أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - تحولات فعلية بين الماقبل والمابعد















المزيد.....

تحولات فعلية بين الماقبل والمابعد


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 6560 - 2020 / 5 / 10 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحوّلات فعلية بين الماقبل والمابعد
تقتضي الدراسة الفلسفية لاشكالية ما بعد الكوفيد والصورة الجديدة التي سيكون عليها العالم من قبيل تغير تضاريس الاقتصاد العالمي ،و ركود بعض الدول وبروز موجات قومية لمعالجة الجائحة عبر انطوائية الدول واغلاق حدودها أو ما بدأ يُثار عن هيمنة النموذج الصيني الاشتراكي مقابل تراجع النموذج الأمريكي النيوليبرالي ؛ الاستعداد لهذا العالم الجديد .و بالتالي فهم المنطق الداخلي لعبارتي الماقبل والمابعد .إذ كما لو كنا في مفترق طرق .أحدهما يستوطن في الماقبل لعجزه عن سحب نفسه الى ما بعد هذه التفاعلات الساخنة التي تسببت فيها أزمة الكوفيد أو لنقل لعدم تهيئه للانتقال بسبب الصدمة أو غياب النزوع نحو الاستشراف والتخطيط الاستراتيجي.ولاننا سنتبادل الفهم إزاء هذه النقلة الغامضة ،لنذكّر ابتداء أن هذه الكلمة «المابعد»ليست جديدة في حقل التفكير الفلسفي .ولو أردنا تحقيبا دقيقا لعدنا الى اللحظة الكانطية
الماقبل والمابعد ،كانط نموذجا
أضحى انسان الحداثة ،بفضل اكتشاف الكوجيتو الديكارتي محور العالم ،مصدر اليقين الابستيمولوجي.المعرفة لم تعد متعالية وتقطن في العالم المعقول بل محايثة للذات المشرعة.
إن مزية كانط تكمن في وتنسيب حدود المعرفة عبر ملكة النقد كمقياس يضبط جغرافية العقل كحارس للحقيقة في بعدها التجريبي (الفينومان) وبعدها الحدسي (النومان).
هنا يغدو الماقبل كل معرفة قبل التجربة (معرفة محضة)و المابعد هي كل معرفة تنتجها التجربة(معرفة امبريقية).
لم ينتج عن هذا الطرح حسم الخلاف بين العقلانيين والتجريبيين عن مصدر واصل المعرفة ،بل وايضا إعادة موضعة الكوجيتو ووضع نظام معرفي جديد يهدف من منظور كانط الى «تجاوز أزمة الميتافيزيقا وتاسيس فلسفة تقتدي بنتائج الهندسة والرياضيات».
محصلة هذا المبدأ النقدي ،ان الانسان تحوّل من متأمل لذاته الى فعالية تقويمية تبحث عن الاسباب المعقولة للمعرفة مميزا اياها عن أخرى لا معقولة: ماذا يمكنني أن اعرف؟
السؤال هنا ينبني على تمفصل منطقي: هناك ما يمكنني معرفته وهناك ما لا يمكنني معرفته..أي أن كانط يضع لاول مرة حدود إمكان للمعرفة.
فهل نمتلكها نحن اليوم لنجزم بأن عالم ما بعد الكوفيد لن يكون هو ذات العالم قبل الكوفيد؟
الاشكال يحتدم خصوصا عندما يكون اليقين متفشيا لدى عامة الناس ليتساوى من يدري ولا يدري.
واذا كان لابد من الاستعداد لهذا العالم الجديد فهل شرعنا لاعداد عدتنا أم أننا ما زلنا نراوح ثقافة الابتذال التي تقوم على عقيدة عمشة في بيت العميان؟
إن المساهمة الكانطية كما جعلت العلم نموذجا للقول الفلسفي وقدوة له بعد أن كانت الفلسفة هي الموجّه للعلم ،فقد رسخت لنا حقيقة كونية عبّر عنها هيدغر بقوله:«لقد أضحى الفكر التمثيلي هو الموجّه الأكبر للفلسفة الحديثة».
نيتشه والمابعد
إن المسألة لن تتوقف عند هذا الحد لأننا سنجد أنفسنا ازاء عدمية الازمنة الحديثة التي اغتربت في السلطة فانتجت اغتراب الانسان عن ذاته .لجأ الانسان الى العقلانية ليتحرر من أسر الطبيعة والعالم فاذا به يقع فريسة التقنية والسلطة الانضباطية .إن هذا التحوّل الرهيب يصفه نيتشه بالعدمية الناقصة التي تبرر الانتقال الى ما بعد الحداثة.ولكن لتعلم أن هذا المفهوم ليس بالوضوح الكافي الذي يصير به متمحورا على معنى .يقول دافيد هارفي:«من المؤكد أن الجميع يختلف فيما يقصد بلفظة ما بعد الحداثة ،ما عدا احتمال أن يكون المقصود بها كونها تجسيدا لرد فعل ضد الحداثة أو انزياح عنها .وطالما استغلق علينا ما بعد الحداثة والتبس ،فان رد الفعل هذا المعروف باسم ما بعد الحداثة ،يظل هو الآخر مستغلقا وبكيفية مضاعفة».
هابرماس والمابعد
ورغم التجاعيد والالتباسات التي زخر بها لفظ المابعد لا سيما الماء قبل فقد ظهر كمفهوم كلي يحيل الى نظرة معيارية في الفلسفة السياسية بل إنه أضحى مع هابرماس مقياس الكوسموبوليتيكا.
ما عساه يكون الاتحاد الأوروبي غير كونه تتويجا لمرحلة ما بعد الدولة القومية!إن الكوسموبوليتيكا لا تكون واقعية إلا من حيث هي تنظير جديد يطرح نفسه كتجاوز للدولة - الامة،اي ما بعد الدولة القومية.ولانه ليس هناك استيفاء للأسباب المعقولة التي نبهنا إليها كانط بقي بناء هذا الكيان السياسي مجرد حلم يجابه كما لا متناهيا من العقبات.
الآن ليس من المحتمل أن تكون قراءتنا لعالم ما بعد الكوفيد يسيرة .صحيح أن ما طرأ يسمح بنقد النظام النيوليبرالي الذي اكتسب معايير الديانة التبشيرية بسعادة الانسان ،وهي لا محالة تبين انها زائفة،ولكننا ننبه أن المعنى الاستباقي للمابعد دون امتلاك للأسباب المعقولة وتمييز إياها عن الأسباب اللامعقولة يفوّت علينا فرص الاستعداد لهذا العالم الجديد ،بل أكثر من ذلك يدفعنا نحو بناء تصور لا يخضع للشروط الخاصة باستخدام المنهج (التفكير النقدي).
ومردّ ذلك يُعزى لكون التفكير في المابعد هنا هو نتيجة راديكالية لصدمة هزّت الإنسانية برمتها .وبالتالي فهي ليست موقعا فكريا مكشوفا بمعنى الحصر والتخصيص على العلماء والفلاسفة .من هنا يتناسل سوء الفهم الذي تتكافأ فيه مبادرة العالم أو الخبير بالسطحي والرويبضة.
وأذا كان التفكير في المابعد يتطلب ان نزيح القناع عن مثل هذا الزعم بأن ادراك صورة العالم الجديد يتقاسمه المتفلسف واللامتفلسف،العالم والحانق عن العلم .؛فإن هذه الخلخلة نراها ضرورية إذ بها نستعيد التناقض بين التفكير النقدي والتفكير الدغمائي الذي يكفر بكل فعالية تقويمية ونقدية.
عن كل ذلك ينتج السؤال التالي: أي علاقة يمكن أن تكون بين عالم ما قبل الكوفيد وما بعده؟
بدءا لا بد أن تنبني بوضوح فكرة التباعد بين العالمين.
أنا اسمح لنفسي لان اقول أن ذلك غير متاح للجميع ،دول وافراد.فنحن إزاء لحظتين لا تتطابق إحداهما بالاخرى رغم تماثلية مفهوم العالم المنشطرة بينهما .
إن اللاتجانس هنا إشارة غير قابلة للاختزال اطلاقا ضمن حقل محدد .إذ من البديهي أن الذي يتحدث بشغف عن عالم ما بعد الكوفيد لا يمكنه لوحده كعالم مختص أن يفسر لنا شيئا .لا بد انه قادر ان يقارب الأمر من زاوية ما غير أنه لا يقدر على الاحاطة بالتداعيات التي تنفتح عليها هذه المابعد لتشمل ما هو نفسي ،اجتماعي ،تربوي ،،اقتصادي ،سياسي ،..
هذا التمفصل بين مجمل هذه القطاعات البحثية يبدو ملتبسا .وبالتالي فان الشروع في عملية التفكيك باعتبارها مهارة واعية ،تظهر اللحظات الانفعااية والمؤثرات الاكثر ضرورة في فهم عالم ما بعد الكوفيد؛تبدو مرتبطة بجهد جماعي استشرافي.
إن الاستشراف غير قابل للتحقق ابدا من لدن ذات فردية وانما هو خلاصة جهد مراكز وخلايا تفكير .
في هذه المرحلة على الدولة أن تحاول اطلاق برنامج عمل استراتيجي يقوم على منطق جديد يناقض الارتجالية ومسايرة الآني نحو التخطيط والاستشراف.
يقودنا هذا الى توضيح آخر يتّصل بموضعة القمع الدائم للاختلاف..
إن ما يدوّن في دواوين الحكومة والوزراء وحتى رئاسة الجمهورية ،ليس سوى حركة لللعبة ذاتها التي تنتج حاضر بسيط يقوم على الولاء والتشكّل الزبوني الايديولوجي.وهي حقيقة نجدها سارية حتى في الاحزاب.
إن هذا هو ما نطلق عليه بالتساهل الاستراتيجي،اي تعيين الأقرب فالأقرب بدل الأقدر فالأقدر..وهي النقطة الراهنة التي تحتاج أكثر من غيرها للحسم.
إن الاحزاب والدول التي تحترم مواردها البشرية ،تمتلك خطاطة استدلالية للكفاءات بمعزل عن الامزجة والاهواء والحسابات الضيقة وعما يحتكمون اليه من مرجعية فكرية أو سياسية.لانها تدرك أن الاختلاف في نهاية المطاف له غائية وطنية .
هذه الحقيقة تستلزم متابعة التساؤل حولها .إن التساؤل سيكون كالتالي:
هل يمكننا ضمن الزمنية الحاضرة- التي تتهيّأ لمغادرة الماقبل والولوج الى المابعد- إعادة تشكيل فهم جديد للخبير والمختص كمرجع تركن له الدولة أو الحزب في لحظات دقيقة كالتي نعيشها الآن؟
من البديهي أننا لا نرنو هنا وبأيّ حال ،القيام بإغارة على ما لدينا من كفاءات في صلب الدولة على قلّتها .فهذه محاولة عابثة ومستحيلة في آن .ولكن منهجيا نمتلك يقينا مضادا في أفق الفعل السياسي الراهن بأننا لم نتجاوز بعد الحاجة الى الزبونية .وان قمنا بعملية تحويل آنية ويسيطة لن تخوننا الكلمات على نحو مفهوم التصحّر من معجم مركز الامن القومي الذي أضحى مجرد محفل بروتوكولي لادارة الازمات وصفحة أدبية لنص عام من سرديات الحكم غير الرشيد.
لنحدد باختصار المنطق الجدلي،وهنا اتوجه على الاخص الى أبناء حركة الشعب ،لما بعد الكوفيد الذي يتمفصل انطلاقا من سلسلة مفاهيمية أهم ما فيها:
- ادارة متخصصة ،تخطط ،تشتشرف خصوصا في ظل بروز القومية كسلاح ناجع ضد الجائحة
- اليقضة لمكتسبات الديمقراطية ،فبالقدر الذي اعتدنا فيه الحرية يتسيد في المابعد نظام رقابي هو الآن يحد من الحركة وربما لاحقا يكمم الافواه المكممة أصلا بالبافات.
- تفاقم المشكلة الاجتماعية في حال تلاشي 5 ملايين وظيفة في العالم العربي(حسب تقديرات منظمة العمل الدولية) وفي ظل أداء حكومي مريب لا زال حليب القطاع الخاص يجتذبه على حساب القطاع العمومي.
- الاختلاف الذي يكرس تبادلية الاضداد على قاعدة الولاء للحزب ،للوطن.
- الكفاءة التي تفكك عرق المحاباة المكبوت ضمن خطاب الايديولوجي بل دعني اذهب الى أبعد من ذلك لاقول خطاب قبلي عشائري ينفخ في الذات الفردية بدل المؤسسات.
- هل سنكون معا لاثبات ضرورة هذا اللقاء؟
من هنا تبدأ عملية اجتياز الماقبل صوب المابعد.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في خطاب السيد رئيس الجمهورية
- محاولة في اكتشاف المسارب الأنثروبولوجية للرعب الميثولوجي
- الرّعب الميثولوجي
- المشروع الوطني في تونس والسيادة الجديدة
- الانتخابات في تونس وسفينة المصالح بين جاذبية المشروع الوطني ...
- ثقافة بدئيّة نحو فهم حركة الشعب و المشروع الوطني
- الخيار الثوري و أزمة المسار الإصلاحي في تونس
- تونس والوجه الآخر للديمقراطية
- ملاحظات تمهيدية : تونس بين رهان التحديث ومأزق الهوية
- عن بعض خصائص الأزمة في مفهوم الدولة الأمة كهوية وطنية
- ملامح أزمة الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
- مفهوم الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
- مأزق الدولة الأمة ومعالم التمييز بين الهويات
- الفكر القومي بين رهان الدمقرطة و التكيّف الانقلابي القسري
- التخطيط الاستراتيجي العربي: مهمّة تحتجب خلف مصالح الدول
- المرجع الهووي و رنين ملاعق التطبيع
- التفجير الإرهابي بشارع حبيب بورقيبة: رسالة مشفّرة تحتاج إلى ...
- المشروع الوطني لحركة الشعب و نظرية الثورة العربية
- المشروع الوطني لحركة الشعب: جدلية التفاعل بين الديمقراطية و ...
- حركة الشعب : الناصرية في تونس و أسس المشروع الوطني


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - تحولات فعلية بين الماقبل والمابعد