أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ماجد ع محمد - الأنستغرام بين المزايا والمعايِب















المزيد.....

الأنستغرام بين المزايا والمعايِب


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6554 - 2020 / 5 / 4 - 17:08
المحور: الصحافة والاعلام
    


"الحرّيّةُ ليست دائماً حرّة، فهي مقيَّدةٌ بأفق الشّخصِ الذي يُمارسُها"
ادونيس
ليس بعيداً عن مفهوم امبرتو إيكو في ما يتعلق بمنصات التلاقي عبر الشبكة العنكبوتية، فيبدو أن حال المهووس بالسوشال ميديا إلى حد الإدمان، هو أشبه بحال المعتصم جهلاً بالعقيدة، ليس بالضرورة لفهمه لها وإيمانه بها، إنما ربما كان تمسكه بها نابع من رغبته في تحقيق أناه من خلالها، وحيث يلمح إيكو إلى أن مدمني الفضاء المفترض هم أقل الناس علماً ومعرفةً وثقةً بالنفس في الواقع، لذا يزيد تماهيهم وتشبثهم بوسائل التواصل الاجتماعي عن بُعد أكثر من أقرانهم الطبيعيين، بما أنها تشعرهم بأهميتهم الوجودية التي تعوضهم عما يفتقدونه على أرض الواقع، فالسوشال ميديا تعزّز وجود ذلك الشخص في الفضاء الرقمي طالما كان حضوره على الأرض ليس على ما يرام.
وبما أنه سبق وكتبنا أكثر من مادة عن محاسن ومثالب الفيس بوك، فستكون مادتنا هذه عن الأنستغرام حصراً، فمع أن للأنستغرام منافع وميزات عدة تختلف عن غيرها من منصات وسائل التواصل الاجتماعي فيما يخص السرعة الهائلة في نشر الصور وكثافة تدفق المقاطع عبرها، إضافةً إلى ما توفره من فلاتر تجميلية قادرة على إظهار ملامح وجه المرحوم الجاحظ خلال لحظات بأبهى حُلة، فتجعلهُ وكأنه الممثل الهوليودي ليوناردو دي كابريو حبيب كيت وينسليت في فيلم التايتانيك، إلا أن الذي يرغب بأن لا تكون المقاطع الإباحية في متناول أطفاله، ربما عليه أن لا يحبب بهم التعلق بالأنستغرام أو جعلهم يعتصمون بتلك الكوة ليل نهار، والسبب هو أن في الانستغرام الشركة لا تتحكم بكل ما ينشره عليها المستخدمون وذلك بعكس الفيس بوك، لذا تظهر المقاطع كيفما اتفق في الأنستغرام على العام وبدون أي تحكم أو غربلة أو تصفية، بينما في الفيس بوك فطالب تلك المقاطع أو المهتم بها هو الذي عادةً ما يبحث عنها بنفسه حتى يجدها، أما في الأنستغرام فتظهر تلك المواد للكل ومن دون أية رقابة أو ضوابط، وعلى المرأة أو البنت التي تحب نشر صورها وتجميل قبحها إذا لم تكن جميلة بالقدر الذي يرضيها من خلال الفلاتر التجميلية الموجودة على الأنستغرام، أن تتوقع ظهور المقاطع المخدشة لحيائها أمام أولادها أو أخواتها الصغار في أية لحظة أوان جولة التصفح.
وكما هو معروف ففي العالم الواقعي على أديم البسيطة، فعادةً يبحث الإنسان بنفسه عن البضائع والأشياء التي تلبي مراده، بينما في وسائل التواصل الاجتماعي فالبضاعة هي التي تلاحق الزبون، وذلك لأن التلفون أو الايباد أو الكمبيوتر يحفظون المواقع أو الطرق التي يسلكها المستخدم، فإن كان من عشاق العلوم والتكنولوجيا تكون المعروضات التي تظهر لديه أغلبها علمية، وإن كان ذا ميول أدبية كذلك الأمر تظهر لديه المواد المرتبطة بمجالات اهتمامه، وإن كان ديّناً كثُرت لديه الأشياء المتعلقة بالدين والماورائيات، وإن كان من عشاق الأفلام الخلاعية فأكثر ما يظهر على العام لديه هي المقاطع الإباحية، وهذه الآلية تلقائية لأن وسائل التواصل الاجتماعي تفهم المستخدم وتعرف نفسيته وتدرك ميوله، لذا تكثر لديه من المواد التي يحبها ويتابعها.
وثمة سلبية أخرى في البازار العام للأنستغرام، فهو كسوق مفتوح وكل البضائع الثمينة والبخسة بجانب بعضها البعض، فالقبيح والجميل متلازمان، والنظيف والقميء بجوار بعضهما البعض، ولتقريب المشهد أكثر فيمكن تصور شخص ما وهو يتناول طعاماً شهياً، وإذ به يرى أحدهم يتغوط أمامه، فتصوروا حالة من يأكل وهو يشاهد أمامه فضلات شخصٍ آخر، فكيف ستداهمه موجة القرف والاشمئزاز وقد يدفعه المشهد الى استفراغ ما تناوله، وبالتالي يفقد ماله ويخسر جسمه وجبته الغذائية الضرورية لصحته، أما مَن كان في حاجة ماسة إلى صفاء روحي وتوحد مع الذات والكون بحيث تكون القداسة حاضرة بكل تجلياتها، فقد تظهر أمامه من دون سابق إنذار شخصان أو أكثر في وضعية الوطء، فهذا هو الجانب السلبي الآخر في الأنستغرام، إذ يظهر كل شيء مع بعضه وكأن الشخص جالس في مكانٍ اجتمع فيه حشدٌ من المصلين وراقصات التعري في محفلٍ واحد.
كما أن المتصفح في الفيس قد يحظى بمواد جادة إن رغب بذلك، وحيث يمكن من خلال الروابط الدخول الى المواقع المعروفة والاستزادة العلمية، بينما في الانستغرام الوضع أشبه بصالة عرض الأزياء والأجساد والصور والمظاهر فقط، فلا وجود للحوار أو الإبحار في مجال ما من المجالات المعرفية، إنما أغلب المنشورات مجرد فلاشات بسيطة لا تلبي إلاّ حاجة المكتفي بالفتات في عالم المعرفة والثقافة، وبعيداً عن أي توجه ديني نود الإشارة ههنا إلى أن الآثار السلبية للإدمان على المقاطع الإيروتيكية لا تختلف كثيراً عن الآثار السلبية للإدمان على المخدرات، وهنا بودي ذكر ما جاء على لسان عدة باحثين كنديين منهم: اليزابيث باولوتشي ومارك جينيوس كلوديو فايولاتو، وذلك في دراسة عن الإباحية في الأنستغرام ونشرت الدراسة في موقع الحصيلة بتاريخ 26 شباط 2016، وحيث قاموا بدراسة 74 بحثاً مختلفاً كلها تدرس تأثير المواد الإباحية الجنسية على الجرائم الجنسية بشتى أنواعها، وكان من نتائج ذلك البحث أن نسبة الانحطاط الخلقي العام هي 28% كما وجدوا أن نسبة الازدياد في جرائم العنف والاغتصاب تزداد عند متداولي المواد الإباحية بنسبة 30% وإن نسبة الانحطاط في العلاقات الزوجية تتدنى بنسبة 32% ونسبة تقبل جرائم الاغتصاب وعدم المبالاة بها تزداد بنسبة 31% وفي دراسة للدكتور وليام مارشال اعترف 86% من المغتصبين بأنهم يكثرون من استخدام المواد الإباحية واعترف 57% منهم أنه كان يقلدون مشهداً من تلك المصادر حين تنفيذه لجريمته.
وكملحوظة صغيرة لمن قد يُخمّن بأن الانتقال من نافذة إلى نافذة أخرى من نوافذ التواصل الاجتماعي قد ترفعهُ من مستوى إلى مستوى أعلى منه، ويردّد في سره بأن الفيس بوك للعوام والطبقات الاجتماعية الأقل أناقةً ورقياً، وأردف بأنه تخلى عن تلك المنصة للطبقات الدنيا وراح إلى شباك أرفع منه منزلةً، فنقول له إن كان فرداً ولهم أو لهن إن كانوا جماعات، بأنه ليس في نيّتنا ثقب بالون الوهم الذي صنعوه يوم نقول: بأن الأنستغرام هو أصلاً تابع للفيس، وقد استحوذت شركة فيس بوك في الثاني عشر من شهر نيسان عام 2012 على تطبيق إنستغرام؛ يعني بأنها كوة أو فرع صغير من الشركة الأم.
وفي الختام نؤكد بأننا لا نسعى قطُ من خلال هذه المادة إلى تنفير الناس من ذلك البرنامج، باعتبار أنني كشخص مِن مشتركيها ولو أني مرات لا أفتح صفحتي أسابيع بأكملها، ورغم المآخذ التي أشرنا إليها في الأعلى، نتصور بأن ما رآه الإعلامي الفلسطيني عارف حجاوي بخصوص العلاقة بين القارئ والكتاب بقوله: "ليس هناك كتاب ضار للبالغ العاقل"، ينسحب كذلك الأمر على الشخص العاقل والبالغ في تعاطيه مع وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف منصاتها.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنسانية آلا طالباني والدستور
- صفحتك ليست واشنطن بوست
- اِختزال الحرية
- أينجح متيني بما فشل فيه غيره
- الحب الكامن في يومه المعلن
- هل يقرأ المتصفح؟
- قادر ولكنه لا يفعل
- رأيي المقامِر بالساسة
- تبعات جهل فلسفة التّقية
- آلية من آليات الشحيح
- التاجر والسياسي الجوّال
- دلباز برازي: الفنان بحاجة إلى مساحة من الحرية والأمان حتى يت ...
- أثمة كُرد جيّدون
- القهوجي في حضرة الخاقانات
- مخيمات مؤقتة أم مستوطنات دائمة
- أحمد كبار: الفنان يؤرخ الوقائع في لوحات فنية لا تموت
- الإنكسار على أنغام الفلاح
- أدلجة الأخبار
- استخفاف
- ترشُّحات العنصرية


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ماجد ع محمد - الأنستغرام بين المزايا والمعايِب