملايين، لقد استلفها الأب من أحد أصدقائه واعدا بإرجاع ثلثها بعد شهر على أبعد تقدير.

*******************
هل يبكي البحر حزنا ؟
أم يفجر دموعه ابتسامة وفرحا ،أم مصيدة لإلتقاط ضحية جديدة ؟
إنه يفرز دموعا بيضاء مالحة تخرج من غير مقلات، وبلغة خاصة، بأنين لا ينقطع وأزيز متميز عن باقي المخلوقات.
البحر, هذا المخلوق العجيب ،هذا العالم الشاسع ،والفضاء الرهيب ،الغامض الشاسع, مجال للجميع ،مقر للأحياء وللأموات ،ملجأ للإنسان وللحيوان ..
تختلط فيه كل الألوان، يبدو أزرق في البداية لكنه يخفي ألوانا أخرى الأبيض الأزرق البني..وكما يحتفل بألوان الطبيعة، فهو يختزن ألوانا للمتعة، وللعذاب، مكان للإغتناء السريع، لكنه معبد للموت كذلك، وخزان شاسع للجثث التي طالما قرأ عنها في الجرائد، وتتبع لقطاتها المرعبة على شاشات القنوات الفضائية .
الأمواج تتلاقح، تتنوع تصرخ بأعلى صوتها، ترى ماذا تقول ؟تصارع بعضها البعض فيتكسر الضعيف منها ويواصل القوي المسار تماما مثل الدول الكبرى والصغيرة، ويسأل ذاته:هل أنا القوي أم الضعيف،لكن ما دام أنني قطعت أشواطا حتى وصلت إلى هنا فقد اعتبر نفسي قويا وضعيفا في آن واحد .
هل تكسر الأمواج يحيل لتكسر الأحلام وإعدام الآمال في هذا الزمن المقيت.؟
من بعيد لا أحد هناك إلا الزرقة تكتسح الأرض والسماء فتفصل بينهما الشمس بخطوط صفراء، حينها تتشكل لوحة تشكيلية رائعة، لوحة بنفسجية جميلة كثيرا ما حلم برسمها حين كان على المقعد الدراسي.
والرمال تستقبل بحرارة المحارات الجميلة والأحجار الكريمة والجثث المتعفنة أيضا العارية منها والناقصة من أطراف عدة.
الصخور علامة على الصمود هنا فهي لا تجرفها الأمواج على خلا فالرمال.
من حين لآخر يمر أحد هنا وآخر هناك طبعا من يكونون ؟هل حالمون بالهروب مثلي ؟أم أصحاب الحال يتجسسون على الشبكات المختلفة التي تتاجر في أجساد البشر بثمن زهيد لا يضاهي القيمة الحقيقية للإنسان.
هنا الغابة يختفي فيها الجميع من الطير السريع إلى الإنسان مرورا بالحلزون، لكنها غير مثمرة لا فواكه بل ولا ماء وإن كانت تمنح لمضيفها ظلالا وارفة يتقي بها حرارة الشمس الرهيبة ولعنة المطاردة التي أصبحت تشكل رعبا حقيقيا يسكن جوانح المستعدين للسفر.
الرياح تهب أحيانا فيشتد البرد ترتفع الأمواج الملعونة، حينها يدرك الجميع بتلقائية عجيبة أن زمن الرحيل ما زال بعيدا، فكما صرح القائد أن جدنا طارق بن زياد لم يعبر البحر إلا بعد أن هدأت الرياح والأمواج وكان الجو معتدلا وكل إجراءات السلامة اتخذت ويجب أن نقتدي بطارق إذا كنا نريد عبورا سليما لاغبارعليه، المساكين لم يعرفوا طارق وماذا يرمزإليه قائد الموقع بل ظن أنه يزايد علينهم لنصدقه وليوهمنا بمعرفته الجيدة بتضاريس التاريخ والجغرافيا، فكر رشيد في مجادلته لكن تراجع في آخر لحظة احتياطا من نرفزات أثناء النقاش تعرف على سلبياتها وآثارها الوخيمة كثيرا في الجامعة.
لكنه وليستهزأ به أصبح يلقبه بطارق وهو ما ارتاح له الربان العين الذي يشكل صلة وصل لإمتصاص دماء المعطلين والفقراء الحالمين بغد آخر، وارتاح صاحبنا للوصف ووجده لقبا جديدا للمناداة عليه لأنه أصلا لا يعرف له اسم احتياطا من تحقيقات الشرطة ذات يوم، ولأن كان الفرق شاسعا بين طارق يريد نشر نور السلم والسلام على مجتمع جاهل وطارق القرن العشرين الذي يريد نقل البشر كما تنقل الخراف الأسترالية من قارة لأخرى لإستخدامها في تطوير وتدعيم اقتصاد غرب يحاربنا يوميا وينعتنا باللصوص والمتخلفين والأشرار ويغرس هذه المبادئ في ذهنية أطفاله في وسائل الإعلام والشارع العام.
هنا لامتاجر ولا مقاهي، فكل شيء بضعف الثمن الحقيقي، الخبزة البسيطة تصبح 3 دراهم وعلبة السردين 6دراهم، إنه اقتصاد آخر، في ظرف حرص حرس طارق الثاني منع المرشحين للهجرة السرية من التنقل خشية انكشاف أمر العصابة إلى الأمن نرغم أنهم كل من موقعه ساهم في ضمان الإجراءات الأمنية من شراء ضمير القائد المكلف بتمشيط المنطقة الىقائد الدرك هناك ....
لكنهم يدركون أن تصارع الأجهزة الأمنية ومحاولة كل واحدة الظهور المتميز على الأخرى تفرض عليهم نمطا خاصا والتعامل مع الجميع بلغة الرشوة المعروفة وغير مسعرة بل ترتفع الأسعار وتنخفض حسب الظروف والوضع العام في البلاد.
الهواتف النقالة لا تتوقف عن الرنين ورغم غياب الكهرباء فقد فرض على أصحابها تشغيلها في وقت وجيز وخاص متفق عليه مع عائلة أو أصدقاء المتحدث، وإذا فرغت شحنتها فإن شحن البطارية وشراء بطاقات التعبئة يتم عبر حرس طارق وبأثمان خاصة، إنه قطاع خاص للخدمات هجراطيل.
ملت المجموعة الانتظار، لكن طارق كان يواجههم بالواقع "لقد انتبهت لحالة الطقس كثيرا لتحديد الموعد لكن تجري الرياح بما لا نشتهي فمصلحة الأرصاد تضلل كل من يصدق نشراتها ".
راديو واحد هو المتوفر اصطحبه أحدهم لأن تجربته الفاشلة في السنة الماضية علمته أنه الوسيلة الوحيدة لتزجية الوقت ،وإعدام الزمن هنا ،ناهيك عن مواصلة الإرتباط بالعالم الخارجي حتى لا يصبحون كأصحاب الكهف ،استغلوا الفرصة فكانوا ينصتون كثيرا للإذاعات الإسبانية وإعادة الكلمات غير المفهومة للتدرب عليها ولو مؤقتا.
هنا الطيور تواصل تحليقها، تؤنس وحشة الغرباء، وتشعرهم أنهم مازالوا في الحياة الطبيعية، رغم اختلاف المظاهر تغرد وتشقشق، من فرط الظروف والفراغ حفظ رشيد أصواتها العذبة، بل بدأ بالربط بين أصواتها وحركاتها لعله يتفهم لغتها الخاصة التي استوعبها سيدنا سليمان في غابر الأزمان، تنفتح أجنحتها، تحط هنا وهناك، إنها تتمتع بها على خلاف الأجنحة المقصوصة لهؤلاء الذين ينتظرون هنا.



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش من دفاتر الأحزان
- حوار مع المبدع المغربي أحمد الكبيري
- اغتراب الغربة 6/15
- قراءة في رواية المبدع المصري -بورتريه لجسد محترق-2/2
- تيهان
- قراءة في رواية المبدع المصري -بورتريه لجسد محترق-1/2
- 4/15اغتراب الغربة
- اغتراب الغربة
- في ذكرى النكبة
- اغتراب الغربة 2/15
- اغتراب الغربة 1/15
- الخريطة الدينية بالمغرب من خلال صناعة النخبة بالمغرب
- نخبة النخبة بالمغرب
- العطب المدني والثقافي في المجتمع المغربي من خلال صناعة النخب ...
- الأحزاب المغربية ومتاهات السياسة من خلال كتاب صناعة النخبة ب ...
- البدون التائه
- قراءة في كتاب صناعة النخبة بالمغرب للكاتب عبد الرحيم العطري
- تساؤلات حزينة
- التقرير العام للملتقى الأول للمرأة
- رسالة إلى مثقف


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اغتراب الغربة 7/15