أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - ملاحظات ثقافية: مفاهيمنا للنقد بعيدة عن جوهر الثقافة















المزيد.....

ملاحظات ثقافية: مفاهيمنا للنقد بعيدة عن جوهر الثقافة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6559 - 2020 / 5 / 9 - 22:54
المحور: الادب والفن
    


*بعض ممارسي النقد لا علاقة بين نقدهم والنص!!*

نبيل عودة

حضرت قبل فترة وجيزة ندوة ثقافية، شارك بها عدد من المثقفين، بينهم شعراء عدة، ومنهم شاعر بدأ يكتب الشعر بعد تقاعده من سلك التعليم، اكتشف موهبته الشعرية بعد التقاعد. قال بعد ان قدم نفسه، أنه أصدر سبعة دواوين شعرية والثامن سيصدر بعد صيف. قرأ امامنا قصيدة غزلية من ديوانه الأول يعتبرها من أجمل قصائد الغزل حسب تأكيد خمسة ادباء، لم اسمع الا باسم واحد منهم، اعتبره لاعبا بلا جمهور.
شخصيا لا يؤثر على فلسفتي الأدبية الا انطباعي الشخصي من النص وليس الترويج الإعلامي السائد اليوم في ثقافتنا تحت عناوين مراجعات نقدية، وبصراحة لم اقرأ الا عناوينها خاصة لأسماء لم اقرأ ولا اعرف اسمائها، ولا اعرف اين تنشر وكيف أصبحت من كبار الكتاب والشعراء بفضل كتاب تحت صيغة نقد، كما يكتب البعض بلا وجل. واحدهم كتب بلا تردد ان القراء يحتفظون بقصائد شاعر ما التي تنشر بالصحف لحين صدورها بديوان شعري جديد له. أي تهريج لا حدود له، حتى لو كان شاعرا مبدعا لا يشق له غبار!!
من ذكرهم شاعرنا كمصفقين لشعره، لم اعرف منهم الا اسما واحدا في ثقافتنا، وهو ليس ناقدا رغم انه كتب بعض النصوص تحت اسم النقد. قد يكونوا من ذكرهم، متعمقين بالشعر وبحوره واوزانه وتاريخ الابداع الشعري. انا شخصيا احترم كل الآراء حتى التي لا اتفق معها. الحضور في الندوة، أثنوا على ما القاه "شاعرنا" في البداية، فطرب لهم. طلب مني ان أقول رأيي، وفضلت ان أبقى صامتا، لأني لم أطرب لشعره وغزلياته، حثني زملاء من المشاركين ان أقول رأيي، لان صمت نبيل عودة غير مفهوم. طبعا هذا حقي كمتذوق أيضا. رغم ان استيائي كان بلا حدود، الا أني وجدت نفسي اكسر صمتي بعد تردد، وأقول انطباعي السريع لما سمعته، وهو ليس حكما قاطعا على شعره بل راي شخصي تماما مبني على الاستماع لأول مرة لشعره.
احتراما للندوة والحضور وللشاعر فضلت الصمت، لأني لن أقول رايا مناقضا لمفاهيمي وذوقي الأدبي والفكري من اجل تسويق نفسي. لكني كسرت صمتي بإلحاح من زملائي، وربما أكون مبالغا في تقييمي السلبي، لأني اعتمدت على السماع وليس على النص المطبوع!
طبعا قرأ ايضا قصائد وطنية لم أجد فيها الا صراخا وشعارات فات موعد تسويقها. وهي من تيار ما يعرف بالشعر المنبري/ المهرجاني الذي لعب دورا سياسيا هاما في حياتنا السياسية والثقافية في أواسط القرن الماضي. لكن لكل شيء زمنه ومرحلته التاريخية، ونكهته التي تتعلق بظروف سياسية لم تعد قائمة، او عبرناها بنضال سياسي وثقافي واعلامي لم يكن سهلا وكان مكلفا لحريتنا حين صمت ادباء جيل الكهولة، المكتشفون لمواهبهم بعد ان طيرت العشوش فراخها!!
قلت في بداية ملاحظاتي أني سأقول رأيي وليعذرني على صراحتي، لي ملاحظة أساسية لا تتعلق بإتقانك للصياغة الشعرية وللغتك الممتازة. واضفت: قصيدتك الغزلية خطابية تفتقد للصور الشعرية ولرومانتيكية الشعر الغزلي. انت كمن يلقي خطابا ثوريا. ونفس الأمر قصائدك السياسية او الوطنية كما تحب ان تسميها. الخطابية قوية. اصارحك القول إنك لو القيتها قبل عقدين من السنين لصفقنا لك وحفظنا مقاطعها غيبا. عبرنا مرحلة ليست سهلة سياسيا وثقافيا. لا افهم ضرورة العودة بعد نصف قرن لما تجاوزناه ثقافيا وسياسيا.
قال انه يكتب الشعر الموزون الكلاسيكي. قلت موزون او غير موزون، كلاسيكي او عمودي موزون او منثور. ما استمعت له لا يثير أي انطباع جمالي او رومانتي. انت تعرف بشكل ممتاز بحور الشعر وتتحكم بلغة عربية ممتازة. لكن ذلك لا يقول شيئا، انا ناقد ذوقي ولست ناقد حسابات ومقاييس واوزان. انت تصرح أنك عاشق، وان معشوقتك جميلة، سحرتك، تسحر الحجر وتجعل القمر يغيب عندما تظهر، وانت تسجد لها خاشعا وادخلت تأوهات تذكرني بأيام مراهقتي. لا تتوقع مني ان أقول للأعور انه أفضل المبصرين. انا اطرح رأيي بصراحة واعرف أني ارفض ان اثني على نص لا ارى فيه ما يشعرني بجماليته. قرأ قصيدة اخرى سألته هل انت متأكد أن قصائدك تترك انطباعات جمالية لدي القراء؟ هذا أولا وثانيا اخي العزيز المنهج الشعري المشهور لشعراء المقاومة، وما أطلق عليه اسم الشعر المنبري او المهرجاني، انتهى زمنه ولا يمكن ان يتكرر لأن حضرتك اكتشفت قدراتك المنبرية بعد التقاعد، وبعد نصف قرن من مرحلة شعر المقاومة.
دار نقاش طبعا وتحدثنا باحترام وساهم عدد من الحضور بالحوار ومنهم شعراء معروفين تواجدوا بالندوة، لكني تفاجأت انه ينشر ردا على مقال نشرته بعدد من المواقع تحت عنوان "أنقذونا من هذا الشعر" كان عن موضوع الشعر وتحول نصف مثقفينا الى شعراء، ولم يهمني بما كتبته ان اذكر اسمه الشخصي، واصلا لم يكن مقالي شخصيا حوله. لكنه كان المحرك الذي اثار دافعي للكتابة الثقافية والفكرية والنقدية العامة. كان رده عشوائيا كشف اسمه وان ما كتبته هو عنه شخيصا، لا افهم سببا لكشف اسمه فانا لم اكتب مراجعة نقدية لديوان له لأسجل تفاصيل الديوان والشاعر. بل حوارا قد اغير رأيي لو قرأت ديونا له. وقد يكون الاستماع اقل تأثيرا من قراءة العمل. ما يهمني مضمون الانطباع من استماعي له بندوة، والفكرة التي طرحتها حول الشعر الغزلي والمنبري/ المهرجاني وليس عنه او عن شعره شخصيا ومباشرة. وموقفي المنشور لم يكن مباشرا ضده، بل هو ملاحظات عن واقع ثقافي وشعري لعله ينبه الأدباء لحقائق مختلفة لا بد من الانتباه لها. فلماذا اخذني عدوا وليس زميلا صريحا في آرائه ومفاهيمه؟ واضيف ان هذه الظاهرة ليست شخصية له، بل تسود ثقافتنا كلها، وكان ناقدا احترمه قد اتهمني بالكتابة عن ديوان شعر كتب مقدمته، باني صاحب النقد السلبي عن الديوان وانا لم اقرأ الديوان رغم معرفتي بصاحبه، وبعد الفحص تبين لي انه اسم ناقد الديوان اسم مزور (عرفت اسم الناقد بالصدفة بلقاء جمعنا بصالون ادبي في الناصرة لمته لأني تعرضت لهجمات بسبب نقده). ولم اشأ ان اطور النقاش الذي استفزني بلا وجه حق، والبعيد عن النقد وقتها، احتراما للناقد ولصاحب الديوان.
واقعنا الشعري للأسف مأزوم ويصح فيه القول: كثر الشعراء وقل الشعر!!
لم اكشف حين نشرت بوستا في الفيسبوك عن الندوة، قبل أكثر من سنة، عن اسم الشاعر. رغم انه شخصيا كشف اسمه بظن مريض ان هذا سيربكني لأنه شاعر هام او عظيم كما يتوهم ويشهد معه البعض. او هو نوع من طلب الفزعة من المسحورين بصياغاته. ولم افهم لماذا تصرف بهذا الغضب، انا تحدثت كأديب وليس كعدو، كصاحب راي وليس كمطلق أحكام نهائية. قد أكون على خطأ. انا قلت رأيي امامه بدون مواربة وبصراحة لأني أحترمه، وغيبت اسمه قصدا وليس خوفا. لست جبانا ولكني احترمت نشاطه وحبه للشعر، واكتشافه بعد الكهولة لطاقاته الشعرية. رغم انه حسب رؤيتي لا يرقي لمستوى ابداعي. لعل التجربة تصقله.
ان الانسان الذي لم يستوعب دروس الفلسفة البشرية منذ عصر الاغريق وحتى أيامنا، يعيش بظلام دامس. الفلسفة، من بين جميع التعاليم هي التي ترقى بعقل الانسان ومعارفه، هي التي تجعل العقل البشري حرا من قيود الأوهام الشخصية، وتحرر تفكيره من القيود الفكرية الرائجة وما اكثرها في مجتمعاتنا الشرقية على وجه الخصوص.
والدرس الذي تعلمته على جلدي: الويل لك إذا طورت رؤيتك للحياة والمجتمع والسياسة والثقافة بناء على تطور معرفتك. لذلك قللت جدا في السنوات الأخيرة من التوسع بالتعامل مع الاصدارات الثقافية.
عندما اكتب رايا نقديا لعمل ثقافي لا انطلق من فكرة أني صاحب الرأي القاطع. الرأي ليس حكما، بل راي شخصي مبني على ذوق ومعرفة شخصية. لا بد ان أقول ان كل انسان يعيش بظن انه سيد على الجميع هو نفسه عبد لتفكيره وتجارب الحياة مليئة بمن ظنوا انهم الأكثر تفوقا. ليكتب الشعر وليكتب ما شاء. لدينا مشكلة أسماء اكتشفوا انهم نقاد وكتاب وشعراء بعد تقاعدهم من سلك التعليم. وانا لا اعنيه شخصيا، انما أسجل حالة مستهجنة تسود ثقافتنا. وقد ارتكب بعض كتاب النقد (ولا أجد نقدا بمعظم صياغاتهم) مهازل كثيرة اثرت سلبيا على واقعنا الأدبي عامة والشعري على وجه الخصوص. قلت لناقد منهم اننا نواجه ازمة شعرية، فاستهجن وقال انه تلقى في الشهر الأخير أكثر من عشر دواوين شعرية، قلت له هذه هي الأزمة التي قصدتها، وتساءلت لماذا لا أتلقي مثله دواوين الشعراء؟
لا اكتب هذا النص الا للتنبيه ان الرأي الشخصي هو حق لكل اديب وكل قارئ. والمنطق الثقافي ان يرى صاحب الابداع بالموقف الذي يعبر عنه أي مثقف، رأيا شخصيا قابلا للحوار وليس تهجمات شخصية، وأتمنى لصاحبنا المزيد من النشاط الشعري والثقافي.
كلمة أخيرة: عندما اتحاور مع شخص لا أهدف الى الانتصار عليه بل الى التقدم نحو الحقيقة، نحو تطوير الفكر والثقافة والابداع بمثل هذه الحالة. يؤسفني ان قاعدة الحوار عندنا هي التمسك بآراء ومواقف الويل لمن يحاول التعرض لها.
ان الذي يخاف من الراي الآخر لا رأي له!!



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جانيت لم تعد مجنونة
- ازمة اليسار هي ازمة استيعاب التحولات العميقة بعالمنا المعاصر
- نبذة عن كتابي -عرب جيدون- و-جنود الظلال- تاليف: هيلل كوهن
- فلسفة مبسطة: فكر الشعب المميز جلب الكوارث لنفسه وللإنسانية
- فلسفة مبسطة: راتسيوناليزم
- جولة شعرية مع الشاعر د.فهد أبو خضرة
- مسرحية: -الملح الفاسد-
- الدخان بلا نار سياسة إسرائيلية بامتياز
- صفات الشعوب
- 8 آذار يوم المرأة العالمي: رؤية متشائمة لمكانة المرأة العربي ...
- ملاحظات: فكر الحداثة وتسخيره لثقافة ماضوية
- البتول...!! (قصص من الأدب الساخر)
- مع الأديب المهجري د. جميل الدويهي في روايته -طائر الهامة-
- حركة نقدية بدون نقد وبغياب الناقد الجاد
- الفصل الثالث للمسرحية الانتخابية: هل من بديل في النهج بدون ف ...
- لنقد الأدبي كمعيار فكري وابداعي وفلسفي
- الإبحار الى حافة الزمن مع الأديب د. جميل الدويهي
- صفقة القرن: هل هي تغطية أيضا لتاريخ النكبة المرعب؟!
- حق الشعب الفلسطيني هو حق قومي وليس ديني
- يوميات نصراوي: في ذكرى وداعك: ستبقين أمي ..!


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - ملاحظات ثقافية: مفاهيمنا للنقد بعيدة عن جوهر الثقافة