ألشيخية - ألبابية والبهائية -7– ألبهائية

كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 6556 - 2020 / 5 / 6 - 20:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ألشيخية - ألبابية والبهائية -7– ألبهائية:

ان (بيت العدل) الذي نص البهاء على وجوب تاليفه في كتابه (ألأقدس) ليمارس – في جملة ما يمارسه من صلاحيات – جمع الزكاة لم يؤلف بعد لعدم اعتناق العالم كله دين البهاء "كما يتوقع البهائيون ذلك" فإن الزكاة لا تجبى من البهائيين في الوقت الحاضر وإنما هناك ما يشبه الخمس في عبدالبهاء عباس أفندي:
كان "بهاءالله" قد تزوج بثلاث نساء وولده عباس من زوجته الاولى (نوابه خانم)، وكان العباس اكبر اولاد البهاء سنا وقدرا واوسعهم علما وفضلا وأسماهم خلقا وأخلاقا، فسماه والده بغصن الله الاعظم في حياته، وسماه البهائيون عبدالبهاء بعد وفاة بهاءالله. وكانت ولادة العباس في طهران سنة 1844م وهو اليوم الذي اعلن فيه الباب دعوته، وقد نُفي الى بغداد مع والده ثم سافر معه الى الاستانة فأدرنة فعكا فبلغ أشده، وساعده ذكاؤه المفرط على ان يكون زعيما كبيرا من زعماء البابية، وسندا قويا لها حتى قال بعض المؤرخين: " واعتقادي انه لولا العباس لما قامت للبابية البهائية قائمة لانه ذو مكانة سامية في الحزم والسياسة".
لهذه الاسباب والصفات ولاه والده ولاية عهده وكتب وصية بذلك وأوصى بان يكون الامر بعد العباس لنجله الثاني المرزه محمد علي ويُسمى وصية بهاءالله ب "كتاب عهدي".
وكان عبد البهاء عند حسن ظن والده فقد ادار دفة الامر من بعده ادارة حازمة، وبذل اقصى جهده في نشر تعاليم المذهب، وعزز الدعاة الذين ارسلهم الى الولايات المتحدة الامريكية لدعوة الامريكيين الى الامر الجديد واراد ان يجعل لمدينة حيفا فضيلة وتقديسا عند جماعته، ويجمع لديه كلمتهم فشرع في اقامة بناء فخم على سفح جبل الكرمل ليتخذه مقرا لرفاة "الباب" السيد علي محمد ومحفلا خاصا يجمع فيه الاصحاب، وتعقد الإجتماعات والخلوات، فوشى به المرزه محمد علي الى الحكومة العثمانية، وادعى بان عبدالبهاء يقصد من اقامة هذا البناء عمل قلعة ليتحصن فيها هو واتباعه ويهاجمون الحكومة ويستولون على جهات سورية المجاورة.
وبناء على ما تقدم من التهم وتهم اخرى لا نصيب لها من الصحة حبس عبدالبهاء واسرته في سنة 1901م مرة اخرى لمدة سبع سنوات داخل حدود حوائط عكا ولم يُسمح له بمغادرتها الا بعد اعلان الدستور العثماني سنة 1908م، فانتقل الى خارج اسوار حيفا ثم قصد الاسكندرية في طريقه الى الديار الاوربية ووصل لندن وبعد شهر توجه الى باريس ثم عاد الى مصر.
بدأت الدعوة إلى الديانة البهائية في مصر، عام 1868م، عن طريق بعض المهاجرين الإيرانيين وتجار السجاد الإيرانيين واسس كلا من حسين وباقر كاشاني أول مركز للبهائية هناك ، لكن انتشارها ظل قاصراً على عشرات الأشخاص، حتى زيارة -عبدالبهاء- خليفة بهاءالله وأبنه البكر إلى بورسعيد عام 1910 وقضائه عاماً كاملاً فيها، نجح خلاله في استقطاب مئات الأشخاص إلى العقيدة الجديدة.
في ربيع سنة 1912م يمم وجهه شطر نيويورك واستطاع خلال الاشهر التسعة التي قضاها فيها ان يجوب انحاء امريكا من الشاطيء الى الشاطيء وهو يخطب في المجامع والكليات والمدارس والجمعيات خطبا منوعة امالت اليه فريقا لا يستهان به من سكان هذا العالم المولعين بالغرائب في بلاد العجائب.، ثم توجه الى بريطانيا فزار ليفربول ولندن وبريستول وادنبرغ ثم قصد باريس ومنه توجه الى استوبجارد في المانيا فبودابست ففينا فالاسكندرية فحيفا وقد بلغها في سنة 1913م وكانت الحرب العالمية الاولى على الابواب فنصح اكثر اتباعه بالسفر خارج فلسطين.
اثناء الحرب اصبح كالسجين فذاق من ضيق العيش، ولما احتل الجيش البريطاني حيفا في ايلول 1918م تنفس عبدالبهاء الصعداء ولا سيما بعد ان زاره الجنرال اللنبي بامر من حكومته، وما لبثت الحكومة البريطانية ان انعمت عليه بالوسام الامبراطوري في احتفال مهيب في سنة 1920م. ولم يغفل عبدالبهاء عن نشر روح التعليم بين ابناء اتباعه فبذل لجماعة منهم النفقات ليدخلوا الجامعة الامريكية في بيروت، وكان "الباب" السيد محمد علي قد حظر على اتباعه النظر في غير كتبه وامرهم بإحراق ما عداها فرأى "البهاء" المرزه حسين علي ان حظر طلب العلم في غير كتب الباب معناه حظر العلم كله عليهم فنسخ في كتابه "ألأقدس" هذا الحكم.
على ان النجاح الذي بلغه عبدالبهاء في الديار الاوربية والامريكية كان اعظم من ذلك الذي بلغه عن طريق تيسير التعليم لابناء اتباعه. فقد اجتمع باقطاب السياسة وعلماء الاجتماع في القارتين المذكورتين ورأى فيه الغربيون ما يرونه عادة في دعاة الاصلاح والمبشرين بالسلام، فعاضدوا دعوته، ولا سيما حين اخذ يُلبس مذهبه صبغة اجتماعية تحبب اليها النفوس فكانت اراؤه تقبل عن طريق النصح والارشاد دون ان تكون ذات صبغة دينية بحتة، ولكن بالنسبة للطبقة العامة الغربية فقد تلقيت مبادئه في امريكا خاصة وفي قسم من بلاد اوربة بصورة دينية ولكنها اظهرتها بصورة تلائم فكرة الغربي واعتبرتها من مباديء التصوف الحديث الذي يرتكز على المباديء الانسانية العامة، ونستطيع القول انه بالتعديلات التي ادخلها على تعاليم ابيه جعل العقائد البهائية تقترب في بعض الوجهات من العقلية الغربية.
شوقي افندي:
كان بهاءالله قد نص على ان يكون ولده عباس افندي خليفته ومروّج مذهبه من بعده ويكون الامر بعد ذلك لأخيه المرزه محمدعلي، فلما حدث من الشقاق والخصام بين هذين الاخوين ما اوجب الفرقة والبعد رأى عبدالبهاء عباس ان يجعل الخلافة في حفيده شوقي افندي رباني فلما انتقل الى عالم الخلود في سنة 1921م كانت وصيته تنص على ذلك.
وشوقي افندي هذا ابن المرزه هادي افنان احد اقارب الباب السيد علي محمد، وامه ضيائية خانم كبرى كريمات عبدالبهاء عباس افندي. وكانت ولادته سنة 1897م وبعد ان تخرج في جامعة بيروت الامريكية دخل كلية باليولد في أكسفورد فأصبح زعيم البهائية المطلق ويلقبونه "ولي أمر الله" وطاعته واجبة على اتباعه كافة.
عقائد البابية والبهائية:
يبتني أساس المذهب البابي على الاعتقاد بوجود إلاه واحد ازلي نظير ما يعتقده المسلمون إلا ان البابيين يستمدون صفات الخالق من اساس العقيدة الباطنية التي ترى ان لكل شيء ظاهرا وباطنا، وأن هذا الوجود مظهر من مظاهر الله، وأن الله هو النقطة الحقيقية وكل ما في الوجود مظهر له. والوجود في نظر المسلمين صادر من الله وفعل مخلوق له، اما عند البابية والباطنية فإنه صفة تدل على الحياة والتأثير، ومن هذه الناحية الاعتقادية يبنون كل مظاهر العمل والعبادة على أنها امور ظاهرية تعبر عن امر باطني.
هذه هي العقيدة الاصلية للمذهب البابي إلا أنها دخلت في تطورات جعلتها من بعض جهاتها غير مفهومة وأدخلته من جهة اخرى في التعاليم الاجتماعية شأن كل عقيدة تدخل بين الحوادث والتاريخ، وقد أضافت "البهائية" إليها بعض التغييرات والتحويرات إلا ان اساسها الإعتقادي واحد.
أما عقيدتهم العملية فلم تكن لتظهر في حياة "الباب" نفسه نظرا إلى ان حياته كانت مملوءة بالاضطرابات والتنقل وإلى انها مقتصرة على بث المباديء والاعتقادات. أما ما يُنقل من صنوف العبادات في هذا المذهب فكله منقول من كتب "الباب" وألواحه، ولا سيما كتابه "البيان العربي" الذي تطرقنا إليه في المقالات السابقة، ويجدر بالذكر أن التعاليم التي جاءت فيه فيما يخص العبادات لم تكن واضحة وجلية لحد اليقين فقد كانت الرموز والإشارات التي يستعملها علماء الكلام وفلاسفة الحكمة اليونانية تدخل بين جمل الكلام فترى بظاهرها شيئا بينما هي تقصد شيئا آخر.
على أن كتاب البيان نسخه البهاء بكتابه الأقدس وعليه فسنتكلم عن العبادات السائدة بين البهائية على ما جاءت في "ألأقدس" النافذ المفعول اليوم في العقيدة البهائية. تم طبع كتاب الاقدس من قبل البهائيون على الحجر في " مطبعة دت برساد" في بومبي بالهند سنة 1890م وأعادوا طبعه بالحروف عام 1896م، ونسخ الطبعة الأولى نادرة جدا اما نسخ الطبعة الثانية فإنها كثيرة، وطبعه الدكتور ميرزا محمد مهدي خان الملقب بزعيم الدولة ورئيس الحكماء في صلب كتابه " تاريخ البابية ومفتاح باب الابواب" المطبوع في مطبعة مجلة المنار بمصر سنة 1903م وهو لا يختلف عن طبعة البهائيين كثيرا.
أسلوب كتاب "ألأقدس" الذي كتبه بهاءالله وأدعى بأنّه موحى إليه يختلف عن أسلوب كتاب "البيان ألعربي" الذي كتبه " الباب" فلا نجد في ألأقدس إستعمال السجع والقوافي كما لاحظناها في البيان العربي، فالأقدس عبارة عن كتابة نثرية وليس فيها قيود السجع كما في القرآن والبيان العربي، وعند مقارنته بكتاب البيان العربي نلاحظ بأنّ اسلوبه افضل من البيان العربي الذي كان يتميز بالركاكة، فألأخطاء النحوية في الأقدس أقل بكثير.
بهاءالله لم يقسم كتابه "ألأقدس" إلى أبواب وواحدات كما فعل "ألباب" في كتابه البيان العربي الذي رتبها على تسعة عشر واحدا، ويبدأ كل واحد ب ( بسم الله الامنع الاقدس ). وقسم كل واحد الى تسعة عشر بابا فتكون ابواب كل من هذا الكتاب بحساب الجمل الابجدية ثلاثمائة وواحد وستين بابا. كما لم يقسم بهاءالله كتابه إلى سور كما في القرآن، وبدأ الكتاب ب "بسمه الحاكم على ما كان وما يكون".
وأدناه نموذج من أسلوب كتاب "ألأقدس" لغرض المقارنة مع كتاب البيان والقرآن:
"بسمه الحاكم على ما كان وما يكون"
" إن أول ما كتب الله على العباد: عرفان مشرق وحيه، ومطلع أمره الذي كان مقام نفسه في عالم الأمر والخلق. من فاز به قد فاز بكل الخير، والذي منع أنه من أهل الضلال ولو يأتي بكل الأعمال. إذا فزتم بهذا المقام الأسنى، والأفق الأعلى، ينبغي لكل نفس أن يتبع ما أمر به من لدن المقصود لأنهما معا لا يقبل أحدهما دون الآخر. هذا ما حكم به مطلع الإلهام. إن الذين أوتوا بصائر من الله السبب الأعظم لنظم العالم وحفظ الأمم، والذي غفل انه من همج رعاع ".
ألشرائع الطقسية لدى البهائيين:
إذا كان لكل طائفة من الطوائف طقوس تؤدي بها فرائض العبادة، وآداب وسنن تتقرب بها الى خالق الاكوان فإن للبهائيين آدابا وسننا مزيج من عادات وتقاليد مختلفة بعضها مقتبسة من الدين الإسلامي والبعض الآخر استحدثها بهاءالله وأنفرد بها وأهم تلك الطقوس والعبادات هي:
- الصوم: إن شهر الصيام عند البهائيين هو الشهر التاسع عشر الذي يلي الأيام الزائدة المخصصة للضيافة (السنة البهائية مكونة من تسعة عشر شهرا وفي كل شهر تسعة عشر يوما ويكون مجموع ذلك 361)، وبما ان فصل الصيام قد ينتهي عند الاعتدال الربيعي فانه يقع دائما في فصل الربيع في الجزء الشمالي من الكرة الارضية وفي الخريف في الجزء الجنوبي منها.
ويعفى من الصيام من كان دون البلوغ او كان على سفر او في نفسه ضعف من المرض او الهرم، ويدخل في ذلك الحامل والمرضع والحائض والنفساء ولا يتوجب القضاء عن ذلك كله كما يتوجب ذلك في الدين الإسلامي.

- ألصلاة: فرضت الصلاة على البهائيين من أول البلوغ وهم يؤدونها على إنفراد بتسع ركعات ثلاثة اوقات، حين الزوال وفي البكور والاصال، متوجهين " شطري ألأقدس المقام المقدس الذي جعله الله مطاف الملأ الأعلى ومقبل اهل مدائن البقاء ومصدر الامر في الارضين والسموات"، ويريدون به مدينة عكا حيث يرقد بهاءالله على ان يسبق الصلاة الوضوء، ونص التشريع هو: "ومن لم يجد الماء يذكر خمس مرات باسم الله الاطهر الاطهر ثم يشرع في العمل"، اما من كان على سفر او في نفسه ضعف من المرض او الهرم فيعفى منها كما تعفى الحائض والنفساء.
وقد رُفع صلاة الجماعة عن البهائيين إلا في صلاة الميت كما رٌفع حكم صلاة الآيات وجوزوا السجود على كل شيء طاهر حتى وإن كان شعر حيوان او عظمه او حرير او خز، ويتلوا البهائيون في صلواتهم ادعية طويلة تختلف متنها حسب الصلوات كالصلاة الكبرى والوسطى والصغرى او صلاة الميت.

- الحج: فرضت الشريعة البهائية الحج على من استطاع من الرجال دون النساء، والبيت الذي يحجون اليه هو الدار التي اقام فيها "بهاءالله" المرزه حسين علي اثناء مكوثه في بغداد- العراق او الدار التي ولد "الباب" السيد محمد علي فيها في شيراز- إيران دون تحديد في الزمن او تفضيل بيت على بيت، وللدار المؤجرة التي سكنها البهاء في بغداد قصة طريفة حيث ادعى ملكيتها العديد من الورثة وادعى البهائيون بأنها مُنحت لهم من قبل المؤجر الاول كهدية لذلك أقيمت بسببها الدعاوي في المحاكم وطرقَ البهائيون كل باب لإثبات ملكيتها حتى انهم رفعوا شكواهم الى عصبة الامم للإستحواذ على الدار المقدسة عندهم.
للبحث صلة....
ألمصادر:
- البابيون والبهائيون في حاضرهم وماضيهم ....... عبدالرزاق الحسني – صيدا 1957.
- مفتاح باب الابواب... محمد مهدي خان – القاهرة 1321 هجرية.
- كتاب الأقدس ....... بهاء ألله.
- ألرسالة السلطانية ..... بهاء ألله.
- بهاءالله والعصر الجديد... البروفسور أسلمند.
- الواح وصايا حضرة عبدالبهاء المباركة.

#كامل_علي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات