أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاجر منصوري - بين المحنة ورهان تفعيل حقّ حريّة التعبير والمعتقد














المزيد.....

بين المحنة ورهان تفعيل حقّ حريّة التعبير والمعتقد


هاجر منصوري

الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 01:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



انفتحت منافذ المحنة القديمة الجديدة لحرية التعبير والمعتقد عندما شاركت " آمنة الشّرقي" ذات 26 سنة يوم 4 ماي 2020، على صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي صورة وُصفت بـ"سورة كورونا" تمّ فيها محاكاة شكل الآيات القرآنيّة. ودفعتنا معها دفعا إلى أن ننفذ إلى اختبار لنا نحن المواطنين/ات على مستوى علاقاتنا ببعضنا البعض، فضلا عن اختبار الدّولة ذاتها على مستوى مدنيّتها التي تقتضي منها حمايتنا والمحافظة علينا جميعنا بغض النظر عن اختلاف انتماءاتنا الفكريّة أو الدينيّة أو القوميّة أو المذهبيّة...
الاختبار الأوّل ومحنة المواطنة: نختبر في تدوينة آمنة الشّرقي مستوى قبولنا للآخر فكرا وتمثّلا ونقدا ومدى تواصلنا وتفاعلنا معه مهما كان اختلافه عنّا. فقد يرى البعض في التدوينة أنّها لا تتضمّن إساءة للمقدّسات وأنّها وردت في صيغة محاكاة طريفة وساخرة لأسلوب النص القرآني لا تخلو منها أشهر الآثار الأدبيّة قديما وحديثا. وقد لا يستحسنها البعض الآخر ويكتفي باستغرابه ممّا أتته. وقد يبلغ الأمر بالآخرين إلى اعتبارها "تحريفا للقرآن واستفزازا لمشاعر التونسيين" لا سيما وأنّها صدرت في شهر رمضان، بل ويدفع بهم غضبهم إلى رمي صاحبة التدوينة بكلّ الرذائل والنعوت الذميمة. ولكن حينما يبلغ بهم الأمر إلى تكفيرها وبعث رسائل تهديد وتحريض على قتلها، فذلك ما يتنافى مع مفهوم المواطنة التي تستدعي منّا الاعتراف بأن لكلّ واحد منّا كيانه المستقلّ وقناعاته الخاصّة ومن حقّه أن يعبّر عن آرائه واختياراته الشخصيّة، وما علينا إلاّ القبول بذلك أو التحاور معه في كنف الاحترام والحجّة والبرهان دون التحريض على العنف اللفظي أوالمادي.
الاختبار الثاني، ومحنة مدنيّة الدولة: الدّولة ذاتها بمؤسّساتها وهياكلها تختبر من خلال التدوينة مدنيّتها والفصل السادس من دستورها الذي تمّ إقراره سنة 2014 وينصّ على أن "الدولة راعية للدين، كافلة لحريّة المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينيّة، حامية للمقدّسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي". ولكن باسم الفصل ذاته قرّر القضاء التونسي يوم الإربعاء 6 ماي 2020 ملاحقة المدوّنة بتهمة " المسّ بالمقدسات والاعتداء على الأخلاق الحميدة والتحريض على العنف". وقد تدخّلت الشرطة العدليّة بعد استشارة النيابة العموميّة باستدعائها في 5 ماي. ومثلت بالفعل أمام النيابة العموميّة بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة دون أن تحضر معها محاميتها إيناس الطرابلسي، إذ منعت من مرافقتها في الجلسة ومن حق الدفاع عنها كما استجوبها سبعة من ممثلي النيابة العموميّة، وفي جميع ذلك انتهاك واضح لحقّ المدوّنة في محاكمة عادلة. وستمثل مرّة أخرى أمام الدائرة الجنائية في المحكمة الابتدائية بتونس في 28 ماي.
ويبدو أنّ ما بدر من القضاء التونسي في التعاطي مع قضيّة المدوّنة انطلاقا من التهمة الموجّهة لها ثمّ تدخّل الشرطة العدليّة وطريقة الاستماع والاستجواب يعدّ تنافضا هيكليّا وقانونيا تامّا وعنفا تمارسه الدولة ذاتها ضدّ مواطنيها/ تها. فالدولة ليس من حقّها أن تحاكم الناس بناء على معتقداتهم وآرائهم، وحريّة تعبيرهم وضميرهم. وما قامت به شبيه بمحاكم التفتيش لضمائر الناس، ومؤشر على استعادة سياسة القمع وتكميم الأفواه، في الآن الذي وجب فيه احترام حريّة التعبير والمُعتقد كأساسٍ للدولة المدنيّة والتصدّي لكلّ ما يعيق هذا المسار وينشر مظاهر العنف المعنوي والمادي عبر الآليّات القانونيّة المُتاحة.
ولا نريد أن " نهرم" من أجل رهان تفعيل "حقّ" حريّة التعبير والمعتقد الذي ظلّ حبرا على ورق الفصل السادس من الدستور أو مفهوما زئبقيّا تتلاعب به أطراف معادية للحريّات العامة والفرديّة وساعية إلى مأسسة الدين وفرض وصايتها على كلام الله وعلى الضمائر التي تتأوّله. وأعتقد أنّ هذا الحقّ الذي لا يوهب وإنّما يكتسب، يقتضي منّا فكرا تحرّريا يهدف إلى إحداث تغيير في العقليّات التي ما تزال ترفض الاعتراف بحقوق الآخر المختلف عن السائد فكرا ومعتقدا، ويستدعي من المجتمع المدني بمنظّماته الحكوميّة وغير الحكوميّة، وشخصياته العامّة الحقوقيّة والأكاديميّة والثقافيّة أن تسعى إلى تفعيل هذا الحقّ بالتنديد بكلّ المحاكمات التي تدين حريات التعبير والمعتقد والضمير، وتتصدّى إلى كلّ ما يجعلنا جميعنا نسخا مطابقة لأصل واحد لا غير..
وتظلّ نافذة تفعيل حقّ حرية التعبير والمعتقد ممّا يكفلها الدستور ولا مجال للمساس بها والتضييق عليها تحت أي ذريعة. فالعقول منحة واعتقالها محنة.. وتكميم أفواهنا نقمة على مواطنتنا ومدنيّة دولتنا.



#هاجر_منصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الاغتصاب وأنطولوجيا - الوجع- و-الوصم-
- -اللباس- زمن الوباء و -فتنة- فيروس الكورونا المستجدّ


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاجر منصوري - بين المحنة ورهان تفعيل حقّ حريّة التعبير والمعتقد