أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - الطريق















المزيد.....

الطريق


فرج بيرقدار
(Faraj Bayrakdar)


الحوار المتمدن-العدد: 1584 - 2006 / 6 / 17 - 11:41
المحور: الادب والفن
    



أخذتُ معي وتراً
وكتاباً
وسيفا
ويمَّمت شطرَ الذي ليس يظهرُ
إلا ليفضحني
ويقول: اشهدوا
كلما نَشَزَتْ
طعنةٌ بين جنبيهِ
كيف يميل إلى طعنة بعدها
وهو يُضمِر ثالثةً ستليها
لينسى جراحاً أشدَّ
وأخفى.

* * *

أخذتُ معي حزن أمي
وأحلامها
وتركتُ ورائيَ قلبي
يكفكف خطواً شجيَّ التقاسيم
خطواً شهيدَ مقامين
( أعني الهوى والنوى )
ويعود إلى أهلهِ
قبل أن تُظلِم العين
هل كان يبكي؟
سلامٌ على وجدهِ
كلَّ بينٍ وبينْ.

إلى أين هذا الصهيل الذي
في دمي؟
والقتيل الذي في فمي
والدليل الذي لا نبوَّةَ أوجع منهُ
وهذا الطريق إلى أينْ؟!
طويل إلى آخر اللهِ
يمضي ولا يتلفَّتُ..
ما أشبهَ الجمر بالجمرِ
والكفرَ بالكفرِ
والشمرَ بالشمرِ
يحتزُّ رأس الحسينْ.

أخذتُ معي وطناً أسوداً
كفناً أسوداً
وبروقاً ملفَّعةً بالسوادْ.
أخذت معي ظلمةً لا تغيبُ
وأسئلةً لا تجيبُ
ويمَّمتُ شطري
بأجنحةٍ..
من صدىً جارحٍ
تتناوح فيه السفوح
بأشرعةٍ
من ظلال المناديلِ
يشعلها كلَّ يومٍ
وداعٌ جديدْ.
بمئذنةٍ
لا تميل ولا تستقيمُ
كأنَّ خطايَ خطاياي
طوبى لمن لم يكن أبداً
يا بلادي التي أمطرتْ ما تشاءُ
دماً أخضراً
ودموعاً
ومغفرةً
وهْيَ تضمر سجناً ومنفى.

* * *

حديثٌ إلى الصمت
هذا الطريقُ..
حديثٌ من الصمت
يؤنسه شجر ضارعٌ
وطيور مسافرة باتجاه الظنونْ.
كأن الخطا شكل إيقاعهِ
إنه يذهب الآن
مكتفياً بالحنين إلى عابرٍ
أسمر الحلم
معشوشب القدمين
يرى في الطريق طريقاً إلى نفسهِ
أو صديقاً
يودِّعه عند أول مفترقٍ
ليكونا طريقين..

ما الفرق بين الذهاب وبين الإياب
إذا كان للظلمات التي لا ترانا
نشيجٌ من البرق؟!
ما الفرق بين الحضور وبين الغياب
إذا كان للشكِّ هذا اليقين؟!

أخذتُ معي أُمَّةً من رمادٍ ورملٍ
وخيلٍ وليلٍ
وخمرٍ وأمرٍ
ويمَّمتُ شطر الزمانْ.
أخذت معي سعَفَاً وطيوراً
وشوكاً على نيَّة الورد
ورداً على نيَّة الشوك
بضعَ قصائدَ كي أُربك الموت
خرساءُ كلُّ القصائدِ
إن لم تَقُلنا
وعمياءُ إن لم تر الحيف حيفا.

لماذا إذن لا أقول الذي ينبغي
أن يقالْ؟!
أليس الطغاة طغاةً؟
بلى..
والمواعيد زرقاء
تدنو سماواتها ثم تنأى
ولكنها لا تغيبْ.
أليس النخيل نخيلاً؟
بلى..
والجنون قليلٌ
يحاول ألاَّ يرى
فيرى ما تحاول "زرقاءُ" جاهدةً
أن تراهْ.
أقولُ
وما قلتُ غير الذي لا أريدْ.
لقد كان شرح القصيدة من قبلُ
أدنى.
لقد كان نهر الحقيقةِ
أصفى.

* * *

ـ وبعدُ.. إلى أين؟
أسأل ظلاً شبيهاً بظلي
يجيبُ:
ـ إلى موعد لا يجيءْ.
ـ وبعدُ..؟
ـ إلى آخر الرقصِ
ـ لا أستطيعْ
فإني أجرُّ ورائي إلهاً قتيلاً
وعشرين مرثية تشبه الأهل
والأنبياءْ
ـ ضعفتَ إذن
وستمضي إلى غيرك الآنَ
ـ لا أبداً.. بل أحاولُ..
ـ حاول إذن فوق ما تستطيعْ.
ـ وكيفْ؟!
ـ كما تفعل الريحُ
ـ قُلْ غير هذا !
ـ كما يفعل النهرُ
ـ تطلب مني محالاً
ـ كما يفعل الحبُ
والحلمُ
واليأسُ
لا تستثرني
( تجهَّمَ, واربدَّ, واصطكَّ )
يكفي..
أقول كما يفعل الموتُ
والموتُ
والموت..

ـ أماااااااااه..
ليتك لم تلدي هذه اللعنة الغامضةْ.
لمن يلجأ الآن هذا الوحيدُ العديدُ
القريبُ البعيدُ
الغويُّ الرشيدُ
لقد كان تيهاً بألف طريقٍ
محيطاً بألف مضيقٍ
رأى ما رأى
من نجوم الضحى والعماءْ.
رأى الأصدقاء دليلاً وراء دليلٍ
إلى أين يا أيها الأصدقاءُ؟
ومن أين لي أن أعيد الجهاتِ
إلى سمتها؟!
ليت ما بيننا لم يكن
ليته لا يكونْ.
دعوا للمكان زماناً ولو كاذباً
ودعوا للكمان
ولو وتراً يشبه الجرح
لا شيء لا ينسل الروح
في ما تغنِّيه تلك التي..
هل أقول: ابنتي؟
أحدٌ بينكم قال لي
ذات كأسٍ مقدَّسةٍ:
كلُّ ورد جميلٌ
وكلُّ جمال حزينْ.

بماذا أودِّع هذا الخريفَ
بماذا أبدِّد ما بعده من فصولْ؟
ثلاثون أغنيةً
أربعون بكاءً
وخمسون من ولولات الثكالى
مضت أو ستأتي.
فما الفرق بين النشيد وبين النشيج
وما الفرق يا ( متنبِّي ) زمانكَ
بين الأماني وبين المنونْ؟
لو انك كنت مكاني
لو انك كنت تراني
لقلتَ بأن النُّهى
شأنها لن يكونْ
غير هذا الجنونْ.

أخذتُ معي شجراً
وسحاباً
وناياً
ونزفا.
أخذت معي قمراً ذاهلاً
آيةً من كتاب الينابيع
أضرحةً ورؤىً وكوابيسَ
تشبه ما ليس يشبه شيئاً
ويممت شطر البعيد البعيدْ.
صديقُ طريقي أنا
وطريقي صديقي.
ولا أسأل الغيب شيئاً
فما بيننا
ليس ينقص عن مستحيل ٍ
وليس يزيدْ
عن حريق يرى في جهنَّمَ
تزجيةً لزمانٍ عجوزٍ
وتجربةً، ربما صعبةً،
لصغير يَشُقُّ على دمهِ
أن يخطَّ البيانَ الأخيرْ.

إذن سوف أقطف عنقود قلبي
كما يشتهي.
سأحاول نفسي
لأعرف إن كان لا يستحي الله
من عجزه وقيودي.
لأقترف الحلم حتى تمام الحياةْ.
لأهتك سرَّ الكثيرين
ممن يعيشون موتى
وممن يموتون أكثر من مرةٍ
ويظلون أحياء
دون الخلود قليلاً
وفوق معاني الشهيدْ.
أجل سأحاول نفسي إلى
منتهاها
لعلي أراها
أرقَّ ظلالا وأحنى
لعلي أعود إليها
أبرَّ وعوداً وأوفى.

* * *

أقولُ
وما قلتُ غير ظنون الطريق الذي
يتعرَّج في داخلي.
ليته كان درباً إلى الحقلِ
أو شارعاً في المدينةِ
أو بعضَ شِعبٍ ليؤنسني فيهِ
ما فيه من موحشات
فماذا يقول الطريقْ؟

كأني أخذت معي وردةً
تستحمُّ بما يشبه الصلوات
يرتِّلها مطرٌ ودمٌ وبكاءْ.
كأني أخذت معي قدراً غامضاً
وسراباً بليلاً
وما ليس حلماً تماماً
وما ليس يأساً تماماً
وما ليس حالاً
وما ليس وصفا.

سجن صيدنايا 2000





#فرج_بيرقدار (هاشتاغ)       Faraj_Bayrakdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوائر ذات شهيق متصل
- “إلى الشرق”
- البرزخ
- صهيل
- تقاسيم آسيوية... ترجيعات
- تحية إلى أدونيس.. رداً للجميل
- تقاسيم آسيوية
- بيرقدار: السجن .. يا إلهي! هل يكفي أن أقول إنه حليف للموت؟
- ما يشبه بطاقة شكر من فرج بيرقدار إلى الشاعر محمود درويش
- ستة عشر يوما من الجمر


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - الطريق