أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عائلة من الروهينغا مصطفى القرنه














المزيد.....

عائلة من الروهينغا مصطفى القرنه


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6558 - 2020 / 5 / 8 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


الأديب يواكب الأحداث ويتناولها، فهو إنسان يتأثر بما يجري حوله من احدث، لكن، بالتأكيد التناول الأدبي يختلف عن التقرير الصحفي أو العرض التاريخي، وهناك حكمة أدبية تقول: "على الأديب أن يتخلص/يتحرر من الانفعال، ليكون أدبه أدبا، وإلا لتحول إلى شعارات، وعندما تكون الأحداث التي يريد الأديب تقديمها دامية وقاسية، عليه أن يجد/يضع مخففات تسهم في تسهيل تناول القارئ للمادة القاسية والصعبة، واستذكر هنا الروائي الفلسطيني "مشهور البطران" الذي أحسن هذا الاستخدام في وراياته، فكلما كانت الأحداث دامية، كلما ارتفع سقف لغته الأدبية، وهذا سهل على القارئ وخفف عنه من حدة وقسوة الأحداث التي أراد تطرحها.
الحديث عن هجرة قصرية، وقتل المدنيين وحرق البيوت والمساجد، ومطاردة الجنود للمدنيين في الغابات، مسألة في غالية القسوة، وتحتاج إلى ادوات وأساليب وأشكال أدبية متميزة، تخفف على المتلقي تناول الأحداث، وأن لم يُفعل ذلك، فسينفر من الأدب، من هنا، التخفيف في هذه الرواية جاء من خلال حجم الرواية، التي لا يتجاوز عدد صفحاتها مائة وأربعون صفحة، ومن خلال المقاطع (الغنائية/الشعرية) التي رددتها الشخصيات، لكن هناك الكثير من (المطبات الأدبية) وقع فيها السارد العليم الذي هيمن على الأحداث والشخصيات، حتى أنه وصف لنا مشاعر الحيوانات: "ثم جاء قرد نظر إلى الفيل نظرة حزن، وعاد إلى الشجرة التي جاء منها، وأخيرا حضر فيل صغير وفيل كبير بقيا قرابة نصف ساعة يحاولان أن ينقذا الفيل بلا جدوى ثم اسرعا في طريقهما" ص91، اعتقد أن هذا الأمر يشير إلى هيمنة السارد على الأحدث، بحيث أنه جعل القرد يتعاطف مع الفيل المصاب، وهذا التعاطف (خلقه) السارد وأقحمه في الرواية، فانفجار اللغم في فيل وصوت الانفجار كان من المفترض ـ منطقيا ـ أن يجعل كل الحيوانات تفر هاربة، لكن تعاطف السارد مع عائلة "جبار" الهاربة جعل الحيوانات الغابة تحمل عين التعاطف.
كما أن جعل (الغناء/الشعر) يأتي من الجنود القتلة، وهذا (شوه) فكرة الرواية و(جمل) صورة القتلة:
"سنعود إلى راخين
بالسلاح مدججين
لن نخشى أحدا
وسنرسم وطنا
تحيا بورما
أبناء بوذا
الشجعان" ص118، فكان من الأولى أن يأتي السارد بترنيمة حزينة للمشردين الهاربين من القتل والقتلة.
ووقد السارد في هفوة الغناء مرة أخرى، عندما كررها، بجعل "جيا" زوجة الرائد "لأي" العنصرية تغني بهذه اللغة:
"عندما يحل الخريف
وحدي أنا
وحدي أنا
والآن
أين أبي؟
لم أعد أراه
عندما كنت أطارد
الدجاج والخنازير
لك بكن معي أحد
أينك يا أمي؟
وحيدة أنا
أشعر بالحزن
فقدت الأمان
كان أبي يمسح
رأسي كل يوم
اختبئ منه في
غابة المامبو
وأشعر بالفرح
حين يناديني" ص112 و113، أليس من الأولى ان يجعل هذه الأغنية الحزينة تأتي على لسان أحد الشخصيات الروهينعانية؟، فهناك أكثر من شخصية نسائية تناولها السارد مثل "سليمة" بنت حبيب وزوجته "مريم"!.
وهذا (الخلل) في تركيبة الرواية نجده في الحوار الذي دار بين "لأي" الرائد المتوحش وبين الطبيب:
"ـ أنتم الجنود المجهولون الذين يضحون بكل شيء سيدي
ـ أنها ضريبة حب الوطن، ما ضرني لو بقيت في بيتي مثل سائر الناس، أنعم بخيرات بلادي، وأخدم في وحدة عسكرية قريبة.
ـ دائما هناك من يضحي.
ـ لقد تعرضت للقتل كثيرا في الأدغال، كنت سائرا وحدي، وفوجئت بثلاثة من الروهينغا يحملون السلاح اختبأت خلف شجرة وقتلتهم جميعا، كنت أريد أن التهم أحدهم شعرت برغبة شديدة في ذلك. ص105و106.
الأصوات قدمت بشكل (عادي)، لكن، داخلها (يخلق) السارد/السرد حالة تعاطف مع الرائد المتوحش والطبيب، فالطريقة التي قدم فيها الحوار تحمل شيء من (التعاطف) مع هؤلاء الجنود القتلة، فحديثهم عن الوطن وضريبته يشر إلى وطنيتهم، كما أن حديث "لأي" عن الروهينغا الثلاث المسلحين، يتناقض مع (تعاطف السارد) على أنهم مسالمين ولا يملكون شيئا يردوا به الجنود القتلة.
ومن (الهفوات والمطبات) الأخرى جعل الرائد "لأي" يشرب الكونياك: "وصل المعسكر، فوجد أن أحد الجنود الذي كلفه بالصيد قد اصطاد خنزيرا بريا، وسلمه للطاهي فتح زجاجة كونيك جديدة وبدا يصيبها" ص41، وهذ المشروب الفرنسي غالي الثمن، كما أنه متعارف أن هناك مشروبات روحية خاصة في كل دولة/منطقة، وكأن أولى على السارد أن يبحث عن المشروب مسكر في بروما بل استخدام الكونياك .
ونجد مشروب آخر، "الويسكي" موجود عن "لأي": "شرب لأي كثيرا من الويسكي وكاد يسقط أرضا" ص94، وهذا ما يجعل المشروبات في الرواية غير مقنعة للمتلقي، وتخدم فكرة (الافتراء) على ما يقدم عليه الجنود في الروهينغا"
ومن (الهفوات والمطبات) تقديم اميركيا بصورة ايجابية:
"ـ وهل الروهينغا ذلك العدو العظيم الذي يمكن أن أخون من أجله؟
ـ سيقولون أنك جاسون لأمريكا وتساعد منظمات حقوق الإنسان.
ـ يا رجل.
ـ ومن يساعد منظمات حقوق الإنسان الغربية هو خائن يستحق القتل.
ـ أعرف" ص43،
ومن الهفوات أيضا جعل "سليمة" الشرق أسوية ذات عيون خضراء: "كانت عينا سليمة الخضراوان تشتعل بالحزن وهي ترى عمها جبار يتقدمها بحذر في هذه المنطقة الحدودية المليئة بالألغام" ص91، وهذا أيضا يحسب على السارد الذي (تاه) في المكان ولم يميز العيون الخضر من العسلية.
وهناك (هفوة) أخرى وقع فيها السارد عندما جعل الرائد "لأي" وهو الأكثر وحشية في الرواية يتحدث بلغة ناعمة: "ـ لو تكرمتي أريد أحد الأطباء وقبل أت تغادري هل حضر ابني وأحضر شيئا" ص104، فهذه لغة كانت (غريبة) وغير متناسقة مع شخصية ولغة "لأي" المتوحش والمجرم.
فكثرة الهفوات والخلل في بنية الشخصيات ولغتها، وضعف الحبكة، وعدم قدرة السارد العليم على منح الحرية لأبطال الرواية في الحديث، جعل الرواية ومشوهة وغير مقنعة، وهذا ما يجعلنا نقول أن كتابة ونشر الرواية كان فيه تسرع، ويحسب عليها وليس لها.
الرواية من منشورات دار الأسراء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2018.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة ضيقة على الفرح سليم النفار
- رواية -صناء مدينة مفتوحة- محمد أحمد عبد الولي
- عالم الشاعر سميح محسن في مجموعة -غبار على مرايا البحر-
- إسماعيل حاج محمد وحروف المد
- تفشي الثقافة الهابطة والرجعية
- الفرح في رواية -من أنا- شذى محمد الشعيبي
- الفلسطيني والاحتلال في رواية -جدار في بيت القاطرات- مصطفى عب ...
- الثقافة الدينية في ديوان سدرة المشتهى إياد شماسنة
- -نحن الوباء وأنت يا ملك الملوك لنا الدواء-
- على سجادة من الغيم سامي الكيلاني
- الذات في ديوان أنا والشمس وبكين مصطفى القرنة
- كفايا عويجان الألفاظ والمضمون
- محمد كنعان والومضة
- مالك البطلي والومضة
- مكانة فلسطين في كتاب -رجال من فلسطين- عجاج نويهض
- الكلمة والحرف في -شهية فعل الأمر- ل فراس حج محمد
- البياض في قصيدة -البحر- منذر خلف
- التجديد في كتاب -ر- سعيد أبو ريحان
- مازن دويكات وتقديم الألم
- دمُهُ ليس ازرق أمينة العدوان


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عائلة من الروهينغا مصطفى القرنه