أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟














المزيد.....

ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6556 - 2020 / 5 / 6 - 13:43
المحور: المجتمع المدني
    


دوّامهُ الحياة العَجول، التي تدورُ بنا في دوائرَ مُفرغةٍ لا تتوقف، كانت تجعلُك وتجعلني نشاهدُ الشخوصَ من حولنا، ونتفَّحص في وجوهِ جميع مَن يمرّون بحياتنا ويعملون معنا ويُشكِّلون عالمَنا، ما عدا الشخصَ الأهمّ في هذا العالم. أنتَ. تُصادِق أصدقاءك وتُفنِّدُ مزاياهم وعيوبهم ومكارمهم وسقطاتهم؛ وفي غَمرة انشغالك بالناس، تنسى الانشغالَ بنفسك. فتكادُ تعرفُ كلَّ المحيطين بك، ولا تعرفُ نفسَك، وتكون صديقًا للجميع، وتنسى أن تصادقَ ذاتَك. لهذا قال سقراط: “اعرفْ نفسَك"، وهو يعلم أنه مطلبٌ صعبٌ، وإن ظننتُه يسيرًا.
وجاءت برهةُ الانعزال عن العالم هربًا من جائحة كورونا. برهةٌ من الزمان قد تطولُ أمام فيروس شقيّ مراوغُ دوَّخَ مليارات البشر على هذا الكوكب، وجعلهم يفرّون من وجهه الضئيل النحيل، غير المرئي، كما تفرُّ الخرافُ من وجه أسدٍ جائعٍ جامح جائح يبحثُ عن طريدة. وعلّها لحظةٌ مناسبةٌ لمصادقة النفس وتأمل قدراتِها ونقاطَ ضعفها.
تُرى، لماذا نختلفُ عن بعضنا البعض؟ لماذا بعضُنا ناجحٌ، وبعضنا يمشي في ركب الإخفاق والفلَس؟ لماذا بعضُنا محبوبٌ وبعضنا يفرّ منه الناس؟ هل هي أحكامٌ قَدَريةٌ، مكتوبةٌ على جباهِنا، حيث لا مَهرب، أم نحن المسؤولون لأننا نقف وراء الأسباب، ونحن صانعوها؟ الإجابةُ: نعم! نحن مَن اخترنا أن نكون ناجحين أو فاشلين، محبوبين أو مُنفِّرين، روّادًا في مقدمة الصفوف، أو مغمورين في ثنايا الظلّ. الأمرُ يعتمد على "لون" القُبّعة التي نضعها فوق رؤوسنا، مجازًا. أحدِّثُكم اليومَ عن "القبّعات" التي تُشكِّل إدراكَنا للعالم وتُحدِّدُ أسلوب تفكيرنا.
في كتابه: "ستُّ قبعاتٍ للتفكير"، يحدّثنا "إدوارد دي بونو"، الطبيب وعالم النفس المالطي الذي تخصّص في فلسفة التفكير الإبداعي، عن أدمغتنا. يقول إننا لا نتمايز عن بعضنا البعض في "تركيب" عقولنا، بل في "آلية" عمل تلك العقول. وحدد ستةَ أساليبَ مختلفة للتفكير البشريّ؛ ينهج كلٌّ منها نهجًا مغايرًا يؤدي، بالضرورة، إلى نتائجَ مختلفة. أعطى "دي بونو" لكل طريقة سماتٍ محددةً، تجمع، تقريبًا، كلَّ طرائق تفكير العقل الإنساني. اعتبر دي بونو أن كلَّ أسلوب من الأساليب الستة، بمثابة "قُبّعة ملوّنة" يعتمرها المرءُ حينما يفكر في أمر ما. وحدّدَ قبّعاتٍ ستٍّ، ذات ألوان مختلفة.
القبعةُ الحمراء: تمثّلُ التفكير العاطفيّ. صاحبُها يُسقطُ على الأمور مشاعرَه، الإيجابية أو السلبية: مثل الحب والكراهية. فلا ينظر إلى الأمور نظرةً موضوعية.
القبعةُ البيضاء: هي نقيضُ ما سبق. فصاحبها ينظر إلى الأمور من خلال الأرقام والحسابات والتحليل فيخرج بنتيجة محايدة لا محلّ فيها للعاطفة، ولا مكان فيها للنظرة الشخصية. يشبه الحاسوب الذي لا يعطي نتائجَ إلا عبر المعطيات والبيانات والأرقام التي أدخلتها في برنامجه.
القبعةُ الصفراء: يتميز صاحبُها بالتفاؤل والإيجابية، بحيث لا يرى إلا مزايا الأمر وأوجهه الإيجابية، غير مُنتبه، أو غير عابئ، إلى سلبياته.
القبّعة السوداء: نقيضُ ما سبق. صاحبُها سوداوي متشائم لا يرى في الشيء إلا عيوبَه ونواقصَه وعوائقه التي تُحيلُ دون إتمامه.
القبعة الخضراء: تقفز بصاحبها إلى خانة الإبداع والتحليق. من يعتمرها لا يعرفُ التفكير النمطيّ التقليدي. بل يكسر الصندوقَ وينطلقُ منه إلى رحب الابتكار والخيال، فيقترح زوايا جديدة للنظر؛ ومن ثم يبتكرُ طرائقَ جديدة للتأمل، تؤدي بالضرورة إلى نتائجَ مبتكرةٍ، لا تخطرُ على بال غيره ممن يسيرون على قضبان المنطق والمحاكاة والتقليد.
أما القبعة الزرقاء فهي المظلّة الواسعة التي توجّه وترسم مسار كل القبعات السابقة. من يرتديها يمتلك نظرة شمولية تجعله يرى الأمور من منظور كُلّي واسع ومنظّم. يرسم خُطّة العمل بدقّة؛ واضعًا الاستراتيجية العامة، والتكتيك التفصيلي لخطوات الأداء. يضع البرامج الزمنية ويُنصِتُ إلى جميع الآراء من حوله، ليفيد منها.
ولكن دي بورنو لا يجعلنا نركن إلى اليأس من إمكانية تغيير أساليب تفكيرنا. فمن يظن أنه مجبولٌ على قبعة واحدة يرتديها مدى العمر، قد أخطأ مقصد الكتاب. فبوسع كلّ منّا أن يحوز القبعاتِ الستّ مجتمعةً. يرتدي منها ما يشاء، ويطرح ما يشاء. المهم هو ترتيب وضع القبعات. فمن الأفضل استخدام القبعة البيضاء في بداية تحليل الأمر، ثم الصفراء والسوداء لتأمل المزايا والعيوب، ثم الانطلاق نحو القبعة الخضراء للقبض على جوهرة الابتكار، ثم الختام بالقبّعة الزرقاء، التي تعيد ترتيب الأوراق.
دعونا نفحص أدمغتنا في فترة الاعتكاف المنزلي، ونبدّلُ بين القبّعات، ثم نشكرُ الله على معجزة عظمى؛ اسمها: العقل. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رِهانًا على وعي الأسرة المصرية
- مصرُ العظيمةُ … رمضانُ الكريم
- حين منحني -الأبنودي- منديله لأبكي
- صمتُ السَّعف … صمتُ رمضان
- مِنَصَّةُ الأخلاق … في درس كورونا
- السيسي … فارسُ المهامّ الصعبة
- وأكره اللي يقول: آمين.. يا عزيزي الرئيس مبارك
- ركلةٌ في أسنان البشر
- خُطّة العميل كوڤيد 19
- ابتسامةُ چورچ … ليندا صندوقُ اللآلئ
- الزهرةُ البريّة
- كوميديات أمّي … في عيد الأم (1)
- كوميديات أمّي … في عيد الأم (2)
- في الفواجع … شعبُنا على كأس ماء بارد
- عاصفة كورونا السوداء
- كورونا … يذوبُ في الألوان
- الحبُّ في زمن الكورونا… اسألوا أهلَ الذِّكر
- زينب الكفراوي … نَمِرةُ بور سعيد الباسلة
- هالة زايد … وزيرة على خطّ النار
- وأكره اللي يقول: آمين... عزيزي الرئيس مبارك!


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟