أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الحاضر في دورانه














المزيد.....

الحاضر في دورانه


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1583 - 2006 / 6 / 16 - 11:34
المحور: الادب والفن
    



لو أن أبي, وقبل أسبوع واحد من موته بل وحتى ساعة, قال لي هذه العبارة البسيطة:
كانت رغبتي, أن تختار ما يناسبك وتنجح وتسعد بذلك, لكني خلطت بين حياتي وحياتك, حاول أن تتفهم ظروفي كصديق أو قريب, ولا تحاسبني على أكثر من معرفتي وخبرتي.

كانت لتكفيني هذه العبارة, بأي صيغة يستطيع قولها لي.
لكنه لم يفعل, وبقي يطلب مني بوضوح: أن أهبه حياتي, وأبقى شاكرا له ولأفضاله, وأن أتحدث عنه بفخر بقية حياتي, وأتغاضى عن شرطه الإنساني_الاجتماعي, الذي وضعني تحت قاعدة الهرم السوري, على خلاف رغبته وغايته.

طور الإعجاب بالأب, انتهى بسرعة وحلّ محلّه أساتذة يجمعهم احترام اليسار وحلم الثورة.
طور الصراع مع الأب, تدرج بأساليب وطرق كثيرة ومختلفة, ولا ينتهي برغبتي المطلقة في التغيير, نعم, لقد رغبت وعملت على تغيير كل تفصيل في حياتي, تارة بوعي وقصد ومرات عن طريق خيارات اللا والضد, حتى استنفذت طاقتي واستسلمت.
طور المصالحة يحيّرني ويربكني, لماذا لا نتصالح معهم إلا بعد الموت؟!

هل التسامح وحده يكفي؟
أليست كلمة طاعة تعني بأقصر الطرق وأكثرها وضوحا, قتل الخصوصية ومحو الفردية؟!
هل يوجد خيار آخر, واقعي وممكن التحقيق؟

بعد موت الأب تتضح أكثر قيمة الصداقة بين مختلف الأفراد والأطراف.
لو نجحت في تحويل أبي إلى صديق, أحبه وأحترمه كما هو, لكنت تجنبت حرمان إمكانية متوافرة, قد تكون أحد الخيارات المريحة والمناسبة؟ أقول ربما.

مات أبي وانتهى الأمر. لا أرغب بالخصام ولا بالعنف مع أحد.
هل هذا ما يسمّى بالطور الثالث, تجنّب السعي إلى ما أحبّ وتجنّب الهرب مما أكره؟!
أليست تلك دعوة بوذا منذ عشرات القرون!

*
أستبعد الأم بدون قصد, صرت انتبه لذلك حديثا.
قد يفسّر ذلك غياب المنافس في المضمون اللاشعوري.
قد يفسّره الوضع الأخلاقي الثقافي الاجتماعي السياسي أكثر, المجتمع ذكوري أحادي وفي جميع مستوياته. لا تشكل أمي أو زوجتي أو أخواتي استثناء عن وضع الإنسان المقهور.
تحت سقف الحاجة لا توجد أخلاق ولا يوجد إبداع أو إنجاز, تتحول حياة المرء إلى سلسلة مغلقة من التعويضات والمبالغات, وما يتم خسرانه في الجسد والروح والعمر بمجمله, يشقى الموجود البائس لاستبداله بمختلف الاستيهامات اللاشعورية غالبا.
مثل البقية كنت أحتاج للدعم والمساندة, في الطفولة والمراهقة والشباب, وحصلت بالعكس على مختلف الإعاقات وتهديم الثقة, كانوا أكثر ضررا مني.
ربما يكون الامتناع عن الإنجاب القرار الصائب الوحيد في حياتي.
*
الحضور والمشاركة بوعي ومسؤولية ونزاهة, سؤال الرشد البديهي. لكنه يحتاج لشروط موضوعية من الأسرة حتى بقية مؤسسات الدولة والمجتمع, بعد ذلك يأتي دور الفرد في بناء جوانب حياته. جميع ما تقوم عليه أسس الحياة الطبيعية, غير متوفر في بلادنا, بأكثر العبارات تهذيبا وتفاؤلا. كلنا يعرف ذلك وكلنا ينكر مسؤوليته, لنصل إلى إنكار الواقع بالجملة.
يمكن اختصار الاستراتيجية السورية بالعبارة وبدون استثناء:
أرغب بالحصول على أكثر من حقي وأتجنب حتى ذكر مسؤولياتي الشخصية.
تصل السورية أو السوري إلى التسعين, وتتراكم الخبرات الكثيرة والمتعددة حقا, لكن في المجال السلبي فقط. مهارات وفنون في الخداع والمناورة والاحتيال والرشاوى ,,, وكل ذلك يعكس حقيقة شديدة الوضوح والبؤس: احتقار متبادل.
لأنني لم أجرّب الهجرة ولا أعرف عن معاناة الغريب سوى ما سمعته, ما زلت أرى في الهروب والابتعاد قدر المستطاع حلا ما.
أعيش في حاضر هلامي غير متعيّن, الثقافة, التعليم..., حسب ما خبرته وأراه لا يدعو للتفاؤل, البارحة قرأت في امتحان البكالوريا العامة العلمية والأدبية وغيرها, سؤال في التربية القومية: أجب بصح أو خطأ بما معناه: العمل الجبهوي في سوريا غير مرن ويعيش حالة جمود.
أظن أن بناة الأجيال, من وضعوا ذلك السؤال السرمدي, الذي يحدد جدارة الانتقال من وضع المراهقة إلى الرشد, سيسقطون من يعطي الإجابة البديهية الصحيحة والتي يعرفها الجميع, وسينجحون أصحاب الإجابات الهزلية, وكأن طلاب سوريا يتقدمون لامتحان في التمثيل, وليس لي أدنى اعتراض على ذلك لو كان الأمر جديا, ويمتحن قدرة الطلاب على التكيّف!

بعد عام أو بعد مئة سأموت وستموت يا قارئي وسيموت الجميع, والحاضر في دورانه...
من يعرف أنه لا يعرف سوى القليل يصمت, ومن يجهل حتى جهله, يوزّع الدرر والخبرات ويمنح صكوك الإيمان والوطنية والصواب والخطأ, ويرفع الأسوار فوق العقول الطرية والناشئة, وكلّه يقين في يقين أن الحق ملك يمينه والحقيقة في يسراه.
وسأردد مع محمد علي اليوسفي:
وطن يلاحقك فيه سوء الطالع وينتظرك الموت خلف كل منعطف....غادره.




#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاضر المفقود
- بيت في الهواء_ثرثرة
- ساعة شؤم -ثرثرة في يوم كئيب
- لا سعادة لانجاح_ثرثرة
- موت الأب
- أصوات مختلطة_ ثرثرة من الداخل
- بلاد قليلة_ثرثرة من الداخل
- مجتمع الأنترنيت_ثرثرة من الداخل
- البداية والمنعطف_ثرثرة من الداخل
- البدايات|السيطرة والحلول_ثرثرة من الداخل
- رأي بظاهرة جمانة حداد
- الماغوط وأسطورة المبدع الأمي_ الميت, ثرثرة من الداخل
- مخاض مسرحي في اللاذقية
- توصيل وتواصل_ثرثرة من الداخل
- بطل في سوريا
- هذه الحياة_ثرثرة من الداخل
- الكحول وعقدة الذنب_ثرثرة من الداخل
- أصدقائي .....أصدقائي
- الديكتاتورية_محنة الحاكم والمحكوم
- مراجع الاعلام العربي...والمصداقية


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الحاضر في دورانه