أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - رائد الحواري - كميل أبو حنيش -لعلي أعود نهارا















المزيد.....

كميل أبو حنيش -لعلي أعود نهارا


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6559 - 2020 / 5 / 9 - 23:45
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


كميل أبو حنيش
"لعلي أعود نهارا"
من يتابع ما يقدمه الشاعر كميل أبو حنيش، يجد فيه قدرة على تناول أكثر من موضوع، وهذا ينعكس على اللغة، فمخزون الشاعر اللغوي يستطيع أن يتألق أينما وفيما كتب/تحدث، اللافت في هذه القصيدة اللغة البيضاء التي يستخدمها الشاعر، والتي يفتتح بها القصيدة، فما أن يصل إلى ذروة، إلى النص الناصع، تبدأ القصيدة في الميل إلى الواقع، إلى لغة تتماثل وحال الشاعر، فيبدو وكأنه أخذ حاجته من البياض، لهذا استعاد وضعه، وأصبح أكثر قوة وقدرة على مواجهته، وهذا (الانحراف/التحول) الطفيف لا يؤثر على بنية القصيدة، فتبقى متماسكة وموحدة، محافظة على نسق الموضوع والفكرة.
وعندما يستخدم الشاعر لغة المتكلم/الأنا نجد مشاعره جياشة، تكون القصيدة لا يكتبها الشاعر، بل هي التي تكتبه، فتخرج لنا من خلاله، لكنها تكون كائن مستقل، يفتتح الشاعر القصيدة:
"أمدُ يدايَ إلى الأمنياتِ التي
خالجتني سألمسُ في الحلمُ ورداً
وأعشقُ هذا العبيرَ المدوي
وأصغي لناياتِ هذا النشيد
وأرنو طويلاً لذاكَ الجمالِ البهيِ.
أغزُ الخطى والمسيرُ
وأمشي وأمشي بتلك الدروب
التي توهتني فأصنع درباً جديدا"
الأنا حاضرة من خلال "يدي، خالجتني، سألمس، وأعشق، وأصغي، وأرنو، أغز، وأمشي، توهتني، فأصنع"، وإذا ما توقفنا عند هذه الأفعال نجدها مضارع، فالشاعر بها يرسم المستقبل، الأمل، وهذا بحد ذاته يحسب له، ونجد اللغة البيضاء في: "الأمنيات، الحلم، وردا، وأعشق، العبير، وأصغي، لنايات، النشيد، وأرنو، الجمال، البهي، فأصنع، جديدا"، فهذا البياض يشير إلى توحد الشاعر مع الحلم/ مع الأمل، فجاءت اللغة بياض وناعمة.
ونجد استقلال القصيدة عند الشاعر من خلال ثنائية الوصف: "الحلم وردا، العبير المدوي، النيات والنشيد، الجمال البهي، الخطى والمسير، وأمشي وأمشي" فهذا التكامل وتواصل في الألفاظ، يؤكد على أن القصيدة كانت قد نضجت في الشاعر، فلم يستطع إبقاءها محبوسة فيه، فخرجت لنا بهذه الشكل.
أول لفظ قاس كان توهتني" وكأنه بداية يقظة الشاعر من حلمه، لكنه ما زال مسمر في الحالم:
"بوقعٍ خُطاي وبعدَ قليلٍ سيولُد
في الأفقِ غيمٌ ويهطُل فوق
اليباب ويروي جفافَ الصحاري"
فالبياض حاضر في: "بوقع، اليباب، جفاف، الصحاري، فهناك حالة من الصراع السواد السابق وبين "ويروي"، لكن القصيدة تستدرك الشاعر، وتعطه اشارة بأنه أخذ (ينحرف) عن الحلم الذي يريد أن يكون بهيا ومستقل، لهذا تستعيد نغمة القصيدة البيضاء من خلال:
"وينمو الربيعُ ويحتلُ هذا المكانَ
جمالٌ بديعٌ فتنمو وتزهرُ تلك الأمانيِ
أحنُ فأصغي إلى الأغنياتِ التي
رافقتني طوالَ الغيابِ الثقيلِ
الذي نالَ مني وأرقص ُ في الوهمِ
فوقَ المروجِ وأذوي وأذوي"
فالبياض يأتي ناصعا وبهيا كحال الحلم تماما، فالألفاظ البياض: "وينمو، الربيع، جمال، بديع، فتمنو وتزهر، الأماني، أحن، الأغنيات، رافقتني، المروج"" تؤكد على هذا المسار الأبيض، وأيضا نجد ثنائية البياض من خلال: "جمال بديع، فتنمو وتزهر، فأصغي الأغنيات".
لكن أيضا يظهر لنا الواقع القاسي من خلال: "الغياب، الثقيل، نال، مني، الوهم، وأذوي" لكن تبقى الغلبة للبياض، من خلال كثير البياض الكامن في الألفاظ والمعنى العام للقصيدة.

ويرد الشاعر على الواقع/"وأذوري" بطريقة سريعة وخاطفة من خلال:
"سأغدو كبذرةٍ وردٍ تغورُ بقلبِ الترابِ
سأعرفُ أنَ الطريقَ إلى الابداعاتِ الجديدة"
سأغدو، سأعرف، فحرف السين يأتي بمعنى أسرع من الواو، وهذا يشير إلى أن الشاعر أخذ يصحو من "الحلم"، وأخذ يتصارع هو/الواقع والقصيدة/الحلم:
"يمرُ بموتٍ جميلٍ ويأتيكَ
فصلُ الحضورِ فيذوي الغيابِ
ويخضرُ هذا الجفافُ ويبعثُ
ذاكَ الحبيبِ كجرحٍ على لحنِ هذا النشيدِ..
الذي سوف يسفرُ مثلَ النهارِ
وترخي جدائلها في الهواءِ الحبيبةِ
فيحيا الحبيبُ الجريحُ ويشدو بتلكَ الأغاني
ألوذُ لصمتي وأبحثُ في الأحجيات
التي حاصرتني وأصغي طويلاً إلى داخلي
كي أرى خارجي وأفتشُ عن مفرداتٍ
تليقُ بهذا النشيدِ"
هناك استخدام عناصر الفرح/التخفيف المرأة من خلال: "الحبيب (مكررة)، وترخي، جدائلها، الحبيبة"، نجد الطبيعة في: "فصل، ويخضر، نهار، الهواء"، والكتابة/الفن من خلال: "لحن، النشيد (مكررة)، ويشدو، الأغاني" لهذا نجد البياض مطلق وناصع، فكلما ظهرت القسوة/السواد، سرعان ما تتقدم القصيدة لترفع الآفاق أمام الشاعر، فيغدو البياض هو سيد الموقف، فالواقع/الشاعر لا يستطيع أن يقف أمام حلم/القصيدة وخروجها كما تريد.
وهذا ما (اعترف به الشاعر في قوله:
"وأوشكُ أن أتلعثمُ حين أحاولُ
نطقَ الحروفِ التي دوختني
فأمضي إلى حُلمي ساهماً
مثل ظبيٍ صغيرٍ سأخبو وأخبو لكي
أتوارى وراءَ المجازي
وأشرعُ في داخلي بانتهاكِ السؤالِ
فأبدو بليداً وأعجزُ
عن فكِ لغزِ الإجابة عن أحجياتي
فتبدو النفوسَ امتثالاً مملاً
بسطوةِ تلكَ الرؤى والأحاجي"
وهذا أؤكد الشاعر من خلال: "اتلعثم، دوختني، ساهما، أتوارى، واشرع/بانتهاك، فأبدو/بليدا واعجز، فك/لغز" وهذا الصراع (الطبيعي) دائم ومستمر، تكون فيه الغلبة للخير، للخصب، فالفرح الذي يبقى الحياة جميلة وبهية.
تستوقفنا ألفاظ: "نطق الحروف، اتلعثم، السؤال، لغز، الإجابة، أحجياتي، الأحاجي ، شعرا" والتي لها علاقة بالكلام/ بالمعرفة، فالشاعر بها يريد القول أن صراعه صراع معرفي/مفاهيم، بمعنى أنه تجاوز الصراع المادي/الجسدي، وبهذا هو يرتقي بالصراع، فالصراع بين الشاعر/الواقع/ والحلم/الأمل صراع (فكري/منطقي).

يقدمنا الشاعر أكثر من الحلم/الحياة التي ينشدها:
"أتوق إلى الامسيات التي سهدتني
فأوقدُ شمعاً وأمطرُ شعراً
سينسابُ مثل السيول ويمضي
ويحملُ شوقاً صدىً الذكريات
التي داعبتني لأعرف أن النهارات
ثكلى وأن البلادَ التي عذبتني
بحب تكدس فوق الفؤادِ"
وهنا يتوحد الشاعر مع حلمه/القصيدة، ويتعرف ـ من خلال الألفاظ المجرد والمعنى ـ أن الحلم/الأمل افضل من الواقع/الآن، لهذا يستخدم عناصر الفرح، الطبيعة: "وأمطر، سينساب/السيول النهارات"، والكتابة/الفن: "سهدتني، شعرا، صدى" والحب/المرأة: "داعبتني، بحب، الفؤاد" وهذا يشير ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى رغبة الشاعر في الحياة، في الفرح.

ويختم القصيدة بقولة:
"وأهدت إليّ الصليبَ
فقد لا تجودَ عليّ بقبرِ لقلب
ثراها لكي أتلاشى وأنأى
بعيداً بعيداً لعلي أعود نهارا
ً وأكتبُ هذا النشيَد الجديد
بلا فاتحينا ولا معتدينا
ليغدو النهارُ الجميلُ
شبيهاً لتلك الأماسي"
نجد تأكيد الشاعر على أنه يأمل بالحياة والفرح: "ليغدو النهار جميل"، فقد تجاوز الواقع: "بلا فاتحينا ولا معتدينا" وبهذا تكون خاتمة القصيدة متوحدة مع فاتحتها، فالبياض حاضر: "القلب، أعود، نهارا(مكرر)، وأكتب، نشيد، جديد، فاتحينا، جميل" لم يعد هناك مكان للواقع بعد أن جاء الحلم/الأمل.
القصيدة منشورة على صفحة شقيق الشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عائلة من الروهينغا مصطفى القرنه
- ذاكرة ضيقة على الفرح سليم النفار
- رواية -صناء مدينة مفتوحة- محمد أحمد عبد الولي
- عالم الشاعر سميح محسن في مجموعة -غبار على مرايا البحر-
- إسماعيل حاج محمد وحروف المد
- تفشي الثقافة الهابطة والرجعية
- الفرح في رواية -من أنا- شذى محمد الشعيبي
- الفلسطيني والاحتلال في رواية -جدار في بيت القاطرات- مصطفى عب ...
- الثقافة الدينية في ديوان سدرة المشتهى إياد شماسنة
- -نحن الوباء وأنت يا ملك الملوك لنا الدواء-
- على سجادة من الغيم سامي الكيلاني
- الذات في ديوان أنا والشمس وبكين مصطفى القرنة
- كفايا عويجان الألفاظ والمضمون
- محمد كنعان والومضة
- مالك البطلي والومضة
- مكانة فلسطين في كتاب -رجال من فلسطين- عجاج نويهض
- الكلمة والحرف في -شهية فعل الأمر- ل فراس حج محمد
- البياض في قصيدة -البحر- منذر خلف
- التجديد في كتاب -ر- سعيد أبو ريحان
- مازن دويكات وتقديم الألم


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - رائد الحواري - كميل أبو حنيش -لعلي أعود نهارا