أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 5














المزيد.....

بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 21:00
المحور: الادب والفن
    


بينما استعادت ليلو رونقها على أثر الوضع، كانت هالة من القلق تحلّق فوق رأس رجلها وتسبب له الأرق ليلاً. لأول مرة منذ زواجه، قبل خمسة عشرة عاماً، لا يُتشاور مع شريكة حياته في أمر مصيريّ. كذلك لم يبتعد عنها مرة قط، في خلال تلك الفترة. في المقابل، كانت الأزمة، المعجّلة في رحيل الأسرة عن الشام، دافعاً لهما كلاهما لمزيد من التقارب. لقد عادت ليلو مؤخراً للخياطة، لأجل دعم دخل الأسرة. إنتاجها من الثياب الجاهزة، كانت تباع في متجره ومتاجر غيره في السوق. بما حبيت به من ذكاء، فطنت إلى أنه يخفي عنها شيئاً مهماً. إذ لاحظت تجنبه الاجتماع بها منفردين، بالأخص في أيام الجمعة، حيث يفضل قضاء جانب من الوقت نهاراً في المسجد وليلاً في مضافة العمدة. ثم آبَ إلى عادة المكوث في ديريك طوال أيام أسبوع العمل، وذلك بعيد قدوم الشتاء بثلوجه المتراكمة على طرق السفر.
حيرته في أمر المعضلة العائلية، واجهته على أثر مراجعة شيخ العشيرة العربية بخصوص قطيع الماشية، المسلوب من لدُن قطاع الطرق. الشيخ، أبدى استعداده لإعادة المال لعليكي ما لو رضيَ أن يكون صهره. في بادئ الأمر، فهمَ هذا الأخير أن الشيخ يرغب بالاقتران من ابنته. لما أوضحَ له أن الكبيرة ( ريما ) لا يتجاوز سنها السبع سنوات، ضحك الرجل وقال: " بل أنتَ من ستتزوج ابنتي، لأنني لن أجد شخصاً بمثل رفعة أخلاقك وشهامتك ". طلبُ الرجل، برغم وضوحه، جعله مشوشاً تماماً. فمن جهة، أنه طلبٌ كريم لا شائبة فيه. ومن جهة أخرى، أنه لا يستطيع الرفض وذلك لكونه استلفَ مبلغاً جسيماً من تجار السوق من أجل شراء قطيع الماشية؛ وكان المفترض حصولهم على مالهم بمجرد بيع القطيع.
" أحضرْ حالاً الشيخ لكتب الكتاب. لكنني لن أدخل بالعروس قبل الشتاء، وذلك بسبب لا أستطيع شرحه الآنَ "، رد عليكي على شيخ العشيرة. هذا الأخير، أعطى عندئذٍ موافقته دونَ أن يستشير ابنته في الحالتين.

***
الشتاءُ قدِمَ، إذاً، وكان على عليكي، المتحرر من ديون التجار، تحرير ذمته فيما يتعلق بالمرأة الجديدة. بدلاً عن التوجه إلى منزل أسرة هذه الأخيرة، الكائن في ماردين، تريث لحين وضع امرأته القديمة في الصورة. كان الوقت بعيد العشاء، والثلوج في الخارج جعلت الطبيعة جملة والحدة ملتحمة من الصعب تمييز مفرداتها. في حجرة النوم، أينَ قررَ الاعتراف لامرأته بوجود ضرة لها تنتظر ليلة الدخلة، كان نور مصباح الزيت يضاعف الأشياء بظلال تبدو كأنها نقوشٌ متحركة في لوحة حجرية. لكن السماء كانت صافية، بحيث لاحت النجوم كأنها مرسومة على زجاج نافذة الحجرة.
" في فمك كلام عتيق، وأنت تظن الآنَ أنه اختمرَ وحان وقتُ صبّه "، بادرت ليلو للكلام. لم يُدهشه حدسها، هيَ من اعتادت قراءة أفكاره. حاد بصره عنها إلى ناحية النافذة، وما عتمَ أن تمتم مؤكداً الجملة الأخيرة من قولها: " بلى، حان الوقت حقاً! ". ثم ما لبثت الكلمات أن سالت من فمه، لتوضح ملابسات عقد قرانه بابنة شيخ العشيرة العربية. برغم قلة النور في الغرفة، لاحَ ما طرأ من تغيّر على ملامح ليلو. لم تتمكن من ضبط أعصابها، وسرعان ما قاطعت كلامه بنوبة جياشة من البكاء. ألقى عليها نظرة حنونة وأراد مواساتها، لكنها رددت منتحبة: " لقد كسرتَ قلبي.. كسرته! "
" لا أريد تبرير ما فعلته، وفي الوسع نقض كلمتي دونَ ندم "، قالها متأثراً.
استعادت نفسه بسرعة، فقالت: " لا، ليسَ من السهل فعل ذلك. لأنهم عرب، لن يتورعوا عن الغدر بك رداً على ما فعلته بكرامة كبيرهم "
" إذاً أدخل بها، وفيما بعد أهجر مضجعها حتى أجعلها تطلب الطلاق "
" حرام فعل ذلك، لأنها لا ذنب لها في الأمر "، خلصت هيَ إلى نتيجة مرضية. ما أبطأ في التعبير عن ابتهاجه، فقال وقد هبطت الطمأنينة على نفسه: " ليمنحك الله بقدر قلبك الكبير، وليعنّي أن أكونَ كما عهدتِ مني كزوج وأب ".
هكذا لم يتغيّر شيءٌ في شأن وعد عليكي لأبي عروسه. فما هيَ إلا بضعة أيام وأتت العروس إلى القرية، محملة على هودجٍ، محاط برجال القبيلة ممن راحوا يُصارعون طلائعَ العاصفة الثلجية. العروس ( وكان اسمها: ثريا )، مُنحت حجرةَ الصبيّ الكبير، وكانت مطلية بالجير الأبيض مذ تم فصلها عن الإسطبل. سبعة أشهر على الأثر، وسيحظى عليكي بصبيّ من امرأته العربية. كمألوف العادة، كان يفكّر باسم كرديّ جميل. لكن امرأته بادرت للقول برجاء: " كان لديّ شقيقٌ وحيد يكبرني، توفيَ بسبب سقوطه عن الخيل. كان يُدعى محي الدين، وأرغبُ أن يأخذ ابني اسمَه ". نزل عليكي عند طلبها، ومنذئذٍ صارَ ابنهما يُدعى اختصاراً " حِدّو ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 4
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 3
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقية الفصل الثاني
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 2
- بضعة أعوام ريما: الفصل الثاني/ 1
- بضعة أعوام ريما: بقيةالفصل الأول
- بضعة أعوام ريما: الفصل الأول/ 2
- بضعةُ أعوام ريما: الفصل الأول/ 1
- حديث عن عائشة: الخاتمة
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ بقية
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل العشرون/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل التاسع عشر
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 3
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل التاسع عشر/ 1
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن عشر


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بضعة أعوام ريما: الفصل الثالث/ 5