أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير محمد ايوب - أمُّ هارونٍ - سوقُ نِخاسةٍ البائعُ فيه تابِعٌ -














المزيد.....

أمُّ هارونٍ - سوقُ نِخاسةٍ البائعُ فيه تابِعٌ -


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 6562 - 2020 / 5 / 12 - 10:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب الدكتور سمير محمد أيوب

سبحانَ مَنْ مَنح الياسمينَ شيئاً مِنْ عبَقها ، ومن أشاع في جبال السلط شيئا من خضرة عينيها ، ومنَحها الكثير من عنفوانِ الكرك وعكا . صديقةٌ تجاوزتِ الأربعين بأكثرِ مِنْ مئة شهر. زاهدةٌ غيرَ مُتَطلِّبَةٌ . يمامةٌ زرقاءٌ ، تُحسنُ رؤيةَ ما يَخفى لا ما ترغب به فقط . أفتقدها كلَّما شُبِّهَت لي نوافذ ٌ، أو غُلِّقتْ دونيَ أبوابٌ ، وكلما ابتدأتُ مناوشةً في حربٍ . فهيَ مِعطفي وسَيفي وكِنانتي وجعبةُ الرصاص وضابط ُالرِّماية .
لحفظِ ضالَّتنا فيما نؤمن به معاً ، إعتدنا بين الحين والآخر ، أن نطلبَ حقَّ اللجوء إلى طُهرِ البِدايات ، في أكثر مِنْ غارٍ مُطلٍّ على فلسطين ، مِنْ أمِّ قيسٍ في شمال الأردن إلى العقبة في أقصى الجنوب . نسري إليها ونَهْجرُ الكثيرَ من أنفسنا . ونغالبُ كبرياءَنا ، لنتجرَّأ على واقعنا ، ونصطادَ شمسَ المغيبِ ، أونشاغلَ قمرَ المُنتصف ، أونُعيدَ الحياةَ لبعضِ نجومِ الظُّهر .
قبلَ حوالي شهرٍ ، مسَّني دنسُ مُسلسلِ "أمِّ هارون " بالكثيرِ مِنَ الهَوان . إزدحمتُ بغضبٍ حزينٍ . فاتَّصَلْتُ بها واتفقنا. جَرْجَرْتُ خِذلانيَ . وأسْريتُ عصراً إلى ربيعِ وادي شُعيب غربي عمان . إلتقينا في ظلال شجرةِ توتٍ ضخمة ، مُثقلةً بِكبوشِ التوت . تُزيِّن الكَتِفَ الأيمنَ للشارع الهابط إلى الأغوار . إستَقْبَلَتني هاشَّةً باشَّةً ، وعيناها تسأل ُ بِقلق : أراكَ َمُثْقلاً بالهمِّ ، ما بالُكَ يا صديقي ، ما الجديد ؟
وأنا أتَّخذُ ليَ مَقعداعلى صخرةٍ قُبالتَها ، أجبتها وظل ابتسامة تُزَنِّر وجهيَ : مع شمسِ كلِّ يومٍ بِداياتٌ لأملٍ جديد . وفي عَتمِ كلِّ ليلٍ ، حُزنٌ جديدٌ مُرهِق . ألأجَدُّ ، قلقٌ وحزنٌ وغضبٌ ، تسلَّل مؤخَّرا بلِا رحمةٍ إلى قلبيَ وعقليَ ، أخافني وأفقدَني الكثيرَ من الطمأنينة .
سألَت ْوهي تُشعل لفافتها الأولى : في أيِّ سِياقٍ هوَ ؟
قلتُ وجَسدي مُنحنٍ إلى الأمام باتجاهها : هالَني منذ أيام ، كغيريَ منْ شرفاء الأمة ، منظومةُ سكاكينٍ تَستظلُّ العروبة َ، تطعنُ الصدرَ الفلسطينيَّ بعلانية وقِحةٍ ، بعدَ أن كانت بالغدر تغرس سِرّاً في الظهر . أذهلني جديد تلك النِّصالِ المعتوهة : " فلسطين لليهود ، ولا حق للفلسطينيين فيها " . إجتاحني رُعبٌ أخلاقيٌّ ووطني من قادم سوق النِّخاسة . فقد تخطى البائعُ فيه والتابعُ والمستثمرُ مِنهم ، مرحلةَ العمالةِ المُمَوَّلة ، إلى النفخِ في أبواقٍٍ تُحاولُ بالسُّخرةِِ إعادةَ كتابةِ التاريخ ، بطريقة ٍمُشوَّشة ٍتَخدُم أسيادهم . يتمادون في التَّنكر لقدسِ أقداسِ الأمَّة ، والتشويشِ على عذاباتِ الجبَّارين فيها ، يتواقحون في تشويه نضالهم ، بباطل الشتائم وفتاتِ الشُّبهات .
ولأنّي كغيريَ مِنَ المؤمنين بأنَّ العدو الصهيوأمريكي ، ما اعتاد الصيدَ إلاَّ وكل كلابه معه ، ولأننا نقرأ الوطنَ في المُحَصَّنِ منْ دمِ الشهادة ، الذي تسامى إلى ذُرى الوجود ، لا ما سُفِح من دمٍ في أسواق النخاسة ، ولا ما انحدر منه في مستنقعاتِ المصالح العدمية ، سنبقى مؤمنين بأنَّ حرَّاسَ أرضِ الأنبياء أوفياء . ولنْ تهونَ على عربي حُرٍّ شريف .
وقد سقط القناعُ تلوَ َالقناع ، وانحسرَ الكثيرُ منََ الوهمِِ المُتذاكي ، جئتُ أسألكِ بقليلٍ منَ السَّذاجة الحَذِرة : وقد صبأ أكثرُ مِنْ حَنْثَلةٍ عربي ، أينَ صواعقَ طيورِ الرَّعد ، أين عصا نبيُّ الله موسى ، لتلْتهم هذا الإفكَ ، وتردعَ المستثمرين المعتوهين فيه ؟!
وبوجعٍ مُحتارٍ ، جِئتُ بلا سذاجةٍ أسألُكِ ، عمَّن نلوم في هذا التشويش لبيع الوعي ، وبِمَن نبدأ ؟ أنلوم العدوَّ الذي كتب العُواءَ ولَحَّنهُ وبرمَجه ؟! أو نلومَ الرعاةَ الإقليميين ، والمُوجِّهين القُطْرِيين ،وضباطَ الإيقاع منهم ؟! أو نلوم المُتنكرين ، المُنقلبين ، المُنسلخين ، الصامتين والعاجزين ، فيما يُسمى ظُلماً بالسلطة الوطنية الفلسطينية ، وفصائلِ وفسائلِ منظمة التحرير ؟! أو نلوم مَنْ في قطيعِ اوسلو من أرامل وأيتام ولقطاء ، ممن يحاولون تغطية شمسَ وأقمارَ الثورة ، بغرابيل الكذب والتدليس والاستخفاف في حكاوى تأجير البنادق ، توطئة ًلِمُصالحاتِهم للوهم وللغدر ، وتفيؤ ظلال المحتل ، إبتَْعَدوا كثيرا يا سيدتي ، وما إقتربوا مِنْ شيء ؟!
كيف وصَلْنا إلى هُنا ؟! كيف سَقطْنا في امتحانات الجدل المُحتدم منذُ طُهرِ البدايات ، بين غُبارِ الخنادقِ وعِطرِ الفنادق وآهاتِ النضال الزّاني ؟!
تابَعْتُ أسئلتي وهي تنفث بتوتِّرٍ ظاهرٍ دخانَ سيجارتِها الثانية : هلْ شاركَ العبث الرسمي الفلسطيني ، في التأسيس تعمُّدا لهذا العبث , وتكثيره وإشاعته والاستثمار فيه . هل قصَّر المناضلون وشاركوا في الخديعة الكبرى ، أم أنَ التآمرَ وحده ، هو من داهمَهم وفرضَ توابعَه المباشرة وغير المباشرة عليهم ؟!
وهيَ تنهضُ ، أطفأت لفافتها الثانية بقدمها . واتجهت ‘لى سيارتِها، لإحضار عدَّةِ القهوة ، وقالت وهي تلتفِتُ إليَّ : نحن في اليوم الأخير من شعبان المبارك ، هات يدك لِنُعِدَّ لأنفسنا طاسةً من القهوة على نار الحطب . بعدَها ونحنُ نُطلُّ مِنْ هُنا ، على قبابِِ القدسِ نتلمَّس ُمعا أجوبةً لأسئلتك .
ألاردن - 11/5/2020



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا أمة تضحك من جهلها الأمم المسؤولية المجتمعية اهتمام ايجابي
- المراجعة والتراجع والرجوع في الحب عشوائيات في الحب – العشوائ ...
- خِذلانٌ لا يَصدأ عشوائيات في الحب – العشوائية 29
- ملامح وأقنعة عشوائيات في الحب العشوائية 28
- جدلُ الركودِ والتحرك في الحب عشوائيات في الحب – العشوائية 27
- جدل القلب والعقل عشوائيات في الحب - العشوائية 26 إ
- يا أمة تضحك منْ جهلها الامم إنه الله ، يا عشاق الحياة
- الحب الصاخب عشوائيات في الحب – العشوائية 25
- البشرية بين مَوتٍ وبائيٍّ ، وأنانيةٍ أعقد يا أمة تضحك من ج ...
- رب ضارة نافعة يا امة تضحك من جهلها الامم
- تورُّمُ الشَّراكات عشوائيات في الحب – الثالثة والعشرون
- بعضُ الحب مُؤذٍ عشوائيات في الحب – العشوائية 22
- سَلَفِيَّةٌ في الحب عشوائيات في الحب - العشوائية 21
- وكما انت تعال ... عشوائيات في الحب – العشوائية العشرون
- إبْحَثْ عنِ امرأة عشوائيات في الحب - العشوائية 19
- حكاية بِرٍّ
- وحْدَها تَعْرِفُ ... ! عشوائيات في الحب – العشوائية 17
- إنها صَفعةُ القرن ، يا أمة تضحك من جهلها الأمم
- نَحْلُ الحب وذُبابه عشوائيات في الحب - العشوائية 17
- لا عزاء لأغبياء الامة ولا لحمقاها يا امة تضحك من جهلها كل ا ...


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير محمد ايوب - أمُّ هارونٍ - سوقُ نِخاسةٍ البائعُ فيه تابِعٌ -